إن التطور الاقتصادي والتطور التكنولوجي الذي ساعد العالم في العقود الزمنية الأخيرة في القرن العشرين، وما تبعها من تطور في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، هذا التطور استتبع بالضرورة تطورًا مباشرًا وغير مباشر في الموارد البشرية في كافة المنظمات والشركات والمؤسسات والمنشآت، وعلى كافة المستويات الإدارية والوحدات الإنتاجية والمالية والتسويقية والبيعية... إلخ.
وكان لزامًا على الباحثين والإدارات العليا في كافة المنظمات والشركات والمؤسسات أن تحدد مدى تأثير هذا التقدم والتطور التكنولوجي على هيكل الموارد البشرية داخل المنظمات والشركات، وأيضًا على حجم هذه الموارد البشرية المتوافرة لديها، وحجم الموارد البشرية المناسب الواجب توافره لديها، وذلك بهدف إيجاد نوع من الفعالية والكفاءة والتوازن بين كل من التكنولوجيا الواجب امتلاكها، وهيكل المنظمة وحجم العمالة الواجب توافره.
التكنولوجيا كلمة مكونة من مقطعين الأول «تكنو techno» وهو يدل على معنى صنعة - فن - حرفة، والثاني «لوجيا Logy» وهو يدل على معنى نظرية أو مذهب، وعند جمع المقطعين نحصل على مصطلح تكنولوجيا لنحصل على معنى أن كل فن لابد له من نظرية أو إطار نظري. والتكنولوجيا يعرفها أحد الباحثين وهو Dafteبأنها: «الأدوات والأساليب المستخدمة لنقل أو لتحويل المدخلات التنظيمية إلى مخرجات، وبهذا المعنى فهي تمثل ظاهرة اجتماعية تكييفية».
تنوع الخصائص التكنولوجية والموارد البشرية
أشار كثير من الباحثين المتخصصين إلى أن تنوع الخصائص التكنولوجية بين شكل أو مستوى تكنولوجي وشكل ومستوى تكنولوجي آخر قد يؤدي إلى اختلاف مباشر أو غير مباشر على خصائص الموارد البشرية في المنظمات والشركات والمؤسسات.. بسبب الآتي:
• العلاقة الوثيقة أو ارتباط كل شكل أو مستوى تكنولوجي بخبرات ومهارات وكفاءات معينة يجب توافرها في الموارد البشرية.
• ارتباط التقدم والتطوير التكنولوجي في الغالب بموارد بشرية عالية المستوى، ومرتفعة الرواتب والأجور، وهذا يفرض على المنظمة أو الشركة تحقيق أقصى استفادة ممكنة من وراء هذه الموارد البشرية، لتعوض ما تتحمله من نفقات كبيرة بسبب ارتفاع الرواتب والأجور التي تحصل عليها تلك الموارد البشرية.
• يفرض التقدم والتطوير الاقتصادي مستويات عالية من الأداء، تلتزم بها الموارد البشرية العاملة داخل المنظمة أو الشركة.
• يفرض التقدم والتطوير أن تكون الموارد البشرية في المنظمة أو الشركة على أعلى مستوى لتتماشى مع هذا التقدم التكنولوجي، وهذا يفرض بالتبعية أن تهيئ المنظمة أو الشركة مواردها البشرية - قبل استخدام التكنولوجيا المتطورة الحديثة - عن طريق توفير مادة تعليمية نظرية عن هذه التكنولوجيا المراد تطبيقها، وبرامج تدريبية متخصصة تتماشى مع هذه التكنولوجيا، وألا يتوقف رفع مستوى الموارد البشرية عند حد التأهيل فحسب، بل تستمر البرامج التدريبية على وجه الخصوص لكي لا تحدث سقطات أو هنات، أو عدم استيعاب جيد للتكنولوجيا الحديثة المطبقة أثناء العملية الإنتاجية، ومن ثم تتأثر جودة المنتجات التي تقدمها المنظمة أو الشركة.
• ينتج عن التقدم والتطوير التكنولوجي في الغالب وفرة أو فائض في الموارد البشرية المتاحة لدى المنظمة أو الشركة، والتي تفرض على الإدارات العليا، وإدارات الموارد البشرية سياسات خاصة للاستفادة من هذه الموارد البشرية، وكذلك وجود خطط للاستغناء عنها.
التكنولوجيا وهيكل المنظمة
مما لا شك فيه أن هناك علاقة تأثير قوية مباشرة وغير مباشرة ما بين نوع أو نمط أو شكل التكنولوجيا المستخدمة في المنظمة وهيكل هذه المنظمة.. وفيما يلي إيضاح موجز:
• التكنولوجيا والتعقيد:
أشارت دراسات كثيرة إلى أن التكنولوجيا ذات علاقة ضعيفة جدًا مع التعقيد التنظيمي داخل المنظمة أو الشركة؛ فكلما زادت نسبة الروتينية في المنظمة أو الشركة قل عدد المجموعات المهنية المتخصصة، ومن ثم قلت حاجة المنظمة إلى تدريب مواردها البشرية العاملة لديها.
• التكنولوجيا والرسمية:
هناك علاقة موجبة أو ارتباط موجب ما بين التكنولوجيا الروتينة والرسمية داخل المنظمة أو الشركة، إذ يرافق التكنولوجيا الروتينية قواعد وتحليل ووصف الأعمال والمهمات كي تساعد إدارة المنظمة في تنفيذ هذه القواعد. وعلى النقيض من ذلك تحتاج التكنولوجيا غير الروتينية إلى نظم واضحة ودقيقة للسيرة، تسمح وتتيح المرونة وحرية التصرف سواء للعاملين في الإدارة أو الموارد البشرية العاملة داخل المنظمة أو الشركة.
• التكنولوجيا والمركزية:
هناك علاقة طردية بين التكنولوجيا والمركزية، إذ كلما ازدادت التكنولوجيا المستخدمة في المنظمة، ازدادت مركزية اتخاذ القرار داخل المنظمة.
العلاقة بين التكنولوجيا وتركيبة الموارد البشرية
إن العلاقة بين التكنولوجيا وهيكل أو تركيبة الموارد البشرية في المنظمات والشركات علاقة وثيقة؛ إذ يوجد ارتباط قوي بين التكنولوجيا التي تستخدمها المنظمة أو الشركة، وهيكل أو تركيبة الموارد البشرية المتوافرة لديها.
وهناك العديد من الدراسات التي قدمها الباحثون أمثال: الباحثة وود وارد (Woodward)، والباحث بيرو (Perrow) والباحث ثومسون.. التي تناولت ووضحت هذه العلاقة.. وسوف يتم تناول نتائج هذه الدراسات بإيجاز فيما يأتي:
• دراسة الباحثة وود وارد (Woodward): قامت الباحثة «وود وارد» بدراسة مائة شركة صناعية، وقامت بجمع بيانات ذات علاقة بالهيكل التنظيمي وبيانات مالية عن هذه الشركات، ثم قامت بتصنيف هذه الشركات إلى فئات ثلاث «شركات في فئة: فوق المعدل - شركات في فئة: المعدل - شركات في فئة: تحت المعدل»، وقامت أيضًا بتصنيف هذه الشركات طبقًا إلى تكنولوجيا طريقة الإنتاج إلى ثلاث مجموعات «شركات تتبع تكنولوجيا إنتاج بالوحدة أي الدفعات الصغيرة - شركات تتبع تكنولوجيا إنتاج واسع أي الدفعات الكبيرة - شركات تتبع تكنولوجيا إنتاج بالعملية».
وقامت الباحثة بعمل الجدول التالي لتستخلص منه نتيجة الدراسة:

الأبعاد الهيكلية
منخفض التكنولوجيا عالي
شركات تتبع تكنولوجيا الإنتاج بالوحدة شركات تتبع تكنولوجيا إنتاج واسع شركات تتبع تكنولوجيا إنتاج بالعملية
عدد المستويات الإدارية 3 4 6
نطاق الإشراف 24 48 14
المكون الإداري 1: 23 1: 16 1: 8
نسبة العمال الماهرين عالية منخفضة عالية
درجة التعقيد الكلي منخفضة عالية منخفضة
مستوى الرسمية منخفض عالي منخفض
مستوى المركزية منخفض عالي منخفض

ونتيجة الدراسة جاءت لتبين الآتي:
• وجود علاقات قوية بين التصنيفات التي وضعتها الباحثة للشركات والهيكل الوظيفي لهذه الشركات.
• ارتباط فاعلية الشركة بطبيعة التلازم بين التكنولوجيا وهيكل المنظمة.
• مع ازدياد استخدام التكنولوجيا تزداد نسبة المديرين والمشرفين إلى الموارد البشرية (أي مع ازدياد استخدام التكنولوجيا توجد حالة من الفائض في الموارد البشرية) فنسبة المكون الإداري (المديرين والمشرفين) في حالة الشركات التي تتبع تكنولوجيا الإنتاج بالوحدة (1: 23 أي 0.043 بمعنى مدير أو مشرف لكل 23 عاملاً) وازدادت هذه النسبة في حالة الشركات التي تتبع تكنولوجيا إنتاج واسع (1: 16 أي 0.062 بمعنى مدير أو مشرف لكل 16 عاملاً) وازدادت هذه النسبة في حالة الشركات التي تتبع تكنولوجيا إنتاج بالعملية (1: 8 أي 0.125 بمعنى مدير أو مشرف لكل 8 عاملين) وهذا يدل على أن استخدام التقدم التكنولوجي لابد أن يقابله انخفاض في عدد العمالة خاصة العمالة الإدارية والكتابية.
هيكل الموارد البشرية في ظل اختلاف نمط التكنولوجيا
- هيكل الموارد البشرية أو العمالة في المنظمة في ظل نمط التكنولوجيا التقليدية:
إدارة عليا
إدارة وسطـــى
أخصائيـــــــون
فنيــــــــــــون
عمالــــــة ماهــــــرة
عمالـــــــــة عاديــــــة
ويلاحظ من الشكل السابق أن الأوزان النسبية تزداد بدرجة كبيرة في العمالة العادية، ثم تقل في العمالة الماهرة، ثم تقل في الفنيين، ثم تقل في الأخصائيين، ثم تقل في الإدارة الوسطى، إلى أن تكون في أقل معدل لها في الإدارة العليا.
- هيكل الموارد البشرية أو العمالة في المنظمة في ظل نمط التكنولوجيا المتقدمة:
إدارة عليا
إدارة وسطـــى
أخصائيــــــــــون
فنيــــــــــــون
عمالـــــة ماهــرة
عمالـة عاديـــة
ويلاحظ من الجدول السابق أنه عندما اختلف نمط استخدام المنظمة أو الشركة للتقدم التكنولوجي من تقليدي إلى متقدم، اختلفت خصائص تركيبة أو نمط هيكل الموارد البشرية في المنظمة أو الشركة، فنرى انخفاض الوزن النسبي للعمالة العادية عنه في العمالة الماهرة، وانخفاض العمالة العادية والعمالة الماهرة عن الفنيين والأخصائيين، وتساوي الفنيين والأخصائيين، مع المحافظة على زيادتهما عن الوزن النسبي للإدارة الوسطى والعليا، مع ثبات الوزن النسبي بين الإدارتين الوسطى والعليا.
ويلاحظ أيضًا أنه كلما ازداد اعتماد المنظمة أو الشركة على التكنولوجيا المتقدمة تزداد نسبة الاعتماد على الفنيين من الموارد البشرية المتاحة لديها، أو استقطبت ما يسد الفجوة إن كان هناك نقص أو عجز في الفنيين.
ويلاحظ أيضًا طبقًا لدراسة «وود وارد» بالنسبة لتأثير استخدام التكنولوجيا على نسبة استخدام الأخصائيين في الشركات ذات نظام الإنتاج بالوحدة، أن هذه الشركات استخدمت القليل نسبيًا من الأخصائيين في إدارات الإنتاج بالمقارنة مع الشركات الأخرى خاصة الشركات التي تستخدم نظام العملية، التي ارتفعت أهمية الكفاءة الفنية للمديرين.
وأشارت الباحثة أيضًا في دراستها فيما يخص العلاقة بين الإداريين التنفيذيين والخبراء الاستشاريين، إلى أن شركات نظام الإنتاج بالدفعات الكبيرة استخدمت الأخصائيين بنسبة كبيرة، وهذا أدى إلى حدوث انقسام في الطبقة الإدارية داخل الشركات إلى مجموعتين وهما: المجموعة التنفيذية، والمجموعة الاستشارية.. وكان من نتيجة هذا التقسيم أن أصبح لكل مجموعة أهداف وفكر وأسلوب ومسؤوليات خاصة، وهذا انعكس بكل تأكيد على خصائص الهيكل التنظيمي والهيكل الوظيفي داخل المنظمات والشركات.
إن دراسة «وود وارد» اعتمدت بشكل أساسي على المنظمات والشركات الصناعية، وهذا أحد المآخذ التي أخذت عليها من قبل الباحثين الآخرين؛ إذ إن المنظمات والشركات الصناعية لا تمثل كل أنواع المنظمات والشركات الأخرى غير الصناعية.. وهذا ما دفع الباحث بيرو Perrowإلى تقديم هذه الدراسة.
• دراسة بيرو Perrow:
في البداية عرف «بيرو» التكنولوجيا بأنها: تلك الإجراءات التي يؤديها المورد البشري على شيء ما باستعمال معدات وأجهزة وآلات وأدوات، أو بدونها لإحداث تغيير ما داخل المنظمة أو الشركة أو المؤسسة... إلخ.
وهذا ما دفع «بيرو» إلى البحث في تكنولوجيا المعرفة، واعتبرها أكثر ضرورية وأهمية من تكنولوجيا الإنتاج التي اعتمدت عليها «وود وارد»، وأن الاعتماد على تكنولوجيا المعرفة يعتمد على بعدين أساسيين:
الأول: مدى تغيير المهام: أي عدد الاستثناءات أو المشكلات التي تواجه المورد البشري أثناء قيامه بعمله.
الثاني: قابلية تحليل المشكلة: أي طرق البحث التي يتبعها المورد البشري في إيجاد الحل المناسب أو الأفضل لحل المشكلة أو الاستثناء التي يواجهها أو يواجهه.
وقدم «بيرو» عدة براهين تثبت أن أساليب التنسيق والإشراف تتباين أي تختلف تبعًا لنوع التكنولوجيا المستخدمة، وقام بتحديد الهياكل الأساسية التي يمكن تعديلها حسب نوع التكنولوجيا المستخدمة.. وهذه الهياكل هي:
•حرية التصرف التي يمكن أن يمارسها المورد البشري في إنجاز المهام الموكلة إليه.
•قوة المجموعة (مجموعة العمل) في السيطرة على أهداف الوحدة التنظيمية داخل المنظمة أو الشركة.
•مدى الاعتماد المتبادل بين مجموعات العمل داخل المنظمة أو الشركة.
•درجة غوص مجموعات العمل في تنسيق عملها باستخدام التغذية العكسية (المرتدة) feedback.
• دراسة ثومسون:
ذهب «ثومسون» في رؤيته للتكنولوجيا إلى أنه تحدد اختيار الاستراتيجية الخاصة بعدم التأكد. وبناء على ذلك قام بتحديد تكنولوجيا المنظمات المعقدة بثلاثة أنواع هي:
1- تكنولوجيا طويلة مترابطة: تتمثل التكنولوجيا الطويلة المترابطة بضرورة وجود اعتماد متبادل بين المهام داخل المنظمة أو الشركة، وتتصف هذه المهام بتسلسل ثابت للخطوات مثل: خطوط التجميع في الإنتاج الواسع داخل المصنع. وتقع حالة عدم التأكد في هذه العملية الإنتاجية على جانبي المدخلات والمخرجات (أي ليس في العملية الإنتاجية ذاتها) في المنظمة.
2- تكنولوجيا وسيطة: التكنولوجيا الوسيطة هي التكنولوجيا التي تربط بين العملاء (الزبائن) في كلا الحالتين المدخلات والمخرجات، ولعل من أبرز أمثلة هذه التكنولوجيا الوسيطة خدمات البنوك، والهاتف، والإنترنت... إلخ. ويضرب «ثومسون» مثلًا للتأكيد على ما يهدف إليه من دراسته أن البنوك تعتمد على العملاء، وهذا يشكل بالنسبة لها حالة عدم تأكد لا تنتهي أو تخف إلا من خلال زيادة الإقبال من قبل العملاء على البنك.
3- تكنولوجيا كثيفة: التكنولوجيا الكثيفة هي استجابة موحدة بين مجموعة من المواقف المتباينة أي المختلفة. وتعتمد الاستجابة الصحيحة على طبيعة المشكلة ومدى تنوعها، والتي لا يمكن التنبؤ بها، ومثال ذلك التكنولوجيا المستخدمة في الجامعات والمستشفيات... إلخ.
العلاقة بين التكنولوجيا وحجم الموارد البشرية
ما من شك أن ثمة علاقة قوية تربط بين تبني التقدم التكنولوجي وحجم الموارد البشرية في المنظمات والشركات، وتأخذ هذه العلاقة شكل أو نمط العلاقة العكسية في غالب الأحيان، وشكل أو نمط العلاقة الطردية في أحيان قليلة؛ بمعنى أنه كلما زاد الاعتماد على التقدم والتطور التكنولوجي قل الاعتماد على الموارد البشرية صاحبة المهارة المنخفضة، أو العمالة صاحبة الأعمال الروتينية خاصة الكتابية والإدارية (علاقة عكسية).. وكلما ازاد الاعتماد على التقدم والتطور التكنولوجي زاد الاعتماد على الأخصائيين والفنيين المهرة (علاقة طردية).
وبمعنى آخر إذا كانت المنظمة تتوجه نحو استخدام التقنيات الحديثة (التكنولوجيا المتقدمة المتطورة) في تنفيذ العمل والإنتاج، وتسعى إلى إحلال الآلية الكاملة في تنفيذ أعمالها، بدلًا من العنصر البشري، فإن على المخطـط في هذه الحالة توقع حدوث فائض كبير في الموارد البشرية النصف ماهرة مستقبلًا، ذلك نتيجة عدم الحاجة إليها في العمل في حال الاعتماد الكامل على الآلية، وفي المقابل يأخذ المخطط في الحسبان توقع حاجة المنظمة للموارد البشرية الماهرة ذات الكفاءة والخبرة والمهارة العالية، التي يمكنها التعامل مع الآلية التكنولوجية الحديثة.
ولعل من المناسب في هذا المقام أن نعرج لإلقاء الضوء على عملية التخطيط للموارد البشرية داخل المنظمة، ثم نتحدث عن مدى تأثير استخدام التكنولوجيا في تحديد حجم الموارد البشرية في المنظمات أو الشركات..
إن تخطيط الموارد البشرية عملية علمية ذات بعد استراتيجي هام لمنظمات الأعمال وغيرها من المنظمات، ذلك لما لتخطيط الموارد البشرية من علاقة مباشرة باستراتيجيات تلك المنظمات، فتخطيط الموارد البشرية يقدر حجم العمالة التي تحتاجها منظمات الأعمال لتنفيذ أعمالها المستقبلية، بشكل يضمن لها الاستمرارية والبقاء ؛ فضلًا عن تحقيق أهدافها المنشودة التي تحتويها استراتيجياتها العامة.
وتخطيط الموارد البشرية عملية متواصلة ومستمرة بتواصل واستمرار المنظمة التي تعمل في ظل متغيرات بيئية داخلية وخارجية متنوعة تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في حجم أعمالها فتجعله غير مستقر، مما يجعل حاجة المنظمة للموارد البشرية متغيرة أيضًا بين الحين والآخر.
إن تخطيط الموارد البشرية في المنظمة عمل استراتيجي هام، طالما هناك حالات تعيين وترك للعمل داخل المنظمة، فلا توجد منظمة ليس فيها معدل دوران عمل متغير بسبب حالات التعيين وترك العمل التي تؤثر فيها المتغيرات البيئية، ومن ثم لا يكون بإمكان أية منظمة جعل هذا المعدل صفرًا، لأن المتغيرات البيئية سواء الداخلية أو الخارجية المحيطة بتلك المنظمات لا تمكنها من السيطرة عليها خاصة المتغيرات الخارجية.
وتخطيط الموارد البشرية هو المسؤول عن تقدير وتحديد حاجة أعمال المنظمة من الموارد البشرية، لذلك فهو عمل استراتيجي مستمر ومتواصل يلازم تنفيذ استراتيجيات المنظمة، طالما أن هذه المنظمة قائمة وتعمل وتنشط في ظل ظروف بيئية داخلية وخارجية ليس لها صفة الثبات، بل دائمة التغيير.
ويلعب تخطيط الموارد البشرية دورًا هامًا ؛ بل يعد حلقة الوصل بين استراتيجية المنظمة العامة، واستراتيجية إدارة الموارد البشرية، وذلك يرجع إلى أن تخطيط الموارد البشرية يَتِمُّ في ضوء معطيات ومتطلبات وحاجات استراتيجية المنظمة العامة وما تريد إنجازه وتحقيقه من أعمال في المدى المستقبلي البعيد، فيقوم تخطيط الموارد البشرية بالتنبؤ، ومن ثم تقدير وتحديد احتياجات استراتيجية المنظمة من الموارد البشرية، التي على أساسها تقوم إدارة الموارد البشرية بوضع استراتيجية عملها، بشكل علمي مدروس يسهم في تنفيذ استراتيجية المنظمة العامة، فبناء على احتياجات ومتطلبات المنظمة من الكفاءات والخبرات البشرية من حيث أعدادها ونوعياتها وتخصصاتها ومؤهلاتها... إلخ، تقوم إدارة الموارد البشرية برسم سياستها، وإعداد برامج نشاطاتها وممارساتها في مجالات الاستقطاب والاختيار والتعيين والتدريب والتعلم والتنمية.. وغيرها من نشاطات إدارة الموارد البشرية، وتحديد نطاق ممارسة هذه السياسات وتلك البرامج داخل المنظمة.
ومما تقدم يتضح لنا أن نتائج تخطيط الموارد البشرية، هي التي ترسم وتحدد الإطار العام والشامل لاستراتيجية إدارة هذه الموارد الذي ستعمل ضمنه، بشكل يتوافق ويتكامل مع احتياجات ومتطلبات تنفيذ استراتيجية المنظمة العامة من الكفاءات والخبرات والمهارات المؤهلة للعمل، بمستوى وكفاءة وجودة عالية لتحقيق معدلات إنتاجية عالية، وذات فعالية.
وقد أكدت الدراسات أن هناك عوامل أخرى تحدد حجم الموارد البشرية في المنظمة أو الشركة بجانب التغير التكنولوجي الذي تلجأ إليه المنظمة أو الشركة.. ومن هذه العوامل: إنتاجية المورد البشري، درجة نمو الموارد البشرية، معدل دوران العمل، متوسط ساعات العمل في الأسبوع، مدى رضا المستهلكين على السلع والخدمات التي تنتجها أو تقدمها المنظمة أو الشركة، وهذا يدل عليه معدلات الطلب على هذه السلع وتلك الخدمات.
وإن كان معدل إنتاجية المورد البشري، ودرجة نمو الموارد البشرية يمكن أن يؤديا إلى تقليل فرص التشغيل وزيادة نسبة البطالة في المجتمع، فإن انخفاض أو تقليص عدد ساعات العمل الأسبوعية، وزيادة الطلب على السلع والخدمات التي تنتجها وتقدمها المنظمة أو الشركة يؤديان إلى زيادة فرص التشغيل، ومن ثم نقص معدلات البطالة في المجتمع.
وهناك دراسات تؤكد أن إدخال أو زيادة الاعتماد على التكنولوجيا مثل الحاسب الآلي لا يؤثر على حجم الموارد البشرية في بعض الصناعات بل يزيد من فرص التشغيل. وهناك دراسات ترى عكس ذلك.. فتشير دراسة أجريت على أحد مصانع البتروكيماويات، أن الانتقال إلى مستوى فني - تكنولوجي - متقدم أدى إلى زيادة الطاقة الإنتاجية إلى عدة أمثال، تطلب معها الاستغناء عن عدد كبير من حجم الموارد البشرية العاملة في هذا المصنع.. إذ تم استبدال وحدات تشغيلية بأخرى لا تتطلب الأنشطة الإشرافية والرقابية للمورد البشري داخل الشركة، وتم أيضًا استبدال طرق وأساليب لأداء الوظائف لا تعتمد على المورد البشري.
إن التقدم التكتولوجي وإن كان يصاحبه عند استخدامه ارتفاع في تكلفة الإنتاج إلى أن الحقيقة الجازمة، أن هذه التكلفة الأولية يقابلها انخفاض أكبر في التكلفة عند ارتفاع الطاقة الإنتاجية، وتوفير الرواتب والأجور التي كانت تتقاضاها العمالة أو الموارد البشرية التي تم الاستغناء عنها نتيجة إحلال التكنولوجيا.

إن طلب الريادة يفرض على طالبه سواء كان فردًا أم مجتمعًا أم شركة أم منظمة... إلخ، الأخذ بمناهج وأسس ومبادئ ووسائل البحث العلمي المبني على التجارب السابقة والمشاهدات الحالية والاستشراف المستقبلي، وذلك في المجال المراد أو المرغوب تحقيق الريادة والتقدم والنمو فيه.. وغني عن البيان أن العنصر البشري يقوم بالدور الرئيس في عملية البحث العلمي، وإن استعان بالأدوات أو الأجهزة التكنولوجية الحديثة والمتطورة فهي مساعدة له لا مفكرة بالنيابة عنه، فالتفكير والابتكار والإبداع من صفات وخصائص العنصر البشري صاحب العقل، وليس من صفات وخصائص الآلة أو المعدة التي اخترعها العقل البشري.. وطلب الريادة والتقدم وتحقيق الحصة السوقية الكبيرة هو هدف من الأهداف الاستراتيجية التي تسعى منظمات الأعمال على وجه الخصوص إلى تحقيقه على أرض الواقع، وهي في سعيها هذا تأخذ بكافة الأسباب والوسائل التي تحقق لها هدفها المنشود، ومن أهم هذه الوسائل توفير الموارد البشرية المتميزة، والقادرة على التعلم والتدريب لتنمية وتطوير قدراتها وكفاءتها، بالإضافة إلى الأخذ بالعنصر المهم بدرجة عالية وهو العنصر التكنولوجي، وإيجاد نوع من التناغم والانسجام بين العنصرين البشري والتكنولوجي، والاستفادة القصوى من التكنولوجيا الحديثة في مجال تقسيم العمل.
مما لا شك فيه أن العملية الإنتاجية باتت تعتمد بشكل رئيس وكبير على التكنولوجيا، التي تقوم بهمزة الوصل بين المواد الخام والمنتجات نصف المصنعة والمنتجيات التامة الصنع، ولعل من المناسب في هذا المقام الإشارة إلى أن مراحل التطور التكنولوجي قد ارتبطت بشكل كبير بتنوعات واختلافات رئيسة في علاقة الموارد البشرية بالآلات والمعدات المستخدمة في العملية الإنتاجية.
مراحل التطور التكنولوجي في العملية الإنتاجية
كانت بدايات مراحل التطور التكنولوجي مرحلة الانتقال من الأعمال الإنتاجية المعتمدة على حرفية الموارد البشرية إلى مرحلة الميكانيكية، والتي تبعها تحول المورد البشري الحرفي الذي يعتمد مهارته الحرفية في استخدام الآلات والمعدات إلى مورد بشري صناعي يتعامل مع ماكينات متخصصة في العملية الإنتاجية الأكثر كفاءة من حيث الكم والكيف وحجم المنتجات.
وقد كان متوقعًا أن تؤدي هذه المرحلة إلى وجود تباين وظيفي كبير داخل المنظمة على الأمد البعيد، وذلك بسبب تزايد عملية تقسيم العمل نتيجة الزيادة في عملية التخصص.

مرحلة التقدم التكنولوجي..
مرحلة التقدم التكنولوجي، هي المرحلة المتقدمة من اعتماد شبه كلي للعمليات الإنتاجية على الميكنة أو الآلات والمعدات التي تدار بشكل ميكانيكي وإلكتروني، كان هناك رأي آخر غير الرأي المطروح في المرحلة السابقة إذ كان للتقدم التكنولوجي أثر واضح في تخفيض عملية تقسيم العمل والتخصص داخل المنظمة، وبالتالي تم تقليل التباين أو الاختلاف الوظيفي.. ويعود ذلك الانخفاض في عملية تقسيم العمل والتخصص إلى:
1- تم الاستغناء عن كثير من الموارد البشرية المباشرة العاملة داخل المنظمات.
2- تم القيام بعملية تنسيق وتجميع الأنشطة داخل المنظمة، بمعنى الاستفادة من العامل أو الموظف في أكثر من نشاط عملي ووظيفي داخل المنظمة، وهذا يتطلب أن يكون هذا العامل أو الموظف على درجة عالية من المهارة، كي يتعامل مع الآلات والمعدات الميكانيكية التي تعمد على التكنولوجيا المتقدمة.
3- إن التقدم التكنولوجي يمكن أن يؤدي إلى تخفيض عملية تقيسم العمل والتخصص وذلك عن طريق التأثير بعيد المدى على عملية الطلب على الموارد البشرية وفرص التوظيف في منظمة الأعمال.
4- إن ارتباط المنظمة واتجاهها نحو مفهوم العملية الإنتاجية الموسومة بأنها متكاملة من ناحية، والارتباط الداخلي بين عناصر ومكونات النظام داخل المنظمة من ناحية، ينعكس بدون شك على تكامل الوظائف داخل المنظمة.
وهذا يخفض من عملية تقسيم العمل، ويساعد على نجاح وكفاءة العملية الإنتاجية.
العلاقة بين تكنولوجيا الإنتاج وتقسيم العمل
أورد د. مصطفى محمود في كتابه »الموارد البشرية» جدولًا يوضح العلاقة بين تكنولوجيا الإنتاج وتقسيم العمل موضحًا فيه مراحل ميكنة العملية الإنتاجية، وشكل العلاقة بين الإنسان والآلة، ونوع تقسيم العمل داخل المنظمة على النحو التالي - بتصرف -:
ويمكن إيضاح طبيعة العلاقة المتداخلة بين تكنولوجيا الإنتاج وتقسيم العمل داخل المنظمة من خلال التعرف على: ماهية العمل داخل المنظمة من حيث: المفهوم، العناصر أو العوامل ذات التأثير المباشر وغير المباشر في العمل، ومن حيث عملية انتقال العمل، ثم نعرف: عملية تقسيم العمل من حيث: المفهوم، مزايا وفوائد نظام تقسيم العمل داخل المنظمة، عيوب نظام تقسيم العمل داخل المنظمة.
ماهية العمل داخل المنظمة
العمل ما يبذله المورد البشري أو الفرد من جهد بدني أو ذهني بكامل إرادته مقابل الحصول على أجر محدد دفعة واحدة، أو راتب معين متكرر شهريًا أو خلافه. وهناك تعريف آخر للعمل على أنه نشاط وجهد يقوم ببذله المورد البشري داخل العملية الإنتاجية في المنظمة لقاء حصول هذا المورد البشري على راتب معين أو أجر محدد يتم الاتفاق عليه مسبقًا في عقد العمل أو الاتفاق ما بين المنظمة والمورد البشري.
وهناك تعريف آخر للعمل: فقد ذهب أصحاب مذهب الاقتصاد الحر - انطلاقًا من فكرة تقديم الجهد مقابل الأجر أو الراتب - إلى تعريف العمل على أنه: «استخدام الإنسان لقواه الفيزيقية والذهنية في سبيل إنتاج الثروة والحصول على المنافع. ومن ذلك يتضح أن الشرط الثاني الذي يجب أن يتوفر في العمل هو وجوب أن يكون العمل لقاء ثروة أو كمية من المال يحصل عليها الشخص الذي يقوم بالعمل طالما أن العمل منهك لقوى الإنسان العقلية والعضلية».
ومن هذه التعريفات يتضح أن هناك أساسين لابد من توافرهما في العمل هما: أساس الإرادة، وأساس المنفعة.. أما أساس الإرادة فيتمثل في أن يؤدي المورد البشري العمل داخل المنظمة أو غيرها بموجب إرادة كاملة نابعة من ذاته، أي ليس مجبرًا على أداء هذا العمل.. وأما أساس المنفعة فيتمثل في الأجر أو الراتب الذي سيحصل عليه هذا المورد البشري لقاء عمله الذي قام بأدائه داخل المنظمة، وهذه المنفعة التي سيحقق من ورائها المورد البشري أو سيتمكن بسببها من الإنفاق على حاجاته الفسيولوجية من مأكل ومشرب وملبس... إلخ.



مرحلة ميكنة العملية الإنتاجية في الشركات
شكل العلاقة بين المورد البشري والآلة
نوع تقسيم العمل في الشركة أو المنظمة
المرحلة الحرفية:5- مصدر طاقة العمل داخل الشركة: المورد البشري.6- طرق التشغيل داخل الشركة: أدوات وآلات يدوية بسيطة.7- طريقة الأداء: غير مميكنة (يدوية).8- إجراءات الإشراف والرقابة: غير مميكنة.
إنتاج حرفي (المورد البشري العامل حرفي أو صانع ماهر)
درجة اختلاف منخفضة
المرحلة الميكانيكية:9- مصدر طاقة العمل داخل الشركة: العنصر الآلي.10- طرق التشغيل داخل الشركة: آلات وماكينات بطيئة ومتخصصة.11- طريقة الأداء: مراحل متقدمة أو مبكرة من الميكنة.إجراءات الإشراف والرقابة: غير مميكنة.
إنتاج مميكن (المورد البشري مشغل للماكينة أو الآلة)
درجة اختلاف مرتفعة
المرحلة الأوتوماتية:12- مصدر طاقة العمل داخل الشركة: العنصر الآلي.13- طرق التشغيل داخل الشركة: آلات وماكينات سريعة ومتعددة المهام والأغراض.14- طريقة الأداء: أتوماتية.إجراءات الإشراف والرقابة: أتوماتية.
إنتاج أتوماتي(المورد البشري مرشد أو ملاحظ للماكينة)
درجة اختلاف منخفضة




العناصر ذات التأثير في العمل داخل المنظمة
هناك العديد من العوامل المؤثرة بشكل مباشر وفعال وبشكل غير مباشر في العمل داخل المنظمة، ومنها العلاقة المباشرة بين الموارد البشرية والقرارات الإدارية المنظمة للعمل، وكذلك قوانين العمل، فضلًا عن المتغيرات الاجتماعية في بيئة الموارد البشرية.. ويمكن بيان هذه العوامل المؤثرة إجمالًا فيما يأتي:
1- عدد ساعات العمل اليومية: إن قيام إدارة المنظمة بتحديد عدد ساعات العمل اليومية له تأثير مباشر في حجم الموارد البشرية بكل تأكيد، فإذا كانت عدد ساعات العمل كثيرة لابد أن يقابلها عدد كبير من الموارد البشرية العاملة، وتقسيم العمل بينها، وذلك لمواجهة حالات التعب والإرهاق التي تتعرض لها هذه الموارد البشرية، والعكس صحيح إذا كانت عدد ساعات العمل اليومية قليلة يقابلها عدد قليل من الموارد البشرية التي تؤدي الأعمال المخصصة في هذه الساعات القليلة.
2- عدد أيام الإجازات الأسبوعية والشهرية والسنوية، أيضًا يتأثر حجم الموارد البشرية العاملة داخل المنظمة يهذا العدد، فإذا كان عدد هذه الإجازات قليلًا فإن حجم الموارد البشرية سيكون كبيرًا لمواجهة أعباء العمل لعدد كثير من الأيام، والعكس صحيح إذا كان عدد الإجازات كثيرًا فإن حجم الموارد البشرية العاملة داخل المنظمة يجب أن يوازيها أي يجب أن ينخفض في المقابل.
3- متوسط أعمار السكان داخل الدولة: مما لا شك فيه متوسط أعمار السكان داخل أية دولة يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على حجم الموارد البشرية المتاحة للعمل أمام منظمات الأعمال، والشركات والمؤسسات وغيرهم.. إذ إن متوسط الأعمار المرتفع أي الذي يقع ما بين 46 سنة و60 سنة يعني أن المجتمع هرم، ومن ثم يقل حجم الموارد البشرية المتاحة للعمل في سوق العمل، والعكس صحيح في حالة ما كان متوسط الأعمار منخفضًا ما بين 18 إلى 45 سنة فإن المجتمع في هذه الحالة يوصف بأنه مجتمع فتي أو يغلب عليه فئة الشباب، ومن ثم يكثر حجم الموارد البشرية المتاحة للعمل في سوق العمل.
4- المشكلات الاقتصادية: إن المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها أية دولة تؤثر بالسلب على فرص العمل فيها، مما يدفع الموارد البشرية في هذه الدولة إلى الهجرة إلى دول أخرى تتوافر فيها فرص عمل يستطيعون من خلالها توفير المورد المالي الذي يوفر لهم سبل الحياة، وهذا يؤثر بشكل مباشر على حجم الموارد البشرية المتاحة في الدول الأم التي يهاجرون منها، ولكنه يساهم بشكل إيجابي في حل مشكلاتها الاقتصادية، إذا حولت مدخرات الموارد البشرية المهاجرة إليها، وأعادت استثمارها في أنشطة اقتصادية حقيقية تنتشلها من أزمتها وتساهم في حل مشكلاتها.
وفي المقابل تساهم عمليات هجرة الموارد البشرية في زيادة حجم الموارد البشرية في الدولة المستقدمة لهذه الموارد البشرية، مما يساعد على زيادة في حجم العمليات الإنتاجية، ومن ثم التقدم والنمو الاقتصادي.
5- عمل المرأة: مما لا شك فيه أن عمل المرأة في أي مجتمع يزيد من حجم الموارد البشرية المتاحة للعمل في هذا المجتمع، والعكس صحيح.
6- الموارد البشرية ذات الكفاءة: إن توافر الموارد البشرية ذات المهارات العالية، والتدريب المتقدم، والخبرات الواسعة يؤثر في حجم الموارد البشرية في المنظمة دون شك، إذ إن المورد البشري المتعلم والمتدرب وصاحب الخبرة والمهارة يمكنه أن يؤدي الكثير من الأعمال داخل المنظمة، مما يساعد على تقليص احتياج المنظمة إلى مورد بشري آخر ليقوم بجزء من هذه الأعمال، وفي ذلك تقليص لعدد الموارد البشرية التي تحتاجها المنظمة إذا طبق هذا بشكل واسع داخل المنظمة.
عملية انتقال العمل
الانتقال الحرفي للعمل داخل المنظمة: يحدث الانتقال الحرفي داخل المنظمة إذا شعر المورد البشري بأن الحرفة التي يعمل من خلالها داخل المنظمة آخذة في الاضمحلال فيتجه المورد البشري نحو حرفة أخرى تستخدم فيها تكنولوجيا حديثة متطورة يظن أن مستقبلها أقوى داخل المنظمة انطلاقًا من حرصه على استمرارية عمله، واستمرارية مصدر رزقه أو تحسينه من حيث الدخل، فضلًا عن أن يكون من بين أسباب الانتقال تحقيق الإشباع المعنوي في تعلم التعامل مع أجهزة تستعمل تكنولوجيا حديثة، مما يحقق له تقدمًا وظيفيًا في المستقبل يتبعه تحسن مالي يحقق له رفاهية أكثر، وهذا يؤدي إلى نقص في حجم العمالة أو الموارد البشرية بالنسبة للحرفة المراد الانتقال منها، وفي المقابل زيادة في حجم الموارد البشرية في الحرفة المنتقل إليها.
التغير الجغرافي للعمل: تؤثر البيئة الخارجية بشكل مباشر وغير مباشر على المنظمة وعلى حجم الموارد البشرية العاملة بها، ومن أمثلة هذا التأثير التغير في المنطقة الجغرافية التي تقع في محيطها المنظمة من حيث الكساد، أو الاضطرابات السياسية... إلخ هذه التغيرات تؤثر بالتأكيد في حجم الموارد البشرية داخل المنظمة، إذ من المنطقي أن تبحث الموارد البشرية الماهرة عن منظمات عمل في أماكن أكثر استقرارًا تحقق هذه العمالة من خلالها الدخل المالي المأمول، فضلًا عن التقدم الوظيفي أيضًا.. والذي لن تستطيع تحقيقه في منظمتها الحالية القابعة تحت وطأة الكساد أو غيره من المشكلات التي تسببها البيئة الخارجية المحيطة للمنظمة.
تقسيم العمل داخل المنظمة
إن تقسيم العمل داخل المنظمة أو الشركة أو المؤسسة أو أي كيان عمل آخر يقصد به قيام الإدارة المسؤولة بتجزئة العملية الإنتاجية أو العملية الإدارية... إلخ إلى عمليات فرعية أو عمليات صغيرة وتوزيعها على مجموعة من الموارد البشرية العاملة والمؤهلة والمتخصصة داخل المنظمة أو الشركة أو المنشأة، أو قد تقوم الإدارة في حال كانت المنظمة كبيرة أو شركة لها فروع في عدة دول أو عدة مدن بتقسيم العمل على هذه الفروع بحيث يؤدي كل في فرع جزءًا من العملية الإنتاجية، أو يؤدي كل فرع منتجًا معينًا يتوافق مع طبيعة المنطقة الجغرافية المحيطة به، أو يتوافق مع حالات تصدير محددة... إلخ، وهذا يعني أن تقسيم العمل يؤدي إلى التخصص في القيام بجزء معين في العملية الإنتاجية متكاملًا ومتتامًا مع الأجزاء الأخرى التي تقوم بها الأقسام أو الوحدات أو الفروع الأخرى داخل المنظمة أو الشركة أو المؤسسة.
ويؤدي تقسيم العمل إلى وجود حالة من التخصص لدى الموارد البشرية العاملة لدى المنظمة، إذ إن كل مورد بشري يقوم بتكرار العمل في جزئية معينة في العملية الإنتاجية، وهذا التكرار يكسبه الخبرة والمهارة في هذه الجزئية، وهكذا بالنسبة لباقي الموارد البشرية مما يؤدي إلى منتج متكامل دقيق، وذي جودة تمكن المنظمة أو الشركة من تحقيق ميزة تنافسية، وتحقيق حصة سوقية مطلوبة. والتخصص أمر مهم جدًا لنجاح العملية الإنتاجية خاصة التي تعتمد على التكنولوجيا المتطورة والمتقدمة والحديثة، والتي تفرض بدورها - أي التكنولوجيا المتقدمة - أن يكون العامل على دراية كافية بكيفية استخدامها والتعامل مع تفاصيلها الدقيقة، كي يتحقق الهدف المنشود من وراء تطبيقها في العملية الإنتاجية داخل المنظمة. وقد ذهب عالم الإدارة الشهير «آدم سميث» في كتابه ثروة الأمم، الصادر في القرن السابع عشر إلى أن تقسيم العمل داخل المنظمة أو الشركة... إلخ يساعد على إدخال واستخدام أفضل للمعدات والآلات والماكينات في عملية إنتاجية معينة، فضلًا عن استخدامها في عملية إنتاجية أخرى مماثلة، وهكذا.. وذلك يمكن المورد البشري العامل من أداء عمل أو وظيفة متخصصة واحدة على ماكينة أو آلة واحدة وفي ذلك تسهيل للعمل، وزيادة خبرة ومهارة للمورد البشري العامل ؛ التي تنعكس بتوفير نوع من الثقة الذاتية لديه، ومن ثم حبه وولائه لمنظمته أو شركته.
وقد فرض التقدم الصناعي والتكنولوجي الذي عم الحياة في القرون التالية للقرن السابع عشر إلى اللجوء بشكل كبير إلى عملية تقسيم العمل داخل الشركات والمنظمات والمؤسسات... إلخ، وذلك بسبب التعقيدات الكبيرة التي صاحبت العمليات الإنتاجية المعتمدة على التكنولوجيا الحديثة المتقدمة والمتطورة، وخاصة في العقود الزمنية الأخيرة التي تم الاعتماد على التكنولوجيا الإلكترونية فيها بشكل واسع، فالمورد البشري الواحد لا يستطيع الإلمام بتفاصيل التعامل مع أكثر من ماكينة أو آلة داخل المنظمة، ومن ثم تحتاج المنظمة إلى تقسيم العمل وتوجيه العامل إلى آلة محددة وتدريبه عليها حتى يكتسب مهارة التعامل معها، ويساهم بشكل فاعل في العملية الإنتاجية.
ما هي مزايا نظام تقسيم العمل داخل المنظمة؟
- يعمل نظام تقسيم العمل داخل المنظمة على سهولة أداء الموارد البشرية العاملة داخل المنظمة للعملية الإنتاجية إذ يقوم تقسيم العمل بتجزئتها إلى عمليات فرعية أو علميات صغيرة ومتخصصة.
2- يعمل نظام تقسيم العمل داخل المنظمة على إكساب الموارد البشرية العاملة داخل المنظمة المهارة الفنية اللازمة وذلك عن طريق تكرار العملية التي تقوم بها الموارد البشرية، فضلًا عن إكسابها الخبرات الكبيرة في أداء هذه العملية المكلفة بها داخل العملية الإنتاجية الكبيرة، مما يؤدي إلى الدقة والجودة في المنتج سواء كان سلعة أو خدمة، فضلًا عن زيادة الكميات المنتجة مما يحقق المزيد من المبيعات، ويحقق بالتالي المزيد من الربحية التي تساعد المنظمة أو الشركة على زيادة الاستثمارات وعلى التوسع الأفقي والرأسي في مجالها.
3- يؤدي نظام تقسيم العمل داخل المنظمة إلى زيادة الاستثمار في جلب المزيد من المعدات والماكينات والآليات الحديثة المتطورة التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، مما يضع المنظمة أو الشركة في مصاف المنظمات المتقدمة الحديثة، وهذا ينعكس على وضعها المعنوي في السوق، ويكون له تأثير تنافسي إيجابي للمنظمة أو الشركة بكل تأكيد.
4- يؤدي نظام تقسيم العمل داخل المنظمة إلى تحقيق التنسيق المطلوب، والتناغم والتضامن والتعاون بين المراكز الإنتاجية والإدارية العليا القيادية والوسطى والتنفيذية في المنظمة أو الشركة التي تطبقه، وهذا يؤدي بدوره إلى تحقيق التكامل المأمول بين مكونات أو أقسام أو فروع أو وحدات المنظمة أو الشركة ويحقق رؤيتها ورسالتها وأهدافها الاستراتيجية.
5- إن نظام تقسيم العمل يفرض على المنظمة أو الشركة نشر الثقافة وأخلاق المهنة، وتنمية وتدريب الموارد البشرية العاملة في هذه المنظمة أو الشركة، ويحثها على الالتزام بها، وترسيخ أن المحافظة على هذه الثقافة والأخلاق المهنية جزء لا يتجزأ من أهداف المنظمة أو الشركة الرئيسية.
6- يؤدي نظام تقسيم العمل داخل المنظمة إلى ترسيخ وتأصيل مبدأ تكافؤ الفرص بين الموارد البشرية العاملة في المنظمة أو الشركة، إذ يتيح نظام تقسيم العمل للموارد البشرية العاملة داخل المنظمة الفرصة للتعبير عن كفاءتهم الخاصة، ومهاراتهم وخبراتهم التي تترجمها الأعمال التي يقومون بها داخل المنظمة، ومن ثم يتيح لهم النظام الحصول على المراكز الوظيفية التي يستحقونها، فضلًا عن الحصول على الرواتب والحوافز والمكافآت لقاء ما يبذلونه من جهد متميز.
7- يساهم نظام تقسيم العمل في المنظمة في التقارب الثقافي والعلمي بين الموارد البشرية العاملة داخل المنظمة، إذ يحفز نظام تقسيم العمل الموارد البشرية نحو التعلم والتدريب وتنمية وتطوير الذات حتى تحقق التقارب في الفهم والثقافة فيما بينها، وفي ذلك تحقيق للتعاون والانسجام وزيادة الأواصر بينها أيضًا، مما ينعكس بالآثار والفوائد الإيجابية على بيئة العمل الداخلية في المنظمة أو الشركة.

عيوب نظام تقسيم العمل داخل المنظمة
1- قد يؤدي نظام تقسيم العمل في المنظمة إلى وجود من حالة من حالات الاستغناء عن بعض الموارد البشرية المتخصصة في العمل على آلات أو ماكينات قديمة، وتريد المنظمة استبدالها بماكينات متقدمة تستخدم التكنولوجيا الحديثة ولا تستطيع العمالة الحالية تعلمها وإتقانها بالكفاءة المطلوبة، أو قد تحدث حالات الاستغناء في حالة انخفاض الطلب على السلع التي تقدمها المنظمة أو الشركة وتتخصص الموارد البشرية المستغنى عنها في إنتاجها.
2- قد يؤدي نظام تقسيم العمل في المنظمة إلى وجود حالة من الجمود في الحركة إذ يقيد نظام تقسيم العمل في المنظمة حرية الموارد البشرية في أداء العمل، مما يحولها إلى إحدى وسائل الإنتاج داخل المنظمة، هدفها تحقيق أهداف المنظمة المادية فقط، وفي ذلك حجب لظهور الكفاءات المبدعة والخلاقة والمطورة من بين تلك الموارد البشرية، التي تم قولبتها في إطار معين خدمة لهدف محدد، مما ينعكس بالآثار السلبية الخطيرة على المنظمة في المدى البعيد، إذ تفقد أهم عناصر الميزة التنافسية لديها وهي العقل البشري الخلاق المبدع القادر على تحقيق قفزات في جودة المنتجات التي تنتجها المنظمة، ومن ثم تحقيق ميزة تنافسية عالية لها في سوقها المحلي أو الإقليمي أو العالمي، مما يؤدي إلى تحقيق خسائر تؤثر على مستقبل هذه المنظمة أو على وجودها في السوق واستمرار بقائها.
3-قد يؤدي نظام تقسيم العمل في المنظمة إلى تفاوت كبير في الأجور نتيجة الاعتماد على كفاءة ومهارة وخبرات الموارد البشرية في تحديد هذه الأجور، مما يؤدي إلى وجود نوع من الفتور في العلاقات الاجتماعية بين تلك الموارد أو وجود نوع الحسد والغل في النفوس، وتكون من آثار ذلك انعدام روح التعاون البناء والانسجام والألفة بين الموارد البشرية، وهذا يؤثر بالسلب على أداء هذه الموارد البشرية، ومن ثم تتأثر العملية الإنتاجية داخل المنظمة، وما يترتب على ذلك من خسائر أو انهيار.

إن نجاح المنظمات أو الشركات أو المؤسسات في عالمنا اليوم يتوقف على ما تملكه من موارد بشرية ذات كفاءة عالية؛ من حيث التعليم، والتدريب، والخبرة، وما تملكه هذه المنظمات والشركات من تكنولوجيا حديثة ومتطورة، تستطيع تسخيرها لخدمة استراتيجياتها وما تحتويه من رؤية ورسالة وأهداف وبرامج... إلخ.. ومن أهم وسائل الاستفادة من التكنولوجيا إيجاد علاقات متداخلة بينها وبين الموارد البشرية المتاحة للمنظمة أو الشركة، وليس إيجاد العلاقة فقط، بل إدارة تلك العلاقة على أحسن ما يكون.. وهذه الإدارة تتطلب من القائمين على المنظمة أو الشركة تحديد والتعرف الدقيق على كل ما يتعلق بهذه العلاقات المتداخلة بين التكنولوجيا والموارد البشرية.. ومن هذه العلاقات: علاقة التكنولوجيا وتكاليف الموارد البشرية، وعلاقة التكنولوجيا بسياسات الأجور والحوافز، وعلاقة التكنولوجيا بمهارة الموارد البشرية، وعلاقة التكنولوجيا بالوظائف، وعلاقة التكنولوجيا بالأنشطة داخل المنظمة.
وحول علاقة التكنولوجيا وتكاليف الموارد البشرية داخل المنظمة أقول إن ثمة علاقة قوية مباشرة وغير مباشرة بين نمط التكنولوجيا المستخدم في المنظمة وتكاليف الموارد البشرية العاملة في المنظمة، وإن هذه العلاقة لا تقف عند قيمة هذه التكاليف ونسبتها إلى التكاليف الكلية في المنظمة، بل تتعداها إلى طبيعة الإنفاق لهذه التكاليف الخاصة بالموارد البشرية..
علاقة التكنولوجيا بسياسات الأجور والحوافز داخل المنظمة
إن التقدم التكنولوجي، واستخدام التكنولوجيا بشكل كبير في أعمال المنظمات والشركات والمؤسسات، لا شك يزيد من الإنتاجية، ويعلي من جودتها، ومن ثم تزداد المبيعات ويرتفع هامش وصافي الربح، ويقلل نسبة حجم الموارد البشرية، ويقلل نسبة العمل إلى رأس المال، كل ذلك يؤدي إلى توافر المزيد من الأموال التي تمكن المنظمة أو الشركة من إعادة استثمار جزء كبير منها، وزيادة الرواتب والأجور والحوافز والمزايا العينية للموارد البشرية العاملة لديها.
وقد أشارت إحدى الدراسات إلى أن التقدم التكنولوجي يؤثر على الأجور والحوافز طبقًا لمجموعة من الاعتبارات.. أهمها:
• إن التقدم التكنولوجي الذي تستخدمه المنظمة ينعكس على مكونات العمل داخل المنظمة، وبالتالي على مطالب التأهيل الخاصة بالموارد البشرية التي تحتاجها المنظمة لشغل الوظائف.. وهذا يعني تأثير التغير التكنولوجي على تقييم الوظائف والأعمال داخل المنظمة ؛ والذي يعتبر الأساس في تحديد المقابل النقدي الذي يستحقه المورد البشري الذي يشغل الوظيفة. وهذا يعني بشكل عام أنه كلما استخدمت المنظمة تكنولوجيا متطورة وحديثة قد يرتفع متوسط أجور الموارد البشرية رغم وجود احتمال انخفاض نسبة تكلفة الأجور والحوافز إلى التكلفة الإجمالية أو الكلية نظرًا لانخفاض عدد أو حجم الموارد البشرية التي تحتاجها المنظمة في حال استخدام التكنولوجيا الحديثة والمتطورة.
• يتطلب استخدام التكنولوجيا المتقدمة في المنظمة إلى زيادة الحوافز النقدية والعينية للموارد البشرية لحثها على التفاعل مع هذه التكنولوجيا وإنجاح تطبيقها، فضلًا عن الإبداع من خلالها.
• إن استخدام التكنولوجيا المتقدمة في المنظمة، يدعو الإدارة إلى الاهتمام بالقطاع الخدمي مثل الشؤون القانونية، والصيانة، والمستودعات وغيرها من الأعمال الخدمية، وذلك بزيادة الحوافز لها لتتماشى مع القطاعات الأخرى المستخدمة للتكنولوجيا، ومن ثم يحصلون على الحوافز النقدية والعينية، وذلك ليكون هناك عدالة اجتماعية، وعلاقات إنسانية متوازنة بين الموارد البشرية في المنظمة.
• إن النمط التكنولوجي المتطور والمتقدم عادة ما يعتمد على موارد بشرية متقاربة نسبيًا في السنوات الدراسية، وهذا يؤدي إلى التقارب النسبي في هيكل الأجور بين تلك العمالة في المستويات الإدارية والإنتاجية المختلفة داخل المنظمة، مع الأخذ في الاعتبار أن التقدم التكنولوجي يحتاج إلى بعض الموارد البشرية المتميزة في بعض القطاعات ومنها القطاع الإداري والإنتاجي.
ما هي علاقة التكنولوجيا بالوظائف داخل المنظمة؟
تشير الدراسات التي قام بها الباحثان «هاكمان ولوور.. HackmanandOldham» إلى أن خصائص الوظيفة يتم تحديدها طبقًا للخصائص التكنولوجية المستخدمة في المنظمة أو الشركة، وأن هذه الخصائص الوظيفية هي المحرك الأساسي للأبعاد النفسية المرتبطة بالوظيفة، والتي بدورها تؤثر في مستوى الدافعية والرضا لدى الموارد البشرية، وكذلك مستويات الأداء، ومعدلات دوران العمل، فضلاً عن معدلات الغياب وغيرها من الأبعاد النفسية التي تتأثر بها الموارد البشرية في المنظمة أو الشركة.. وحدد الباحثان خصائص الوظيفة في النقاط أو الأبعاد الخمسة الآتية:
• تنوع المهارة لدى الموارد البشرية.
• تميز النشاط.
• دلالة وأهمية النشاط.
• ذاتية أو استقلالية النشاط.




• المعلومات المرتدة (التغذية العكسية) في الوظيفة.
وفي رأي الباحثين أنه يمكن الربط بين الخصائص التكنولوجية وخصائص الوظيفة والرقابة الذاتية - النابعة من داخل الموارد البشرية - من خلال نماذج الرقابة الإدارية.إذ إن حدوث تغييرات في كل من التكنولوجيا وأنظمة الرقابة الإدارية يمكن أن تنعكس على أبعاد الوظيفة، ويترتب على ذلك نتائج سلوكية معينة لدى الموارد البشرية.
وحول علاقة التكنولوجيا بالأهمية النسبية للوظائف داخل المنظمة أو الشركة أشارت الباحثة وود وارد (Woodward) في دراستها إلى أن اختلاف الخصائص التكنولوجية ينعكس على الأهمية النسبية للوظائف الأساسية بالشركة أو المنظمة.. وأضحت ذلك في النقاط التالية:




• بالنسبة للشركات التي تتبع تكنولوجيا إنتاج بالوحدة أي الدفعات الصغيرة يكون تطوير الإنتاج هو النظام الفرعي الحرج داخل الشركة أو المؤسسة، إذ يعتمد تطوير الإنتاج على العملية التسويقية، ويقدم للعملية الإنتاجية داخل الشركة أو المؤسسة.
• بالنسبة للشركات التي تتبع تكنولوجيا إنتاج واسع أي الدفعات الكبيرة تكون عملية الإنتاج هي النظام الفرعي الحرج بالشركة أو المنظمة أو المؤسسة. إذ يعتمد هذا النظام على تطوير المنتج، وتقدم للعملية التسويقية.
• بالنسبة للشركات التي تتبع تكنولوجيا إنتاج بالعملية المستمرة فإن التسويق يمثل النظام الحرج في دورة المنتج بالشركة أو المنظمة أو المؤسسة، إذ يعتمد النظام على تطوير المنتج، ويقدم للعملية الإنتاجية.




في النشاط التعقيد في النشاط نوع الوحدة التنظيمية خصائص الأبعاد الهيكلية في التنظيم حرية التصرف النفوذ أساس التنسيق مع كل وحدة الاعتماد بين الوحدتين العمل الحرفي منخفض مرتفع الوحدة الفنية
الوحدة التشغيلية منخفض
مرتفع برمجة
متبادل منخفض البحث غير الروتيني مرتفع مرتفع الوحدة الفنية
الوحدة التشغيلية مرتفع
منخفض ضبط
ضبط
المعاونة
مرتفع مرتفع
متبادل
المعاونة
مرتفع مرتفع
برمجة