من جديد اولوية الاصلاح الاداري والتنمية الادارية في سورية الجديدة
عبد الرحمن تيشوري
رغم كل هذا الجدل والنقاش والمعارك الكلامية بين السوريين المختصين وغي المختصين لا يزال الإصلاح المنشود هدفاً مطروحاً بقوة، ولابد من العمل على تحقيقه، ما دفع السلطات الرسمية إلى أن ترى ضرورة العودة مجدداً إلى إقرار إحداث الوزارة المختصة (وزارة التنمية الإدارية)، وتم تكليف الوزير السابق نفسه، اعتماداً على صدقه و خبرته وانه يفي بوعوده، واختصاصه وطموحاته في تحقيق ذلك.
كل ذلك جاء نتيجة قناعة السلطات الرسمية بأن الإصلاح الإداري هو المدخل والأساس لكل إصلاح آخر، إذ ما من جهة، حكومية كانت أم منظماتية أم أهلية مجتمعية، إلا وعلى رأسها إدارة مركزية وضمنها إدارات فرعية، ومن المفترض أن تكون جميع هذه الإدارات –كل وفق مجريات العمل المعمول به- هي المعنية بالإصلاح المنشود، إذ هي صاحبة القرار تشريعاً وتنفيذاً، في كل ما يتعلق بشؤون عملها، وإذا لم تكن هذه الإدارات صالحة، لم ولن ينجم عن أدائها الإصلاح، إذ لم ولن يتحقق الإصلاح إلا على أيدي الصالحين، فصلاح الإدارات يستوجب أن يكون العاملون على رأسها ومفاصلها من أهل الصلاح في المنطلقات والرؤى والأفكار والأخلاق والقيم الوطنية، المترافق مع توفر الكفاءات والمؤهلات التي تمكنهم من استثمار الرؤى الصالحة في تحقيق الإصلاح، وينطبق ذلك على جميع العاملين في الإدارات على تنوّعها وتبعيتها، وتحديداً أصحاب المهام على تتابع تراتبيتهم، المتوجب أن يتحلّوا بإرادة الإصلاح وامتلاك الإمكانات العلمية والعملية والصلاحيات التي تخوّلهم تنفيذ إرادتهم في استخدام الإمكانات المتاحة بين أيديهم لتحقيق الإصلاح المعمول لأجله.
والمتمعّن يرى ضرورة أن يبدأ تحقق ذلك أولاً في جميع الأجهزة الرقابية على تنوّعها وتعدّدها، وتحديداً القضاء، وأصحاب المهام العليا، إذ إن الأجهزة الرقابية وأصحاب المهام العليا هم القدوة المثلى لغيرهم، وإذا لم يتحقق ذلك ستبقى الشكوى من ضعف أو عدم تحقق الإصلاح قائمة، ما يعني أننا ما زلنا في دائرة خلل توسّعت، بدلاً من أن تضيق، فلكي نصلح ما ندير علينا أن نصلح ما نريد.