لو رجعنا إلى الوراء قليلاً ودققنا في الحالة الفكرية بين الشباب لم تكن مخترقه كما هو الحاصل الآن، والذي يعود إلى تأثر الشباب والتصاقهم بالفكر المحيط بهم، أما الوضع الآن تغير بسبب الانفتاح وما طرأ على حياة الناس من مؤثرات أخرى، ومن أهمها التقنية ووسائلها المتنوعة التي أسهمت في اختراق الفكر بين الشباب، والبعض منها موجه والبعض الآخر يدخل ضمن القناعات التي يؤمن بها المفكر ويتأثر بها الآخرون ويتقبلونها سلباً وإيجاباً، نتيجة لغياب الحصانة الفكرية.
وإذا أردنا أن نكوّن فكراً متوازناً بين الشباب، لابد من إعادة النظر في فكرنا الثقافي وتحريره من الجمود والبحث عن الحكمة في جميع الثقافات، ويكون المرتكز في ذلك الجانب التأصيلي الذي يزخر به تراثنا العربي الإسلامي عقيدة ولغة وأدباً وتنويراً معرفياً غطى علوم الحياة الإنسانية والعلوم البحتة والتطبيقية التي أسست للفكر العالمي ولاسيما في ازدهار عصر الإسلام في الأندلس، هذه الحكم أصبحت مطلوبة في مجتمعاتنا وكنا في وقت سابق نصدرها للعالم ونحن في حاجة إلى توطينها وإعادتها إلى بيئتها الأولى.
وهذا لا يتم إلا من خلال إيجاد فكر متوازن يؤمن بالحوار ولا يهمش الآخرين تسود في القواسم المشتركة التي هي ركيزة التفاهم والتقارب أيضاً أن يكون التخصص حاضراً بأدلته ووسائل إقناعه بعيداً عن الارتجال، كذلك عدم التعالي من قبل من يرسخ الفكر المتوازن بين الشباب حتى لا يكون سبباً في تمردهم وعدم استجابتهم للتفاعل مع الفكر الذي يطرحه، ويرى أنه يصب في الفكر المتوازن أيضاً لابد من تبصير الشباب بمقومات الفلسفة الإيجابي منها والسلبي، لأنّ معظم الشباب لا يدركون معانيها ومدارسها وفكرها وربما تأثروا بها وهم لا يشعرون كذلك توظيف الدراسات التي تبرز الإعجاز العلمي في تراثنا الخالد والتي اكتشفها المستشرقون والعلماء الحاليون الذين ينتمون إلى ثقافات أخرى، كذلك يجب على المفكر الذي يسعى لترسيخ الفكر المتوازن بين الشباب أن يرسخ الذكاء بجميع أنواعه، ولاسيما الذكاء الوجداني والانفعالي اللذين يعتبران مهمان في حياة الإنسان أيضاً توظيف مقاصد الشريعة وإبرازها بين الشباب، لأنها تدحض الفكر المتطرف وتصب في القضاء على المفاسد (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، أيضاً وجود الموسوعات العلمية التي تعنى بالفكر المتوازن أمر ضروري وهو مسؤولية الجامعات ووزارات التربية التي يفترض أن تكون من اهتماماتهوضمن شبكة التواصل مع الطلاب وأولياء أمورهم من خلال (الإنترنت أيضاً أن يتم رسم صور للتعاطي مع الفكر المتوازن من خلال ورش وحلقات تقام في أروقة التعليم المختلفة وزارات الثقافة والإعلام لها دور في إيجاد الفكر المتوازن بين الشباب، من خلال إصداراتها وبرامجها المتنوعة التلفزيونية والإذاعية وما ينشر في الصحف وما يتم عرضه في معارض الكتب.
——————
*الكاتب:منصور ابراهيم الدخيل
***************************
نقلاً عن صحيفة الجزيرة


حملة السكينة
رابط الموضوع : [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]