قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية إن قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي تقليص دعم الطاقة في مصر، فضلا عن فتح الباب لاستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل يحرق جيوب عامة المصريين، ويغضب كذلك هؤلاء الذين ترعرعوا على "وجبة يومية من الدعاية المناهضة لإسرائيل".

وأضافت المجلة في تقرير للكاتب كيت جونسون أن تقليص دعم الوقود من شأنه أن يقفز أيضا بأسعار الغذاء،

وتابع الكاتب: “مسؤولو مصر باتوا يتحدثون بشكل أكثر دفئا عن إسرائيل، مثل تصريحات وزير البترول شريف إسماعيل بأن الصفقات مع إسرائيل لم تعد من المحظورات، وأنه قياسا بالأزمة الاقتصادية، فإن استيراد الغاز من تل أبيب ليس سببا للإحراج".

وأضافت المجلة: الخطوتان معا تدلان على أن مصر وصلت إلى نقطة الانهيار في إطار جهودها للتغلب على مشاكلها المترسخة، مع اقتصاد قد يقضي على حكومة وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي إذا ترك دون علاج".

ومضى يقول: “ لكن اتخاذ مثل هذه القرارات لا يخلو من مخاطر، حيث أن زيادة أسعار الطاقة، يهدد بإشعال رد فعل شعبي عنيف، وكذلك فإن الروابط الوثيقة مع إسرائيل ذات حساسية سياسية خاصة، منذ حقبة ما عبد مبارك".

وتابع التقرير: “ السيسي ومستشاروه لا توجد أمامهم خيارات كثيرة، إذا أرادوا مخاطبة المشكلتين الراسختين اللتين تضربان الاقتصاد المصري والعديد من الاقتصاديات الأخرى في المنطقة، أولاهما نقص المال، لأسباب منها تكبد نحو 10 مليار دولار سنويا، أو 10 % من الناتج الإجمالي المحلي في دعم الطاقة، فالديزل يتكلف نحو 70 سنتا للجالون، مقابل 4 دولار في الولايات المتحدة".

وأردف التقرير: “ في الماضي كانت مصر تتحصل على إيرادات تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا، لكن زيادة الطلب المحلي، والذي حفزته الدعوم، فاق حجم الإنتاج، بما يعني عدم وجود غاز يمكن تصديره، بما أثار غضب الشركات الأجنبية".

واعتبر الكاتب أن إقدام مصر على استيراد الغاز من إسرائيل بسعر مناسب قد يعني قدرة مصر مجددا على تصدير الغاز، مع استقطاع جزء للاستهلاك المحلي.

ومضى يقول: “ ورغم أن زيادة صادرات الغاز سينعش خزائن الحكومة، لكن على المستوى السياسي، فإن تفشي انقطاع الكهرباء، ومعاناة المصانع للحصول على احتياجاتها من الطاقة، يجعل تصدير شحنات غاز مثيرا للمشاكل ، كما أن استقطاع جزء من الغاز الإسرائيلي لتغذية السوق المصري قد يثير قلقا سياسيا داخليا".

وتابعت المجلة: “ توقعات تصدير الغاز من إسرائيل إلى مصر توضح تدهور وضع الغاز المصري في السنوات الأخيرة. لقد بدأت القاهرة في أواخر التسعينات في تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى "زبائن" في أوروبا، وفي 2008 بدأت في تصدير الغاز إلى إسرائيل، لكن ذلك توقف عام 2012، جراء نقص مخزون الغاز، وزيادة التوتر بين إسرائيل ومصر في اعقاب ثورة 2011 التي أسقطت حسني مبارك".

وأضافت أن شركة الغاز البريطانية "بي جي" وقعت الأسبوع الماضي "خطاب نوايا" مع الشركات التي تدير حقل غاز "ليفياثان" الإسرائيلي، لنقل الغاز عبر أنابيب تحت البحر ألى مصر. الصفقة الأولية التي قد تتكلف زهاء 30 مليار دولار خلال 15 عاما، قد تساعد "بي جي" في الحصول على الكمية التي تحتاجها من الغاز لإدارة محطة التصدير على الساحل المصري، حيث يتحول يتم إسالة الغاز، ثم تصديره إلى أوروبا".

وأضاف الكاتب: “ يأتي ذلك بعد أقل من أسبوعين بعد إعلان شركاء في حقل "تمار الإسرائيلي" توقيع "خطاب نوايا" آخر لشحن الغاز إلى محطة أخرى لإسالة الغاز الطبيعي في مصر".

وأشارت المجلة إلى أن كلا الحكومتين المصرية والإسرائيلية تحتاجان إلى الموافقة على الاتفاقية، كما أن الشروط الخاصة بالسعر، لكن الحكومة المصرية تبدو أكثر ارتياحا مع فكرة الاعتماد على الطاقة الإسرائيلية، ونقلت تصريحات لمسؤول حكومي أوردتها صحيفة وول ستريت جورنال قال خلالها: “ الأمور باتت مختلفة في مصر حاليا".

ونقلت المجلة عن باحثة "معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة" في لندن "لورا الخاطري" قولها: “ صفقة مصرية إسرائيلية تبدو منطقية للدولتين، فلا توجد طريقة أرخص في مصر للحصول على الغاز".

ونقلت المجلة الأمريكية عن ماثيو ريد نائب رئيس مؤسسة "فورين ريبورتس" الاستشارية، التي يقع مقرها في الولايات المتحدة، المتخصصة في قضايا بترول الشرق الأوسط، قوله: “ مصر كان يتعين عليها كبح الفرامل بنفسها وإلا سيصطدم المصريون بالجدار"

وأضاف ريد أن "قرار السيسي الجرئ بتقليص الدعم يتناقض مع حذر الرئيس السابق محمد مرسي،
الذي، رغم كونه، سياسيا إسلاميا منتخبا، على المستوى الشعبي، إلا أنه لم يجرؤ حتى على رفع ضريبة السجائر والكحوليات، لكن السيسي، المعروف بأنه يشارك كبار الشخصيات الأمريكية التي تزور مصر الشراب، فعل تلك الخطوة مباشرة عقب تقلده السلطة"، على حد زعم المجلة.
فورين بوليسي: رئيس الانقلاب العسكري في مصر يحرق جيوب الغلابة
جاتب من التقرير
وتابع ريد أن السيسي بات متفردا الآن بكونه رجل الأفعال..كما أن تلك الإصلاحات قد تفتح الباب لمصر لتلقي قرض صندوق النقد الدولي البالغ قيمته 4.8 مليار
دولار".