يؤثر الفضاء التعليمي وما يتضمنه من جوانب عديدة على عملية التدريس والتعلم بشكل ظاهر أو غير ظاهر. فتنظيم البيئات التعليمية بصورة جيدة يمثل الأسلوب الأفضل للتأثير على السلوك البشري. تقليديًا تتناول مؤسسات التعليم العالي (فضاء التعلم) في ضوء التعليم النظامي الرسمي مثل: الحجرات الدراسية والمعامل والمكتبات وغيرها، وهذه الفضاءات تقوم على اتصال أحادي الاتجاه، فمثلًا المتخصصون في مجال التدريب المهني يستخدمون حجرات التدريب من أجل تدريب الفرد على مهارات معينة وذلك داخل الفضاء المادي التقليدي والمتمثل في الحجرة المخصصة لعملية التدريب.
ومع ظهور شبكات الإنترنت وتقدمها وبالتحديد الجيل الثاني للويب Web2.0حدث تغير كبير في مجال التعليم قبل وفي أثناء الخدمة، وذلك لأن عددًا كبيرًا من الطلاب أصبح يمكنهم التعلم عن بعد واستخدام أنظمة إدارة التعلم بصورة جيدة LearningManagementSystem(LMS). ويمكن من خلال بيئة الويب تكوين علاقات شخصية مع عديد من الأفراد في شتى بقاع العالم.
وفي إطار ذلك ظهر مصطلح E-Learningالذي ترجم عربيًا بالتعلم الإلكتروني على أساس أن حرف Eيعني Electronicوإن كان من الممكن أن تعني أنه تعليم ممتد أو موسع Extendedأو Expandedأي له القدرة على الانتشار والتمدد. ويمكن تعريفه على أنه فرص التعلم التي يتم إتاحتها وتيسيرها بوسائط إلكترونية تتضمن وسائط متعددة نصية ورمزية وبيانية وسمعية وبصرية وصامتة ومتحركة وغيرها من الوسائط المتعددة التفاعلية، ومن خصائصه أنه يتيح للمتعلم ليس فقط أن يختار المحتوى الذي يتعلمه، بل أيضًا أن يختار الوقت الذي يتعلم فيه، وأن يسير في تعلمه بحسب قدراته الذاتية غير مقيد بالزمان أو المكان.
وتفسح التكنولوجيات الحاسوبية الجديدة كوسائط الإعلام والبريد الإلكتروني والبحث عن المعلومات والتعلم الإلكتروني والمواقع الإلكترونية المتاحة في الفضاء اللامتناهي وغير المحدود على الإنترنت أو الفضاء الإلكتروني -كما في شكل (1)- جميعها المجال لعملية تعليمية تفاعلية حيوية متعددة الاتجاهات. واليوم نرى كيف أن استجابات مستخدمي الحاسوب يمكن تحليلها وإرسالها وتشخيصها ومعالجتها من خلال المواقع الإلكترونية المختلفة.
فضاء التعلم الإلكتروني
ومع ذلك يدرك المسئولون عن التعليم تأثير التعلم الاجتماعي غير الرسمي والفضاءات الإلكترونية حيث تحدث: اتصالات في الكافيتريات وفي المنتزهات وفي النوادي وغيرها من المؤسسات التعليمية غير الرسمية. وسواء أكان التعلم يحدث في الفصل الدراسي أم في المنتزهات والنوادي أم في غيرها فإن هذا التعلم يحدث ويتشكل بواسطة البيئة المحيطة بالمتعلم. ومثل هذه البيئات تقدم للطلاب خبرة تعليمية اجتماعية جيدة ومفيدة تتيح التواصل مع آخرين في المجال نفسه.
إن تكنولوجيا توصيل المعلومات وإدارتها يمكن دمجها في العملية التعليمية، في ذلك الوقت تسقط جدران المؤسسات التعليمية ويحل محلها فضاءات التعلم الإلكتروني، فاليوم نرى الفضاء الإلكتروني هو المتوفر في كافة الأوقات والأماكن، فالأثر الإلكتروني على التعليم أوسع وأقوى وأكثر انتشارًا، والدقة والسرعة والضخامة والتوفر والصفة الافتراضية والإبحار هي جميعها خاصة باستخدام الفضاء الإلكتروني، ما من شأنه أن يحسن عمل المعلمين ويجعله يمتاز بالجودة العالمية.
واستخدام الفضاء الإلكتروني ليس امتدادًا لحواسنا أو لتطبيقاتنا الذهنية، بل هو ترسيخ لوجودنا في بيئة الفضاء الإلكتروني؛ ولذلك يتعين على المؤسسات التعليمية أن تصبح مستخدمة للفضاء الإلكتروني، وأن تنشئ مواقع إلكترونية تفاعلية خاصة بها تغذيها بالمعلومات التعليمية المختلفة وأدوات التواصل الإلكتروني المتنوعة.
من جانب آخر قد تعوق بيئات التعلم الأون لاين Onlineالتعلم الاجتماعي وبخاصة الأفراد الذين يكونون جددًا على المجال، ولم يقوموا بالتعامل الجيد مع الشبكات الاجتماعية. ويظهر ذلك جليًا لدى كبار السن بشكل خاص، حيث يشعرون بالعزلة والغربة عن أقرانهم عند العمل في بيئة التعلم أون لاين. لذا يجب الاهتمام بتخطيط فضاءات تعلم يكون غرضها الأساسي تحقيق أسمى خبرات التعلم للفرد.
ماهية الفضاء الإلكتروني:
مع إدخال التقنيات الرقمية الحديثة تغيرت تعريفات فضاءات التعلم بدلًا من الحجرات، والمعامل التقليدية إلى أدوات إلكترونية تفاعلية بين الفرد وآخرين في شتى المجالات وفي شتى بقاع العالم، وزاد ذلك لأن الفضاء الذي يحدث فيه التعلم اتسع ليضم الفضاء المعلوماتي Cyberspaceوالفضاء المادي. وتعرف فضاءات التعلم بأنها تلك الفضاءات التي تحتوي على سلسلة كاملة من الأماكن التي تحدث فيها عملية التعلم من الواقعية إلى الافتراضية ومن الحجرة الدراسية التقليدية إلى حجرة الدردشة Chat.
ويشير Goodyearإلى أن الفضاء مجرد، وأنه بيئة ثلاثية الأبعاد تتضمن: المكان، والزمان، والبعد الاجتماعي. والهدف الأساسي للفضاء الإلكتروني هو تمكين المتعلم من الإحساس بالمكان داخل المجتمعات الافتراضية. وتتكون فضاءات التعلم الإلكتروني كما في شكل (2).
مكونات فضاء التعلم الإلكتروني
ويمكن أن تكون المكونات السابقة لفضاءات التعلم الإلكتروني مندمجة بعضها مع بعض من أجل الوصول إلى أقصى درجة كبيرة من التعلم والتأثير والتأثر، حيث إن التقارب المكاني يساعد في توضيح المعاني الضمنية الاجتماعية.
النظريات الأساسية للفضاء الإلكتروني:
يبنى التصميم المعاصر لفضاءات التعلم الإلكتروني على الفلسفة التعليمية القائمة على التعلم الاجتماعي النشط، ويبدأ هذا الاتجاه بالمتعلم الراشد ويفحص النواتج المرغوب فيها، ويخطط للظروف المادية المحيطة لتحقيق أفضل بيئة للتعلم. ويتم تصميم فضاءات التعلم من أجل توفير مناطق متفاوتة، تعكس اهتمامات المتعلمين وحاجاتهم الفعلية. وفيما يلي نتناول بعض النظريات التي يبنى عليها فضاءات التعلم الإلكتروني:
1- السيكولوجية البيئية:
تشير هذه النظرية إلى أن المهام المختلفة وأساليب التعلم تتطلب بيئات تعلم مختلفة، على سبيل المثال فإن الضوضاء قد تشتت كبار السن والانطوائيين أكثر مما تشتت صغار السن والانبساطيين، ففي مواقع الويب يمكن أن تسبب الضوضاء انصراف المتعلم إلى عمل شيء بعيدًا عن فهم المحتوى الأصلي لصفحة الويب، وبالتالي فإن التصميم غير المنظم أو الفوضوي في الفضاء الإلكتروني قد يشتت انتباه المتعلم. لا يقتصر الأمر على الضوضاء الخارجية من الأصوات العالية أو غيرها، فالتشويش يتضمن تجريد الشيء من قيمته، وفي هذا الجانب يمكن أن يهتم المتعلم بفضاء تعلم إلكتروني ضعيف التصميم ويكون المحتوى داخله ضعيفًا لا يعتني بالهدف الذي صمم من أجله.
2- الفلسفة البنائية الاجتماعية:
توضح هذه النظرية أن البيئات المتقاربة يمكن أن تثير وتحرك الحواس، فعلى سبيل المثال: الوسائل البصرية الجذابة قد تشجع على التفاعل الطلابي، وتوفر فرصًا للممارسة الجماعية وتحسن من التعلم. وتعد هذه البيئات مكونًا جيدًا لفضاء التعلم الإلكتروني؛ حيث إن الوسائل البصرية المتعددة على شبكات الويب والتصميم الجيد للمحتوى الإلكتروني يمكن أن يساعد على تنمية الجانب العقلي لدى المتعلم. كما أن التدريس الأون لاين والمصمم بصورة جيدة وبرامج الويب التعليمية، والمحاكاة يمكن أن تقدم تغذية راجعة مباشرة ومحددة. كما أن الوصلات الإلكترونية والموارد والمصادر الرقمية المفتوحة تساعد الطلاب في المؤسسات التعليمية على تحقيق التفكير العلاقي وتنمية التفكير بصورة جيدة.
3- نظرية التعلم الموقفي:
تؤكد هذه النظرية على أن التعلم يحدث في مجتمع الممارسة، وأن فضاء التعلم يمكن أن يقدم الأماكن المادية، والخبرات التعليمية للطلاب داخل البيئات الاجتماعية. وأن فضاءات التعلم الإلكتروني يمكن أن تتغلب على الكثير من أوجه النقص والعيوب الكثيرة الخاصة بالوقت في الفضاء التقليدي لتسهيل المشاركة والوصول إلى أسمى درجة من المشاركة التفاعلية والمناقشات الفعالة وذلك عن طريق أدوات التفاعل الاجتماعي.
4- نظرية نشاط المعرفة الاجتماعية:
ترى هذه النظرية أن التعلم بمثابة تعاقد بين الفرد والبيئة الاجتماعية الخاصة به، ويتم هذه التعاقد في بيئات التعلم الإلكتروني نتيجة تكوين خبرة بين المتعلم وفضاء التعلم الإلكتروني وأفراد الفضاء المعلوماتي أى التفاعل الإيجابي بين المتعلمين والموارد الرقمية.
ويحتوي الفضاء الإلكتروني على أدوات إلكترونية ثرية لكنه يستغرق وقتًا وجهدًا كبيرًا من المستخدمين المبتدئين لتعلم كيفية الإبحار في هذه البيئة. وهؤلاء الأفراد -وبخاصة الإناث- يمكن أن يقرروا التخلي عن دافعيتهم نتيجة التصميم غير الجيد لواجهة التفاعل في بيئة التعلم الإلكتروني، فمعظم فضاءات التعلم الإلكتروني تكون في بعدين ومؤسسة على النص التفاعلي، ويمكن أن يكون التفاعل بسيطًا بدرجة كبيرة ويخاطب عددًا محدودًا من الحواس، ولكن توجد فئة كبيرة من البشر تفضل التفاعل وجهًا لوجه بشكل أفضل من الإبحار والتفاعل في بيئة التعلم الإلكتروني التي تمثل صعوبةً كبيرةً بالنسبة لهم.
5- نظرية التعلم التجريبي:
توضح هذه النظرية أن المتعلمين يسيرون ملاحيًا ويتفاعلون مع فضاء تعلم مؤسس على احتياجاتهم داخل دائرة التعلم، أي توفر الخبرة والتفكر والتفكير والفعل. ويرى Kolbأن المجالات الأكاديمية المختلفة تتفاعل مع البيئة بشكل مختلف، فعلى سبيل المثال: فإن التكامل بين معامل العلوم والنظريات الفلسفية التي تبنى عليها فلسفة استخدام هذه المعامل في عملية التعلم يؤدي إلى تعليم أفضل، وهذا يتوقف بدرجة كبيرة على أسلوب التعلم الذي يتبعه الفرد.
وتؤكد هذه النظرية أن هناك أشياء يمكن تطبيقها في فضاءات التعلم الإلكتروني منها: توفير فضاء للتعلم التقليدي مثل: الحجرات الدراسية والمقاعد والجلوس الدائري للطلاب والحجرات الدراسية الافتراضية والسبورات البيضاء وغيرها. وإعداد فضاء لتنمية المهارة مثل: توفير المعامل والمحاكاة وتوفير فضاء للفعل والتفكر مثل: لوحات المناقشة ومناطق العرض تمثلان فضاءً للمتعلمين ليتحملوا مسئولية تعلمهم، على سبيل المثال: استخدام الطلاب في المؤسسات التعليمية لتقنية الويكي Wikiفي بناء المحتوى الإلكتروني.
نماذج الفضاء الإلكتروني:
يضع Chanوآخرون أربعة نماذج لفضاءات التعلم تتمثل في التالي:
• نماذج الحجرة الدراسية المستقبلية (حجرة المستقبل).
• النموذج المؤسس على المجتمع.
• نموذج المعرفة البنائية.
• نموذج التعلم المؤسس على المشروعات.
وتتضمن شبكة فضاء التعلم بعدين هما: الزمن: متزامن وغير متزامن، والمكان، وبينما يكون التعلم التقليدي متوفر في الزمن الحقيقي وفي موقع محدد، فإن فضاءات التعلم الإلكتروني يمكن أن تعبر المكان والزمان، حيث إن الطلاب يستطيعون الاتصال فيما بينهم بطرق متعددة ومختلفة، فعلى سبيل المثال يجب على المؤسسات التعليمية أن تضم أدوات للتعاون الإلكتروني وتعمل على دعم التعلم الجماعي. فضلًا عن ذلك يجب أن تتوسع عملية التعلم إلى ما وراء الحجرات الدراسية بسبب التطور السريع في مجال التقنيات الحديثة.
ويجب الإشارة إلى أن التفاعل الافتراضي وعلى سبيل المثال الحياة الثانية SecondLive، لا يحل محل التفاعل وجهًا لوجه، لأن الأول بيئة اصطناعية، وبناءً على ذلك يكون من المهم المزج بين الأدوات الرقمية والأدوات المادية فمثلًا: يمكن للحجرة الدراسية أن تضم الأنظمة التكنولوجية والبرامج الحديثة من أجل التفاعل والمشاركة بصورة نشطة. وقد حدد Scott-Webbeبعض البيئات التي تدعم المشاركة في بناء المعرفة هي:
• بيئات لنقل المعرفة على سبيل المثال: المكتبات، والحجرات الدراسية.
• بيئات لابتكار المعرفة على سبيل المثال: معامل العلوم، والاستوديوهات.
• بيئات لتوصيل المعرفة على سبيل المثال: أساليب العرض، والتقديم ومعامل الحاسب الآلي.
• بيئات لاتخاذ القرار على سبيل المثال: المؤتمرات، ومناطق المشروعات.
ويمكن صياغة وتشكيل فضاء التعلم الإلكتروني بسهولة من أجل تناول البيئات المختلفة، فعلى سبيل المثال فإن أنظمة إدارة المقررات التعليمية وصفحات الويب التي يقوم المعلمون بإنتاجها يمكن أن تنقل المعرفة، ويمكن أن تعمل المحاكاة كأداة لاتخاذ القرارات وتطبيق التعلم. ويمكن أن تساعد أدوات الشبكات الاجتماعية مثل: المدونات والويكي والدردشة أون لاين والفيديو كونفرانس بصورة إيجابية في تسهيل المعرفة والمشاركة فيها. وقد ركز Oblingerعلى فضاءات التعلم الوجداني وأشار إلى أنها تتميز بالصفات التالية:
1- المرونة:
وذلك من أجل إعادة التصميم والتشكيل السريع للمحتوى الإلكتروني للوفاء بحاجات الطلاب والمهام التعليمية المتغيرة التي تتفق مع المواصفات العالمية.
2- اللامركزية:
يتدفق التعلم من الحجرات الدراسية إلى فضاءات التعلم، ومن ثم يتمكن الطلاب من المشاركة في إنتاج المعرفة، وبذلك يمتزج التعلم مع حياة الفرد الحياتية.
3- استثارة الحواس:
يساعد الفضاء على الإحساس بالطبيعية من خلال توظيف الوسائل البصرية وعرضها مثل: التركيب العضوي للإنسان والأنسجة، ونمو النبات والأسطح الانعكاسية.
4- التعلم المنتشر:
لدعم الوصول إلى التعلم الاجتماعي النشط وبخاصة الويكي والمدونات والحجرات الدراسية الذكية، وهذه الحجرات تخطط وتنظم جيدًا في فضاءات التعلم الإلكتروني. وبالفعل فإن فكرة فضاءات التعلم الإلكتروني الخاصة بالمتعلم أصبحت سمة تعريفية للجيل الثاني للويب Web2.0. كما أن الجمع بين النص والوسائل البصرية والحركية والصوت يمكن أن يجعل فضاءات التعلم الإلكتروني مثيرة ومحركة، ولكن تفتقد الناحية المادية التي يمكن أن تكون محددة بالنسبة لبعض المتعلمين، ولكن بالنسبة لفضاءات التعلم الإلكتروني والتعلم المنتشر فإنه يمكن تجاوز هذا الحد أو البعد من خلال توفير برامج محاكاة عالية الجودة.
قضايا حول فضاءات التعلم الإلكتروني:
1- نظرًا لأن التكنولوجيا قد تغيرت فإن المؤسسات التعليمية تحتاج إلى إحداث تغييرات في استخدام فضاءات التعلم الإلكتروني من أجل نجاح العملية التعليمية. وإذا لم تنجح فضاءات التعلم الإلكتروني في إحداث تغير إيجابي في العملية التعليمية، فإنها سوف تكون منفصلة عن الطلاب ولا تتناسب مع حاجتهم الحالية والمستقبلية.
2- يستطيع طلاب فضاءات التعلم الإلكتروني التعلم في أي وقت وفي أي مكان، لذا يجب أن تقدم لهم الخدمات التعليمية طوال اليوم وبصورة مستمرة.
3- يجب أن تدعم فضاءات التعلم الإلكتروني المشاركة الطلابية والتعلم النشط من أجل الوصول إلى الأقران والخبراء، وتكوين الخبرة المباشرة من خلال تفاعل الطلاب بعضهم مع بعض، وتفاعل الطلاب من الأقران خارج الحجرة الدراسية، وتفاعل الطلاب مع أعضاء هيئة التدريس خارج زمن الحصة الدراسية.
4- يرى الطلاب أن الدراسة الجامعية عبر شبكات الويب أهم مما يقوم بة أعضاء هيئة التدريس، فبينما يرى القائمون بالتدريس أن التواصل الإلكتروني بين الطلاب، وبين أعضاء هيئة التدريس أهم جانب يجب أن يقوم به الطلاب، يرى الطلاب أن ابتكار محتوى التعلم الإلكتروني أهم من استهلاكه، لذا يجب أن تتضمن فضاءات التعلم الإلكتروني برامج وأدوات حديثة للمساعدة في إنتاج المحتوى الإلكتروني.
6- يجب أن يهتم فضاء التعلم الإلكتروني ببناء المجتمع المحلي؛ حيث إن مجتمع المتعلمين والمشاركين في العملية التعليمية موجودون لخدمة مجتمعهم؛ لذا يجب أن تكون للطلاب قيم مشتركة تنعكس على معرفتهم وتحسن أداءهم وعلى تنمية بعضهم مهارة بعض، لذا يجب على فضاء التعلم الإلكتروني الحصول على المعرفة التي تخدم المجتمع.
تخطيط فضاءات التعلم الإلكتروني:
يجب على المنتج النهائي لفضاءات التعلم الإلكتروني أن يعزز رؤية ورسالة ومهمة المؤسسة الأكاديمية التي يمثل كلاً من: الطلاب وهيئات التدريس، والقضايا الأكاديمية وتكنولوجيا المعلومات المساهمين الأساسيين لهما ولفضاءات التعلم الإلكتروني، لذا فإن الخطوات والمواصفات التالية يمكن أن تصل بتخطيطهم إلى تعلم فعال:
1- يجب تصميم فضاء التعلم الإلكتروني كمنتج، ويجب تنميته وتطويره بناءً على قيم المؤسسة الأكاديمية ورؤيتها.
2- يجب تحديد السياق المؤسسي الذي يجب أن يصمم فيه فضاء التعلم الإلكتروني.
3- يجب تحديد مبادئ التعلم التي سوف يتم تدعيمها من قبل فضاء التعلم الإلكتروني.
4- يجب أن يكون للطالب دور واضح في عملية تصميم التدريس.
5- يجب وضع طرق للتقييم والتحسين المستمر.
6- ضرورة دعم أساليب التعلم المختلفة.
7- ضرورة الاهتمام بتوفير البرامج التكنولوجية، والدعم الفني، والصيانة المستمرة من أجل الوصول السريع للمعرفة والاستخدام الفعال للموارد التعليمية المتاحة.
مواصفات فضاءات التعلم الإلكتروني:
من أجل تشكيل فضاء إلكتروني تفاعلي فعال يجب توفر أربعة معايير رئيسة تتمثل في:
• التماسك (التنظيم المعرفي).
• التعقيد والتركيب (القدرة على استثارة الاهتمام بالأنشطة الإلكترونية).
• سهولة الاستخدام (الوضوح) والإبحار عبر شبكات الويب.
• الغموض (توفر عنصر المفاجأة) من أجل استثارة الاهتمام والتفاعل.
كما يجب توفر المواصفات التالية عند بناء فضاء إلكتروني جيد وهي:
1- المداخل الافتراضية:
وذلك من خلال استثارة المتعلم بواسطة عرض العروض الإبداعية، وتوفير الوصلات Linksالتي تقدم من خلالها الخدمات التعليمية بسهولة ويسر.
2- فضاءات التدريس الإلكتروني:
من خلال دعم الأغراض التدريسية وعرض الفضاءات الاجتماعية الافتراضية للطلاب من أجل محاكاتها في مواقف تعليمية أخرى مشابهة.
3- الفضاءات الاجتماعية:
وذلك من خلال زيادة الدافعية والمشاركة الطلابية بواسطة توفير موضوعات تعليمية مشتركة وافتراضية بالنسبة للطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ودعم التعلم المنتشر U-Learningالذي يساعد في مشاركة الطلاب بصورة مستمرة وآمنة اجتماعيًا.
4- التقييم:
يجب أن تكون عملية تقييم فضاءات التعلم الإلكتروني بصورة مستمرة، ولكن في بعض الأحيان يتم التغاضي عن ذلك. وتوجد عدة عوامل تحتاج أن تؤخذ في الاعتبار عند القيام بعملية التقييم من أهمها الآتي:
أ- تحديد النطاق:
من خلال تحديد التكاليف، وإدارة الإمكانيات، والتأثير على عمليتي التدريس والتعلم والتفاعل بين الأفراد، والتفاعل البشري مع بيئة الفضاء الإلكتروني.
ب- فحص المحتوى:
من خلال تنظيم فضاء التعلم الإلكتروني، وسهولة الوصول إلى الموارد التعليمية المطلوبة للتعلم، وتطبيق المعرفة والمهارات والاستعدادات والطرق المستخدمة للتغذية الراجعة التي يمكن استخدامها، والتي يستطيع الطلاب استخدامها للرقابة الذاتية والسيطرة على بيئة تعلمهم.
جـ- تحديد الاستخدام:
يجب تحديد أي الجوانب التي سوف تستخدم من قبل التعليم النظامي، وأي الجوانب سوف تستخدم من قبل الأنظمة الإلكترونية.
مثال فضاء تعلم إلكتروني مؤسس على الهندسة:
تقدم فضاءات التعلم الإلكتروني طرقًا جذابة لتدريس المفاهيم الهندسية وتمكين الطلاب من ممارسة مهارات الهندسة، خاصة عندما تتضمن المحاكاة البصرية طرقًا متنوعة لتمكين الطلاب من المشاركة الفعالة في بناء المعنى والتطبيق.
وتكون المحاكاة البصرية فعالة بشكل خاص في تعميق فهم الموضوعات الرياضية رفيعة المستوى والمجردة مثل: المغناطيسية الكهربائية، وطلاب الهندسة الذين استخدموا المحاكاة البصرية كان أداؤهم أفضل في الاختبارات والتجارب المعملية من أقرانهم الذين يدرسون الهندسة بدون استخدام المحاكايات البصرية. بالإضافة إلى ذلك وضحت الدراسات أن طلاب اليوم يميلون أكثر إلى استخدام أجهزة الحاسب الآلي والتكنولوجيات المرئية إذا تم تزويدهم بالوحدات التعليمية المؤسسة على الحاسب الآلي في فضاءات التعلم الإلكتروني. لذا يجب أن يحتوي التعلم الإلكتروني على العناصر، والسمات التفاعلية التي تسمح للمتعلم أن يكون قادرًا على التفاعل مع النماذج البصرية بأسلوب متسلسل. ومع ذلك فإن واجهة المستخدم السهلة التي لا تفترض معرفة سابقة بمجال الحاسب الآلي وشبكات الإنترنت يمكن أن تجذب المزيد من المستخدمين. وفضاءات التعلم الإلكتروني التي تضم الأدوات البصرية توفر تعلمًا ثريًا خاصة عندما يصمم من أجل دعم التعلم المؤسس على أداء المستخدمين.
وتكون التغذية المرتدة التشخيصية مفيدة عند استجابة الطالب بصورة صحيحة من خلال محفز معين أو في صورة وحدة تعليمية إضافية في حالة الإجابة الخطأ. وبالتالي يمكن أن يحدث التعلم بصورة أفضل، فمثلًا طلاب الهندسة الذين يستخدمون فضاءات التعلم الإلكتروني يميلون إلى ارتكاب نوعين من الأخطاء: أخطاء القياس، وأخطاء في الإجراء وبناءً على ذلك يجب ضم المثيرات والمحفزات التدريسية لتقوية التعلم في هذين الجانيين.
الاتجاهات المستقبلية:
تحاول فضاءات التعلم الإلكتروني أن تستخدم التكنولوجيا التقاربية التي تكون فيها التطبيقات التعليمية على درجة عالية من التكامل والبساطة، خاصةً أن التكنولوجيات الرقمية وتكنولوجيا الاتصال السريع تتحسن، وبذلك يمكن دعم مجموعة متنوعة من وسائط التعلم. فالوسائط التقاربية سهلة الاستخدام تسهل خبرات التعلم المؤسسة على المشكلات من خلال طرح القضايا بطريقة الفيديو الواقعية، وتصور الموقف عبر وجهات النظر والرؤى المتعددة وتوفير الموارد والأدوات الرقمية التي تساعد على اتخاذ القرار المناسب.
وكل من المتعلم والمعلم يمكن أن يستخدموا ويدمجوا مجموعة متنوعة من الأدوات لبناء المعنى، وفضاء التعلم يمكن المستخدمين من تركيب المعرفة وتطبيقها بشكل حقيقي من خلال تخطيط الرحلات الميدانية الافتراضية وتطوير صفحات الويب التفاعلية وابتكار البودكاست Podcasts، ويمكن لمجتمعات المتعلمين أن تصل إلى الاستبصارات الخبيرة والتفكير في التعلم باستخدام المدونات الإلكترونية Blogsوتوليد المعرفة باستخدام الويكي Wikisوكل هذه العناصر تعمل معًا لتقديم مسارات معرفية متمركزة حول المتعلم.
ومؤخرًا قامت بعض المؤسسات التعليمية بتجريب الألعاب التعليمية الإلكترونية ذات الجودة العالية التي تتضمن العديد من الخواص والسمات التي تدعم التعلم العميق لمعالجة المحتوى والمهام والقدرة على تحقيق الأهداف المطلوبة باستخدام مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات وتفاعل الأقران والجمع بين التعاون والتنافس والإحساس المتزايد بالقدرة على توظيف الجديد بصورة صحيحة.
وفي فضاءات التعلم الإلكتروني يمكن أن تشبه الألعاب الإلكترونية برامج المحاكاة التي تتضمن مهارات الاتصال، وصنع القرار من خلال مشاركة الطلاب في أنشطة لعب الأدوار وتفاعلهم وفقًا لاهتماماتهم وحاجاتهم داخل البيئة الإلكترونية. ويعد الفيس بوك Facebook، وماي سبيس MySpaceمن الفضاءات الاجتماعية الإلكترونية الشخصية التي تساعد الطلاب على التواصل بعضهم مع بعض، وبالتالي يمكن توظيف هذه البيئة في المؤسسات التعليمية والمهنية بصورة جيدة.
الخاتمة:
أدركت المؤسسات التعليمية والمهنية الحاجة الماسة إلى التعليم الإنتاجي وفضاءات التطوير وذلك لسنوات عديدة، لذا يجب على المؤسسات التعليمية والمهنية أن تتضمن الأعمال الإبداعية الخاصة بالفضاء الإلكتروني الذي يدعم مجتمعات الممارسة، حيث إنها تبتكر فضاءات التعلم الإلكتروني القائم على الاستكشاف الهادف والمستمر. ولن يكون المتعلمون أكثر مشاركة في موضوع التعلم مع الأفراد الآخرين فقط، ولكن أيضًا يستطيعون المزج بين التعلم الرسمي وغير الرسمي ويمكن أن يقوموا بتشخيص تعلمهم التفاعلي بشكل جديد لم يحدث من قبل.
عندما يغزو الفضاء الإلكتروني التواصل والتفاعل التعليمي، فما يتغير يشير إلى تغير في العمليات التربوية، ويمكن تصور ذلك التحول من التفاعل وجهًا لوجه إلى التفاعل البعيد الفوري عبر الفضاء الإلكتروني. وفي هذا تحول طريقة الكتابة والقراءة على الورق إلى الكتابة والقراءة عبر الشاشات الإلكترونية. وتتهاوى جداران المؤسسة التعليمية لتتحول من مجموعات التعلم المستندة إلى الصف إلى تعلم إلكتروني فردي قائم على استخدام برامج الحاسوب وشبكات وبرامج الإنترنت المتقدمة في المنزل.
وهل سيمضي طالب المستقبل يومًا كاملًا في الصف الدراسي؟ إن اللقاءات التعليمية التي يتم التخطيط لها مسبقًا على مختلف مستويات العمل سوف تحل محل الجلوس الجماعي ليوم كامل في الحجرة الدراسية ذات الجدران الأربعة. أما الواجبات والتطبيقات في مكتبة المؤسسة التعليمية فسيقل عددها ويحل محلها تجارب المحاكاة والتدريب العملي على شاشات الحاسب الآلي.
أما بالنسبة للمعلم فلن يكون المطلوب منه أن يصحح كتابات كل طالب، وذلك لأن التحرير على أساس النسخة المكتوبة سوف يستعاض عنها بمعالج الكلمات الذكي وتطبيقات الرسوم الحاسوبية، ويعد هذا فيضًا من التحولات الإلكترونية في الوقت الحالي. ونتيجة لذلك لكي يكون الاندماج مع الفضاء الإلكتروني ناجحًا فإن التساؤل التالي مطروح: عند أي نقطة من العملية التربوية يتعين على المؤسسات التعليمية أن تعمل على التحول إلى فضاءات التعلم الإلكتروني؟

بقلم: د. أحمد عبدالمجيد