إن الاستثمار في الموارد البشرية يعد من أهم أنواع الاستثمار اليوم في العالم المتقدم، حيث نرى الاهتمام الكبير من قبل الدول المتقدمة بالنواحي المتعلقة بالتنمية البشرية، وبالتبعية نجد الاهتمام الكبير أيضًا من قبل المنظمات والهيئات والمؤسسات والشركات بتنمية الموارد البشرية العاملة لديها.. وتعتبر الإنفاق في برامج التدريب والتنمية كالإنفاق في شراء المعدات والآلات والمباني والتكنولوجيا ... وغيرها. وكثير من هذه المنظمات والهيئات والشركات لا تعتبر الأموال التي تنفقها في برامج تدريب وتنمية الموارد البشرية إنفاقًا؛ بل تعتبرها استثمارًا، بل واستثمارًا مربحًا.. إذ إن العنصر البشري يعد أهم عناصر العملية الإنتاجية والعملية الإدارية والعملية التسويقية والعملية البيعية والعملية المالية... إلخ، حيث يختص المورد البشري بخاصية العقل الذي هو مناط التفكير، ومن ثم توهب له القدرة على الإبداع والابتكار، فالمورد البشري ليس كالآلة الصماء المصممة لتنفيذ شيء محدد، فهي لا تستطيع أن تطور أداءها بنفسها، ولا تستطيع أن تبتكر أو تبدع كالعنصر البشري.. ومن ثم فالاستثمار في العنصر البشري بتدريبه وتنميته يتيح له اكتساب المعارف والثقافات والخبرات مما يجعله قادرًا بشكل أكبر على الابتكار والإبداع، وهو الهدف الأكبر الذي تسعى إليه المنظمة أو الشركة، إخراج كل ما لدى العنصر البشري من إمكانات وقدرات خلاقة ومبدعة كي تتميز منتجاتها، وتتفرد بين مثيلاتها في الصناعة أو التجارة، أو الزراعة ... إلخ.
التدريب لم يعد ترفيهاً
إن وعي الدول المتقدمة والمنظمات والهيئات والمؤسسات والشركات بأهمية العنصر أو المورد البشري المتدرب صاحب الخبرة وصاحب القدرة على الابتكار والإبداع لا يأتي من قبيل الرفاهية، بل من قبيل الضرورة التي تحتمها بناء الحضارات للدول، وتقدمها العلمي والاقتصادي والثقافي والمعيشي وتحقيق الرفاهية لشعوبها.. هذا من ناحية الدول، أما من ناحية المنظمات والشركات.. فتوافر العنصر البشري المتميز تحتمه الأوضاع الاقتصادية والمنافسة الشديدة في الأسواق العالمية والإقليمية والمحلية، إذ إن جودة المنتج وسعره المناسب وتميزه عن مثيله من المنتجات هي من تكسب هذا المنتج رضا المستهلكين؛ الذي يمثل الأهمية الكبرى لكل المنظمات والشركات.. وجودة المنتج وتميزه تتوقف بشكل كبير على كفاءة المورد البشري وتميزه، بالإضافة إلى التكنولوجيا المستخدمة والآلات الحديثة التي توفرها المنظمة أو الشركة، والموقع الجغرافي المتميز أيضًا للمنظمة أو الشركة.. وغيرها من عوامل التميز المتعلقة بالمورد البشري؛ والتي تعمل على جودة وتميز المنتج.. وعوامل التميز التي تتمتع بها إدارة المنظمة في توفير التكاليف مما يمكنها من توفير المنتج بسعر مناسب، يحقق لها أكبر قدر من المبيعات، ومن ثم تحقيق معدلات مناسبة من الربحية، تستطيع من خلالها تقديم مزايا عينية، ونقدية للموارد البشرية، فضلًا عن الاستثمار في برامج التدريب التنمية؛ التي ترفع من قدراتهم الحالية والمستقبلية، وتجعلهم قادرين على مواكبة التطور التكنولوجي الحالي، وتجعلهم أيضًا مهيئين للتعامل مع أي تطور تكنولوجي مستقبلي، وهذا يمثل ميزة كبرى للمنظمة أو الشركة، إذ يجنبها التعرض إلى عدم قدرة الموارد البشرية على التماشي والتكيف مع التكنولوجيا الحديثة والمتطورة، ومن ثم تتأثر قدرتهم على الإبداع والابتكار، فضلًا عن تخلفهم الفني، وهذا يصب في صالح الشركات والمنظمات المنافسة.. وينتج عن ذلك هزّات للمنظمة أو الشركة تؤثر على سمعتها وقدرتها الفنية، ومن ثم تؤثر على وضعها المالي، وتؤثر أيضًا على حصتها السوقية.. وقد تهدد بقاءها واستمرارها.
تقييم برامج تدريب وتنمية الموارد البشرية في المنظمات
إن الاستثمار في برامج التدريب والتنمية لا ينبغي أن يتوقف عند إنفاق المال في تصميم وتنفيذ برامج التدريب والتنمية، وإنما يمتد إلى قياس العائد من وراء هذا الاستثمار شأنه شأن الاستثمار المادي في أدوات الإنتاج الأخرى.. الآلات والمعدات والعمل... إلخ، إذ من غير المجدي؛ بل يعد صورة من صور إهدار المال والوقت، أن يتم الإنفاق على برامج التدريب والتنمية لمجرد عقدها وحضور الموارد البشرية لها، وتسجيل ذلك في السيرة الذاتية للمورد البشري وتسديد خانات الأنشطة الخاصة بالتدريب والتنمية في سجلات قسم التدريب والتنمية في إدارة الموارد البشرية..
إن نظرة المنظمات الدولية والشركات الكبرى في الدول المتقدمة لعملية تقييم برامج تدريب وتنمية الموارد البشرية في المنظمات والشركات تختلف كثيرًا عن نظرة المنظمات والشركات في الدول النامية لهذه العملية.. إذ إن النظرة قد تكون في كثير من الشركات والمنظمات في الدول النامية لعملية التدريب والتنمية من الأساس قاصرة.. ومن ثم لا يوجد اهتمام بعمليات التقييم.. والحال يختلف في منظمات وشركات وهيئات ومؤسسات الدول المتقدمة التي تعير أهمية كبيرة لعمليات التقييم التي من خلالها تستطيع أن تحكم على كفاءة الاستثمار في برامج التدريب والتنمية ومعالجة أوجه القصور إن وجدت، وقياس مدى استفادة الموارد البشرية من هذه البرامج.. ومن ثم الحكم على مدى استمرارية هذه البرامج بنفس الاستثمار أو زيادة هذا الاستثمار... إلخ، وكل ذلك لن يتحقق إلا من خلال وضع مؤشرات عامة تدور حولها معايير عملية تقييم برنامج تدريب وتنمية الموارد البشرية في المنظمات والشركات.. ثم وضع معايير دقيقة لتقييم عملية التدريب والتنمية.. ويتبع ذلك تحديد أساليب تقييم برنامج تدريب وتنمية الموارد البشرية في المنظمات والشركات ..
مؤشرات عامة تتمحور حولها عملية تقييم برنامج التدريب
هناك مؤشرات عامة تتمحور حولها عملية تقييم برنامج التدريب منها:
- الانطباع الأولي للموارد البشرية المتدربة حول برنامج التدريب والتنمية المصمم للنهوض بكفاءتها وزيادة خبراتها ونمو مهاراتها... إلخ، وذلك عقب الانتهاء من فعاليات التدريب مباشرة.
- مدى قدرة الموارد البشرية المتدربة على فهم واستيعاب ما قدم لهم من معلومات نظرية من خلال المادة المحتواة في البرنامج التدريبي، وما قدم لهم من تدريبات عملية أيضًا.
- مدى تطبيق الموارد البشرية المتدربة لما تعلموه، وما تلقونه من معلومات ومهارات أثناء التدريب في واقعهم العملي داخل المنظمة أو الشركة.. وذلك عن طريق قياس مدى التقدم والتحسن في أداء الموارد البشرية المتدربة من خلال زيادة الإنتاجية، وتحسن جودة السلع المنتجة وتقليل التكلفة والكفاءة والسرعة في العمل ... إلخ.
- مدى التغير في اتجاهات وولاء الموارد البشرية المتدربة، وذلك من خلال قياس مدى التغير الحقيقي في اتجاهات الموارد البشرية المتدربة بعد حضورها لبرنامج التدريب والتنمية، وزيادة ولائهم وانتمائهم للمنظمة أو الشركة أو المؤسسة.
- مدى التغير في سلوك الموارد البشرية بعد التدريب عنه قبل التدريب.. وذلك عن طريق ملاحظة سلوك الموارد البشرية المتدربة في التعامل بعضها مع بعض، والتعامل مع رؤسائهم ... إلخ.
- مدى التقدم الوظيفي للموارد البشرية المتدربة، وذلك من خلال حصر الذين ترقوا في وظائفهم بعد حضورهم لبرامج التدريب والتنمية التي طورت من أدائهم، وغيرت في سلوكهم، مما وفر لهم الجدارة التي من خلالها تم ترقيتهم وتقدمهم الوظيفي .
ما هي معايير تقييم برنامج التدريب في المنظمات؟
هناك العديد من المعايير التي يمكن للقائمين على تصميم برنامج التدريب والتنمية أن يضعوها أثناء عمليه التصميم ليقيسوا عليها مدى نجاح أو إخفاق وفشل عملية التدريب والتنمية للموارد البشرية محل التدريب داخل المنظمة أو الشركة أو المؤسسة.. ومن أهم هذه المعايير:
أولًا: معايير نظرية لتقييم برامج التدريب والتنمية للموارد البشرية داخل المنظمة أو الشركة أو المؤسسة:
• مدى ملاءمة المادة التعليمية لبرنامج التدريب والتنمية ومناسبتها للوظائف والأعمال التي تمارسها الموارد البشرية محل التدريب.. وهذا المعيار له أهمية كبرى؛ إذ يتعلق بالهدف المنشود من وراء تدريب وتنمية الموارد البشرية.. فالمادة التعليمية المقدمة من خلال البرنامج لابد أن تكون فاعلة في توصيل المعلومات المراد توصيلها للموارد البشرية لحل مشكلة ما في العمل، أو للتعرف على طريقة عمل جديدة يراد إكسابها للموارد البشرية للتعامل مع آلات جديدة أو تكنولوجيا حديثة للنهوض بالعملية الإنتاجية، أو تغيير سلوكيات ظهرت في تعاملات الموارد البشرية غير مرغوب فيها من قبل الرؤساء... إلخ، فالمادة التعليمية لابد أن تكون ذات قيمة مباشرة وغير مباشرة في إكساب المهارة المطلوبة والإمداد بالخبرة المرغوبة وتعديل السلوكيات غير المرغوبة.
• مدى سهولة المادة التعليمية.. لابد أن تتمتع المادة التعليمية المقدمة للموارد البشرية بقدر كبير من السهولة من حيث الفهم.. إذ من غير المفيد أن تقدم مادة تعليمية لا تستطيع غالبية الموارد البشرية محل التدريب فهمها.. إذ إن صعوبة المادة التعليمية وعدم فهمها يتعارض مع الغرض الذي من أجله صمم البرنامج التدريبي.. فلابد أن تكون المادة التعليمية قابلة للفهم والاستيعاب من غالبية الموارد البشرية كي يؤتي برنامج التدريب والتنمية ثماره، وكي يكون الاستثمار فيه ذا جدوى وفاعلية ملموسة في تطوير وتحسن أداء الموارد البشرية محل التدريب.
• مدى رضا الموارد البشرية عن المادة التعليمية المقدمة لهم من خلال البرنامج التدريبي.. وهذا الرضا أو السعادة التي يشعر بها المتدربون من الأهمية بمكان من ناحية استفادتهم من البرنامج التدريبي.. فالشعور بالرضا من قبل المتدربين يساعدهم على التفاعل، ومن ثم قبولهم لما يقدم لهم من معلومات، أو ما يتدربون عليه من آليات جديدة، وهذا ينعكس بالتأكيد على أدائهم لأعمالهم بعد انتهاء البرنامج التدريبي.. ومن ثم يحقق البرنامج التدريبي أهدافه المنشودة.. ويلاحظ أن قبول المتدربين للمادة التعليمية يتوقف على ما تحمله هذه المادة من معلومات مفيدة حقًا، ومعلومات حديثة وجديدة لم يكن يعلمها المتدرب، ومعلومات يمكن تنفيذها في عمله داخل المنظمة فعلاً.. فالمتدرب يسعى بكل تأكيد إلى زيادة حصيلته المعرفية والثقافية، واكتساب مهارات جديدة تفيده في عمله، وزيادة خبرته بشكل ملموس.. كل ذلك وغيره من الأهداف الشخصية يريد المتدرب تحقيقها من خلال البرنامج التدريبي الذي يحضره.. وذلك من أجل تطور وتحسن أدائه بما يعود عليه بالنفع المالي والمعنوي.
• مدى رضا وقبل الموارد البشرية محل التدريب للمدرب.. إن تقبل المتدرب للمدرب من أهم العوامل المؤثرة في تقبل ما يلقيه عليه من معلومة، أو ما يشرحه له من طرق.. أو ما يدربه عليه عمليًا.. فالمدرب الذكي الذي تتوافر فيه عوامل القبول، ويقدم المعلومة بشكل يدل على عمق فهمه، وبأسلوب مشوق وبسيط وسلس، وبشعور فياض نحو المتدربين.. هذا المدرب بكل تأكيد يستحوذ على اهتمام المتدربين، ومن ثم ينال رضاهم، وبالتالي تتم الاستفادة مما يقول.. عكس المدرب الذي لديه المعلومة ولكنه يقدمها بشكل متعال، مستفز، ينفر المتدربين من حوله.. وبالتالي لا تتم الاستفادة المرجوة من وراء تصميم وتنفيذ برنامج تدريب وتنمية الموارد البشرية داخل المنظمة أو الشركة أو المؤسسة.
• درجة تفاعل الموارد البشرية محل التدريب أثناء التدريب.. إن قياس درجة التفاعل مهم جدًا كمعيار لتقييم برنامج تدريب وتنمية الموارد البشرية.. فقد تكون المادة التعليمية مناسبة، وقد يكون المدرب مناسبًا، ولكن مدى تفاعل المتدربين ليس بالقدر الكافي أو المناسب.. لقلة حماسهم، أو لعدم شعورهم بالراحة في مكان التدريب قبل بعض المسؤولين عن البرنامج التنفيذي؛ المقدمين للخدمات الإدارية والسكرتارية مما يؤثر على مدى تفاعلهم أثناء العملية التدريبية.
• مدى توافر التقنيات الحديثة أثناء تنفيذ برنامج تدريب وتنمية الموارد البشرية.. فالأجهزة الحديثة والتقنيات الحديثة والوسائل التعليمية المناسبة التي يستخدمها المدرب.. تجذب انتباه المتدرب.. وتشعره بمدى اهتمام وحرص القائمين على تنفيذ برنامج التدريب والتنمية على توصيل المعلومة المفيدة والحديثة، وأنها تستخدم في سبيل ذلك الأجهزة والتقنيات الحديثة التي تكبدها التكاليف الكبيرة، كل ذلك في سبيل استفادة المتدرب، وهو ينعكس بالإيجاب على المتدرب الذي يشعر بأن له قيمة كبيرة لدى المسؤولين عن تنفيذ البرنامج التدريبي، وأن له وزنًا كبيرًا عند الشركة أو المنظمة أو المؤسسة التي يعمل لديها.. وهذا ينعكس بكل تأكيد على ولائه لها، وتمسكه بالعمل لديها.
• توافر المكان المناسب.. إن توافر المكان الملائم للعملية التدريبية من حيث الإضاءةة والتهوية والأثاث... إلخ كل هذا يوفر راحة نفسية للمدرب والمتدرب في آن معًا.. تنعكس على أداء المدرب فيخرج كل ما لديه.. وفي الوقت نفسه تساعد المتدرب على استيعاب وتقبل ما يتلقاه من معلومات نظرية، وما يتعلمه من طرق عملية.. وكل ذلك يصب في خانة نجاح وفاعلية برنامج التدريب والتنمية المنفذ.
• مدى ملاءمة التوقيت الزمني لبرنامج التدريب والتنمية.. يجب أن يراعى اختيار أوقات مناسبة للمتدربين.. تكون فيها أذهانهم صافية ومستعدة لتلقي معلومات جديدة، أو تتعلم طرقًا حديثة خاصة بأعمالهم.. فليس من المقبول أن يكون موعد البرنامج التدريبي عقب ساعات عمل مرهقة بدنيًا وذهنيًا..
• مدى ملاءمة الفترة الزمنية لبرنامج التدريب والتنمية.. يجب أن تكون الفترة الكلية لبرنامج التدريب والتنمية كافية ومناسبة لتوصيل المادة العلمية بالشكل المناسب.. فلا ضغط مخل، ولا تطويل يؤدي إلى الضيق والزهق من قبل المتدربين.. فالتوازن مطلوب كي يتم الوصول إلى الأهداف المنشودة من وراء العملية التدريبية.
ثانيًا: معيار عملي لتقييم برامج التدريب والتنمية للموارد البشرية داخل المنظمة أو الشركة أو المؤسسة - يتمثل المعيار العملي في تحديد العائد على الاستثمار من وراء تنفيذ برامج التدريب والتنمية للموارد البشرية المتدربة:
إن من الأهمية بمكان أن تعرف الإدارة العليا، فضلاً عن إدارة الموارد البشرية العائد من وراء الاستثمار في برامج التدريب والتنمية.. إذ من غير المعقول أن تنفق أموالاً في أمور وأنشطة لا تجني المنظمة أو الشركة عائدًا مناسبًا من ورائها.. وإن كان قياس العائد سهلًا بطرق ومؤشرات ونسب مالية في الأمور الاستثمارية المتعلقة بشراء آلات أو الاستثمار في مشروع معين... إلخ فهو ليس بسهل في قياس العائد من وراء عملية التدريب والتنمية، ولكنه ليس بمستحيل.. فقد لجأت شركات ومنظمات كبرى إلى أسلوب تحليل نقطة التعادل (المستخدمة في النواحي المالية) في قياس العائد من برامج التدريب والتنمية – ولسنا في حاجة إلى الدخول في تفصيل ذلك – الذي وضح الفرق بين أداء المتدربين قبل وبعد البرنامج التدريبي من خلال قياس زيادة الكميات المنتجة وتحسن جودتها، مما أدى إلى زيادة رضا المستهلكين، التي تم الحكم عليه من خلال زيادة المبيعات.. ومن ثم زيادة الأرباح.. وكل ذلك يعد مؤشرًا على مدى استفادة الموارد البشرية من برامج التدريب والتنمية التي استثمرت فيها المنظمة أو الشركة أموالها.. وأن هذا الاستثمار ذو عائد يفوق التكلفة المنفقة.
الاختبار التحريري أول أساليب تقييم برنامج التدريب..
هناك مجموعة من أساليب تقييم برنامج تدريب وتنمية الموارد البشرية في المنظمات والشركات.. يمكن استخدامها في عملية التقييم للحكم من خلالها على مدى استفادة الموارد البشرية المتدربة من برنامج التدريب والتنمية المنفذ.. من أهم هذه الأساليب:
أولًا: أسلوب الاختبارات التحريرية أو العملية: يمكن للقائمين على عملية تقييم برنامج التدريب والتنمية أن يستخدموا أسلوب الاختبارات التحريرية أو العملية للوقوف على مدى استفادة الموارد البشرية المتدربة من برنامج التدريب والتنمية.. وذلك عن طريق إجاباتهم عن الأسئلة الموجهة إليهم كتابة أو مشافهة، أو عن طريق أدائهم العملي على الآلات أو المعدات التي تم تدريبهم عليها.. فإن كانت الإجابات صحيحة أو أقرب إلى الصح بشكل كبير كان ذلك دليلاً على الاستفادة من برنامج التدريب والتنمية.. وكذلك الأداء العملي إن كان هناك ما يدل على الاستفادة الكبرى من خلال الممارسة العملية الصحيحة، وتحسن أداء الموارد البشرية المتدربة الواضح في جودة المنتجات، وكمياتها الزائدة عن الكميات السابقة، وكذلك تخفيض التكاليف المنفقة سابقًا على العملية الإنتاجية، وتقليل مدة الإنتاج وغيرها من العوامل الدالة على تطوير وتحسن أداء الموارد البشرية المتدربة.. كان ذلك دليلاً أيضًا على الاستفادة من برنامج التدريب والتنمية.. وإن شابت الإجابات أخطاء كثيرة، وكذلك عدم الممارسة العملية السليمة، كان ذلك دليلاً على خلل ما في العملية التدريبية.. ويجب تحديد المسؤول عن هذا الخلل ومحاسبته على ذلك.. ومن ثم علاج وتلاشي هذه الأخطاء في تصميم البرنامج التدريبي الجديد..
ثانيًا: أسلوب الاختبار الواقعي: بأن يحدد فريقان من الموارد البشرية.. الفريق الأول يخضع لبرنامج تدريبي، والفريق الثاني لا يخضع.. ثم يتم عمل اختبار واحد للفريقين في ذات الوقت، ويتم من خلال نتائج الاختبار الحكم على استفادة الفريق المتدرب أو عدم استفادته.. فإن كانت النتيجة متساوية فهذا دليل على أن البرنامج التدريبي لم يقدم أي جديد للموارد البشرية التي خضعت له.. وإن كانت النتيجة في صالح الفريق المتدرب كان ذلك دليلًا على نجاح البرنامج التدريبي.. ولكن يعاب على هذا الأسلوب عدم أخذ الفوارق الفردية من حيث القدرة على الفهم والاستيعاب.. والقدرات الذهنية بين الفريقين.. إذ قد يكون الفريق الخاضع للتدريب أقل قدرة على الفهم والاستيعاب.. وهنا تبرأ ساحة البرنامج التدريبي أو يكون الحكم عليه بالفشل في غير محله.. والأصوب هنا أن يتبادل الفريقان الأماكن، فيخضع الفريق الثاني للبرنامج التدريبي ثم يعقد اختبار ثان فإن كانت النتيجة متساوية فهنا يحكم على البرنامج التدريبي بالفشل والإخفاق.. وإن كانت النتيجة في صالح الفريق الثاني فهذا دليل على نجاح البرنامج التدريبي..
ثالثًا: أسلوب استقصاء أو استبيان رأي الموارد البشرية المتدربة: إذ يقوم القائمون على عملية تقييم برنامج التدريب والتنمية بعملية استقصاء رأي الموارد البشرية المتدربة، وذلك أثناء عملية التدريب، واستبيان رأيهم في كفاءة المدرب، ومدى قدرته على توصيل المعلومات، ومدى قدرته على جذب انتباههم، ومدى قدرته على استعمال الآلات والتقنيات الحديثة، ومدى قدرته على إدارة الحوار أثناء البرنامج التدريبي، ومدى قدرته على الإجابة عن استفساراتهم بشكل واف ومقنع.. وكذلك استبيان رأي الموارد البشرية المتدربة في مدى ملاءمة المادة العملية، ومدى استفادتهم منها، وكذلك مدى مناسبة قاعة التدريب من حيث الإضاءة والتهوية والراحة في الجلوس، وكذلك استبيان رأيهم في الخدمات الإدارية المقدمة إليهم.. فضلًا عن استبيان رأيهم في الاستفادة الحقيقية والفعلية من المادة التعليمية المقدمة لهم، وهل يطبقون ما يسمعون ويمارسون أثناء التدريب عند ممارستهم لأعمالهم في المنظمة أو الشركة.. واستبيان رأي الموارد البشرية المتدربة أيضًا في كفاية ومناسبة الوقت المحدد للتدريب.. كل هذه الوسائل والأساليب وغيرها تعد من الأهمية بمكان في نجاح عملية تقييم برنامج التدريب والتنمية، وتحقيق الأهداف المرجوة من ورائه.

بقلم: محمود عيسى