شاءت الأقدار أن أكون مرؤوساً لأكثر من ستة مديرين متعاقبين منذ بداية حياتي المهنية، وكل مدير كان له أثر كبير على أدائي بالعمل، فمن مدير باعث على الإبداع والانجاز ومشجع على التمييز والتطور، الى محبط للمعنويات والهمم ومثير للقلق والتوتر، وهذا بالتأكيد يؤثر على بيئة العمل والإنتاجية وبالتالي أرباح الشركة.
من أولئك المدراء من يستخدم أسلوب الصراخ واللوم والتهرب من المسؤوليات عندما يقع في الأزمات، ومنهم من يستخدم طريقة تتبع العثرات والهجوم المباغت وكأننا في غابة أو في ساحة معركة، بينما بعضهم كان مثالا جميلا لأخلاقيات العمل وتفويض المسؤوليات، وأحدهم كان كثير الافادة إلا أنه يتخذ سياسة “طريقتي أو لا طريقة” فتحاول جاهدا اجتناب مناقشته لأنك سوف تصل معه حتما الى طريق مسدود.
وبعد بحثي المعمق عن سبب هذا التأثير العالي للمديرين على مرؤوسيهم وهل هذا التأثر خاص بي وحدي أم أنه سمة عامة تنطبق على كافة الموظفين، وجدت أن أكثر الدراسات تعتبر المدير هو مفتاح ذهبي فريد لرضا أو سخط الموظفين، وأن من أهم أسباب ترك الموظفين المتميزين لعملهم في الشركة “كما ذكرت مجلة فوربس الأمريكية” هو ما يتعلق بالمدير ذاته، فهو من يحفز ويبث روح الفريق، وهو من يطلعك على اخر المستجدات وأهداف الشركة، وهو أيضا من ينشر أخلاقيات العمل ويستمع الى فريقه ويقدر آراءهم ويفشي جو المرح والمتعة في العمل، وبالتالي يقود فريقه الى الانجاز بشكل جماعي كان أم فردي، والعكس بالعكس.
فمهما ملكت الشركة من موظفين متميزين وموهوبين ولكن يترأسهم مدير غير كفء فسيفشل الفريق كله وستضيع هذه الكفاءات سدى.