انتقد اقتصادي كويتي الجهات الخليجية، التي تهتم بدعم مشاريع الشباب، وطالب في لقاء مطول مع "إيلاف" بتغيير الفكر من خلال سلسلة حلول، أحدها مشروع، موضحًا أنه يسهم بشكل كبير في تطوير المجتمع الخليجي بكامله.


الرياض: يوضح فواز الحصينان، وهو أستاذ جامعي ومدير وحدة المعلومات في مركز البحوث في الكويت أن مشروعه يحمل عنوان "بناء حاضنات للمشاريع متنوعة المجالات".


يأتي ذلك بعد قصور، بحسب وجهة نظره، في أداء المشاريع الحكومية الخليجية، التي بدأت أولاً في مملكة البحرين، بالتعاون مع (اليونيدو UNIDO)، ثم تبعتها الإمارات من خلال (مدينة الإنترنت في دبي، حديقة العلوم)، ثم أطلقته السعودية من خلال (جامعة البترول والمعادن)، وكذلك عمان في (واحة المعرفة)، وقطر من خلال (الأعلى للاتصالات). ووصف الحصينان أداء تلك الجهات بالمتواضع والقاصر.


تتمحور فكرة المشروع حول خلق فرص عمل للشباب وتحويل الشاب من باحث عن عمل إلى مُزوّد للعمل، فيما تقوم الفكرة على أن تتولى الدولة بأجهزتها المعنية، مثل "هيئة الاستثمار"، تمويل صندوق ضخم مهني لدعم مشاريع الشباب في تخصصات وأعمال حيوية، تساهم بصورة رئيسة في التنمية وأعمال الدولة، فيما تكون النقاط التي يرتكز عليها المشروع كالآتي:


• تنمية الموارد البشرية المؤهلة بأعلى الخبرات والمهارات والقدرات والمعرفة.
• خلق فرص عمل نوعية تتماشى مع التدريب والخبرة.
• تعزيز الفكر الابداعي لدى الشباب وروح البحث البحث والاستقصاء.


وعن الأهداف الاستراتيجية للمشروع، فهي بناء حاضنات في مجالات عدة، مثل الطاقة والبتروكيمياويات وإعادة التدوير التكنولوجي والالكترونيات، ويتم توزيعها في مناطق مختلفة، وتتولى إدارة المشروع مراكز أبحاث عالمية رائدة أو جامعات متخصصة، حيث تتولى التدريب كمرحلة أولى، ومن ثم الإشراف على الأعمال التجارية، التي يتم تمويلها من صندوق التمويل.


وأوضح الحصينان أن المشاريع يجب تقسيمها إلى نوعين: مشاريع ثابتة، ومشاريع قابلة للتطوير، ويتم الاستعانة بالقطاع الخاص، والمساهمة في تدريب وإرشاد رواد الأعمال من الشباب، ودعمها من خلال الاستفادة من تجارب الحاضنات العالمية.


عن الموارد المادية، قال الحصينان إنها تتطلب تكاتف جهات عدة، من خلال إنشاء محفظة "صندوق" للمشروع، سواء من الدولة أو القطاع الخاص المستفيد من مخرجات المشروع، ويترافق ذلك مع سنّ قانون أو تشريع تنظيمي لعمل المشروع.


وأكد الحصينان أن إنشاء شبكة الكترونية وبناء قواعد بيانات تربط بين الحاضنات ووزارات ومؤسسات الدولة العامة والخاصة من جهة، وبين طالبي العمل من متخرجي الجامعات وأصحاب المهارات والقدرات من جهة ثانية، سيخدم الفكرة العامة، ويسهّل تنفيذها، ومن ثم اعتمادها طريقة آلية.


في هذا الصدد، أجاب الدكتور فواز الحصينان على تساؤلات "إيلاف" حول مشروعه المقترح حاضنات الأعمال وقضية البطالة بشكل عام في دول التعاون الست، حيث عرّف العاطل، بحسب منظمة العمل الدولية، بأنه (كل من هو قادر على العمل، وراغب فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مستوى الأجر السائد).


وحول البرامج والإجراءات المتخذة حيال العاطلين، هل هي مدروسة وصحيحة، قال إن الشباب هم الثروة، ومن الملاحظ إهمالها بسبب غياب التخطيط المدروس من قبل وزارات ومؤسسات الدولة، موضحاً أن البرامج والإجراءات تفتقد وحدة الهدف والتنسيق بين الوزارات ومؤسسات الدولة والجهات المختصة في حل المشاكل والقضايا، بما فيها "البطالة".


وشدد الحصينان على ضرورة إنشاء شبكة تواصل بين وزارة العمل والخدمة المدنية من جهة وبين القطاع العام والخاص، داعياً "إلى توطيد العلاقة بين طالب العمل والقطاع الخاص بتحسين الصورة السلبية المكونة لدى كلا الطرفين عن الآخر، وخلق فُرص جديدة في السوق بفكر إبداعي قادر على تطوير مجتمع كامل، والانفتاح على الآخرين، لا أن نكون منتجات للداخل فقط، بل يجب أن نكون منتجين للخارج، الآن نستورد أكثر من 70 % من الخارج، فيجب على الأقل تغطية الحاجة الداخلية".


وحول تحذيرات خبراء الاقتصاد من التعامل مع مشكلة البطالة بالخطط السابقة نفسها، رأى الحصينان أنها "تحذيرات لا تتعدى المانشيتات الصحافية، التي يصرح بها خبراء الاقتصاد بين الفينة والأخرى، ولا تخرج عن حدود محاضر اجتماعاتهم المغلقة، وتظل الخطط الخمسية مستنسخة لسنوات عدة من دون إيجاد حلول فعلية وواقعية.


ورأى أنه من الأفضل أن "يغيّر أصحاب الاختصاص وخبراء الاقتصاد تلك السياسة، لأنها لم تعد مناسبة، وخاصة في ظل التغيير الجذري الذي أحدثته الثورات في تفكير الشباب وطريقة تعاملهم مع الأحداث وتعاطيهم تجاه مشاكل مجتمعهم بإيمان قوي وتكاتف، لاسيما في قنوات المواقع الاجتماعية، للضغط على الرأي العام، ويرى الآن أننا أمام مشكلة لا ينفع معها تحذير، لأنها واقعة بالفعل".


وأوضح الحصينان أن "الجميع يعتقد أن الثروة هي البترول، ولكن الأصحّ هي المواطن، مثل ما هو في الدول الأخرى، فنحن بكل صدق الآن في الطريق الخطأ"، مضيفاً "من السذاجة أن تكون لدينا فوهة "حفرة" تزداد اتساعاً، ونحن نردمها بسعف نخيل لنداريها عن الأنظار، لأننا سنكون جميعًا عرضة للوقوع فيها، فلا بد من مواجهة فعلية للبطالة وهزمها، بمؤازرة جادة من الجميع، أفراد المجتمع والدولة ورجال الأعمال وتشريع القوانين".


وعن دور العمالة السائبة في انتشار البطالة، أكد أنها ساهمت في تغيير النمط المعيشي الآمن للمجتمع الخليجي، مضيفاً "لم يعد الشارع أو الحارة الخليجية آمنة مطمئنة، فبسبب تلك العمالة انتشرت الرذيلة والمخدرات والسرقات والاغتصاب، الدولة ليست وحدها التي يلقى عليها اللوم في انتشار هذه الظاهرة، بل أفراد المجتمع ساهموا في ترسيخ هذه الظاهرة في المجتمع كذلك".


وتطرق الحصينان إلى دعم العاطلين قائلاً "الدولة تلتزم بإعانة للعاطلين تحدد بفترة زمنية، سواء عام كامل أو 6 أشهر، مع عرض ما بين 2-4 وظائف خلال هذه الفترة، تتناسب مع مؤهلات العاطل، وشرط استمرارية الإعانة تنتهي بموافقته"، وضرب الحصينان مثلاً بمملكة البحرين، قائلاً إنها في 2010 أقرّت نظام الإعانة، حيث إن من سلبياته، بحسب الحصينان، أن يتكفل جميع موظفي الدولة، من مواطنين ومقيمين، بدفع 1% من الراتب، وهذا ما سبب بأن يفوق المدخول في محفظة التعطل بالملايين رواتب الإعانة العاطلين.


وحول الصعوبات التي تعوق الباحث عن عمل يتواءم مع تخصصه، وهل يؤيد فكرة إنشاء مؤسسات متخصصة لاستقطاب ومتابعة الكفاءات الوطنية، أجاب الحصينان عن الشق الأول من السؤال، قائلاً إن المسؤولية مشتركة، بدءًا من طالب العمل مرورًا باختيار التخصص وانتهاء بأجهزة الدولة ومؤسساتها في الحصول على عمل يتوافق مع تخصصه، لذا لابد أن تولي الدولة عناية بتطوير نوعية وجودة التعليم بمراحله كافة، بما يضمن احتياجات سوق العمل، وإغلاق أو تقليص التخصصات غير المطلوبة في الجامعات، مع العمل مستقبلاً على أن يكون التعليم مرتبطًا بالإصلاح الاقتصادي، وأن تخصص ميزانية كريمة لتطوير جودة التعليم.


عن الشق الثاني، أيّد الحصينان فكرة إنشاء مؤسسات متخصصة، لأنها، بحسب رأيه، "تنهي ما بدأت به وزارة التعليم، مع الاهتمام بربط تلك المؤسسات بشبكة تواصل بين القطاع العام والخاص، فهناك مؤسسات لديها الرؤية نفسها، تقوم على تطوير قدرات وإمكانات الجامعيين، وتعزز لهم وظائف متناسبة مع مؤهلاتهم، وهي منتشرة في دول العالم المتقدمة. أما على النطاق الخليجي فانطلق منذ سنة تقريبًا".


وعن مؤسسات توظيف المحلية والدولية، التي تستقطب العمالة بأعداد كبيرة، قال إن تعديل القوانين والأنظمة المتعلقة باستقدام العمالة ضروري، ويترافق مع إعداد ضوابط مفعلّة في ترشيد استقدام العمالة، وصرامة في الرقابة على المؤسسات والشركات، لتحول دون التلاعب والتحايل على تأشيرات استقدام العمالة.


وبسؤاله إن كان الاقتصاد في دول الخليج يركز على النمو والحلول من دون إشراك الأيدي الوطنية في عملية التنمية، قال الدكتور فواز "لم يعد المواطن في منأى عن عملية التنمية، فقد أصبحت لديه ثقافة سياسية واقتصادية، وأصبح متابعًا عن قرب، لأنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحياته اليومية، وأمسى مؤثرًا طردياً فيها سلبًا أو إيجابًا، لذا من المهم وضع المواطن في "مثلث "عملية التنمية (الحكومة والاقتصاد والمواطن)، فهو يتقاسم مع الدولة المسؤولية، ولابد من تشجيعه على المشاركة، إضافة إلى تعزيز الثقافة الاقتصادية والتنمية لدى النشء، للشعور بمسؤولية الوطن واستدامة مكتسباته، عن طريق إدخال مقرر في المناهج الوطنية والبرامج التوعوية في القنوات الرسمية".