إن نجاح منظمة الأعمال أو الشركة أو المؤسسة لا يتوقف فقط على تحقيقها لأهدافها المتعلقة بالأرباح المالية، وإنما يتوقف أيضًا على خلق الولاء والانتماء والرضا في نفوس الموارد البشرية العاملة داخل المنظمة أو الشركة أو المؤسسة. فتحقيق الأهداف المالية ليس دليلاً قاطعًا على وجود هذا الانتماء والولاء من قبل الموارد البشرية تجاه المنظمة أو الشركة، فقد تكون مساهمة الموارد البشرية في تحقيق هذه الأرباح المالية من باب المصالح المالية التي ستعود عليهم من زيادة في الرواتب أو توزيع جزء من الأرباح عليهم، وليس من باب الولاء والانتماء والرضا عن العمل في المنظمة أو الشركة.. وقد يظهر ذلك إذا تركت هذه الموارد البشرية المنظمة أو الشركة إذا أتيحت لها فرصة أفضل في منظمة أو شركة أخرى.
إن الحقيقة التي يجب أن تعيها الإدارة العليا في أية منظمة أو شركة أو مؤسسة أن المنظمة أو الشركة ككيان ما هي إلا مجموعة الموارد البشرية العاملة فيها على اختلاف مستوياتهم وتنوع مآربهم، ولكنهم في النهاية يسعون إلى تحقيق أهداف واحدة محددة من قبل الإدارة العليا؛ فالكل يعمل في منظومة متكاملة لتحقيق هذه الأهداف المرسومة والمخططة سلفًا.
والحقيقة التي يجب أن تعيها الإدارة العليا أيضًا أن هذه الموارد البشرية تختلف كلية عن مكونات المنظمة المادية من مبانٍ وآلات ومعدات وتكنولوجيا وبرامج إلكترونية ونظم معلومات.. فالموارد البشرية ميزها الله سبحانه بالعقل والروح والإحساس والشعور والتفكير والابتكار والإبداع.. ولها سلوكياتها واتجاهاتها ودوافعها وقيمها وثقافتها الخاصة والمتنوعة والمختلفة.. والتي تتحكم في قراراتها وتصرفاتها.. فالتعامل مع الإنسان مختلف تمامًا عن التعامل من الجماد.. فإن كانت صيانة الآلات والمعدات والمباني من الأمور الجوهرية التي تخصص لها المنظمة أو الشركة المبالغ، فمن باب أولى أن تلجأ المنظمة أو الشركة إلى رفع الروح المعنوية للموارد البشرية لديها عن طريق التعامل الذي يشعرهم بأهميتهم الكبرى للشركة أو المنظمة، ومن مظاهر هذا التعامل اشتراكهم في وضع الخطط التنفيذية، وعن طريق الحوار الراقي والمزايا العينية والحوافز المالية، ونشر القيم النبيلة وبث روح التعاون وخلق أجواء من الحب والراحة النفسية بين هذه الموارد البشرية.. إلخ.
ما مفهوم السلوك الخاص بالموارد البشرية؟
السلوك البشري داخل المنظمة أو ما يسمى بالسلوك التنظيمي هو مجموعة الاستجابات التي تصدر عن الإنسان بشكل مباشر وغير مباشر بسبب تعاملاته مع البيئة الداخلية والبيئة الخارجية، وهذه الاستجابات تترجم إلى أعمال وتصرفات أو أقوال ناتجة عن تفاعلات داخلية للموارد البشرية وعن تفكير وإدراك.
فالبيئة الداخلية داخل المنظمة تشكل وتساهم بشكل كبير في تكوين هذا السلوك التنظيمي في نفس المورد البشري العامل في هذه المنظمة، فتصرفات الرؤساء والزملاء والمرؤسين كلها تؤثر بشكل كبير في سلوك المورد البشري بطريق مباشر أو غير مباشر.. فالبيئة الداخلية ذات المناخ التنظيمي الفعال هي بيئة خالقة لتطوير الأداء وتحسينه، فضلاً عن أنها بيئة تساعد على كسب الموارد البشرية وزيادة ولائهم وتعضيد انتمائهم للمنظمة.
وكذلك الحال بالنسبة للبيئة الخارجية التي يتعامل معها المورد البشري، فهذه البيئة لها دور كبير وفعال في تشكيل السلوك التنظيمي له، فإن كان المجتمع الذي يحيا بين جنباته المورد البشري مجتمعًا على سبيل المثال يحترم الحوار، ويعلي من شأن التعامل الإنساني الراقي، فسوف يتأثر سلوك هذا المورد البشري بهذا الأمر وينعكس على سلوكه في تعاملاته مع رؤسائه وزملائه ومرؤوسيه داخل المنظمة أو الشركة أو المؤسسة التي يعمل فيها.. والعكس صحيح إذا كان المجتمع فوضويًا، ولا يعير للرأي الآخر احترامًا أو أهمية، فسوف يتأثر المورد البشري بشكل مباشر أو غير مباشر بهذا الأمر، وينعكس على سلوكه داخل المنظمة التي يعمل بها.
وقد عرف كل من Greenberg&Baronالسلوك التنظيمي بأنه: «مجال يهتم بمعرفة كل جوانب السلوك الإنساني في المنظمات، وذلك من خلال الدراسة النظامية للفرد والجماعة والعمليات التنظيمية، وأن الهدف الأساسي لهذه المعرفة هو زيادة الفعالية التنظيمية وزيادة رفاهية الفرد».
وعرف «سيزلافي ووالاس» السلوك التنظيمي بأنه: «الاهتمام بدراسة سلوك العاملين بالوحدات التنظيمية المختلفة واتجاهاتهم ومواهبهم وأداءهم، فالمنظمات والجماعات الرسمية تؤثر في إدراكات العاملين ومشاعرهم وتحركاتهم كما تؤثر البيئة في المنظمات البشرية وأهدافها».
كيف يتأثر المورد البشري ببيئة العمل؟
إن المورد البشري لما له من صفات إنسانية، يتأثر ببيئة العمل داخل الشركة أو المنظمة، وبيئة العمل تشمل كيان الشركة أو المنظمة المادي المتمثل في البناء؛ ومدى توافقه مع المواصفات الفنية المطلوبة من حيث التهوية والإضاءة والانسيابية، وكذلك تشمل البيئة فيما تشمل نظم السلامة التي تتبعها الشركة أو المنظمة للحفاظ على الموارد البشرية، وأيضًا تشمل بيئة العمل ثقافة المنظمة وما تحويه من قيم وأخلاقيات العمل وأخلاقيات المهنة، فضلاً عما تشمله بيئة العمل من أواصر اجتماعية وتواصل وتعاون وتنسيق وتناغم فيما بين الموارد البشرية. فالمورد البشري يتأثر من دون شك بهذه البيئة، ويؤثر بدوره فيها.. وهذا التأثر مما لا شك فيه يلعب دورًا كبيرًا في حجم فاعلية ونشاط وإنتاج المورد البشري.. فإن كانت هذه البيئة إيجابية فإنها تؤثر بشكل إيجابي على نشاط وفاعلية المورد البشري، وتوجه وترشد سلوكه، وتزيد درجات ولائه وانتمائه للمنظمة أو الشركة أو المؤسسة التي يعمل فيها.. والعكس صحيح إن كانت بيئة العمل غير صالحة أو سلبية.. فإن المورد البشري سيتأثر بها بشكل سلبي، وينعكس ذلك بالتأكيد على نشاطه وفاعليته، ومن ثم سلوكه وانتمائه وولائه للشركة أو المنظمة.
وقبل أن نلج في عرض الاتجاهات السلوكية للموارد البشرية، وأثرها على تحقيق المنظمة أو الشركة أو المؤسسة لأهدافها الاستراتيجية بعيدة المدى وأهدافها المتوسطة المدى فضلاً عن أهدافها الحالية والآنية.
الوقوف على حقيقة الموارد البشرية من أهم أهداف دراسة السلوك
ما من شك أن الموارد البشرية العاملة داخل أية منظمة أو شركة أو مؤسسة تعد من أهم مواردها، بجانب مواردها المالية والمادية الأخرى.. فالمورد البشري بما يملكه من قدرة على التفكير والإبداع والابتكار يمثل العنصر الفعال في مواجهة المنافسين في المجال الذي تعمل فيه المنظمة أو الشركة.. فعن طريق الإبداع والابتكار تتمكن المنظمة أو الشركة من إنتاج منتجات أو تقديم خدمات ذات جودة عالية ومتميزة، تمكنها من التميز على منافسيها، ومن ثم تحقيق أهدافها الاقتصادية والمالية.. ومن هنا كان لازمًا على المنظمة أو الشركة التي تريد التميز والاحتفاظ بل التوسع في حصصها السوقية، كان لزامًا عليها أن تدرس سلوك الموارد البشرية العاملة لديها.. كي تقف على حقيقة هذا السلوك.. وهل هو سلوك إيجابي يصب في صالح المنظمة أو الشركة ويأخذها إلى تحقيق أهدافها ونموها وتقدمها.. أم سلوك سلبي في غير صالح المنظمة أو الشركة، ويأخذ المنظمة أو الشركة إلى عدم تحقيق أهدافها، ومن ثم تحقيق خسائر تؤدي بها في النهاية إلى الانهيار.
مما تقدم يمكننا أن نوجز أهمية دراسة سلوك الموارد البشرية داخل المنظمة (السلوك التنظيمي) في الآتي:
• تنبع أهمية دراسة سلوك الموارد البشرية داخل المنظمة لما تمثله هذه الموارد من أهمية كبرى للمنظمة، فعن طريق هذه الموارد البشرية تستطيع المنظمة أن تحقق أهدافها الاستراتيجية وأهدافها الحالية، وتحقق المزيد من التقدم، والعكس صحيح، فتأثير الموارد البشرية تأثير مباشر وغير مباشر، ومؤثر على حاضر ومستقبل المنظمة، والشركة.
• الوقوف على حقيقة الموارد البشرية داخل المنظمة أو الشركة، عن طريق الفهم الصحيح لسلوكها، والمبني على الدراسات العلمية، ووضع آلية واضحة للتعامل مع هذا السلوك، فإن كان إيجابياً وفعالاً عملت المنظمة على تقويته، وإن كان سلبيًا هدامًا عملت المنظمة على تقويمه وإصلاحه.
• اكتشاف الفروق الفردية بين الموارد البشرية، فهناك موارد لديها القدرة على الابتكار والإبداع، يجب التعامل معها بأساليب علمية تحافظ عليها داخل المنظمة أو الشركة للاستفادة القصوى منها، وفي ذات الوقت توفير المرتبات والمكافآت والحوافز والمزايا العينية المناسبة لها، فضلاً عن توفير البرامج التدريبية التي تزيد من خبراتها ومهاراتها.. وهناك موارد بشرية ذات مهارات متوسطة يجب العمل على تحسين كفاءتها عن طريق البرامج التدريبية.. وعلى المنظمة أو الشركة أن تراعي هذه الفروق الفردية، وألا تساوي في المعاملة بين الموارد البشرية المتميزة والموارد البشرية نصف الماهرة، وذلك في التقدير المالي والمعنوي كي لا تؤثر بالسلب في سلوك الفئة المتميزة المبدعة، وتعمل على إحباطها وانخفاض روحها المعنوية ومن ثم تأثر قدرتها على الإبداع والابتكار، وما يتبع ذلك من تغير سلوكها ناحية المنظمة أو الشركة، وفي نهاية المطاف خسارة فادحة للشركة أو المنظمة.. ومن ناحية أخرى لا تدفع الموارد البشرية نصف الماهرة إلى تحسين أدائها وتطويره.. إذ إنها تتساوى في الرواتب والمكافآت المالية والعينية مع الموارد البشرية المتميزة.
• ترجع أهمية دراسة سلوك الموارد البشرية إلى تحديد العوامل المؤثرة في سلوك الموارد البشرية العاملة داخل المنظمة أو الشركة - البيئة الداخلية، سواء على المستوى الجماعي لهذه الموارد البشرية أو على المستوى الـفردي، وهذا يمكن المنظمة أو الشركة من دراسة هذه العوامل، والعمل على تقويتها إن كانت إيجابية أو القضاء عليها إن كانت سلبية، ومن ثم تستطيع المنظمة أو الشركة أن توجه هذا السلوك الجماعي أو الفردي بما يحقق مصلحة المنظمة أو الشركة.. ويكون في صالح الموارد البشرية بالتأكيد؛ إذ إن تحقيق مصلحة المنظمة الناجحة فيه تحقيق مصلحة العاملين فيها.
• التعرف والتعامل مع العوامل المؤثرة في سلوك الموارد البشرية والمتعلقة بالبيئة الخارجية المحيطة بالمنظمة أو الشركة.. فمعرفة هذه العوامل وتحديدها، ووضع آلية ناجحة في التعامل معها يمكن المنظمة أو الشركة من توجيه سلوك الموارد البشرية لديها نحو الصالح العام، ومن ثم صالح المنظمة والموارد البشرية ذاتها.
• ترجع أهمية دراسة سلوك الموارد البشرية في المنظمة أو الشركة إلى أنها توفر بيانات ومعلومات مباشرة وغير مباشرة عن حقيقة هذا السلوك للموارد البشرية، وذلك لقيادة المنظمة أو الشركة بما يمكنها من وضع الأساليب والطرق المناسبة للتعامل الفعال مع هذه السلوك، وتوجيهها إلى ما فيه صالح المنظمة أو الشركة.
• توفر دراسة سلوك الموارد البشرية في المنظمة أو الشركة معرفة مناسبة لقيادة الشركة أو المنظمة تمكنها من وضع برامج للتحفيز وبرامج للرواتب والأجور والمكافآت المالية والعينية بما يتماشى مع سلوك الموارد البشرية داخل المنظمة أو الشركة.
• توفر دراسة سلوك الموارد البشرية داخل المنظمة أو الشركة بيانات ومعلومات تساعد قيادة المنظمة أو الشركة على معرفة شبه مؤكدة لاتجاهات سلوك الموارد البشرية الحالية، والتنبؤ بما ستكون عليه هذه الاتجاهات في المستقبل.. وهذا يساعد قيادة الشركة في إيجاد الطرق والوسائل المناسبة للتعامل مع هذا السلوك الخاص بالموارد البشرية.. فإن تفسير سلوك الموارد البشرية العاملة داخل المنظمة أمر مهم جدًا بالنسبة لقيادة المنظمة أو الشركة، إذ عن طريق هذا التفسير تستطيع القيادة أن تفهم أسباب ظاهرة ما داخل المنظمة.. فعلى سبيل المثال: إذا لاحظت القيادة رغبة العديد من العاملين في ترك العمل في قسم ما داخل المنظمة.. على القيادة أن تبحث في أسباب هذه الظاهرة.. فقد يكون هناك مشرفون ليسوا على مستوى المسؤولية والمهنية في التعامل مع هؤلاء العاملين، وقد تكون الرواتب التي يحصلون عليها غير مناسبة للجهد الكبير الذي يبذلونه، أو قد تكون البيئة الداخلية للعمل في القسم طاردة ومنفرة من العمل.. إلى آخره من الأسباب.. وهنا على القيادة أن تحل هذه المشكلة الآنية.. وتعمل على التنبؤ بتكرارها أو بمثلها أو بمشكلات أخرى في أقسام أخرى.. ولا تنتظر حتى تقع المشكلة.. وتعمل من خلال التنبؤ على الوقاية والحيلولة دون وقوع هذه المشكلات.. كل ذلك يتحقق من خلال دراسة السلوك التنظيمي للموارد البشرية العاملة داخل المنظمة أو الشركة أو المؤسسة، والعمل الجاد على التحكم في هذا السلوك، والسيطرة عليه بما يضمن انسيابية في العمل، وتحقيق أهداف المنظمة أو الشركة.
المظاهر والاتجاهات السلوكية الخاصة بالموارد البشرية
هناك بعض المظاهر والاتجاهات السلوكية الخاصة بالموارد البشرية في المنظمة منها:
أولاً: رضا الموارد البشرية عن العمل داخل المنظمة وارتفاع روحها المعنوية:
إن القيادة الناجحة في أية منظمة أو شركة تعمل بشكل مستمر على رفع الروح المعنوية للموارد البشرية العاملة في المنظمة، وذلك عن طريق توفير البيئة الداخلية المناسبة والصالحة للعمل داخل المنظمة.. وتستطيع القيادة أن تتعرف على ارتفاع الروح المعنوية ورضا الموارد البشرية العاملة من خلال:
• السلوك العلني للموارد البشرية داخل المنظمة: ويتمثل السلوك العلني للموارد البشرية داخل المنظمة في المحافظة على الجدية في العمل، ارتفاع معدلات مستوى الأداء، الحفاظ على مواعيد الدوام، معدلات دوران العمل، المحافظة على موارد المنظمة أو الشركة، التقليل من الهدر في الوقت أو المواد، والتقليل من الفاقد والتالف من المنتجات إلى المستويات الدنيا.
• الآراء والاتجاهات التي تبديها الموارد البشرية: وتتمثل هذه الآراء وتلك الاتجاهات في مشاعر الانتماء والولاء التي تظهرها الموارد البشرية، وكذلك الأفكار الإيجابية والإبداعية التي تطرحها الموارد البشرية بما يدلل على حبها وانتمائها وولائها للمنظمة أو الشركة التي تعمل فيها.
إن رضا الموارد البشرية عن العمل هو ناتج أصيل للتفاعل بين العديد من المتغيرات داخل المنظمة أو الشركة.. وأهم هذه المتغيرات: طبيعة العمل داخل المنظمة، وبيئة العمل الداخلية وما توفره من ظروف إيجابية، وشروط مناسبة، برامج ونظم التقدم والترقي الوظيفي داخل المنظمة، فضلاً عن برامج وأنظمة الرواتب والأجور والحوافز والمزايا العينية، طرق الرقابة والإشراف والتوجيه المتبعة داخل المنظمة.. وغيرها من المتغيرات التي تعمل على رفع الروح المعنوية، ومن ثم تحقيق رضا الموارد البشرية عن العمل داخل المنظمة أو الشركة.
ثانيًا: مقاومة الموارد البشرية للتغيير داخل المنظمة:
من المتداول أو المعروف أن الإنسان عدو ما يجهله.. وإن كان هذا طبيعيًا في حالات ما فإنه ليس طبيعيًا في كل الحالات.. فالتغيير أمر مرغوب في حالة ما، ومطلوب وضروري في حالة أخرى.. فدوام الحال من المحال.. والجمود عدو التقدم.. فالمنظمة أو الشركة التي تريد البقاء والاستمرار عليها أن تدرس وضعها الحالي، وأن تلجأ إلى التخطيط الاستراتيجي لمستقبلها، وأن تلجأ إلى التغيير ليس لمجرد التغيير، وإنما لتحقيق أهداف محددة وجوهرية من وراء هذا التغيير.
• مفهوم التغيير:
• مفهوم التغيير من الناحية الفنية: هو التغيير في الأدوات والآلات والمعدات، وأنظمة وبرامج العمل الفنية والإدارية داخل المنظمة.
• مفهوم التغيير من الناحية السلوكية: تحديد تأثير التغيير على سلوك الموارد البشرية، وانعكاس ذلك على العمل الفني والإداري داخل المنظمة.
• أسباب مقاومة الموارد البشرية للتغيير داخل المنظمة:
إن التغيير بالنسبة للموارد البشرية في غالب الأحيان أمر غير مرغوب فيه، فالتعود على عمل ما، وضمان البقاء والاستمرار فيه، وضمان تدفق الراتب في آخر الشهر أمر محبب لنفوس الموارد البشرية، ومن ثم فهي لا تريد التغيير وتعمل على مقاومته خوفًا من تعرض مصالحها للاهتزاز أو التأثر جراء هذا التغيير.. ولهذا يتوجب على القيادة أن توضح للموارد البشرية أن هذا التغيير ضروري لتحقيق أهداف المنظمة أو الشركة، وهو لصالحهم أيضًا، وأن التغيير لن يجلب لهم أي ضرر، بل سيعود عليهم بالنفع الأكبر من خلال إعادة تأهيلهم وتدريبهم.. ولعل من المناسب ذكر بعض الأسباب التي قد تدفع المورد البشري نحو مقاومة التغيير:
• أسباب نفسية: وتتمثل هذه الأسباب في : الخوف من المجهول وما يحمله التغيير من أعمال قد لا يستطيع أداءها بالكفاءة المطلوبة ومن ثم يحرم من المكافآت أو قد يفصل من العمل، الخوف من التهميش إذ قد ينحصر عمله نتيجة التغيير والتطوير في أعمال بسيطة داخل المنظمة لا يستطيع أن يبرز فيها مهارته ومن ثم تقل فرصه في الترقي الوظيفي، الخوف من النقل من قسمه أو وحدته إلى قسم آخر أو وحدة أخرى وتعلم أعمال أخرى قد تتطلب مجهودًا أكثر، وهو لا يستطيع القيام به في مرحلة سنية معينة، أو لا تقبل نفسه القيام بها.. وغيرها من الأسباب النفسية التي تدفع المورد البشري إلى مقاومة التغيير.
• أسباب وظيفية: وتتمثل في: الخوف من التطوير الذي يحمله التغيير ويؤدي إلى زيادة الأعباء داخل العمل، أو جعل الأعمال أكثر تشعبًا، مما يترتب عليه تحمل أعمال إضافية، أو اختصاصات ومسؤوليات جديدة تتطلب معارف أوسع، أو أخذ دورات تدريبية لتجبر النقص المعرفي أو المهاري، وتزداد المقاومة للأسباب الوظيفية في حالة عدم زيادة العائد المالي من زيادة في الراتب أو المكافآت.
• وسائل معينة للقيادة في الحد من آثار مقاومة التغيير:
إن القيادة الناجحة لا تقف مكتوفة الأيدي إزاء مقاومة التغيير التي تبديها الموارد البشرية العاملة داخل المنظمة، بل يتوجب على هذه القيادة أن تتعامل مع هذه المقاومة قبل أن تنشأ، وبعد حدوثها طبقاً لهذه الوسائل:
• توضيح القيادة للأسباب التي دفعتها إلى التفكير في عملية التغيير.
• إشراك الموارد البشرية في التخطيط لعملية التغيير.
• العمل على تعليم وتدريب الموارد البشرية بشكل مستمر، لإكسابها المهارات والخبرات التي تؤهلها للتعامل مع التغيير المنشود بسهولة ويسر.
• إشعار الموارد البشرية بشكل نظري وعملي أنهم جزء لا يتجزأ من المنظمة أو الشركة، وأنهم أهم ما تملك من موارد، وأن التغيير في صالح الشركة أو المنظمة وصالحهم.
• التأكيد على مستقبل الموارد البشرية وبقائها في المنظمة أو الشركة مهما حدث من تغيير، وأن ما يحصلون عليه من رواتب وأجور ومكافآت لن يتأثر بل سوف يزداد، ولكي يزداد لا بد من التفاعل الإيجابي من قبل الموارد البشرية مع ما يتطلبه التغيير من أعمال جديدة ومهارات وخبرات متطورة.
ثالثًا: شعور الموارد البشرية بالاغتراب داخل المنظمة:
إن شعور المورد البشري بالاغتراب داخل المنظمة أو الشركة التي يعمل بها شعور سلبي بالتأكيد.. وله آثار سلبية وخطيرة على أدائه للعمل المكلف به، ومن أهم هذه الآثار أن ما ينتجه هذا المورد البشري لن يتمتع بالجودة العالية، فهو يسيطر عليه سلوك لا يدفعه إلى الإبداع أو الابتكار نتيجة شعوره بالاغتراب.. وهو يؤدي ما يطلب منه من عمل لقاء ما يحصل عليه من راتب أو أجر.
وتشير بعض الدراسات إلى خمسة عوامل تكوّن ظاهرة الاغتراب في نفس المورد البشري العامل داخل المنظمة وهي:
• العزلة: وهو شعور يسيطر على المورد البشري بأن ما يؤديه غير مقبول من رؤسائه ، والسبب راجع لخلل فيهم وليس فيه.
• عدم القدرة على التأثير: شعور يسيطر على المورد البشري، ويتمثل في إحساسه بعدم القدرة على التأثير في محيط عمله داخل المنظمة.
• النفور: شعور المورد البشري بنفور زملائه ورؤسائه، وعدم قبول ما يؤديه من عمل بسببهم وليس بسببه.
• اللامبالاة: شعور المورد البشري بأنه يؤدي العمل، ولا يهتم بالنتائج، فتأتي كيفما تأتي.
• اللا أخلاقية: شعور المورد البشري بأن أساليب وطرق العمل داخل المنظمة لا أخلاقية، ومن ثم يشعر بالاغتراب داخل المنظمة.
رابعًا: شعور الموارد البشرية بالانتماء للمنظمة:
شعور الانتماء شعور جميل، يدفع صاحبه إلى بذل كل جهده في أداء العمل المكلف به داخل المنظمة، ولا يتوقف عند هذا البذل، بل يبحث في مكنونه من أفكار وإبداعات كي يجعلها جاهزة في خدمة المنظمة أو الشركة التي يعمل فيها.. إن الشعور بالانتماء من أهم العوامل المنشئة والموجهة للسلوك الإيجابي للمورد البشري.. فالانتماء يشتمل فيما يشتمل على معاني الوفاء والإخلاص والولاء والرغبة في الاستمرار في العمل في المنظمة أو الشركة.. ويجب على القيادة الرشيدة لأية منظمة أو شركة العمل على ترسيخ معاني الانتماء في نفوس الموارد البشرية ليس فقط عن طريق الرواتب العالية والمكافآت المجزية، بل عن طريق التقدير المعنوي لما له من أثر في نفوس الموارد البشرية، يوجه سلوكها نحو المشاركة الفاعلة والإبداع والابتكار والتفافي في نهضة المنظمة أو الشركة.

بقلم: محمود عيسى