تعددت مجالات التدريب وانتشرت واتسع أفقها مع تنوع وتجدد مطالب الحياه بشكل عام واتساع سوق العمل بشكل خاص.
فمنذ سنوات قريبة كان التدريب متركزًا في اللغات والحاسب الآلي كمتطلبات أساسية للخوض في سوق العمل أو كنوع من استكمال السيرة الذاتية بصورة برستيجية احترافية تتطلبها بعض مجالات العمل في هذا الوقت, التي أصبحت في أيامنا هذه شيء بديهي مثل التخصص الأساسي لصاحب السيرة حتى وإن لم يكن متمًا لدراسته في أي من المجالات, هذا مما يدل على أهمية اللغة والحاسب في مزاولة أي نشاط أو عمل.
ومن الملاحظ في السنوات الأخيرة تعدد وتنوع مجالات التدريب فيما يخص سوق العمل أو فيما يتعلق بالحياة العامة, حتى يمكن القول بأنه تدريب من أجل التدريب, فهناك تدريبات متعددة تختص بأسلوب الحياة العملية منها والاجتماعية في التعامل بين الموظفين فيما بينهم وبين مديريهم وفيما بين مديري القطاعات والإدارات, وفيما بين أفراد الأسرة نفسها, بل على مستوى التفكير الشخصي وهو ما يدخل تحت مسمى (التطوير الذاتي).
ولكن السؤال هنا هل يتطلب كل مجال عمل متخصص نوعًا معينًا من التطوير الذاتي والتدريب عليه؟
يهدف التدريب في أي مؤسسة أو في أي مجال إلى إكساب الفرد نوعًا من المعرفة وبعض المهارات الشخصية التي تمكنه من أداء مهامه الوظيفية والتفاعل مع المجتمع وما يلاحقة من تغيرات.
والإدارة المؤسسية هي القادرة على تحديد نوعية التدريب المطلوب للتطوير الذاتي لموظفيها والعاملين لديها من خلال متطلبات مجال عملها وكذلك كل فرد يستطيع تحديد متطلباته التدريبية بحسب ما يتطلبه مجال عمله وما تتطلبه منه التزاماته الحياتية وما تحتاجه من إمكانيات شخصيه, هذا بالطبع يعتمد على الشفافية الذاتية والإدارية, فحق التدريب لا بد أن يكفل لكل العاملين لدى أي مؤسسة مثله مثل الراتب الشهري ومثل التأمين الاجتماعي وغير ذلك من التزامات المؤسسات والإدارات تجاه موظفيها.
ومن المهم معرفة قدرات الموظف وما يستطيع تقديمه في موقعه الوظيفي, لمعرفة إمكانياته الشخصية, وذلك قبل إلحاقه بأي برنامج تدريبي.
وبناء عليه فالتدريب لا تتوقف أهميته عند إكساب المهارات الشخصية والمتخصصة فقط, بل يساعد على الاستقرار الوظيفي المؤسسي لدى العاملين بكل مؤسسة تهتم بتدريب وتطوير موظفيها والعاملين لديها.
التدريب والتسرب الوظيفي
فأي تطور أو تجديد تدخله المؤسسة على مجال عملها وتخصصها يتطلب تطوير العاملين على هذا التطوير مما يساعدهم على القيام بمسؤلياتهم الجديده بنجاح مما يزيد ثقتهم في أدائهم الوظيفي وبالتالي يزيد انتماؤهم لمؤسساتهم ومن ثم تقل ظاهرة التسرب الوظيفي التي تعاني منها الكثير من المؤسسات وتؤثر على مسيرة الإنتاج بها.
وعليه يمكن القول بأنه من الضروري وجود مسؤول تدريبي أو إدارة مسؤولة عن التدريب بكل مؤسسة تحدد نوعية البرامج التدريبية التي يتطلبها منسوبو المؤسسة والتي تتطلبها تطورات المؤسسة نفسها, ويمكن القول بأن إدارة التدريب بالتعاون مع الرئيس المباشر لكل قسم هي القادرة على وضع أحسن الأساليب لتدريب الموظفين الجدد، أو القدامى المرشحين للترقية، أو الذين يعانون من ضعف الأداء بهدف زيادة كفاءتهم ورفع قدراتهم عن طريق التنمية والتدريب المستمرين.
الحاجة إلى التدريب
إن إدراك حاجة الأفراد للتدريب يعتبر أمرًا مهمًا، ولكن الأهم من ذلك معرفة وتقييم ماذا يحتاج الأفراد من برامج تدريبية، ويتم ذلك عن طريق الاختبارات لمعرفة الكفاءة المعرفية، والمهارات الفنية، أو الاختبارات الذاتية وغير ذلك من وسائل تقييم احتياج الأفراد للتدريب.
ومع تنوع مجالات التدريب وسهولة الحصول عليها بانتشار مراكزها أقبل الكثير من الشباب على مراكز التدريب المختلفة إما بغرض قضاء الوقت فيما يفيد والحصول فيما بعد على شهادة تزيد من قيمة سيرته الذاتية, دون الالتفات إلى مدى الاستفادة العملية من نوع التدريب الذي سيحصل عليه, إما لتحضير نفسه للخوض في مجال عمل يحتاج فيه إلى هذا النوع من التدريب, وفي هذه الحالة تتحقق الفائدة المرجوة من التدريب ألا وهي التطبيق, فكل تدريب لا بد أن يتبعه تطبيق لتأكيد النجاح فيه, وللاستفادة الحقيقية منه, فالشهادة ليست المقياس الأوحد للنجاح, ومن هنا يمكن تطبيق ما يسمى بنظام (تطبيق التدريب) على كل المجالات, بحيث يتم رسم صورة مستقبلية خاصة بكل متدرب, عن كيفية الاستفادة من نوعية التدريب في الحياة العملية أو العلمية, بشكل مسبق للتدريب المراد الحصول عليه, وذلك انطلاقًا من أن لكل زرع ثماره, فالتطبيق السليم هو ثمرة التدريب الناجح.
ويتطلب ذلك إشرافًا إداريًا من قبل هيئة مختصة ومسؤولة عن التدريب تقوم برصد متطلبات سوق العمل وتحضير الكوادر المناسبة له بتوزيعها على مراكز التدريب باختلاف تخصصاتها التدريبية ومن ثم إعادة توزيعها مرة أخرى على نوافذ تطبيقية عملية توافق تخصصاتها التعليمية والتدريبية بالإضافة للإمكانيات التطبيقية لدى كل متدرب، هذا بالإضافة إلى إعانة بعض الكوادر على خوض التجارب الذاتية للمتدربين بإقامة المشاريع الخاصة التي يمكن لهم تطبيق ما تدربوا عليه فيها.
الإبداع ونقل الخبرات لصقل التدريب
والإنسان بطبعه مبدع فلابد من استغلال نقاط الإبداع بأن تعطي مراكز التدريب فرصة للإبداع والتجديد من جانب المتدربين, خلال فترة تطبيق التدريب, بألا يعتمد التدريب على التلقين فقط, حتى يكون المتدرب مستعدًا للعطاء والإنتاج من قبل خوضه سوق العمل.
وبالإضافة إلى التدريب لا بد من الاستفاده من تجارب الآخرين بمعنى أن يتم نقل خبرات المؤسسات الدولية والاستفادة منها فيما يخص مجال كل مؤسسة, فتبادل الخبرات وذوو الخبرة ضرورة للتطور والخوض بنجاح بما يتناسب مع التطورات العالمية.

بقلم: أماني البحيري