مقدمة
عند ظهور المؤسسات الاقتصادية في القرن السابع عشر كانت عملية التسيير بسيطة، حيث كانت تقتصر على صاحب المؤسسة نظراً لبساطتها وعدم تعقدها و لكن مع التطورات التي شهدتها المؤسسات خاصة في أوربا و أمريكا بعد الثورة الصناعية ، كثرت نشاطات المؤسسات وعملياتها وبالتالي تعقد عمليات التسيير مما عقد عملية الرقابة، ومع عقم الأدوات العامة المستعملة في عمليات الرقابة أنا ذاك جعل المؤسسة تحاول البحث عن طرق و أساليب جديدة تضمن لها السير الحسن لعملياتها وتمكنها من تقييم نشاطها و الكشف عن مدى كفاءة عملياتها و نجاعة عملية التسيير.
فلو عدنا إلى مرحلة ما قبل العشرينيات من القرن العشرين لوجدنا أن مراقبة التسيير كانت تقتصر على الجانب المحاسبي فقط و لكن بعد هذه المرحلة و خاصة بعد أزمة 1929 و بداية نمو المؤسسات وتطورها تغير مفهوم مراقبة التسيير من مجرد مفهوم محاسبي إلى مفهوم أشمل آلا و هو كل المعايير والمقاييس والأدوات المحاسبية و غير المحاسبية التي من شأنها تدعيم عملية التسيير داخل المؤسسة والتي لها قدرة على تقييم الأداء ليس المالي فقط وإنما كل أنواع الأداء داخل المؤسسة فنجد أنه تم إدخال لوحة القيادة و كل ألأدوات المحاسبية مثل المحاسبة التحليلية و كل المؤشرات التي لها دلالة، أيضا نجد الميزانية الاجتماعية التي تهتم بمراقبة التسيير البشري ، بحوث العمليات ...الخ و التي لم تكن موجودة من قبل، وهذا إن دل إنما يدل على المكانة التي تحتلها مراقبة التسيير وما لها من أثار إيجابية على المؤسسة .
المبحث الأول: ماهية مراقبة التسيير
تحتل مراقبة التسيير في الوقت الراهن مكانة هامة داخل المؤسسات الاقتصادي، نظراً لما تضفيه المراقبة على المؤسسات من خصائص و مميزات خاصة في ظل الظروف الدولية التي أصبحت تعيشها، وذلك من خلال قدرة هذا النظام (مراقبة التسيير) على ترشيد و توجيه المؤسسة من خلال كشف الانحرافات ومعرفة أسبابها واقتراح الحلول الممكنة لذلك، وهذا من خلال عدة أدوات وتقنيات رياضية وإحصائية ومحاسبية وتكنولوجية…الخ وفي هذا المبحث و من أجل توضيح معنى مراقبة التسيير سنحاول إبراز أهم العناصر المتعلقة بهذه العملية.
المطلب الأول: مراحل التطور التاريخي لمراقبة التسيير
ظهرت مراقبة التسيير في بداية القرن العشرين في المؤسسات الأمريكية هذه المؤسسات و مع تطور نشاطها و تعقد عمليتها و ما سببته الأزمة الاقتصادية العالمية لها أنا ذاك و بسبب عجز الطرق الرقابية الكلاسيكية المستعملة في إخراج هذه المؤسسات من أزمتها، حاولت إيجاد طرق وأساليب رقابية جديدة من طرق محاسبية مثل المحاسبية التحليلية و طرق رياضية أخرى مثل بحوث العمليات ...الخ هذه الطرق التي ابتكرتها هذه المؤسسات كانت هي بداية ميلاد مراقبة التسيير الحديثة ومن أبرز المؤسسات التي ساهمة في ذلك نجد شركة " فورد" و "جينيرال موتورز" و شركة " DU PONT " "هذه الشركات التي أدخلت طرق و أساليب جديدة على نظام مراقبة التسيير من أجل تدعيم وتنمية الفعالية الاقتصادية وذلك للتحكم في إدارة المؤسسة مهما كبر حجمها وتعددت وظائفها.
ولقد شهدت مسيرة مراقبة التسيير أربعة مراحل:
المرحلة الأولى: في البداية و كمرحلة أولى استعملت مراقبة التسيير المحاسبة العامة ، وإعلام المسيرين بالمعلومات اللازمة المتنوعة المتعلقة بعلاقة المردودية بالنشاط، و المنتجات المحققة و المباعة من طرف المؤسسة. و هكذا وضعت النقاط الأولى لاستعمال أنظمة النسب ومؤشرات قياس الأداء الاقتصادي منذ بداية القرن الماضي و شاع نظام النسب و تطور داخل المؤسسات الكيميائية الأمريكية خاصة مثل مؤسسة " DUPONT " سنة 1907 و هذا النظام و ضع لأول مرة في علاقة مع حسابات الميزانية وحسابات النتائج من أجل إبراز مختلف خطوات تكوين المردودية في كل الهوامش التجارية.
المرحلة الثانية: تعتبر هذه المرحلة مرحلة بداية اللامركزية في المؤسسة حيث تم وضع ميكانيزمات التنظيم وتقسيم هيكل المؤسسة إلى عدة وظائف داخل المقر المركزي مثل الخزينة المالية، البحث و التطوير، بالإضافة إلى فرض نظام استقلالية الأقسام في التسيير و إجراء مقارنة داخلية مع الأقسام الأخرى من أجل تحديد الموارد الضرورية للاستثمارات الجديدة وتطويرها .
المرحلة الثالثة: المرحلة التي تأسس فيها نظام مراقبة التسيير والتي جاءت بعد الحرب العالمية الثانية في عصر الطرق التقنية للتسيير والتنبؤ التقديري والتي طبقت في المؤسسات الخاصة، هذه الأخيرة خصت إستراتيجية تخطيط العمليات والموازنة عن طريق الأقسام التي تعتبر ذات أهمية في المستقبل بالنسبة للمسيرين، ولكن ذلك في تخطيط عملياتهم وتسيير الميزانية الداخلية من أجل مطابقة الموارد مع الاهتمامات الخاصة.
المرحلة الرابعة: هذه المرحلة التي تعتبر من أهم المراحل التطور مراقبة التسيير ظهرت في الستينات مع انتشار أسس الإدارة بالأهداف التي أنشأت نمط التنظيم التسلسلي الذي يعتمد على معالجة الأهداف ومقارنتها بالنتائج الموازية، و الذي استدعى عن طريق مراقبة التسيير تصميم مراكز المسؤولية وبذلك رسمت مراقبة التسيير أولى مستويات المسؤوليات التسلسلية.
المطلب الثاني : تعريف مراقبة التسيير
لقد تعددت التعاريف التي قدمت لنظام مراقبة التسيير و التي نذكر من أهمها :
- تعريف مراقبة التسيير في المعيار الأمريكي على النحو التالي :
"مراقبة التسيير هي عملية ينفذها مجلس الإدارة وإدارة المنشأة والموظفون الآخرون ، تم تصميمها لإعطاء تأكيد معقول بتحقيق الأهداف التالية:
- الثقة في التقارير المالية.
- الالتزام بالقوانين واللوائح الملائمة.
- فعالية وكفاءة العمليات.
- تعريف المعيار البريطاني و المعيار الدولي : استخدم كلاهما التعريف التالي:
"مراقبة التسيير تتكون من بيئة الرقابة وإجراءات الرقابة ، و تتضمن كل السياسات و الإجراءات المعتمدة من مجلس الإدارة و إدارة الشركة للمساعدة في تحقيق هدفهم في التحقق بقدر المستطاع من انتظام وكفاءة إنجاز الأعمال، متضمنا الالتزام باللوائح في التحقق ، حماية الأصول ، منع واكتشاف التلاعبات المالية والأخطاء."
إذن مراقبة التسيير هي مجموع العمليات و الإجراءات التي تسمح للمسيرين بتقييم أدائهم ونتائجهم المحققة بالمقارنة مع ما كان مخطط و تحديد الانحرافات و تصحيحها ، أي مراقبة مدى نجاعة وفعالية الأداء داخل المؤسسة من أجل بلوغ أهدافها المسطرة .
و بالتالي يمكن الوصول إلى أن مراقبة التسيير ترتكز على ثلاثة مفاهيم أساسية وهي معايير يعتمد عليها مراقب التسيير في تقييم الأداء وهي الكفاءة، الفعالية والملائمة
- شرح مفاهيم ارتكاز مراقبة التسيير:
- الفعالية: هي مقارنة النتائج المحققة بالأهداف الموضوعية أي إلى أي درجة تمكنت المؤسسة من تحقيق أهدافها المسطرة.
- النجاعة: هي مقارنة النتائج المحققة بمدى الوسائل (الموارد) المستعملة ، أي ما هي النتيجة المحققة باستعمال وحدة واحدة من المدخلات أو الوسائل.
- الملائمة: هي العلاقة بين الأهداف و الوسائل .
المطلب الثالث: خصائص نظام مراقبة التسيير: يمكن تلخيص خصائص مراقبة التسيير في النقاط التالية:
1- يعمل نظام مراقبة التسيير على تقديم معلومات صحيحة لمتخذ القرار لأن المعلومات الخاطئة أو المشوهة تضلل متخذ القرار وكثيراً ما تؤدي إلى نتائج سيئة.
2- يوفر نظام مراقبة التسيير المعلومات المناسبة في الوقت المناسب حيث أن المعلومة المتأخرة تفقد معناها و فائدتها جزئيا أو كليا ، فحصول متخذ القرار على معلومة صحيحة و لكن متأخرة ليس لها أثر على القرار.
3- تساهم نظام فعال لمراقبة التسيير على تخفيض التكاليف خاصة إذا كان هذا النظام إلكتروني مبني على الحاسب والبرمجيات فهو يخفض من تكاليف التشغيل وتكاليف الوقت وأيضا تخفيض التكاليف من خلال التقليل من الأخطاء الانحرافات التي غالبا ما يكون لها تكاليف باهظة.
4- يتصف نظام مراقبة التسيير بالسهولة سواً في الفهم أو التطبيق فإذا لم يفهم المسير نظام الرقابة جيداً و طبيعة المعلومات والنتائج التي يقدمها فإنه سوف سيسيء تفسير هذه النتائج الأمر الذي يؤدي به إلى اتخاذ قرارات خاطئة.
5- يساهم نظام مراقبة التسيير في عملية اتخاذ القرار من خلال المعلومات التي يقدمها هذا الأخير إلى متخذ القرار والتي تتصف بالوضوح و الجاهزية دونما حاجة إلى التفسير والتحليل والاستقصاء .
6- لمسار مراقبة التسيير الدائم طبيعة هادفة بحيث لا يمكن أن نجدها بدون غايات منتظرة من العمل أو النشاط ، و المعرفة الواضحة للأهداف تمكن من معرفة الوجهة سواء للفرد أو الجماعة ، و تكون بدلك حافزا للعمل كما أن قبولها من قبل الجميع يجعلها أساسا مناسبا لقياس النتائج و الحكم على الأداء
7- لمختلف أفراد المؤسسة أهداف مختلفة بحسب الاختصاصات و المهام، تسعى كلها منسجمة إلى تحقيق غاية مشتركة و هي حياة المؤسسة و تطويرها و هدا مرتبط بمدى تحقيق أهدافها و لهدا يجب التحكم في أداء هده المجموعة عن طريق مراقبة التسيير.
8- تختص مراقبة التسيير بتوفير المعلومات للأطراف الداخلية للمؤسسة و التي تشمل الإدارة على كافة مستوياتها و رؤساء الأقسام و المسيرين فيها و تصدر مراقبة التسيير تقارير و معلومات داخلية تفصيلية طبقا لحاجة الأطراف الداخلية بالمؤسسة و في أي وقت.
9- مراقبة التسيير هي مراقبة أمامية و خلفية للأداء ، يظهر هدا جليا من خلال مسارها، لها مهام في الإطار التقديري (الخطط و الموازنات التقديرية)، تتابع النشاطات و التنفيذ و توفر المعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات، كما تقوم بتقييم لما تم بعد الأداء باستخدام لوحة القيادة و المحاسبة التحليلية.
المبحث الثاني: أهمية، أهداف و مكونات مراقبة التسيير
المطلب الأول: أهمية مراقبة التسيير
لقيت مراقبة التسيير اهتماما كبيرا من إدارات المنشآت الاقتصادية منذ أمد طويل و ذلك للأسباب التالية:
1- تعقد وتشعب نطاق الأعمال جعل الإدارة تعتمد على التقارير والتحليلات لإحكام الرقابة على العمليات.
2- الضبط الداخلي والفحص المتأصل في مراقبة التسيير يقلل من مخاطر الضغط البشري واحتمال الأخطاء والغش.
3- من المستحيل أن يقوم المراقب داخل المنشأة بطريقة اقتصادية بدون الاعتماد على مراقبة التسيير.
4- التقليل مخاطر التسيير لأقل حد ممكن لتنفيذ عملية التسيير بالكفاءة المطلوبة ، حيث أن مراقب التسيير يعتمد كثيرا على حكمه المهني و ذلك لكي يتأكد من فعالية برنامج الرقابة الذي يمكنه من إبداء الرأي المهني السليم عن وضعية المؤسسة ، وهذا يعني أن على المراقب أن يهتم بخصائص الجودة لأدوات التي يعتمد عليها من خلال تقويمه للتسيير لتحديد مخاطر الرقابة و من ثم تصميم الاختبارات التفصيلية التي تمكنه من الحصول على أدلة وقرائن إضافية تمكنه من إبداء الرأي المهني السليم عن أداء المؤسسة و مدى و صولها لأهدافها.
5- حيث إن الموارد المتاحة بأي مؤسسة هي محدودة بطبيعتها ويقع على عاتق المدراء ومسؤولية توزيع هذه الموارد النادرة واستعمالها في المؤسسة بأقصى كفاءة و فعالية ممكنة، ويتطلب ذلك تعاون الأنشطة المختلفة و تنظيمها و توجيهها بحيث تؤدي إلى أفضل استعمال لها، وتتعلق مهام التنظيم والتوجيه وتوزيع الموارد بعملية تنفيذ الخطط الموزعة للوصول إلى أهداف المؤسسة المرسومة و أن القرارات المتعلقة بالمهام المذكورة تتطلب معلومات مراقبة التسيير الأكثر دقة للوصول إلى اتخاذ القرارات السليمة.
6- ترغب إدارة المؤسسة بمعرفة كيفية تنفيذ الخطط المرسومة ومدى ملاءتها، وتتسلم الإدارة عدة معلومات عن الانجاز الفعلي الذي تم مقارنته مع الخطط المرسومة وتقييم الانحرافات بين الانجاز الفعلي و التوقعات حسب الخطط الموضوعة ويتم البحث عن أسباب الانحرافات والمتسببين فيها وتصحيحها، وبهذه الطريقة تتم الرقابة على الانجاز وتقييمه.
7- تعمل مراقبة التسيير على توحيد الجهود من أجل تحقيق المشاركة في عملية الرقابة و بالتالي تحقيق أهداف المؤسسة حيث تقوم مراقبة التسيير في العمل على بعث الحيوية في مختلف مستويات السلطة في المؤسسة و تنشيطها عن طريق مكافأة المجد و معاقبة المتهاون و كذا تحفيز الأفراد و حثهم على بذل أقصى مجهودات ممكنة.
8- توفير المعلومات المناسبة في الوقت المناسب من أجل اتخاذ القرار.
9- مراقبة التسيير يسمح بتنظيم وتعظيم الأثر الرجعي للمعلومات أو حلقات التغذية العكسية التي تُزود المؤسسة بالمعلومات الضرورية حول تطور ووظائفها و تقلبات محيطها مما يسمح لها بتعديل أهدافها ووسائلها مقارنة بالإنجازات, و التأقلم مع محيطها وفق وتيرة منسجمة، وبذلك يمكن اقتراح أربع حلقات في إجراءات المقيدة بالنسبة للمؤسسة هي: التخطيط، القياس، الرقابة، التوجيه و التنظيم .
المطلب الثاني: أهداف مراقبة التسيير
من خلال سعي مراقبة التسيير إلى ضمان نجاعة و فعالية القرارات التسييرية للمسؤولين العمليين نجد إن مراقبة التسيير تسعى إلى تحقيقالأهداف التالية:
- التوفيق بين استراتيجية مراقبة التسيير و عمليات مراقبة التسيير؛
- تصحيح التأثيرات و الانحرافات الموجودة في أساليب قياس الاداء؛
- تصميم و وضع نظام المعلومات و الاستغلال الجيد له؛
- التمكن من تحقيق اللامركزية؛
- مساعدة المسؤولين العمليين على التعلم و التدرب و تحسين الأداء؛
- تصحيح الأخطاء المرتكبة في النشاطات السابقة؛
- اكتشاف الانحرافات و تحديد أسبابها و المتسببين فيها و أخد إجراءات التحسين؛
- تنسيق النشاطات الحالية للمؤسسة أي مسايرة الأحدات الراهنة؛
- مساعدة المدراء على اتخاد القرارات .
ولتحقيق هذه الأهداف يجب توفر عدة شروط نذكر منها:
- تقسيم المهام المطبقة بشكل عام؛
- وضع النماذج في مكانها؛
- تحديد نوع المديرية التي تسمح بالمشاركة في التحضيرات.
وتقف عدة عقبات في وجه تحقيق هذه الأهداف منها ما يلي :
- هناك تقريبا يومياً انشقاق بين مراقبة التسيير الإستراتجية ومراقبة التسيير العملية؛
- هناك تفكك بين العمل المطلوب من مراقبة التسيير وتقديم المعلومات النوعية وهنا هذه الوسيلة تدخل في قياس أداء الأشخاص؛
- هناك عجز في بعض الحالات مراقبة التسيير عن تنفيذ العمل المطلوب منها نظريا والتي تسمح باتخاذ القرارات وتقدير الفوائد؛
- الحساسية من طرف الأفراد اتجاه مراقبة التسيير(اعتبارها تفتيش).
المطلب الثالث : وظائف مراقبة التسيير
إن مراقبة التسيير تعتبر أداة أساسية لدفع الاقتصاد الوطني و من ثمة تنفيذ إستراتيجية المؤسسة ، فبعدما كان مراقب التسيير في الماضي لا يولى له اهتمام كبير و لا يحضى بالعناية الكافية في المؤسسة، أصبح في الوقت الحالي يحتل مكانة معتبرة داخل المؤسسة لكونه يساعد على اتخاذ القرارات، و يمكن إبراز ذلك بالتطرق إلى العناصر التالية :
1- مراقبة الأداء الوظيفي :
إن مراقبة الأداء الوظيفي في المنظمات تعتبر من أهم الوظائف الإدارية التي لا يمكن التخلي عنها ،باعتبارها الدعامة الأساسية و الوسيلة الرئيسية لجمع المعلومات لتقييم الأداء، حيث يعمل القائم بهذه المهمة على الإصغاء للمشاكل و العراقيل التي يعاني منها الأفراد، إذ أنه يسعى إلى جمع المعلومات ذات صيغة موضوعية تساعد المسؤولين على اتخاذ القرار و التي تتعلق بمستقبلهم الوظيفي من حيث الترقية (زيادة الأجر، مكافآت، عقوبات..) مما يؤدي إلى زيادة الثقة في المؤسسة و التي تتحقق عن طريق جملة من الخصائص :
- المشاركة في تحديد الأهداف : تعتبر مشاركة العمال في تحديد الأهداف التي تسعى إليها المؤسسة دافعا معنويا من أجل تحقيقها مع ضرورة إحداث نوع من التوازن بين أهداف الفرد و أهداف المؤسسة.
- عدالة التوزيع : و تعتبر من أهم العوامل التي تؤدي إلى تقوية الثقة بين الإدارة و العمال و ذلك من خلال توزيع الأجور كل حسب طبيعة عمله، إضافة إلى التوزيع العادل للأرباح حسب الهيكل الهرمي للمؤسسة
- عدالة التعاملات : إن عدالة التعاملات تكون بالاتصال الدائم لممثلي العمال بمختلف المسؤولين من أجل طرح مشاكلهم على الإدارة لاتخاذ القرارات المنصفة أوالعادلة المتعلقة بالعمل ومستقبل العمال المهني
2- مراقبة الجودة :
تعتبر إدارة الجودة ذات جودة تتلاءم و رغبات المستهلكين من حيث المظهر الخارجي للسلع و المواد المستعملة إنتاجها و منه فإن موضوع إدارة الجودة لها اهتمام كبير من طرف الباحثين الذين حاولوا تقديم شروط و عوامل تحسين الجودة حسب مرجعية التنظيم الدولي ISO ، و بالتالي فعلى مراقب التسيير أن يتابع باستمرار هذه العملية للمحافظة على الجودة العالية و بالتالي تلبية رغبات و متطلبات المستهلكين و من ورائها ضمان استمرارية المؤسسة
3- إدارة الوقت :
يكتسب عنصر الزمن أهمية كبرى لا سيما أنه غير قابل للشراء و البيع كما لا يمكن تخزينه لذا وجب التفكير في استغلاله حيث يعتبر كرأسمال للمؤسسة
لذا من الواجب مراقبة تسيير الوقت و إدارته عن طريق :
- تحديد كيفية استخدام الوقت حسب الخطة المسطرة
- تنفيذ الأهداف عن طريق جدولة زمنية باستخدام بحوث العمليات Recherche Opérationnelles
- تحديد الأوليات فيما يخص الأهداف
- وضع خطة لتحقيق الأهداف
- العمل على تطوير بعض الكفاءات و القدرات الشخصية للتغلب على لإشكاليات الطارئة
المطلب الرابع: مكونات نظام مراقبة التسيير
يمكن تلخيص مكونات مراقبة التسيير فيما يلي:
1- بيئة الرقابة: تمثل الأساس لمراقبة التسيير في المنشأة. وهناك عدة عوامل لبيئة الرقابة:
- الأمانة والقيم الأخلاقية.
- الالتزام بالكفاءة.
- اشتراك مجلس الإدارة و لجنة المراجعة في المسئولية.
- فلسفة الإدارة و طريقة قيامها بعملها.
- الهيكل التنظيمي.
- توزيع السلطة و المسئولية.
- السياسات والممارسات الخاصة بالموارد البشرية.
وهناك من يرى أن بيئة الرقابة تتمثل في موقف و وعي و تصرفات مجلس الإدارة و إدارة المنشأة نحو أهمية مراقبة التسيير و تتضمن نمط الإدارة، وثقافة المنشأة، والقيم المشتركة بين منسوبيها وهي تمثل الأساس لكل مكونات مراقبة التسيير.
2 - المعلومات والاتصال: إن نظام المعلومات الملائم يهدف إلى إضفاء الثقة في مراقبة التسيير ، والذي يتضمن النظام الأساسي، ويتكون من طرق وسجلات لتحديد وتجميع وتحليل و تصنيف وتسجيل وإشهار معاملات المنشأة مع المحافظة على الأصول والالتزامات ذات العلاقة، والاتصال يضمن التزويد بفهم واضح عن الأدوار والمسئوليات الفردية المتعلقة بالرقابة على النشاط.
3- الأنشطة الرقابية: إن أنشطة الرقابة تتضمن السياسات و الإجراءات التي تساعد في التأكيدات بأن توجيهات الإدارة قد تم تنفيذها وأنها تساعد في التأكيد بأنه تم اتخاذ الإجراءات الضرورية المتعلقة بمخاطر تحقيق أهداف المنشأة.

خاتمة
لقد تطرقنا في هدا البحث إلى التط ور الذي شهدته مراقبة التسيير ورأينا من خلاله كيف تطور من نظام بسيط كان يعتمد على المحاسبة إلى نظام معلومات يحوي كل الطرق والتقنيات التي من شأنها المساهمة في مراقبة التسيير ، ثم حاولنا إبراز مفهوم مراقبة التسيير و الذي خلصنا في النهاية إلى أنه مجوع العمليات و الإجراءات التي تسمح للمسيرين بتقييم أدائهم و نتائجهم المحققة و حاولنا التوسع في هدا الموضوع من خلال إبراز مدى اهمية مراقبة التسيير ودروها و أهدافها داخل المؤسسة و التي تتلخص في المساهمة في تحقيق الأهداف المسطرة من طرف الإدارة العليا.


مراقبة التسيير ونظام المعلومات من أجل نظام اتخاذ القرار
بدأت معظم التنظيمات خلال الثلاثين سنة الأخيرة تستخدم نظام المعلومات لزيادة فعالية الرقابة عن طريق تزويد المسيرين بمعلومات مناسبة وحسنة التوقيت، ويسمح التصميم الناجح لنظام معلومات التسيير بحصول المسيّر على المعلومات التي تناسب عمله ومستواه التربوي بأفضل الأشكال حيث تتم قبل تصميمه دراسة ظروف المنشأة وأهدافها والتعرف على نوعية المشاكل التي تواجه المسيرين وبالتالي نوعية المعلومات المطلوبة لمعالجتها وفيما يلي سنتطرق إلى هذا النظام ودوره في مراقبة التسيير.
المطلب الأول : نظام المعلومات واستعمالاتــه :
الفرع الأول : المعلومات ومصادر الحصول عليها :
1- نلاحظ أن "نظام المعلومات ينقسم إلى مصطلحين "نظام" وَ "معلومات"، فالنظام هو عبارة عن مجموعة أجزاء مترابطة ومتكاملة تؤدي عملها من أجل تحقيق هدف معين"(1).
أما المعلومات فهي "عبارة عن الحقائق أو المبادئ أو التعليمات في شكل رسمي مناسب للاتصال والتفسير والتشغيل بواسطة الأفراد والآلات الأتوماتيكية"(2).
إذن نظام المعلومات عبارة عن :
"إطار يتم خلاله تنسيق الموارد (البشرية والآلية) لتحويل المدخلات (البيانات) إلى مخرجات (معلومات) لتحقيق أهداف المشروع"(3).
ويعرف أيضا بأنه "مجموعة المعلومات المتحركة داخل المؤسسة وكذلك الإجراءات المعالجة والوسائل المتاحة التي تسمح بجمع واسترجاع وتشغيل وتخزين وتوزيع المعلومات الضرورية لاتخاذ القرار ومراقبة المؤسسة"(4).

2- مصادر الحصول على المعلومات : يمكن للمؤسسة الحصول على المعلومات من خلال :
- الملاحظة من خلال النزول إلى ميدان العمل.
- التقارير التي تصل من الهيئات.
- الاستبيان.
- التجارب السابقة.
- المنظمات المهنية.
- الهيئات الإحصائية.
- هيئات البحث (معاهد، جامعات).
- قواعد المعلومات.
* كما أنه هناك مصادر أخرى منها "مصادر داخلية للمؤسسة كالمحاسبة، لوحات القيادة ومصادر خارجية كالمحيط الاقتصادي والمالي"(1).
الفرع الثاني : دورة حياة نظام المعلومات :
وتتمثل دورة حياة نظام المعلومات في المراحل التي يمر بها نظام المعلومات منذ مرحلة نشأته إلى غاية تشغيله بشكل عام "وتتمثل هذه المراحل فيما يلي"(2) :
1- تخطيط النظام : خلال هذه المرحلة يتم التعرف على مختلف الأنظمة الفرعية المكونة للنظام والتي تكون بحاجة إلى تجديد.
2- تحليل النظام : تبدأ هذه المرحلة بعد انتهاء المرحلة السابقة ويتمثل هدفها الأساسي في الفهم المعمق للنظام القائم ومشاكله من أجل تحديد الحاجة إلى المعلومات ووضع تصور أولي حول كيفية عمل النظام المستقبلي.
3- تصميم النظام : من خلال هذه المرحلة يتم إعداد المخطط العام للنظام بشكل كامل ويتم تصميم النظام على شكل تدريجي من العام إلى الخاص حسب مدخل النظم حيث يجب أولاً تحديد أهداف ووظائف النظام.
4- تنفيذ النظام : قبل أن نبدأ في عملية تنفيذ النظام يجب أن تهيئ كل الظروف اللازمة حيث تتضمن عملية تنفيذ النظام الجديد تطبيق المواصفات المادية والمعنوية التي تم اختيارها في مرحلة التصميم بشكل فعلي.
5- تشغيل النظام وتقييمه : بعد الانتهاء من مرحلة تنفيذ النظام تأتي المرحلة الحساسة وهي مرحلة تشغيل النظام وذلك بعد التحول من النظام القديم إلى النظام الجديد.
6- صيانة النظام : تأتي مرحلة الصيانة بعد العمل بنظام المعلومات أو بعد تشغيله فقد تطول مدة تشغيله أو تقصر ولذلك فخلال هذه الفترة أي فترة حياته يمكن أن يحتاج إلى تعديلات أو إصلاحات من أجل أن يبقى فعال فهو يتأثر بالبيئة كما يؤثر فيها.
الفرع الثالث : علاقة نظام اتخاذ القرار بنظام المعلومات :
بدأت طريقة استعمال المسيّر لنظام المعلومات تسجل خلال العقد الأخير تطورا جذريا، كما بدأت أنظمة دعم القرار التسييري تحل محل الاعتماد على التقارير والنماذج المكتوبة وهي نظم مصممة لتزويد المسيرين بالمعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات الجارية مباشرة عن طريق "واجهة الحاسب الشخصي"(1).
لقد جعلت تقنيات الحاسبات المصغرة مثل هذا الأمر ممكنا فبمستطاع المسيّر الذي يعرف كيف يشغل حاسبا مصغرا والذي تطبق منشأته نظام دعم القرار التسييري أن يتعرف على سبيل المثال على الوضعية الحاضرة لمشروع قيد الإنجاز ويتخذ قرارات تتصل بما ينبغي عمله على ضوء ذلك ويتأكد من خلال واجهة حاسبه من أن أوامره قد وصلت للأشخاص العاملين في المشروع.
وقد أصبح بإمكان المسيّر أن يسيّر العمل من خارج مكتبه وأن يتخذ القرارات خارج أوقات الدوام كما قد سهلت سرعة تطور تقنيات الحاسبات المصغرة استخدام نظم دعم القرارات التسييرية، تلك السرعة التي حدثت بفضل المنافسة بين المؤسسات.
الفرع الرابع : تكنولوجيا المعلومات وسلوكيات المسيّرين :
"يؤدي عدم تواجد المستعملين خلال عملية تصميم نظام المعلومات إلى ظهور المشاكل عند التطبيق، حيث يجري تقويم المعلومات بأشكال غير مناسبة أو يستغرق تفسيرها وقتا طويلا أو تكون ذات طبيعة هامشية، الأمر الذي يحد كثيرا من فائدة نظام المعلومات ومن تقبلها لدى المعنيين باستعمالها"(1).
كما يخشى من ناحية أخرى الكثير من المسيرين نظام معلومات التسيير على أساس أنها ستعرضهم إلى مراقبة دقيقة من رؤسائهم وأنها ستصبح وسيلة للتقليص من نفوذهم على الوحدات التي يعتبرون مهمة تسييرها من خصوصياتهم، هكذا تتسبب النظم المشار إليها في شعورهم بعدم الأمن إلى تخوفهم من المستقبل ومقاومتهم للتغيير، الأمر الذي يؤدي إلى بروز السلوكيات الشخصية القلقة والموافق الدفاعية، تلك المواقف التي تتسم بالهجوم على تكنولوجيا المعلومات للحيلولة دون تطبيقها.
ويلاحظ أيضا أن التحديث المستمر لمخرجات أنظمة الإعلام الآلي قد أدى إلى تسهيل عملية اتخاذ القرار حتى على مستوى أولئك المسيريّن الذين لم يهضموا بعد التقنيات الحديثة للإعلام الآلي، ذلك التحديث الذي أصبح يتم بفضله تزويد المسير على أساس يومي أو أسبوعي بحالة المخزون من السلع وحالة المبيعات والمقبوضات النقدية وما إليه من معلومات حيوية أخرى. أن تحفظ المسيرين اتجاه التقنيات الإعلامية هو السبب في التلكؤ الذي تواجهه عملية ربط أنظمة التسيير بالحاسبات بطريقة مباشرة. ولتبديد مخاوف المسيرين بهذا الشأن يتطلب إدماجهم في عملية تصميم نظام معلومات التسيير وإدراكهم بأن التحدي الذي يواجههم يفرض عليهم المزيد من الترشيد في عملية اتخاذهم القرارات.