نجيب ساويرس... حينما يذكر اسمه سواء في مصر أم خارجها، فإن الجميع يدرك أنه أكثر رجال الأعمال المصريين مشاكسة، كما أن تصريحاته من شأنها تحريك المياه الراكدة في اقتصاديات الدول التي يعمل بها.

فهو رجل من طراز خاص... صريح... هادئ الطبع بعض الشيء... يفكر قبل أن يتحدث، وهو ما يجعله دائمًا يتحدث بثقة بفضل تربيته وتعليمه في سويسرا... إستثماراته امتدت إلى قطاعات عديدة حتى انه فاجأ الجميع باستثمار جديد بالتعاون مع البنك التجاري الدولي للحصول على رخصة إنشاء بنك في الجزائر.

"إيلاف " ترصد بروفيل هذا الرجل الذي يقدره الجميع، خاصة وانه أصبح أحد أعضاء نادي أصحاب الملياردير ات في منطقة الشرق الأوسط والذي تقدر ثروته بـ 10 مليارات دولار ليقف بذلك إلى جوار بيل جيتس المصنف كأغنى رجل في العالم.

ويكفي أن الرجل قاد استثماراته ورجاله ومهندسيه للاستثمار في الدول التي يحدث فيها حروب ربما اعتبرها بعضهم أنها مجازفة، إلا انه يعتبرها استثمارات محفوفة بالمخاطر.

عائلة ساويرس– كما هو معروف عنها في مصر- لا تعرف مقدار ثروتها ولا تدقق إلا في حجم خسائرها، ومن عادتها الإلتقاء على مائدة الطعام ثلاث أو أربع مرات أسبوعيًا، لمناقشة أحدث المشروعات ويقرأون طالع الاقتصاد في اغلب دول العالم، وكما يقول "نجيب ساويرس" نحن لا نعمل بمفردنا في كل المشروعات بل نعمل بأسلوب المجموعات الاستثماري ة ولنا شركاء في شركات الأسمدة والحديد والصلب.

تميمة الحظ
والذي لا يعلم عن حياة هذه العائلة الصعيدية، فإنها اشتهرت حينما بدأ عمدتهم أنسي ساويرس ( الأب ) بتأسيس شركة للمقاولات عرفت في البداية باسم لمعي وساويرس، وكانت هذه الشركة هي "تميمة الحظ" التي فتحت عليه أبواب عالم البيزنس حيث انفرد "انسي" بالشركة عام 1950 واتسع نشاطها بشكل غير مسبوق، وفي عام 1966 غادر انسي الى ليبيا، وهناك احترف بيزنس التوكيلات والمقاولات واستمر يمارس نشاطه حتى عام 1975.

ومع بداية عصر الانفتاح الاقتصادي، وافتتاح الأسواق المصرية، قرر الرجل العودة إلى مصر وكان من الطبيعي أن يستثمر خبرته الواسعة في مجال المقاولات فأقام شركة "أوراسكوم" للمقاولات، وعلى الرغم من كل الظروف الصعبة التي مر بها "انسي ساويرس" إلا أنه كان حريصًا على "مشروع ه الكبير" وكان هذا المشروع هو أولاده الثلاثة "سميح وناصف ونجيب" الذين كانوا بالنسبة إليه كل رصيده الذي يملكه، وكما يردد "نجيب ساويرس": لقد كان من أعظم قرارات والدي المبكرة أنه وضع استثمارات هائلة لتعليمنا وتزويدنا بأفضل مستويات الخبرة، حيث كان يرى أن أولاده هم رأسماله الحقيقي.

فنجيب درس الهندسة في سويسرا من خلال الالتحاق بمعهد بولي تكنيك، وهو معهد معروف بتخريج القادة، وكبار رجال الإدارة العليا بأوروبا.

وكانت مؤسسة "أوراسكوم" للمقاولات أصغر من أحلام الابن العائد من سويسرا، فقرر أن يجرب حظه في نشاط آخر فاتجه إلى الحصول على التوكيلات الأجنبية، ثم اتجه بنشاطه بعد ذلك إلى السكة الحديدية وبالتالي توسعت الشركة الأم بمساعدة نجيب وأخويه.

الغريب في عائلة ساويرس انك إذا سألت أي فرد من الأسرة عن حجم استثماراته م وثروتهم الحقيقية سيقول لك لا أعرف. والأهم من ذلك أنه سيؤكد لك أنهم يدققون فقط في حجم الخسارة ولا يسألون أبدًا عن حجم الربح!

فنجيب أنسي ساويرس الذي ولد في 15 حزيران (يونيو) 1954، قدرت مجلة فوربس سنة 2007 ثروته بـ 10 مليارات دولار لم يكتفِ فقط بالاستثمار في قطاع الاتصالات بل اتجه الى الاعلام أيضًا، خاصة وان رؤيته الصائبة أكدت له السعي الدؤوب للحكومات للدمج بين الاتصالات والإعلام ومن هنا قام بشراكة استراتيجية في احد انجح الصحف المصرية وهي جريدة ( المصري اليوم ) وتبعها بإطلاق قناة أو تي في التي تم أفتتاحها في 31 كانون الثاني/يناير 2007.

يمكن القول ان نجيب لا ينام من كثرة العمل حتى ان احد المقربين له أكد لـ "إيلاف " ان مكتب ساويرس خالٍ تمامًا من أي أوراق، فقط جهاز كمبيوتر وجهازه النقال الذي يحمل أرقام غير متشابهة، على الرغم من إمكانياته في الحصول على أفضل رقم في شبكته ومن بين المناصب التي يجمعها نجيب بين يديه هو : رئيس أوراسكوم للاتصالات، رئيس أوراسكوم للتكنولوجي ا، رئيس مجلس إدارة ويذر للإستثمارا ت، رئيس مجلس إدارة ويند للإتصالات، رئيس مجلس إدارة موبينيل، عضو في مجلس إدارة المجلس المصري للشؤون الخارجية، عضو في مجلس أمناء ومجلس إدارة مؤسسة الفكر العربي.

أوراسكوم للاتصالات التي يديرها ساويرس امتد نشاطها إلى عدة دول خارج مصر منها تونس، الجزائر، العراق، زيمبابوي، باكستان، بنغلاديش، هونغ كونغ وفي آذار (مارس) 2007 بلغ عدد المشتركين في مختلف فروع الشركة حوالى 56 مليون شخص.

دين
ومن المعلوم عن نجيب ساويرس، إلتزامه الديني والذي يرى فيه الجميع نموذجًا للمسيحي العربي الملتزم دينيًا وماليًا تجاه عقيدته لذا تم اختيار نجيب ساويرس عضوًا في المجلس الكنسي العالمي الذي يرعاه الفاتيكان، وهو عضو بأحد لجانه التي تضم عشرات من رجال الأعمال الأثرياء في العالم.

التعليم ودور حيوي
ومؤخرًا قام‏ ‏السفير‏ ‏الفرنسي‏ ‏في‏ ‏القاهرة فيليب‏ ‏كوستبتكري م‏ ‏نجيب‏ ‏ساويرس‏ ‏رجل‏ ‏الأعمال‏ ‏المصري‏ ‏بتقليده‏ ‏وسام‏ ‏جوقة‏ ‏الشرف‏ ‏برتبة‏ ‏فارس‏، وكان السبب وراء اختيار‏ ‏نجيب‏ ‏ساويرس‏ ‏الذي جاء‏ ‏من‏ ‏جانب‏ ‏جاك‏ ‏شيراك‏ ‏رئيس‏ ‏فرنسا‏ ‏الأسبق‏ ‏الذي‏ ‏أكد‏ ‏أنه‏ ‏لولا‏ ‏جهود‏ ‏نجيب‏ ‏ساويرس‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏للجامعة‏ ‏الفرنسية‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏أن‏ ‏ترى ‏النور‏.‏

النصيب في حياة ساويرس
السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل بعد كل هذه النجاحات من السهل النصب على رجل اعمال في كفاءة نجيب وذكائه؟ الاجابة: نعم، وهذا ما يمكن معرفته بعد أن تعرض نجيب ساويرس لعملية نصب فى سوريا من قبل رامي مخلوف (أبن خال بشار الأسد ) أسفرت عن اقتناص 70 مليون دولار, وعندما طلب من رامي بإعادة المبلغ رفض تسليمه له معتمدًا على نفوذه وقرابته من الرئيس الأسد وأمر رجال المخابرات بمضايقة ساويرس فاضطر إلى مغادرة سورية بحثًا عن طريقة لاسترداد أمواله ويومها كتب رسالة في جريدة "الحيا ة" اللندنية موجهه إلى بشار الأسد داعيًا إلى استرداد أمواله دون ان يذكر اسم من اختلسها منه.

بعد ظهور الرسالة – ووفقًا لما هو منشور في الصحف - تم تجميد أموال ساويرس في سوريا فاضطر الرجل إلى كتابة رسالة ثانية في الجريدة ذكر فيها اسم رامي مخلوف كطرف متهم، ثم توجه إلى إقامة دعوى قضائية عليه في لندن وجنيف وجزر البهاماس ومن خلال الدعوى تمكن ساويرس من حجز أموال محمد مخلوف وابنه رامي في بنوك لندن وجنيف وتغريمهما مصاريف الدعوى وأتعاب المحامين وفوائد الأموال، بعد ذلك رضخ رامي وارجع 70 مليون دولار إلى ساويرس وأقام له حفل تكريم في فندق شيراتون في دمشق واعتذر له عما فعل.

ومن سوريا إلى إسرائيل خاصة نهاية العام الماضي 2006 ادعى بعضهم ان نجيب من ابرز مستثمريها إلا انه نفى ذلك بشدة، وقال إنه اشترى شركة لها فرع إسرائيلي والحقيقي ان نجيب قد قام بشراء حصة في شركة صينية لها أعمال في إسرائيل.

وكشف أن الحكومة الإسرائيلي ة رفضت أن يشتري حصة أكبر من هذه الشركة بحجة الخوف على الأمن القومي الإسرائيلي "لأنه من الأعداء وله علاقات بالاستثمار الفلسطيني" معتبرًا ذلك وسامًا على صدره.