دور الادارة في عملية التحديث والتطوير في سورية الجديدة

الادارة المؤهلة هي العمود الفقري لاعادة اعمار سورية
عبد الرحمن تيشوري
منذ رحيل القائد الخالد حافظ الاسد مبكيا عليه ووصول القائد الشاب الدكتور بشار الاسد الى موقع رئاسة الدولة اشاع هذا القائد الطبيب مشروعا تحديثيا تطويريا لسورية وبدأ الجميع يتحدث عن التطوير والتحديث رغم ان الكثير من الناس الذين رفعوا راية التطوير والتحديث كانوا هم السبب في وصول البلد الى ما هو عليه الامر الذي استدعى التطوير والتحديث لذا اقول لهم انتم لستم اداة اصلاح وتطوير وتحديث والمطلوب ادارة جديدة لتنفيذ مشروع الاصلاح والتطوير
الادارة هي العمود الفقري لنمو المجتمع

لا توجد في العالم انظمة ناجحة واخرى فاشلة بل توجد ادارات ناجحة وادارات فاشلة والادارة هي الاساس في استغلال واستثمار الموارد لانها تربط وتنسق بين عوامل الانتاج بهدف ضمان تحقيق اعلى كفاءة ممكنة تساهم في رفع معدلات النمو والتطور وتعمل على رفع المستوى المعاشي لجميع افراد المجتمع
بناء على ذلك اصبح علم الادارة في وقتنا الحاضر العمود الفقري لنمو المجتمعات وتطورها الحضاري ولقد اثبتت الدراسات والتجارب العملية ان تقدم الشعوب وتطورها الحضاري لايتم بمجرد توفر الثروات او استيراد احدث الاجهزة والتقنيات بقدر ما يعود الى الادارة العلمية والكفوءة القادرة على حسن استثمار واستغلال هذه الثروات والتجهيزات التقنية بالشكل الامثل الذي يلبي احتياجات المجتمع بمختلف فئاته وشرائحه
ففي عالمنا المعاصر مجتمعات وشعوب كثيرة تملك ثروات صنعية هائلة ورغم ذلك لا يزال الفقر والجهل والمرض يفتك بشعوبها لافتقارها الى الادارة الجيدة القادرة على استثمار ثرواتها لمصلحة شعوبها والكثير من دولنا العربية خير مثال على ذلك
في حين ان هناك شعوب ومجتمعات اخرى لا تملك الا موارد نادرة ومحددة لكنها تمكنت بفضل الادارة من تحقيق وتائر نمو عالية وارتقت الى اعلى درجات سلم التطوير والحضارة وخير مثال عليها اليابان وهولندا وسويسرا وماليزيا وغيرها
انطلاقا من هنا نرى اننا بامس الحاجة الى اصلاح اداري او تنمية ادارية تكون اساسا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة لان العناصر الادارية هي الاداة والوسيلة لاستثمار الموارد وتوجيهها وفقا لمصلحة البلد
ونحن بحاجة سريعة الى ذلك ورغم ذلك لم نوجد الاداة الاصلاحية وهي وزارة او هيئة التنمية الادارية تارة يؤسسون معهد للتنمية الادارية ويبقى الخريجين بعيدا عن العمل وتارة المعهد الوطني للادارة العامة ويقول \50\ خريج يكفي علما اننا بحاجة سنويا الى الف \1000\ خريج لان كل مفاصل الادارة في سورية تحتاج الى استبدال وتثقيف والى تطوير والى تحديث
اهمية الادارة العلمية المدربة

يكفي دلالة على اهمية الادارة ودورها في عملية التنمية ما قاله مدير احدى كبريات الشركات الامربكية "... خذوا منا كل اموالنا وتجهيزاتنا وممتلكاتنا واتركوا لنا ادارتنا سنعيد كل ذلك خلال بضعة سنوات .."
هذا القول بليغ او رائع وقد درسناه خلال اتباع الدورة التحضيرية في المعهد الوطني للادارة العامة وانا اقول هل يعي المعنيون والمدراء العامون والوزراء اهمية ذلك اهمية هذا القول ويفكرون بسورية ومصلحتها ومصلحة اجيالها ويعطون للادارة العلمية الكفوءة والنزيهة الاهمية التي تستحقق عند اصدارهم قرار تسمية مدير او معاون مدير او رئيس دائرة او قسم او....
ان نجاح سورية في عملية التطوير والتحديث المنشودة مرهون بالاجابة عن هذا التساؤل
ففي الوقت الذي نجد فيه الدول المتقدمة وشركاتها المختلفة تتنافس فيما بينها وتتسابق لتقديم افضل الاغراءات المادية والمعنوية لاجتذاب اصحاب المهارات والكفاءات الادارية المتميزة وتدفع لهم ما يريدون
نجد دولنا العربية وخاصة سورية تتسابق في ابتكار افضل الاساليب للتضييق على اصحاب المهارات والكفاءات ووضع العراقيل والصعوبات امامهم لتطفيشهم واخراجهم من دائرة الضوء والمنافسة او وضعهم في الاماكن الغير مناسبة لهم
العام الماضي اتبعت انا وزملاء لي دورة في المعهد الوطني للادارة العامة لعام كامل حصلنا بعدها على دبلوم في علوم الادارة العامة ولدينا تاهيل تربوي
عدنا الى تربية طرطوس ليقول لنا مدير تربية طرطوس قديم – محمد ونوس - بان ليس لديه شواغر وتم وضعنا في اماكن ميتة علما اننا اصحاب ارفع تاهيل علمي واداري وتربوي في مديرية التربية والسيد مدير التربية لا يحمل سوى الاجازة في اللغة العربية وهو يقول انه يحترم الشهادات والكفاءات والتخصصات ؟؟؟؟
فمع مثل هذا المدير لا ينفع سوى الصيغ الالزامية التي تجبره هو وغيره على استثمار الكفاءات لما فيه مصلحة البلد لان الادارة بالنسبة للمجتمع كالعقل بالنسبة لجسم الانسان والادارة هي القوة الدافعة لتنمية الموارد والطاقات
وكلما تقدمنا بطلب الى السيد المدير يكتب حاشيته عليه تحتاج الى اسبوع لانجازه
ولدي زميلة تعمل معي في دائرة التعليم الاساسي ارادت الانتقال الى مركز التاهيل التربوي في نفس مديرية التربية تم احالة طلبها الى \8 \ جهات لاعطاء الرأي؟؟!!
الكفاءة اساس الاختيار

انطلاقا مما ذكرناه يجب ان يلاقي موضوع الادارة واصحاب الكفاءات الادارية انتباها واهتماما من المسؤولين واصحاب القرار بحيث تصبح الكفاءة والجدارة المسطرة التي يتم على اساسها اختيار القيادات الادارية القادرة على استيعاب التقنيات المتطورة والفن الاداري الحديث
وان لا يترك هؤلاء الاشخاص بلا عمل تحت امرة من هم ادنى منهم علما ومعرفة وتاهيلا على الاقل نسميهم مستشارين لحين تكليفهم باعمال ادارية رئيسية
الادارة اليوم علم وفن ومهنة ولغة اجنبية وحاسوب وبريد الكتروني وانترنت وخبرة اختصاص وضرورة ملحة وحتمية وبدونها لايمكن النجاح بعمليات التحديث والاصلاح والتطوير ولعل الخمس سنوات الماضية من عمر العهد الجديد كافية لتؤكد صحة كلامي ووجهة نظري
كفى اضاعة وقت ولنتخلص من كل الذين يكتبون ( يرجى الاطلاع والتوجيه – يرجى اقرار ما ترونه مناسبا – للتريث... )
لنحاسب المسؤول ونسأله ماذا فعل ماذا قدم كيف انفق الموازنة ماذا انجز ؟ لماذا تقاعس عن ممارسة الصلاحيات لماذا فرط بمصلحة الشعب لماذا اضاع الوقت ؟
ويجب معاقبة المسؤول عن كل ذلك اذا قام به ويجب شكره وتحفيزه وترقيته اذا قام بواجبه وابدع في الانجاز وكان حريصا على المال العام والوقت العام
المؤتمر القطري العاشر هل يقول من هو المدير

وما هي الادارة؟

اذا كنا فعلا جادين وصادقين باحداث التحديث والتطوير والتغيير واللحاق بالعالم والانتماء الى العصر فما علينا الا الاسراع باصلاح ادارتنا العامة من خلال تطعيمها بعناصر ادارية كفوءة ومؤمنة بالاصلاح وتعمل للوطن وليس لها حتى تكون قادرة على تلبية طموحات قائد الوطن وجماهير الشعب في التطوير والتحديث واتاحة الفرصة لكل مواطن لممارسة دوره في بناء وتطوير الوطن من موقعه الخاص
فليبدأ كل منا فردا او ضمن الجماعة التي يعمل معها باحترام الوقت وتحمل المسؤولية وليكون فعالا ومنتجا وحاضرا ومشاركا ويكسب الرهان مع الزمن ومع الاخرين
على الحكومة الجديدة والقيادة السياسية والحزبية ان تحدد وان تضع قياسات للمدير والادارة وان يخلق حراك سياسي واقتصادي وثقافي واداري واعلامي في البلد ليصبح البلد ورشة عمل كبيرة في شتى المجالات وشتى الميادين لان البلد يحتاج اليوم كثيرا الى العمل بعد كل التخريب الذي حصل فيه - ولا يحتاج الى التنظير والمسافة بيننا وبين الاخرين كبيرة جدا وهم لن ينتظرونا لنلحق بهم وانما سائرون بخطوات متسارعة
لا ادري لماذا خطرت لي فكرة كتابة هذا المقال عندما قدمت للسيد مدير تربية طرطوس السابق – محمد ونوس - طلبا ارجو فيه منحي علاوة خمسة بالمئة على دورة في المعهد الوطني للادارة العامة علما انه يوجد قرار من رئيس مجلس الوزراء وتوجد مادة رئيسية في نص القانون الاساسي للعاملين في الدولة تمنح العامل هذه العلاوة ورغم ذلك لم يوقع الطلب الا بعد 20 يوما في مكتبه ثم احاله الى المحاسبة التي قالت ان ليس لها علاقة بالموضوع ثم الى الادارية التي افادت بان ليس لها علاقة بالموضوع ثم الى الاعداد والتدريب الذين افادوا بان لا علاقة لهم بالموضوع وان هذا الموضوع ليس من اختصاص احد في مديرية تربية طرطوس هل ما حدث آلية عمل وهل ذلك كسبا للوقت وهل هذا تطوير وتحديث وهل هذا تشجيع على التأهيل والتدريب وهل .. وهل .. وهل..؟؟!!!!!!!
المقالة قديمة لكن ما زالت صالحة للنشر لتنفيذ ما ورد فيها
عبد الرحمن تيشوري