ما هو القرار *

ما مدى جودة قراراتك؟ هل تتخذ في الغالب قرارات صائبة أو قرارات خاطئة؟ ما الذي يؤثر على طريقة اتخاذ قراراتك؟ هل تتخذ نفس القرار بشكل مختلف في أيام مختلفة؟

ربما لا تلاحظ معظم القرارات التي تتخذها. فكلنا نتخذ مئات وربما آلافاً من القرارات كل يوم. إذ ان القرارات جزء أساسي من النشاط الإنساني. فالقرارات تشكل حياتنا ونجاحنا يعتمد على جودة قراراتنا وعلى المهارة التي نستخدمها عند اتخذاها ومع ذلك كم مرة فكرنا في عملية اتخاذ القرار؟

ليس من السهل دراسة اللحظة الحقيقية لاتخاذ القرار فهي لحظة غامضة قد تكون مفاجئة وربما لا نستطيع أن نفسرها. وغالباً ما نشعر بأن القرار هو الذي صنعنا إلى حد ما وليس العكس.

تعريف القرار

ما هو إذن هذا الحدث المثير للفضول الذي نجد صعوبة كبيرة في فهمه؟

اتخاذ قرار معناه الالتزام بمسار عمل معين

اتخاذ قرار ما, هو أكثر من مجرد اختيار ما تفعله. إذ إنه ينطوي على التزام منطقي وعاطفي مهما كان هذا الالتزام بسيطاً. إضافة إلى ذلك, فإنه غالباً ما يتضمن تقديم التزام بالنيابة عن الآخرين ولا سيما في مكان العمل أو الأسرة والطلب منهم أن يلتزموا بالتزامك.

إضافة إلى الالتزام, فإن القرار يحتاج أيضاً إلى عمل وهذا يشمل حل المشاكل. وفي الواقع, فإن أولى خطوات صنع القرار ربما تكون توضيح المشكلة التي سيتم حلها. وهناك أنواع عديدة لكل من هذه المشاكل والقرارات: فنية, وإدارية, وشخصية, ومالية. وبالطبع, فإن القرار الواحد غالباً ما ينطوي على مشاكل في أي أو كل جانب من هذه الجوانب غير أن حل مشكلة ما قد لا يتضمن بالضرورة عمل أي شئ في حين اتخاذ قرار ما سيؤدي دائماً إلى إجراء أو عمل من نوع ما. وهذا صحيح حتى لو قررنا ألا نفعل أي شئ: بمعنى أن اختيار اللافعل هو قرار له نفس قوة أي قرار آخر.




لكل قرار عواقبه

إن الالتزام بمسار عمل ما عملية غير مريحة دائماً. إذ ان هناك نقطة اللاعودة يمكننا قبلها أن نلغي قرارنا ولا يمكننا بعدها إلا نلتزم حقيقياً به. وبالطبع, فإن بعض القرارات تنطوي على عدد من الالتزامات عند تغييرك لرأيك. ومثل تلك القرارات تبدأ لينة وتعد ببطء مثل الإسمنت وقد يكون من الصعب جداً تحديد نقطة اللاعودة الخاصة بها بدقة.

وعليه, فإن تجاوز تلك النقطة يأخذنا إلى منطقة مجهولة لأن آثار قرار ما ستكون دائماً غير قابلة للتنبؤ بها. فبعضها قد يكون غير مشاهد بالنسبة لنا. وربما يتأثر أشخاص آخرون بها سواء أكانوا يبادلوننا الالتزام نحوها أم لا. وإذا اتخذنا خياراً خاطئاً, فإننا ربما نكون قادرين على إلغائه ولكننا إذا ترددنا في التزامنا, فإننا سنكون على خطر كبير, إذ ان سمعتنا وثقة الناس بنا واحترامنا لذاتنا وربما صالح الفريق والمؤسسة كل ذلك سيتعرض للاهتزاز.

جميع القرارات مؤقتة

ربما يكون أصعب جانب في الالتزام بقرار ما هو أن القرارات لن تكون نهائية مطلقاً. فالقرار هو أفضل خيار عمل يمكننا أن نتخذه في وقت ما, ولكنه بالتأكيد سيتم تعديله أو قلبه أو إلغاؤه ربما في المستقبل القريب إذن كيف يمكننا أنت نلتزم بأمانة بشيء مؤقت جداً؟


* اتخاذ القرار, ألن باركر, سامي تيسير سلمان, بيت الأفكار الدولية, ص 19-22, 1998.