الانفاق على الحرب ضد الارهاب، والخفض الضريبي المثير للجدل الذي أعلنه بوش حولا فائض الموازنة الاميركية الى عجز قد يصل الى 100 مليار دولار.


واشنطن - اعلنت وزارة التجارة الاميركية أن الاقتصاد الاميركي شهد نموا سنويا قدره 5.8 بالمائة في الربع الاول من العام الحالي وهو ما يعد أسرع معدل للنمو الاقتصادي منذ أكثر من عامين.

وتفوق رقم إجمالي الناتج المحلي على الرقم الذي توقعه الخبراء، وهو خمسة بالمائة. ويعد ذلك إشارة إلى أن الكساد الذي دام عاما كاملا قد بدأ في التراجع. لكن هذا التحسن الظاهري يخفي ورائه مشكلات اقتصادية كثيرة.

فقد قالت صحيفة واشنطن بوست أنه بالرغم من التحسن في الاداء الاقتصادي إلا أن عائدات الضرائب انخفضت هذا العام، مما يعزز احتمالات حدوث عجز في الموازنة الحكومية قد يزيد عن 100 مليار دولار خلال العام الجاري.

وجاءت الدفعة الاقتصادية بسبب تراجع عمليات التخلص من الاسهم وارتفاع بنسبة 3.5 في المائة في إنفاق المستهلك الذي يمثل ثلثي النشاط الاقتصادي الاميركي.

وقال الرئيس جورج دبليو بوش بعد محادثات مع فريقه الاقتصادي "نحن جميعا نتفق على أن إحدى القوى الكبرى التي أسهمت في رقم النمو المرتفع هي حركة المخزون على المدى القصير".

وقال بوش من مزرعته في تكساس "هذا يعني أن الحافز خلف النمو لن يستمر طويلا، ويجب أن نستمر في العمل للتأكد من أن الانتعاش على المدى القصير سيكون انتعاشا على المدى البعيد".

وقد ارتفع الانفاق الحكومي بنسبة 7.9 بالمائة سنويا في الاشهر الثلاثة الاولي، مدفوعا في ذلك بزيادة الانفاق العسكري بنحو 19.6 بالمائة وهو المعدل الاسرع من نوعه منذ عام 1967 خلال الحرب الفيتنامية.

إلا أن رجال الاقتصاد يحذرون من أن النمو قد يتباطأ ثانية خلال الصيف الحالي، حيث تنخفض معدلات إنفاق المستهلك، وبسبب حذر الاعمال مثل صناعة السيارات من الانتاج بشكل غزير وسط حالة التشكك الحالية.

وتوقع وزير الخزانة بول اونيل أن معدل النمو للعام الحالي ككل سيتراوح ما بين ثلاثة إلى 3.5 بالمائة.

وكان رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي الان جرينسبان قد أعلن في الاسابيع الاخيرة انتهاء حالة الكساد لكنه حذر من المخاطر المحتملة، خاصة فيما يتعلق بأسعار البترول المتقلبة خلال أزمة الشرق الاوسط.

ومع معدلات التضخم الطفيفة، فقد بات من المتوقع أن يبقي بنك الاحتياطي الفيدرالي لبعض الوقت على سعر فائدته الرئيسية عند 1.75 بالمائة - وهو السعر الاقل من نوعه منذ 40 عاما- حتى يشجع عملية الاقتراض التي ستساعد الانتعاش الاقتصادي.

ولكن بالنسبة للحكومة فإن رقم الضرائب المبدئي المنخفض قد سبب لها مشاكل إضافية، كما انه جعل هدف العودة إلى فائض بالميزانية بحلول 2004 أكثر صعوبة.

وقالت واشنطن بوست أن العائدات من الضرائب على الافراد انخفضت بنحو 40 مليار دولار عن المتوقع، مما دفع الخبراء إلى التنبؤ بأن العجز في الموازنة قد يزداد بمبلغ يتراوح بين 30 و 70 مليار دولار عما كان متوقعا أصلا.

وقال عضو مجلس النواب وأبرز الديمقراطيين بلجنة الميزانية التابعة للمجلس، جون سبرات، "سيكون هناك عجز عميق وأكثر عسرا مما توقعنا".

وكانت الحكومة قد حققت فائضا في ميزانية العام المالي الماضي يقدر بنحو 127 مليار دولار نتيجة دخول خزينتها مليارات من الدولارات كضرائب على عمليات بيع الاسهم خاصة مع انتعاش التعاملات في الاستثمارات في صناعة التكنولوجيا والمواقع الالكترونية.

لكن البطء الاقتصادي وارتفاع معدلات الانفاق على الحرب ضد الارهاب والخفض الضريبي المثير للجدل الذي أعلنه الرئيس بوش قد أتى على هذا الفائض.

ووصف بوش ما ورد عن العجز الضريبي بأنه "تخمينات". وقال أن العجز العام له ما يبرره في أوقات الحرب أو الكساد أو الطوارئ الوطنية.

وكان صندوق النقد الدولي قد حذر الولايات المتحدة الاسبوع الماضي من أن العجز في الميزان التجاري إضافة إلى عجز في الموازنة يشكلان خطرا على مستقبل قوة أكبر اقتصاد عالمي.

وأظهرت الارقام التي أعلنتها وزارة التجارة الاميركية أن الفجوة التجارية اتسعت، حيث قام المستهلكون وقطاع الاعمال في الولايات المتحدة بشراء سلع أكثر من الخارج.

فبينما ارتفعت الواردات بنحو 52.7 مليار دولار، نما حجم الصادرات بنحو 16.9 مليار دولار فقط في الربع الاول من العام الجاري.

وأدى ذلك إلى ازدياد صافي العجز التجاري للولايات المتحدة من 412.7 مليار دولار إلى 448.5 مليار دولار.