لعلك سمعت أن التوتر ينجم عن إجهاد المرء في عمل يكرهه، في حين يعبر الشغف عن العمل الذي يحبه الإنسان. لكن هناك الكثير من الأشخاص الشغوفين، ممن يجهدون أنفسهم في وظائفهم لتعلقهم بأفكار قديمة عن مفهوم الإنتاجية. ولكي تهيئ نفسك لبلوغ النجاح اليوم، عليك أن ترى هذا المفهوم من منظور جديد، وتعدّل تصرفاتك وفقاً لذلك. فالإنتاجية لم تعد مرتبطة بكمية العمل الذي تنفذه في أسرع وقت، كما كانت تقاس في السابق. كذلك لا تتصل بالمخرجات فقط، بل بطبيعة أداء المهمة أيضاً. لذلك، فإن درجة ارتباطنا بالعمل أو مدى إلهامه لنا، يحدد مستوى كفاءتنا وسعادتنا فيه. ويمكن النظر إلى هذه الأفكار، لفهم هذا الأمر على نحو أوضح:
1. التفكير في التقدم وليس الحفاظ على المستوى المعتاد فقط: أصبحنا نعوّل على عملنا أكثر من ذي قبل، ليس لأننا مضطرون إلى ذلك فحسب، بل لأننا نريد من ورائه المزيد. لذلك، عليك البحث عن شيء يهمّ الآخرين فعلاً، ما عدا القيام بالمهمات الاعتيادية. وتقع المسؤولية هنا على كاهل الشركة نفسها، كي تتيح الفرصة المناسبة للموظف كي يغتنمها. فإذا لم تتعرف إلى السبب من وراء هبوط معنوياتك في العمل، فابحث عن المورد الذي يزودك بالحماس.
2. زيادة الاستثمار لا تقليصه: يعاني الكثيرون حالياً من مشكلات مالية، بسبب آثار الأزمة الاقتصادية. لكنها لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة. والتركيز على خفض النفقات فقط وتوقع إنتاجية أعلى، يشبه محاولة فقدان الوزن بواسطة تجويع الجسم. وهذا لا يجدي نفعاً بالتأكيد؛ فلا يمكن التنبؤ بتحسن أوضاع الناس من دون إتاحة الموارد لهم. والواجب هنا أن ترى نفسك كأهم استثمار تصنعه. فاحضر الفعاليات وتعرف إلى أشخاص جدد، واشحذ طاقاتك. أو اقرأ كتاباً أو مقالة تشعر أنها تتصل بعملك، لتمتلك أدوات جديدة.
3. كن متفائلاً بطريقة واقعية: إجبار الذات على رؤية النواحي الإيجابية فقط لا يفيدك أبداً، فهذا يعميك عن رؤية المخاطر والعيوب، ظناً منك بأنها ستزول بعد حين. وهذا لا يعني أن عليك افتراض الأسوأ، فالإيجابية تظل إحدى دلالات المرونة. والأفضل فعلياً أن يتمتع المرء بتفاؤل معتدل، بحيث يسلك نهجاً إيجابياً، مع اهتمامه بملاحظة المحاسن والمساوئ.
4. لا تعمل وحدك، وتواصل مع الغير: إن التدفق المستمر لمهماتٍ تستوجب التنفيذ، لا يعني أن علينا العمل من دون توقف؛ فهذا مستحيل ولا يتناسب مع طبيعة تكويننا. وبالرغم من أن نيل ساعات معينة من الراحة يعين على تجديد نشاطك، إلا أن العزلة عن الآخرين لن تكون ذات جدوى، بل ستعود عليك بنتائج سلبية. ولأن الانعزال لا يعزز الإنتاجية، يبقى سبيلك الوحيد إليها هو بالاتصال مع فريقك.
5. فكر بالمهمة من زاوية "أستطيع فعلها" لا "علي فعلها": الحوافز الخارجية تؤثر في مستوى الإنتاج إلى حد ما. لكن هناك فرق بين التركيز في العمل لإرضاء الآخرين، وبين الإيمان الحقيقي بقدراتك الخاصة. فالأول تحركه الـ"أنا" ويقود إلى الإجهاد، والثاني يحركه التمكين الذاتي. ولاشك بأن الفاعلية الذاتية، أو القدرة على الوصول للموارد المناسبة ونيل الدعم المطلوب لأداء المهمة، تعد عنصر التمكين الأهم. وحينما يصبح ذلك هدفك بدلاً من بلوغ الكمال، ستتمتع بقدرة أعلى على الاستدامة في الحياة والوظيفة.