سمعنا الكثير عن الإختلاف بين البشر، وعن الخلافات التي تحصل بسبب تلك الإختلافات، وحين نقرأ آراء المحللين، ندهش لما نرى، فعندما نبدأ بالقراءة نباشر بالمشكلة أولًا وهنا تكون الصدمة، إذ أن المشكلة تكون بسيطة جدًّا والخلاف عليها كبير.
أثناء كتابة هذا المقال، بحثت في صفحات الأنترنت، وفي بعض الكتب، وأثناء قرائتي جائتني فكرة قد يظن البعض أنها بعيدة عن موضوع الإختلاف والخلاف بين البشر، وكانت فكرتي في البحث في عالم الجريمة، فانصدمت جدًّا وأنا أبحث، إذ أن نسبة كبيرة من الجرائم، حصلت بسبب خلافات صغيرة والتي لم يتم إدراكها، فتطورت وصارت مشاكل كبيرة أدَّت إلى وقوع الجريمة.
يروى أن ثلاثة عميان دخلوا إلى غرفة فيها فيل وطلب منهم أن يكتشفوا ما هو الفيل ليرجعوا ويصفونه، فقال الأول "الفيل هو أربعة عمدان مثبة بالأرض"، وقال الثاني "إن الفيل يشبه الثعبان تماما" وقال الثالث "الفيل يشبه المكنسة!" وحين وجدوا أنهم مختلفون بدأوا بالشجار، فكل واحد منهم تمسك برأيه، وراحوا يتجادلون، ويتَّهم كل واحد منهم الآخر بالكذب وأنه مدَّعٍ، طبعًا عزيزي القارئ لاحظت أن الأول أمسك بأرجل الفيل، والثاني أمسك بخرطومه، والثالث أمسك ذيله.
مالذي حصل مع العميان؟ وهل هو يحصل مع ا المبصرين؟ إن الذي حصل مع العميان، هو أن كل واحد منهم اعتمد على خبراته وتجاربه، فبنى عليها سلوكه وتصرفاته، ولكن من هو الذي على صواب؟ هل يوجد مخطئ بينهم؟ طبعا لا، فالإنسان عدو ما يجهل، كل واحد منهم أدرك شيئًا ما بحواسه وتجربته.
من المستغرب أن الكثير من الناس تقول، إن للحقيقة أكثر من وجه ولكنهم عندما يواجهون مشكلة ما، يقفون مكان الدفاع، ويتأهبون حاملين سلاحهم، للدفاع عن أنفسهم، دون أن يتعبوا أنفسهم ويعطوا آذانهم لمن يختلف عنهم.
الحياة لا بدَّ لها أن تسير في سكتها ولن تتوقف عند أحد، واختلاف الناس في أمور الدنيا ولَّد أفكاراً رائعة واكتشافات مذهلة عندما ظهرت لِحيز التنفيذ، أما عدم الإدراك والإنصات والوعي عند الكثير من الناس،لم يولد سوى الخلافات والصراعات، فالمطلوب مني ومن كل شخصٍ أن يحاول أن يسمع ما بعقول الناس من خلال فهمهم وتقبلهم، وليس من خلال عقله وتفكيره.