هل تعلم أن تبادلك الأحاديث الجانبية مع زملائك يسهم في إنجازك عملك بشكل أفضل من دون أن ينعكس ذلك سلبا على رضا العملاء؟! هذا ما يحاول إثباته ألكسندر بينتلاند من خلال دراسة طبقها على موظفي بنك أوف أمريكا .




منذ العام 1998، خاض ألكسندر بينتلاند تجربة غير مألوفة، تمثلت في الجمع ما بين علم الاجتمـاع وتقنيـة استخـراج البيــانات، والتــي أطـلق عليها استخـراج الحقيقة . وقام باحثوه في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا، مختبر الحيوية البشرية، والذي يعتبر جزءا من مختبر معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا، ميديا في كامبريدج، ماساشوسيتس، بوضع أجهزة استشعار أسماها سوشيوميترز على رقاب المئات، إلى جانب تثبيت برامج تعقب في هواتفهم النقالة، من أجل التقاط حركات الفرد ضمن المجموعة لدى التفاعل معه، بما في ذلك لغة الجسد، وحتى نبرة الصوت. ومن ثم، قاموا باستخراج البيانات المجمعة من هذه الأجهزة، وتحديد من هو الأكثر إنتاجية بين المجموعة، ومن هو المدير، ومن هو الأكثر ميلا للسيطرة على مجريات الحديث.




يقول بينتلاند، 59 عاما، الحاصل على دكتوراه في الذكاء الاصطناعي وعلم النفس من معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا: تتمحور تقنية استخراج المعلومات حول اكتشاف أنماط جديدة في الأجهزة الرقمية، لكنني مهتم أكثر باكتشاف هذه الأنماط لدى البشر. ويضيف: أقوم بإخراج هذه البيانات إلى العالم الحقيقي.




إن تطبيق سياسة التعقب هذه، تعني أن ليس على بينتلاند أن يعتمد في بحوثه على المقاييس غير الكاملة المنتقاة من مواقع الشبكات الاجتماعية الإلكترونية، أو على استطلاعات الرأي الشخصية التي تعتبر أسوأ.




خبراء الكمبيوتر يفهمون البيانات ولا يفهمون الديناميات الاجتماعية، أما علماء الاجتماع فيفهمون هذه الديناميات، ولكن تنقصهم أدوات التحليل، حسب ما يقول سنان آرال، الأستاذ في جامعة ستيرن للأعمال في نيويـورك. ويضيـف: بينتـلانـد لديــه رؤيــة، فهـو يمتـلك هاتيـن المزيتيـن.


خلال العام الماضي قـام بينتـلاند بـوضع أجهزة استشعار سوشيوميترز على 80 موظفا من مركز اتصال بنك أوف أمريكا في ولاية رود آيلند الأمريكية. وقد أسهمت الإشارات الصادرة عن بطاقات تستخدم تقنية البلوتوث والأشعة ما تحت الحمراء، في قياس إنتاجية كل موظف خضع لهذا الاختبار في الدقيقة، أولا خلال مدة زمنية امتدت لشهر واحد، ثم بعد ذلك لمدة ستة أسابيع. وبعد مرور الشهر الأول، تمكن باحثو معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا من اكتشاف أن أكثر الموظفين تحدثا مع زملائهم كانوا الأسرع في إجراء المكالمات، مع تعرضهم لضغط أقل، مع محافظتهم على مستوى الشعبية ذاته، الذي يتمتع به أقرانهم. وعلى ما يبدو، فإن تبادل الأحاديث الجانبية عن مشاكل الحياة وكيفية معالجتها، يسهم بشكل كبير في تنفيذ أعمالهم بصورة أفضل، فيما لو كانوا يتبعون دليل الموظف، أو التعليمات والتوجيهات التي تصدر عن الإدارة.


من هنا، خاض مركز الاتصال تجربته الخاصة، وبدلا من تحديده أوقات شرب القهوة للموظفين كما كان عليه الأمر في السابق، فضل منحهم فترات استراحة يمكنهم خلالها تبادل أطراف الحديث. وكانت النتيجة أن قام بنك أوف أمريكا بعد أشهر بإبلاغ معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا، بأن الإنتاجية زادت بما قيمته 15 مليون دولار في السنة.


هل تعلم أن تبادلك الأحاديث الجانبية مع زملائك يسهم في إنجازك عملك بشكل أفضل من دون أن ينعكس ذلك سلبا على رضا العملاء؟! هذا ما يحاول إثباته ألكسندر بينتلاند من خلال دراسة طبقها على موظفي بنك أوف أمريكا .


الدرس المستفاد في تجربة مركز الاتصال: خلق حوافز تعزز تبادل المعلومات، والعمل بروح الفريق. يقول بينتلاند: تطلعنا هذه الأجهزة سوشيوميترز على الحقائق كما هي، بعيدا عن مفاهيم علم الاجتماع والالتباسات الثقافية. كما أن بعض هذه الحقائق قد تفاجئنا، كما فاجأتنا حقيقة أن الثرثرة تسهم في رفع معدل الإنتاجية.


وكذلك، تثبت تجربة مركز الاتصال أيضا، أن دراسات بينتلاند التي تعتمد على أجهزة الاستشعار قد تتجاوز مجرد جمع البيانات بكثير، إذ يمكن لتقنية استخراج الحقيقة أن تسهم في تعليمنا كيفية تغيير الحقائق، وسيكون الهدف في المشروعات المقبلة، تشجيع الاستخدام الجيد للطاقة، وتحسين العادات الصحية. ويقول بينتلاند في هذا الصدد: كيف تقنع الناس بالإقلاع عن التدخين، أو بتربية طفل متشرد باستخدام نفوذك الاجتماعي؟. ويضيف: لقد قمنا بدراسة سلوكيات البشر، واليوم، نتعلم كيفية بلورتها.


المصدر:


آندي جريينبرج - فوربس الشرق الأوسط