يدرك العديد من النَّاس أهمية الإتصال بالمجتمع، والتواصل مع الأفراد فيه، ولكن البعض قد يعتقد أن عملية التواصل، هي ذاتها عملية الإتصال، أو أن الإتصال والتواصل معنيانِ لمعنى واحد، ولكنَّهما في الحقيقة معنيان مختلفان.
الإتصال هو العملية التي تخرج من مصدر ما، ربما يكون هذا المصدر هو جماد أو أنه روح، كالنبات أو كالإنسان أو كالحيوان، فعندما نستيقظ صباحًا، ونجدُ الشمس قد أشرقت، فإننا نعرف تلقائيا، أنَّه دخل الصباح ، وكأن الشمس أرسلت لنَا هذه الرسالة تقول فيها "بدأ النهار بإشراقة جديدة"، وعندما تأتي إلينا قطتنا وتقول بصوتها مياو، فإنها غالبًا ما تكون جائعة، فنفهم منها ذلك وكأنها تقول لنا "أنا جائعة" فبصوتها الذي صدر منها، أرادت أن تفهمنا رسالة "أنا جائعة"، وكذلك الشخص لمَّا يقابل شخصًا آخر، فعندما يلحظ على وجهه إبتسامه مثلا، فإنه غالبًا ما سيقول "هذا شخص سعيد" مع أن هذا الشخص قد لا يكون كذلك، ولكن الرسالة التي هي عبارة عن ابتسامة، أفهمتنا ذلك.
في كل هذه الحالات التي سبقت، فإننا ما زلنا في عملية الإتصال، فلو أننا لو لم نعطي انتباهنا للشمس وقلنا هذا نهار كالليل أو نهار مظلم، أو إذا لم نطعم قطتنا الصغيرة، أو إذا قال لنا جارنا أو زميلنا في العمل صباح الخير، ولم نرد عليه، فنحن ما زلنا في عملية الإتصال.
الإتصال إذًا هو الرسالة التي ترسل بقصد أو دون قصد، فلا عقل للشمس أو روح حتى تفكر بأنها إذا أخرجت أشعتها البنفسجية، سيظن الناس أنها الصباح، ويتناقلون عبارات جميلة مثل صباح الخير، ولكننا عندما نفهم رسالة قطتنا وأنها جائعة فنطعمها، أو عندما نقابل جارنا فيقرأنا السلام فنرد عليه، فهنا حصلت عملية التواصل، إذًا إن التواصل هو الرسالة المتبادلة بين شخصين وأكثر.
عندما أرسل رسالة تقول صباح الخير فأنا قمت بعملية الإتصال وعندما ترد لي صباح الخير فإن الشخص الذي ردها أيضًا فعل عملية الإتصال، ولكن عملية التبادل التي حصلت بيننا، تسمى عملية التواصل.
ربما نفهم ما هو الهدف من الرسالة المرسلة وربما لا نفهم ما يقصد الآخرون، فالمطلوب منا أن نفهم ما هي رسالة المتحدث وأن ننظر إلى ما وراء كلامه أو رسالته،فهو يريد أن يوصل شيئا لنا ولكنه قد لا يجيد التعبير، أو قد يكون مزاجه معركا، فإعطاء الناس فرصة للتعبير عن أمورهم وشعورهم، في غاية الأهمية والتي تساعدنا على فهم بعضنا البعض.
فعلى الشخص منا في هذا المجتمع أن يفهم رسائل الناس، وعليه أن يدرس رسالته وتمعن فيها قبل أن يضغط "أرسل" وعلى كل فرد منا التأني قبل الحكم على الناس،فهم أيضا بشر ولهم طرقهم الخاصة في تحضير وإرسال الرسالة،فليست طريقة من يرسل لك وردة مكتوب عليها "صباح الخير" هي ذاتها طريقة من يقول لك وهو عابس الوجه صباح الخير،مع أن العبارة ذاتها،فاختلاف طرق التعبير والمزاج قد تؤثر أيضا على عملية التواصل بين الناس.
فحاول قبل أن تكمل عملية التواصل مع من حولك أن تتفهمهم وأن تفهم قصدهم،وحاول أن تحدثهم في النقاط التي تتفق بها معهم،وإذا كنت مقتنعا بفكرتك فحاول أن تعرضها عليهم كعرض ثم إبدأ بالشرح،فالسلاسة بالحديثة تقنع الكثير من العقول.