الاهتمام بالعامل الانساني – الاتجاه الحديث في اعداد التنظيم الاداري

السؤال الذي قد يتبادر ذهن القاريء الآن هو : هل يمكن ان يتم التنظيم بهذه البساطة وبخطوات آلية ؟ هل يمكن تحديد الاعمال وتجميعها بطريقة حسابية في شكل وظائف ، ثم تطبيق قواعد عامة لتجميع الوظائف التنفيذية تحت اشراف الوظائف الرئيسية وتقدير عدد الوظائف المتخصصة التي يمكن إنشاؤها ؟

يشير الواقع العملي إلى ان العملية ليست بهذه البساطة ولا يمكن ان تتم بشكل آلي يستخدم في تطبيقه قواعد عامة او عمليات حسابية ، ان العرض السابق لعمليات التنظيم قد أقيم على مجموعة من الفروض الاساسية تعبر عن وجهة نظر معينة لعملية التنظيم الاداري ومجموعة اخرى وراء كل مرحلة من مراحل اعداد التنظيم .

لذلك يجب ان تناقش هذه الفروض أولا قبل ان تقترح اي تعديل على الاسلوب السابق في اعداد التنظيم الاداري.

أما بالنسبة للفروض العامة فأهمها :
أولا : ان نظام العمل في الشركة التي يعد لها التنظيم يمكن ترتيبه والتحكم فيه ، كما نتحكم في الآلات ، كما يمكن وضعه بأسلوب ميكانيكي او هندسي .

ثانياً : ان من الممكن وضع قواعد عامة تنظيم توزيع العمل في كل المنشآت وتصلح في كل الاوقات .

وواضح من هذه الفروض انها تعتبر ان عملية التنظيم لا تخرج عن كونها توزيع للاعمال يلتزم به الاشخاص الذين سيقومون بهذه الاعمال ولابد ان يقبلوه .

ولاشك ان هذا يخالف الواقع العملي اذ ان التنظيم يقتضي توزيع الاعمال على الاشخاص الذين سيقومون بالعمل ولذلك يمثل الموظفين الموجودين في اي شركة جزء هام من الدراسة التي تهدف الى اعداد التنظيم الاداري لها .

والسبب الرئيسي في سيطرة هذا النوع من التفكير على الكتابات في موضوع التنظيم لمدة طويلة (من 1914 حتى 1955 ) وهو ان معظم الكتاب كانو إما من المهندسين او العسكريين .

فالمهندسون يعتقدون ان كل تقدم فني يمكن ان يطبق بنفس الاسلوب وبنفس القواعد الحسابية على تنظيم العمل ، لذلك نادوا باتخاذ الدراسات الخاصة بتقسيم العمل وحسبان الزمن اللازم لكل عمل أساس لحسبان عدد الوظائف التي يمكن ان تنشأ داخل التنظيم ، ثم سعوا إلى وضع قواعد الحسابية لتحديد عدد وظائف الاشراف التي يمكن انشاؤها.

اما العسكريون فيعتقدون مستويات الاشراف في المنشأة لا تختلف عن مستويات السلطة داخل الجيش ولذلك تنبوا الفكرة الخاصة باعتبار كل من هذه المستويات مرحلة من مراحل نقل الاوامر من اعلى سلطة في التنظيم الى مستوى التنفيذ .

يجب ان يكون مفهوما لدى القاريء ان عملية التنظيم الاداري تعتمد على نوعين من المعلومات مكملين لبعضهما، معلومات عن الاعمال وطبيعتها ،ومعلومات عن الاشخاص الذين سيكلفون بهذه الاعمال فإذا اغفل اي جزء من هذه المعلومات فلابد وان يؤثر ذلك على التنظيم الذي تسفر عنه الدراسة.