أعلن معالي وزير العمل، ورئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، المهندس عادل فقيه أن وزارته تبنت استراتيجية لإدارة الأداء بالوزارة صممت خصيصًا لمساعدة مسؤوليها لإدارة أداء منسوبيها والرقابة عليها ومردودات ذلك الأداء.
وأوضح أن هذا التبني تجسد في توجّه الوزارة لتطبيق منهجية بطاقة قياس الأداء المتوزان (BalancedScoreCard) المعروفة اختصارًا في اللغة الإنجليزية بـــ (BSC)، والعمل على إنشاء مكتب لإدارة الاستراتيجيات للتعامل مع التغييرات الجذرية والكبيرة التي أخذت الوزارة تشهدها منذ أن تولى مهمتها.
جاء هذا الإعلان في محاضرة قيمة باللغة الإنجليزية افتتح بها الوزير البرنامج التدريبي «بطاقة قياس الأداء المتوازن في المملكة العربية السعودية» في دورته الثانية التي عقدت خلال المدة من 8 - 12 ديسمبر الماضي بفندق الماريوت بالرياض، تحت رعاية الوزارة للمرة الثانية.
وقد استعرض الوزير فقيه في المحاضرة التجربة الثرية التي مر بها شخصيًا بتبنيه لهذه المنهجية في إدارة الأداء في العديد من المناصب القيادية التي تولاها سواء في القطاع الخاص أو القطاع الحكومي.
ووصف الوزير هذه المنهجية بقوله: «إن بطاقة قياس الأداء المتوازن تعد أداة فعالة للتحليل والنشر والتنفيذ والرقابة على الأداء. ولذلك فإن الوزارة واصلت رعاية هذا البرنامج التدريبي للعام الثاني على التوالي».
وأوضح الوزير أن وزارة العمل قامت بتقييم استراتيجي مفصل نتح عنه إعداد خريطة لاستراتيجية الوزارة توضح القضايا الاستراتيجية الأساسية ومنظور خاص بها لتطبيق منهجية بطاقة قياس الأداء المتوازن.
وأشار إلى أن وزارته قامت بنشر ملامح هذه الاستراتيجية والقيم والمبادئ الموجهة لها في كتيبين هما وزارة العمل 101 ووزارة العمل 102، لضمان اطلاع موظفي الوزارة عليها واستعيابهم لها. كما قامت الوزارة بتنفيذ سلسلة من الدورات في أنحاء المملكة في هذا المجال لتزويد المشاركين فيها من منسوبي الوزارة بالمعارف والاتجاهات والمهارات اللازمة لتطيبيق هذه المنهجية.
ووعد الوزير بالحديث عن نتائج بتطبيق منهجية بطاقة قياس الأداء المتوازن في الدورة الثالثة لهذا البرنامج التدريبي العام القادم، قائلاً: «في ذلك الوقت سأكون في موقف أفضل لتبيان تلك النتائج والتحديات التي تمت مواجهتها في تطبيق هذه المنهجية والمردودات التي تم تحقيقها نتيجة لهذا التطبيق».
وبجانب ما ذكره عن تطبيق بطاقة قياس الأداء المتوازن في وزارة العمل استعرض الوزير فقيه تجربته الشخصية في تبني تطبيق هذه البطاقة أثناء شغله لبعض المناصب القيادية في مؤسسات بالقطاعين العام والخاص، قبل تعيينه وزيرًا للعمل، وكيف أن هذه المنهجية ساعدت في تحسين الأداء في المؤسسات التي شغل فيها تلك المناصب، فقال الوزير في استعراضه: «إن رحلتي من بطاقة قياس الأداء المتوزان بدأت عندما كنت رئيسًا لمجلس إدارة شركة صافولا، فقد قرأت آنذاك مقالًا بعنوان (بطاقة قياس الأداء المتوازن: إجراءات تستحث الأداء) بقلم الخبيرين كابلان ونورتون، فانبهرت بإطار العمل الذي تقدمه هذه البطاقة لتمكين الشركات في آن واحد من تتبع نتائج الأداء المالي، ومراقبة تطور الأنشطة الداخلية، وتقدير الموارد غير المحسوسة التي تحتاجها هذه الشركات للنمو المستقبلي».
وواصل الوزير استعراض تجربته فقال: «وبعد ذلك في عام 2004م عندما تم تعييني رئيسًا لمجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة قمت أيضًا بتبني تطبيق هذه البطاقة فأثبتت لنا أنها أداة فعالة لإدارة التغيير في الغرفة ونشر ثقافة الشفافية والمحاسبية في أوساط موظفيها. وسعدنا في الغرفة عندما تم منحنا (جائزة الممارسة الإدارية الأفضل BestManagementPracticeAward) من قبل اتحاد الغرف العالمية عام 2005م بسبب تطبيقنا لبطاقة قياس الأداء المتوازن».
وفيما يتعلق بتجربته مع بطاقة قياس الأداء المتوازن في القطاع الحكومي قبل وزارة العمل، فذكر أنه عندما صدرت الإرادة الملكية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله تعالى - بتعيينه أمينًا لمدينة جدة، واجه في أمانة المدنية كثيرًا من نقاط الضعف والقصور التي تعاني منها عادة الجهات الحكومية، بجانب تحديات تطوير أمانة تعاني من قلة الموارد وتداخل مهامها مع مهام جهات حكومية عديدة.
وأوضح الوزير فقيه ما قام به لمواجهة ما واجهه في الأمانة فقال: «بعد دراستنا لواقع الأمانة وإعدادنا لاستراتيجيتها، ترجمنا ذلك إلى خريطة استراتيجية ومؤشرات أداء رئيسية لنكون بذلك قد أعددنا خطة لتطبيق بطاقة قياس الأداء المتوازن لتكون أمانة جدة أول أمانة في المنطقة تقوم بتطبيق مفهوم هذه البطاقة».
وأضاف الوزير: «ولكي نضمن مشاركة المواطنين وتفاعلهم في عملية التطبيق هذه قمنا بنشر تصميم شكل بطاقة قياس الأداء المتوازن للأمانة في بوابة الإنترنت. ولكن الأمر لم يخل من تحديات وكان أبرزها عملية تجميع المعلومات الخاصة بمؤشرات الأداء الرئيسية وعدم توفر مؤشرات أداء مرجعية لمقارنة تلك المعلومات المجمعة بها».
وقد حاضر ودرب في هذا البرنامج التدريبي عدد من الخبراء العالميين الرواد في مجال بطاقة قياس الأداء المتوازن مثل الدكتور روبرت كابلانRobertKaplanالأستاذ بمدرسة الأعمال بجامعة هارفارد الأميركية الشهيرة والمؤسس المشارك لمفهوم ومنهجية هذه البطاقة، ووجيروين دو فلاندر JeroenDeFlanderالخبير في تنفيذ الاستراتيجيات.
وجرى في البرنامج، الذي شارك فيه أكثر من مئتي مدير ومتخصص وموظف من مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص في المملكة، تقديم العديد من المحاضرات وورش العمل والعيادات التطبيقية («Howto«clinics) التي ركزت على استخدام الأساليب الملهمة وإدارة التعلم، وبناء المهارات من خلال مواضع البرنامح مثل دروس ملهمة في بطاقة قياس الأداء المتوازن، وحالات دراسية أكثر من نصفها سعودية من القطاعات متعددة الأنشطة لتطبيق هذه البطاقة، وصياغة الاستراتيجيات وأسباب فشل تنفيذها في الشركات، وأحدث الدروس المستفادة من تطبيق البطاقة في مؤسسات القطاعين العام والخاص.
والجدير بالذكر أن بطاقة قياس الأداء المتوازن - كمفهوم ومنهجية - أوجدت بواسطة كل من روبرت كابلان أستاذ علم المحاسبة بمدرسة الأعمال بجامعة هارفارد، وديفيد نورتون، وهو مستشار من منطقة بوسطن الأمريكية، في كتابهما المعنون: (بطاقة قياس الأداء المتوازن) الصادر عام 1996م، بعد دراسات قاما بها عام 1990 على عشرات الشركات حول كيفية استكشاف طرق قياس أداء في ضوء تزايد الاعتقاد بأن مقاييس الأداء المالي وحدها غير فعالة في قياس أداء شركات الأعمال الحديثة.
وقد ذاع صيت هذه البطاقة لدرجة أن أكثر من نصف الشركات الأمريكية الألف التي كانت تظهر في لائحة مجلة «فورتشن Fortune» الاقتصادية الأمريكية الشهيرة قام بتبنيها. ويمكن وصف بطاقة قياس الأداء المتوازن بأنها مجموعة منتقاة بعناية من المقاييس المنبثقة من استراتيجية الشركات يمكن تحديدها كميًا، تستخدم من قبل القياديين في هذه الشركات لتبيان نتائج ومحفزات الأداء لموظفيهم ومن يعنيهم الأمر. وهذه المقاييس تؤدي ثلاثة أدور هي: أداة توصيل، ونظام قياس، ونظام إدارة استراتيجي.