يقول رجل الاقتصاد المشهور«آدم سميث» في كتابه الشهير (ثروة الأمم) (لا يمكن أن يزدهر مجتمع يسعد حين تكون أكثرية أعضائه فقراء وتعساء).كذلك يمكن القول بأنه لا استقرار اجتماعي واقتصادي وسياسي ولا تنمية وتطور في مجتمع أكثر أعضائه عاطلين عن العمل وشاعرين بالتهميش والإقصاء. فهذه الحقيقة أبرزتها جملة الأحداث التي عصفت بالعديد من الدول العربية في السنوات الأخيرة كتونس ومصر وليبيا واليمن والسودان وغيرها من البلدان، فبالفعل يمكن القول بأن إقامة التوازنات الاقتصادية والسياسية تبقى رهينة تنمية التوازنات الاجتماعية، إذ أي خلل في مقومات وعناصر العدالة الاجتماعية يعصف بدوره في التوازنات الاقتصادية وحتى السياسية ويحد من إمكانيات التنمية.

فمن المتأكد أن الهدف الرئيسي لعملية التنمية الناجحة هو أولًا وأخيرًا المواطن، إذ هو في الحقيقة الأداة الرئيسية للتنمية وغايتها في نفس الوقت. فكما أكدته الأحداث الأخيرة وأبرزته بعض الدراسات (عابد فضيلة 2010 على سبيل المثال) إن الجانب الاجتماعي له الأهمية الكبرى في عملية تقييم مدى تطور المجتمعات. فرأس المال البشري هو أهم عنصر من عناصر الإنتاج، وهو الصانع الأساسي والركيزة الحقيقية في عملية التنمية(1).
وانطلاقًا من وعي الدول العربية بأهمية الرفع من نسق النمو الاقتصادي للحدّ من البطالة وتعميم الوفاء لشعوبها العربية أقامت الحكومات العربية منذ تأسيس الجامعة العربية عام 1945 وحتى الآن، عددًا كبيرًا من البنى التشريعية والمؤسساتية الهادفة إلى دفع التعاون وتطوير العمل الاقتصادي المشترك بشكل عام. فتعددت الدراسات المشتركة وكثرت اقتراحات وبرامج ووسائل العمل الاقتصادي والتعاون المشترك بين الحكومات العربية وذلك أساسًا للرفع من نسق النمو الاقتصادي بالبلدان. فلقد انتشر الاعتقاد بين المفكرين من رجال الاقتصاد وأصحاب القرار بأن تحقيق نسب نمو في الناتج المحلي الإجمالي مرتفعة هو شرط كاف وضروري لمواجهة التحديات التي تعترض البلدان وبخاصة منها تحدي التشغيل والتوظيف الكامل للقدرات البشرية ولمكافحة الفقر والتهميش. لهذا تركز العمل الاقتصادي العربي المشترك على وضع الآليات المناسبة للرفع من نسب النمو بالبلدان كبعث منطقة التجارة الحرة العربية وخلق مناخ الاستثمارات العربية البيئية وتعزيز دور صناديق ومؤسسات التنمية العربية في تمويل التنمية بالبلدان وغيرها.
سيتم في هذه الدراسة تقييم مدى انعكاس التعاون العربي على خلق فرص العمل والحدّ من البطالة بخاصة بالبلدان محدودة الدخل والثورات الطبيعية. فهذا التعاون العربي فرض نفسه في وقت فشلت فيه أغلب السياسات الكلية التي انتهجتها بعض الحكومات العربية منذ عقود والتي تمت في إطار وصفات البنك وصندوق النقد الدوليين في التغلب على التحديات والعقبات التي فرضتها العولمة الاقتصادية وعلى الإخلالات العديدة التي انتهجها انكماش دور الدول وتدني مستوى الاستثمارات في القطاع العمومي(كقطاع الصحة والنقل والتعليم والبحث العلمي وغيرها من النشاطات(2).
ففي البداية، سنحاول مدى نجاح هذا التعاون العربي في دفع نسق النمو الاقتصادي الذي ما زال الاعتقاد بأنه الضامن للتوظيف الكامل لليد العاملة. فسنقتصر في هذا المجال على دراسة التعاون من خلال تدارس مدى نجاح بعث منطقة التجارة الحرة العربية وتطور الاستثمارات البيئية وأهمية العون العربي (الجزء الأول).
أما الجزء الثاني من الدراسة، فإنه سيخصّص إلى تقييم أهمية هذا التعاون الاقتصادي العربي في الحدّ من البطالة وبالتالي في ضرب مشكلة الفقر والتهميش بالبلدان. فالسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو هل أدت كل آليات ووسائل التعاون العربي إلى تجاوز التحدي الأكبر والأخطر الذي تواجهه عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبلدان العربية، ألا وهو مشكلة البطالة وظاهرة الفقر؟ (موضوع الجزء الثالث).
لهذا سيسعى الجزء الرابع: الخاتمة، من الورقة إلى اقتراح بعض الحلول لزيادة تفعيل هذا التعاون العربي وإخراجه من طبيعته الجزئية واللاهيكلية. فالتعاون العربي يفرض نفسه اليوم على كل البلدان لما للتحديات المطروحة من خطورة وآثار اقتصادية واجتماعية.
الجزء الأول: أهمية التجارة العربية البيئية في الرفع من عملية النمو الاقتصادي والاجتماعي
إنه لا شك فيه أن التجارة الخارجية لأي بلد مهما كانت نسبة تطوره تلعب الدور الكبير والهام في الرفع من نسق نموه الاقتصادي وبالتالي في توفير فرص العمل والحدّ من البطالة. فلقد تعددت الدراسات الأكاديمية والتقارير الصادرة عن المنظمات الدولية لإبراز هذا الدور ممّا لم يترك مجالًا للشك في هذه الحقيقة.
لهذا جاءت منظمة التجارة الحرة العربية بمثابة البرنامج التنفيذي لاتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول الموقعة عام 1988 والوسيلة المثلى لدفع التعاون العربي(3).
فلقد كان يعول الكثير على هذه المنطقة قبل انطلاقها اعتقادًا من الجميع أنها تمثل المعبر الأساسي لزيادة التجارة البيئية وكونها واحدًا من أدوات مواجهة تحديات العولمة والحدّ من البطالة بالبلدان العربية.
فمن خلال البيانات المتوفرة والدراسات المتخصصة، نلاحظ أن التجارة الإجمالية العربية قد حققت نموًا مطردًا منذ منتصف العشرية الأخيرة من القرن الماضي حيث بلغت قيمتها 1738 مليار دولار عام 2008/2009 بينما كانت لا تتجاوز 303 مليارات دولار عام 1998.
أما بخصوص التجارة العربية البيئية فلقد مثلت نسبة إلى إجمالي التجارة العربية تبلغ 8.9 بالمئة عام 1998 لترتفع إلى 10 بالمئة عام 2009.
فمن الملاحظ أنه بالرغم من زيادتها فإن نسبة ارتفاعها مازالت ضعيفة مما جعل العديد من المفكرين والاقتصاديين(4) يحكمون على منطقة التجارة العربية الحرة بالفشل النسبي مؤكدين عجزها على دفع التعاون العربي المشترك.
الجزء الثاني: أهمية الاستثمارات العربية البيئية
لقد عملت أغلب البلدان العربية منذ أواخر القرن الماضي وبخاصة منها ذات الدخل الإجمالي المحدود، وبالتالي التي تشكو من ضعف نسب الادخار القومي، على جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وعلى استقطاب أكثر ما يمكن من العون العربي. فالسياسات الكلية التي بدأت تنتهجها هذه الدول بدأ من الربع الأخير من القرن الماضي، كانت ترتكز على التمويل الخارجي خاصة التمويل المستقر وطويل المدى.
فالنمو المطرد في تدفق الاستثمارات بصفة عامة والتمويلات العربية بصفة خاصة كانت قد ساعدت العديد من تلك الدول على الحدّ من المعوقات والإخلالات الاجتماعية وعلى تقليص التفاوت في التنمية بين البلدان وبين المناطق داخل الدول.
ولعل النمو المطرد في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة نحو البلدان العربية يرجع بنسبة كبيرة إلى تحسن المناخ وتوسع السوق بفضل تفعيل منطقة التجارة العربية الحرة وإلى الرغبة بين البلدان العربية لتذليل الهوة بينها من ناحية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
فلقد ارتفعت الاستثمارات العربية البيئية منذ أواخر القرن الماضي وخاصة النصف الثاني من العشرية الماضية. فحسب الإحصائيات المنشورة، بلغت هذه الاستثمارات البيئية 2.32 مليار دولار عام 1998 لترتفع إلى 35.37 مليار دولارًا عام 2009، أي أنها تضاعفت 15 مرة خلال الفترة 1998-2009. ويرجع ذلك أساسًا إلى تزايد الفوائض النفطية أثر ارتفاع أسعار النفط وإلى أسباب عدة من أهمها ارتفاع نسق التجارة الخارجية والبيئية.
1998 2005 2006 2007 2008 المجموع
إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة 5.6 46.7 71.0 80.9 96.5 -
بالنسبة لإجمالي تدفقات الاستثمارات على مستوى العالم (%) 0.78 4.8 4.87 4.09 5.68 3.2
الاستثمارات العربية البيئية 2.3 37.3 16.51 20.7 19.3 353.7
بالنسبة لإجمالي الاستثمارات الأجنبية 23.2 79 23.2 25.6 20.0

المصدر: رسلان خضور (2008 عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار) وتقارير مناخ الاستثمار في الدول العربية.

فمن هذا الجدول يمكن ملاحظة ضعف نسق نمو الاستثمارات العربية البيئية مقارنة بنسق تدفق الاستثمارات الأخرى. ففي حين تضاعفت الاستثمارات البيئية 15 مرة كما قلنا سابقًا، تضاعف إجمالي الاستثمارات إلى الدول العربية 17.3 مرة خلال الفترة بين 1998 و2008. كما أن حجم هذه الاستثمارات البيئية يبقى متواضعًا مقارنة بإجمالي الفوائض المالية العربية الموجودة في المصارف وأسواق المال العالمية التي تقدر حسب بعض البيانات بين ألف وألف وخمسمئة مليار دولار، ولا تمثل رغم تدفقها وتراكمها إلا حوالي ربع إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى الدول العربية.
كما أنه من الملاحظ أن أغلب الاستثمارات البيئية تستثمر في بعض القطاعات الاقتصادية كالسياحة والعقارات والخدمات. فحسب بعض الإحصائيات تستقطب الخدمات ما لا يقل عن 60.9 بالمئة من هذه التمويلات عام 2008. إلا أن الاتجاه نحو قطاع الزراعة وقطاع الصناعة بقي محدودًا (لا يتجاوز 30 بالمئة عام 2008) بالرغم من العجز الغذائي المستمر الذي تشكو منه العديد من الدول العربية وما زال يثقل موازينها.
كما أن للعون العربي الدور العام في تمويل المشاريع سواء في الصناعات الاستخراجية أو في البنى التحتية وبالتالي في عملية التشغيل والحد من البطالة والتهميش. فالشروط الميسرة (مثل انخفاض سعر الفائدة وطول فترتي السماح والسداد) قد ساهمت في تخفيف أعباء خدمة الدين الخارجي على الدول المستفيدة(5).
ولقد أبرزت دراسة عبدالحميد الزقلعي (2009) أن المساعدات الإنمائية للدول العربية قد بلغت نحو 47.7 مليار دولار منذ عام 1998 اتجهت 60.2 بالمئة منها لقطاعات البنى التحتية الأساسية موزعة بين 28.4 بالمئة لقطاع الطاقة (كهرباء. نفط، غاز) و22.4 بالمئة للنقل والاتصالات و9.4 بالمئة للمياه والصرف الصحي و27.5 بالمئة للقطاعات الإنتاجية (موزعة بين 14.0 بالمئة للصناعة والتعدين و13.5 بالمئة للزراعة والثورة الحيوانية و12.3 بالمئة للقطاعات الأخرى كالتعليم والصحة والإسكان والتدريب ودعم موازين المدفوعات.
يبرز الجدول التالي التوزيع القطاعي لهذه التمويلات

التوزيع القطاعي للعمليات التمويلية للدول العربية بنهاية عام 2007 (%)
القطاع عمليات التمويل للدول العربية
البنى الأساسية:
- النقل والاتصالات
- الطاقة
- المياه والصرف الصحي
60.2
22.4
28.4
9.4
القطاعات الإنتاجية:
- الزراعة والثروة الحيوانية
الصناعة والتعدين
27.5
13.5
14.0
القطاعات الأخرى 12.3
الإجمالي 100%

كما نلاحظ أن ما لا يقل عن 61 بالمئة من إجمالي العون الإنمائي العربي(دول ومؤسسات وصناديق) متأتية من مجموعة مؤسسات وصناديق التنمية وفي صدارتها الصندوق العربي بسبب أن جل أنشطته تتركز في تمويل مشاريع التنمية في الدول العربية فقط، وذلك بحكم اتفاقية إنشائية بخلاف الصناديق والمؤسسات الأخرى التي تعمل في سائر الدول النامية. فقد بلغت مساهمة هذا الصندوق العربي في إجمالي التمويل المتراكم حتى نهاية عام 2007 المقدم إلى الدول العربية 41 بالمئة مقابل 25.1 بالمئة للبنك الإسلامي و16.9 بالمئة للصندوق الكويتي و8.6 بالمئة فقط للصندوق السعودي.
ولقد اتجه أكثر من ثلاثة أرباع العون العربي إلى تسع دول عربية هي المغرب (15.5 بالمئة)، مصر (13.1 بالمئة) لبنان (8.1 بالمئة)، والجزائر واليمن لكل منهما (6.4 بالمئة) وسورية (6.4 بالمئة) والأردن (6.3 بالمئة).
ونتيجة للأهمية الكمية والنوعية(6) لهذا العون العربي في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية العربية، استطاعت هذه الدول المستفيدة من تمويل العديد من المشاريع التنموية وتطورها والرفع من إنتاجية بعض القطاعات الاقتصادية والمؤسسات الإنتاجية.
فبالفعل، كما يلاحظه العديد من الاقتصاديين، هناك جوانب هامة للتنمية، بخلاف التمويل اللازم لإنشاء المشاريع وتطويرها، كتكوين الكوادر البشرية. فصناديق ومؤسسات التنمية العربية تقوم من خلال منحها للقروض والمعونات الفنية بتمويل برامج الدعم المؤسسي والتدريب في المؤسسات والشركات المستفيدة بمنظومات المعلومات الحديثة وتوفير أجهزة الحاسوب وتوفير خبراء وفنيين لفترات محددة وتطوير أنشطتها والرفع من إنتاجياتها.
فبرامج التدريب لمختلف التخصصات تسهم في الارتقاء بتكوين الكوادر وفي زيادة قدراتها(7).
ففي الجملة يمكن القول بأن العون العربي مثل عنصرًا هامًا من التعاون العربي، إذ تقوم صناديق ومؤسسات التنمية العربية بدور بارز ومتطور في تقديم هذا العون الذي يعتبر من أهم مصادر التمويل المختلفة للتنمية العربية ولمكافحة الفقر. كما أن هذه الأهمية تتعاظم لدى الدول العربية متوسطة الدخل والأقل نموًا، كمصر والمغرب وتونس، إذ يمثل هذا النوع من التمويل الاقتراض الأقل تكلفة نظرًا ليسر شروطه مقارنة بالمصادر الأخرى. فالعون العربي الإنمائي ساعد الكثير من الدول العربية خاصة على تمويل المشروعات الهامة والمكلفة، كالسدود ومحطات توليد الكهرباء ومشاريع المياه والطرق السريعة. ونظرًا لتعدد المجالات التي ساهم في تمويلها، لقد ساعد هذا العون العربي على توفير فرص العمل بطريقة مباشرة (بعث وتطوير البنى التحتية المشغلة) أو بطريقة غير مباشرة (عبر تحسين إنتاجية المشاريع الخاصة والمناخ العام للاستثمار).
إلا أن مقدار العون وحده غير كاف، إذ هو ليس العامل الحاسم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحسين مستوى العيش. فبغية تعظيم مردود هذا العون وآثاره في الاقتصاد الوطني، استطاع الدكتور عبدالحميد الزقلعي تحديد مجموعة من العوامل التي تلعب دورًا هامًا في تحسين فاعلية المساعدات الإنمائية والمعونات العربية الثنائية والمتعددة الأطراف في تقليل الاحتجاجات والإخلالات الاجتماعية بالبلدان العربية. من هذه العوامل نذكر أهمها:
1- توجيه الاستثمارات والمساعدات إلى أنشطة ذات أعلى جدوى اقتصادية واجتماعية مؤكدة (أهمية عوامل المردودية).
2- عدم المبالغة في المساعدات الخارجية خاصة وأن كثيرًا من تلك المساعدات يكون في شكل قروض يتم سدادها مع فوائدها، مما يثقل كاهل الدول المستفيدة وعبء مديونيتها الخارجية.
3- احترام مواعيد لتنفيذ المشاريع لتخفيف تكاليف إنجازها.
4- إيلاء المزيد من الأهمية لتوفير الدراسات الدقيقة للمشاريع ولمتابعتها بصفة دائمة.
5- زيادة الاهتمام بعنصر المعونة الفنية غير المستردة لما لتكوين وتدريب الكوادر من أهمية في نجاح العون الإنمائي في أداء مهامه.
الجزء الثالث: التطورات الاجتماعية على آثر التعاون العربي وعملية التنمية الاقتصادية
يمكن القول بأنه هناك بعض الدول العربية قد نجحت في استغلال التعاون العربي للرفع من تجارتها الخارجية واستقطاب رؤوس الأموال المنتجة وبالتالي في الحدّ من الضغوطات الاجتماعية والفوارق الجهوية.
ولقد نجحت تلك الدول أيضًا في أداء التزاماتها في مواعيدها. وقد ترافق ذلك أيضًا مع تطبيق محكم وجيد لبرامج الإصلاح الهيكلي، الاقتصادي والمالي وتحسين بيئة الاستثمار الداخلي والخارجي.
فمن خلال متابعة تطور معدلات البطالة في البلدان العربية بصفة عامة يمكن ملاحظة مدى نجاح بعض البلدان في تقليص حجم البطالة، وبالتالي في رفع مستوى الدخل للأفراد خلال النصف الثاني من العشرية الأولى لهذا القرن.
إن ما وصفته منظمة العمل العربية في تقريرها الشرفي لشهر مارس 2005 والواصف لوضع البطالة في الدول العربية بالأسوأ بين جميع مناطق العالم دون منازع، وأنه في طريقه لتجاوز الخطوط الحمراء، قد اتضح مدى خطورته على أثر الاحتجاجات الشعبية التي عرفتها العديد من الدول العربية خلال السنوات الأخيرة(8).
فقد أصبح من المتأكد أن مشكل البطالة وتحدي التشغيل الكامل أصبحت من أخطر المشاكل التي تواجه الدول العربية حيث تعاني أغلبيتها من أعلى معدلات البطالة في العالم (حسب بعض الدراسات والتقارير لمجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية والتقرير الاقتصادي العربي الموحد، بلغت نسبة البطالة بالدول العربية ما بين 15 و20 بالمئة (في حين كانت بمعدل 7 بالمئة تقريبًا في العالم حسب تقرير منظمة العمل الدولية. كما تقدر هذه النسب بـ3.2 في بعض مناطق شرق آسية و4.8 في جنوب آسية)(9).
لهذا أكد المشاركون في المنتدى الاستراتيجي العربي الذي عقد في دبي أن على حكومات الدول العربية التخطيط لتوفير حوالي 100 مليون فرصة عمل بحلول عام 2020. (مما ينبغي خلق نحو 5 ملايين فرصة عمل جديدة كل عام ليتم استيعاب الداخلين الجدد في سوق العمل بالإضافة إلى جزء من العاطلين).
فلقد أثبتت هذه الوضعية بالبلدان العربية عدم صحة الفكرة السائدة لحد الآن بين رجال الاقتصاد والتي تعتمد في الأساس على التنمية الاقتصادية لتوليد فرص العمل. فمن المتأكد أن التناسب القوي والطردي بين التنمية وخلق فرص العمل ليس تلقائيًا، إذ كما قلنا، تبين الأحداث الأخيرة ببعض البلدان العربية التي حققت نموًا ملحوظًا في الدخول أن هذا النمو لم يتمكن من توليد وظائف كافية لمواكبة نمو الأيدي العاملة مما ترتب عنه زيادة التهميش الجهوي والاحتقان الاجتماعي وتفاقم مأساة التنمية الإنسانية والعبء على التقدم الاقتصادي(10).
ويتضح أن معدلات البطالة قد سجلت أعلى مستوياتها في الدول العربية أقل دخلًا وفي الدول التي تعاني اقتصادياتها من حالة عدم الاستقرار مثل الصومال والعراق وفلسطين والسودان وموريتانيا وغيرها من الدول، بينما حافظت دول مجلس التعاون الخليجي على أدنى مستويات للبطالة بين الدول العربية.
فمن المؤكد أن ما يميز نسب البطالة في الدول العربية ليس فقط ارتفاعها نسبيًا بالمقارنة مع المعدلات العالمية بل أيضًا لأنها أصبحت:
1- ظاهرة مستمرة ومعضلة مزمنة. فلقد بلغت في بعض الحالات معدلات مثيرة للقلق مما جعلها من المسائل المعقدة التي يتطلب حلها برامج استراتيجية شاملة وطويلة الأمد.
2- يوازي هذه الظاهرة ازديادًا في معدل الفقر وخاصة في الدول غير النفطية.
3- أصبحت البطالة تهمّ بالخصوص متخرجي التعليم العالي وأصحاب الشهادات العليا.
4- تتركز البطالة بشكل أساسي في قطاع الشباب، حيث في حين يبلغ معدل البطالة في الدول العربية 20 بالمئة، (12 مليون شاب عربي) يقدر متوسط معدل بطالة الشباب بنحو 53 بالمئة من إجمالي حجم البطالة بالنسبة إلى جميع البلدان العربية. ففي عام 2006 تجاوزت نسبة البطالة في أوساط الشباب العربي 25.6 بالمئة.
فحسب بعض الدراسات، هذه النسب أكثر من ثلاثة أضعاف بقليل من دول شرق آسيا وقرابة الضعف في الدول الصناعية (13.4 بالمئة) وفي أمريكا اللاتينية والكرايبي (13.9 بالمئة).
وبالنظر إلى تفاوت هذه النسب في البلدان العربية، نلاحظ أنها تبلغ 18.9 بالمئة في اليمن خلال العشرية الأخيرة و20.7 بالمئة في البحرين و21.1 بالمئة في الأردن و21.6% في لبنان و23.5% في سورية و25.8% في مصر و25.9% في السعودية و5.8% في قطر و28.2% في كل من مصر والمغرب و38.7% بالجزائر.
5- تفاقم البطالة في الأرياف والمناطق الزراعية بسبب تراجع الاهتمام بالزراعة وتقليص المساحات المزروعة، مما زاد في الهجرة الداخلية وفي خلق المشاكل الاجتماعية والاقتصادية بالمدن الكبرى وأحداث الضغوط الخدمية والمعيشية الإضافية على تلك المناطق. فانخفاض نسبة العمالة الزراعية قد لا يعد سلبيًا إذا كان هناك ارتفاع في نسبة العمالة في القطاعات الأخرى، وهو ما حدث خلال الثروات الصناعية بالبلدان الأوروبية في القرنين الثامن والتاسع عشر. إلا أن هذا لم يحدث في العديد من الدول العربية طوال هذه العقود الأخيرة.
فارتفاع البطالة الزراعية رافقته بالعكس تراجع في عملية خلق مواطن العمل ناتج عن محدودية وتردي مساهمة القطاع الخاص المنظم في التنمية وعن ضعف قدرة القطاع العام (أو العمومي) على توسيع فرص العمل خلال العقود الأخيرة سواء في الدول الخليجية أو في الدول متوسطة الدخل(11).
فعلى سبيل المثال يعزو الدكتور محمد عبدالرحيم بن حمادي في دراسة (الخصائص الاقتصادية وأزمة البطالة في موريتانيا مقارنة ببعض الدول العربية) ارتفاع نسب البطالة بقوله (كان القطاع العام المصدر الرئيسي للوظائف، لا سيما لصالح حملة الشهادات، فأصبح لم يعد قادرًا على إيجاد وظائف بأعداد كبيرة، اعتبار من سنة 1985 بحكم سياسة الإصلاح الهيكلي التي أخضعت لها البلاد في إطار برنامج التقويم الاقتصادي والمالي، وهكذا، فقد تقلصت إمكانيات إيجاد الوظائف، في شكل أدى إلى ارتفاع سريع في معدل البطالة، وفي أعداد الباحثين عن العمل، بمؤهل أو دون مؤهل).
فتقليص دور الدولة بصفة عامة لم يقتصر فقط على دورها الإنتاجي والاقتصادي والاجتماعي بل امتد إلى دور الدولة في قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية التي هي من أهمّ واجباتها ووظيفتها، ممّا انعكس سلبًا على العديد من الفئات الاجتماعية والمناطق الجهوية بأغلب البلدان العربية.
لهذا يمكن القول بأن السياسات الكلية التي بدأت تنتهجها معظم الحكومات العربية منذ أواخر القرن الماضي لا تنسجم بشكل كاف مع واقع الاقتصادات العربية ولا تتماشى مع مصالح الطبقات الفقيرة والمتوسطة. فالجهود الكبيرة التي عملت هذه الحكومات على بذلها لدفع التعاون العربي سواء في الميدان الاقتصادي أو الاجتماعي لم تكن كافية ولم تحقق النتائج المرجوة.
فإلى جانب ذلك، يمكن التأكد من كل الجهود التي تبذلها الحكومات في رسم خرائط الفقر وتقديم بعض المساعدات والمنح المتفرقة وإنشاء بعض المؤسسات ووكالات التشغيل ومتابعة البطالة وتسهيل بعض القروض التنموية الصغيرة والاستهلاكية من شأنها أن تخفف من حدة مشكلة البطالة والفقر لبعض الشرائح وفي بعض المناطق ولكنها لا تحلها بشكل مستدام وجذري، وبالتالي لا بد من توحيد القوى ودراسة إمكانية تركيز استراتيجيات تعاون عربي لتوفير أكثر فرص عمل والحدّ من البطالة والرفع من المستوى المعيشي لكل فئات المجتمع ولكل الشرائح العمرية بالجهات.
فمن خلال الأحداث الأخيرة ببعض البلدان العربية (تونس، مصر، ليبيا، اليمن، وسوريا..) نلاحظ أن اتساع حلقات الفقر وارتفاع نسب البطالة وأحزمة الفقر والقرى البعيدة (سيدي بوزيد بتونس وقفصة والقصرين..) والمناطق الزراعية النائية تجعل من شرائح العاطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا بمثابة القنابل الاجتماعية الموقوتة، إذ يغلب عليها الشعور بالإحباط والإقصاء الاقتصادي والاجتماعي والإحساس بالظلم والقهر، مما يخلف لديها نوعًا من النقمة المكبوتة والعنف المتزايد. فهذا الإحساس تعيشه تونس اليوم على إثر ثورة جانفي 2011 حيث تعددت مطالب الشعب التونسي وهو ما تؤكد أنه يجب على السياسات الحكومية أن يراعي في سلم أولوياتها وضع البرامج اللازمة للتنمية الحضرية والريفية وتطوير الخدمات الأساسية في كل الجهات (مثل ماء الصرف والكهرباء وماء الشراب والاتصالات والنقل) ووضع الاستراتيجيات والبرامج الناجعة والناجحة لمكافحة البطالة والفقر(12) والفوارق الجهوية والاعتناء الخاص بالشباب خاصة المثقف منه.
2- تفاقم ظاهرة الهجرة إلى الخارج كحل لمشكلة عدم توازن سوق العمل بالبلدان العربية.
من المؤكد أنه بالرغم من استمرار البطالة بأغلب البلدان العربية، تنقسم هذه البلدان إلى مجموعتين، مجموعة مصدرة لليد العاملة إلى الخارج (المغرب والجزائر وتونس ومصر وسورية...) ومجموعة أخرى مستقبلة لهذه الثروة البشرية (السعودية والكويت وليبيا وقطر والإمارات العربية وغيرها). فنتيجة لوجود الفجوة الكبيرة والمتزايدة بين إحداثات فرص العمل وتزايد عدد الداخلين إلى سوق العمل من الشباب وحاملي الشهادات العليا، أصبحت الهجرة إلى الخارج تمثل الحلّ الأمثل (للهروب من فقر مؤكد إلى غنى محتمل).
فعلى سبيل المثال، يقدر عدد المغربيين بـ 3 ملايين مهاجر في أوروبا، أي ما يفوق 15 بالمئة من عدد الأجانب المقيمين بها، وتقريبًا 0.5 بالمئة من العدد الجملي للسكان(13). ولكن بالرغم من عدم وجود أرقام موثقة للباحث، فإنه يمكن القول بأن معدلات البطالة المرتفعة في بعض البلدان العربية ومحدودية فرص العمل وتدني الأجور وفقر القرى التي يتحركون فيها ساهمت كلها في إفراز ظاهرة الهجرة، خاصة غير الشرعية، حيث تؤكد الدراسات المتاحة أن معظم هؤلاء المهاجرين من العمال المزارعين ومن صغار الملاك وغير المالكين وخاصة من أصحاب الشهادات العليا والمتخرجين من معاهد التعليم العالي والتقني.
فمثلًا، يفوق عدد التونسيين المقيمين بالخارج مليون نسمة، منها أكثر من 700 ألف يعيشون بأوروبا والباقي بالبلدان العربية (80 بالمئة في فرنسا و8 بالمئة في ألمانيا و6.5 بالمئة في إيطاليا و3 بالمئة ببلجيكا..). ونظرًا لتزايد عدد العاطلين في تونس من الشباب، يمثل هؤلاء 50 بالمئة من المهاجرين بالبلدان الأوروبية (أقل من 30 سنة) أغلبهم من حاملي الشهادات العليا. فهذه الطاقات أو الثروات البشرية التي تستغل من طرف البلدان الأوروبية يمكن استغلالها من طرف البلدان العربية وبالتالي استعمال مساهمتها في عملية التنمية بهذه البلدان، خاصة أن مستوى التعليم والتكوين لهؤلاء المهاجرين والذي كان متواضعًا في الأول، قد ارتفع في العقود الأخيرة نتيجة للعديد من العوامل أهمها:
1- ارتفاع عدد التونسيين الشبان لمزاولة تعلمهم بالخارج (90 بالمئة منهم يبقى يعمل بالخارج).
2- تحسن مستوى بعض العائلات المقيمة بالخارج مما ساعد على نجاح أبنائهم بجامعات ومدارس عليا مختصة ومميزة.
3- عدم قدرة سوق الشغل على استيعاب خيرة الشباب من المثقفين وحاملي الشهادات العليا.
ولقد أصبحت هجرة الشباب العربي (من مصر وتونس وليبيا والجزائر والمغرب واليمن والسودان...) غير الشرعية من أخطر المظاهر الاجتماعية، حيث يغادر العديد من خيرة الشباب لهذه البلدان الشواطئ بحثًا عن قوت وعن ظروف أفضل مما توفره لهم بلدانهم.
فإلى جانب الهجرة المنظمة، يتسلل العديد من بلدان شمال إفريقيا نحو البلدان الأوروبية (إيطاليا، إسبانيا، ألمانيا...) وفي كثير من الأحيان دون أوراق ثبوتية للإقامة وذلك من أجل العمل في مهن متدنية للغاية لا يرضى بها المواطن في بلدان الاستقبال.
وكما يشير الدكتور سمير مصطفى (2009) في دراسة الهجرة ( الهجرة غير الشرعية: الموت من أجل الحياة) يتسلل مواطنو اليمن، الدولة الأفقر بين مجموعة الأقطار العربية إلى العربية السعودية عبر طرق صحراوية ودروب جبلية صعبة وطويلة ليبحثوا عن عيشهم في أغنى بلد نفطي في الشرق الأوسط) فحسب هذه الدراسة وبعض البحوث الأخرى، هناك ما يقرب من 100 ألف مهاجر دون أوراق ثبوتية أو تأشيرات مرور، يمضون في رحلات خطيرة ويركبون الموت (حسب الكاتب) في مغامرات بحرية من شواطئ العربية صوب شواطئ الشمال الأوروبي كل عام (2007) من بينهم 55 ألف مهاجر تقريبًا تحركوا من جنوبي وشرقي المتوسط في قوارب شراعية أو محركات صغيرة).
الجزء الرابع: الخاتمة: اقتراح بعض الحلول لزيادة تفعيل التعاون العربي.
لقد أبرزت الدراسة مدى أهمية التعاون العربي في دفع نسق النمو الاقتصادي وبالتالي في خلق فرص العمل والحد من البطالة خاصة بالبلدان العربية محدودة الدخل والثروات الطبيعية. وكان ذلك من خلال دراسة التجارة والاستثمارات العربية البيئية.
إلا أنه من المؤكد من خلال النتائج التي تم التوصل إليها أن هذا التعاون يسير في الحقيقة بشكل بطيء للغاية وبالتالي لا زال محدودًا ولم يرق إلى المستوى المرجو والمأمول من طرف الجميع.
ففي ضوء التحليل السابق أمكن التوصل إلى نتيجة مفادها أنه بالرغم من ارتفاع قيمة التجارة العربية البيئية على أثر توقيع وتطبيق منظمة التجارة العربية الحرة الكبرى، فإن نسبة هذه التجارة إلى إجمالي التجارة الخارجية للدول العربية الأعضاء لم تتجاوز 10 بالمئة خلال السنوات الأخيرة.
كذلك بالشأن بالنسبة للهيكل السلعي والجغرافي لنمط التبادل التجاري البيئي، فإنه لم يتغير كثيرًا مع الزمن، حيث تسيطر المواد الخام والوقود المعدني على ما يزيد عن 50 بالمئة من إجمالي الصادرات العربية البيئية.
كما نلاحظ أن أكثر من 67 بالمئة، في متوسط الفترة 2005/2010، من هذه التجارة تتم بين دول مجلس التعاون العربي. كما أن أكثر من نصف التجارة البيئية (56 بالمئة) لدول المغرب العربي يتم مع دول المنطقة نفسها.
كذلك الشأن بالنسبة للاستثمارات البينية والعون العربي، فإنها، بالرغم من تزايدها، إلا أنها بقيت محدودة نوعًا ما (لا تمثل إلا 11.8 بالمئة فقط من إجمالي العون الإنمائي المقدم للدول العربية) وإنما تركزت أيضًا في بعض القطاعات الاقتصادية كالسياحة والبناء والبنى التحتية وغيرها.
لهذا يمكن القول، إن هذا التعاون العربي وإن ساعد نوعًا ما على الحد من الانعكاسات السلبية الناتجة عن العولمة الاقتصادية واتباع سياسات تحد من دور الدول في عملية خلق مواطن الشغل، فإنه لم يكن كافيًا لتحقيق تكامل هيكلي بين الاقتصاديات العربية.
لهذا بقيت التحديات التي تواجهها الدول العربية كثيرة ومتصاعدة. بعضها هيكلي والآخر اجتماعي وسياسي، في مقدمتها تحدي البطالة والفقر والتهميش(14).
فما ارتفاع عدد الشباب المهاجرين إلى البلدان المصنعة وتفاقم التشغيل في القطاع غير النظامي (أو غير الرسمي) إلا دليل قاطع على عجز المنظومة الاقتصادية وبالأخص القطاع النظامي عن استيعاب جانب كبير من زيادات طالبي العمل.
فيمكن القول بأن ضعف التعاون العربي يبقى من الآليات التي لم تساعد على التصدي إلى مجمل التحديات التي تعترض عملية بالدول العربية والتي أفرزتها العولمة الاقتصادية.
لهذا يمكن تقديم الاقتراحات التالية لتنشيط التعاون العربي وتوفير الظروف الأمثل لتحقيق تنمية مستدامة وتقدم متسارع:
أولًا: مضاعفة الإرادة السياسية والإدارية لتفعيل الاتفاقيات العربية الموقعة وللرفع من التعاون العربي المشترك التجاري والاستثماري والتنموي.
ثانيًا: زيادة توفير المناخ الملائم للتعاون الاستثماري وذلك بتيسير تنقل رجال الأعمال وتسهيل الحصول على رخص الإقامة بالبلدان العربية.
ثالثًا: تطوير البنى التحتية اللازمة لخلق مزيد من التعاون العربي ليشمل الخدمات والنشاط المالي ودعم قطاع الزراعة والصناعة.
رابعًا: وضع برامج مشتركة ودعم قطاعات حيوية ليس للحد من التفاوت في التنمية بين الدول العربية، وإنما أيضًا لتقليص الهوة بين المناطق الداخلية وذلك بدعم الاستثمارات في البنى التحتية الاقتصادية والثقافية بين المناطق الداخلية وذلك بدعم الاستثمارات في البنى التحتية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، مما يساعد على التنمية البشرية والحد من الفقر. فالمساعدة المشتركة للمشاريع الصغرى والمتوسطة تساعد على الرفع من الإنتاجية والحد من القطاع غير النظامي.
خامسًا: العمل على خلق حركية تنقل أصحاب الشهادات العليا بين الدول العربية عوض استقبال المهاجرين الوافدين من دول أخرى غير العربية وذلك لتمكينهم من المساهمة في تنشيط عملية التنمية وتطوير الرأس المال البشري.
سادسًا: بما أن نسب النمو الاقتصادي لا تكفي وحدها للاستجابة إلى متطلبات عملية التشغيل الكامل، لا بد من التفكير في الحد من الاعتماد الزائد على المزايا الموجودة في الموارد الطبيعية. وعلى الدول العربية أن تعمل على التفكير في استراتيجيات لخلق تكامل هيكلي لاقتصادياتها وخلق قوة تجارية وصناعية موحدة تمكنها من التعامل إيجابًا مع الدول والتكتلات الأخرى.

بقلم: د. رضا قويعة