يبدو أن ما حدث للاتحاد السوفييتي في ثمانينيات القرن الماضي يتكرر هذه الأيام مع روسيا، وأن انهيار الاتحاد وتفكك دويلاته بسرعة البرق سيتكرر مع روسيا وريثة الإمبراطورية الشيوعية، وأن كلمة السر في الانهيارين، القديم والحالي، هي لعبة تهاوي أسعار النفط.


وما حدث أمس يقول إن الحرب النفطية العالمية التي قادتها دول كبرى منتجة للنفط، وبمساعدة أميركية، ضد الاتحاد السوفييتي الذي انهار بشكل لم يحلم به أعداؤه، تتكرر هذه الأيام مع روسيا وبنفس السيناريو، وأن هذه الحرب بدأت تؤتي أكلها، وأن ما كانت تتمناه أميركا وتخشاه موسكو منذ سنوات تحقق على أرض الواقع، وأن إصرار دول منظمة "أوبك" على عدم خفض الإنتاج في اجتماعها الأخير جلب لروسيا الخراب الاقتصادي وبشكل شبه متعمد.


في ثمانينيات القرن الماضي انهارت أسعار النفط إلى أقل من 12 دولاراً للبرميل، وبعدها انهارت الإمبراطورية الشيوعية التي خسرت مليارات الدولارات مع اغراق دول كبري منتجة للنفط الأسواق العالمية بالذهب الأسود وطول فترة انهيار الأسعار التي قلّت عن 20 دولارا بين عامي 1986 و1988.


واليوم تنهار أسعار النفط من 115 دولارا للبرميل إلى أقل من 60 دولارا، وتفقد الأسعار نحو 48% من قيمتها، ومعها تنهار إيرادات روسيا، التي تعد واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، حيث تنتج 10.2 ملايين برميل يوميا.


الأرقام تشير إلى أن خسائر روسيا من تراجع أسعار النفط زادت عن 110 مليارات دولار، وهي مرشحة للارتفاع مع استمرار تهاوي أسعار النفط. وإذا أضفنا للخسائر الروسية فاتورة العقوبات الغربية ضدها، بسبب موقفها من أزمة أوكرانيا، فسترتفع الفاتورة إلى 150 مليار دولار وربما أكثر خاصة إذا ما أخذنا فى الاعتبار الخسائر غير المباشرة.


في ثمانينيات القرن الماضي قاد انهيار سعر النفط إلى انهيار العملة الروسية الذي أدى بدروه إلى تبني رئيس الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت ميخائيل غورباتشوف فلسفة البروسترويكا والغلاسنوست التي أعقبها الانهيار الكامل للإمبراطورية الشيوعية التي كانت لا تغيب عنها الشمس.


واليوم تنهار العملة الروسية وتفقد 117% من قيمتها بسبب تهاوي أسعار النفط والعقوبات الغربية، ويدفع الانهيار حكومة فلاديمير بوتين إلى تبني إجراءات تقشفية وخفض الإنفاق الحكومي بواقع 10%.


ورغم قيام البنك المركزي الروسي أمس برفع أسعار الفائدة 6.5% مرة واحدة لتصل إلى 17% سنويا، في محاولة لوقف انهيار الروبل، إلا أن المحاولة فشلت؛ حيث هوت العملة إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق مقابل الدولار واليورو.


إنها لعبة تتكرر. فما أشبه الليلة بالبارحة!