في مستهل شهر أكتوبر من كل عام ومع نهايات شهور الصيف تنتعش حركة التوظيف ، ويكون هذا هو الوقت الأنسب لبداية حياة مهنية جديدة خاصة للخريجين الجدد .. الذين يواجهون مناخاً مختلفاً كلياً عن مناخ الجامعة والدراسة ، وفي هذه المرحلة تكون في أمس الحاجة لتثبت أقدامك في مكان عملك وتتصلب أمام تيارات المنافسة الشرسة الذي يتسم بها سوق العمل اليوم . فلكي تبقى على قيد الحياة ويكتب لك النجاح في بداية مسيرتك المهنية يتطلب الأمر منك اكتساب حزمة من المهارات الشخصية والقيادية . واكتساب تلك المهارات يستغرق وقتاً ويحتاج إلى ممارسة فعلية في محيط العمل ، ولكننا يمكن هنا أن نقدم لك خطوة على الطريق ، وهي أهم خطوة على الإطلاق أنت في حاجة لها قبل الشروع في العمل ، والتي من خلالها يمكنك أن تصعد سلمك المهني بثقة واقتدار ألا وهي " تكوين انطباعات إيجابية عن شخصيتك المهنية " .
الممارسون للعمل حديثاً يكون مستوى أداءهم الفني التخصصي متدني نوعاً ما ويكونون في حاجة إلى تدريب فني وممارسة مهنية لاكتساب الخبرة الفنية والارتقاء بمستواهم المهني، وهذا هو الطبيعي في بدايات رحلة عمل أي إنسان ، ولا يعيبك على الإطلاق. لكن الانطباعات الأولية عن شخصيتك المهنية هامة للغاية عند شغل أي وظيفة جديدة لأنها تعكس منظومة القيم ومعايير السلوك التي ينتهجها الإنسان في حياته ، فهي تعطي مؤشرات هامة للمراقبين لأداءك ، ويمكنهم التنبؤ بمستوى أداءك المستقبلي. وقد يمثل هذا حجر الزاوية في التحكم في مسار حياتك المهنية . هذا ما يحدث فعلاً وواقعاً في المنظمات خاصة وإن العديد منها تضع الموظفين الجدد تحت فترة اختبار ، وخلال هذه الفترة تكون تحت المجهر ، ويسلط عليك الأضواء ، وتوضع تحت آلة التشريح .!!
والذي يعقد المسألة أكثر هو إن أصحاب العمل والزملاء سوف يصدرون عليك حكماً نهائياً من خلال انطباعاتهم الأولية عنك ، ويصعب بعدها تغيير تلك الانطباعات أو إثبات عكسها.
لذلك فإن هذه المقالة تحمل لك خطوة استباقية وتعدك نفسياً وذهنياً ومهارياً قبل مباشرة أي وظيفة جديدة ، وسنمدك ببعض النصائح العملية التي تساعدك على خلق انطباعاً جيداً لدى الآخرين :
- كن مهذباً وودواً وبشوشاً ، الابتسامة لا تكلفك شيئاً ، ولا تأخذ منك أي جهد على الإطلاق ، ولكنها في المقابل تخلق انطباعاً عظيماً في نفوس الآخرين.
- كن مدركاً للغة جسدك مراقباً لتعبيرات وجهك .. ملاحظاً لحركة الذراعين .. والوقفة .. والجلسة . والاتصال البصري .. الخ .. اعلم بأن جسدك وحدة حيوية متجانسة ، فالجوارح تتحرك بفطرتها بفعل الانفاعالات والمشاعر الدفينة ، فيبث جسدك إشارات خاطفة ، ويرسل رسائل سريعة غير مباشرة للآخرين لا تشعر بها ، ولكنها تكون مؤثرة وتشكل انطباعات الآخرين عنك.. تدرب على السيطرة على حركة مرور تلك الرسائل ، والتحكم في إصدار تلك الإشارات . كمثال .. عندما تتحدث إلى الآخرين لا تطبق ذراعيك على صدرك فهذه رسالة دفاعية ، تقول له بأنك خائف منه ، وتتوقع منه سلوكاً عدائياً أو إحراجاً أو سخرية .. الخ ، وبالتالي فالرسالة غير الشفوية تقول له بأنه شخصاً غير مرغوب فيه بالنسبة لك. (توسع في قراءة بعض المراجع في هذا الباب) المتوفرة بالمواقع والمكتبات المهنية .
- ارتدي زياً مهندماً وقوراً وأنيقاً ومقنعاً للآخرين بأنك شخصية جادة وعملية ، اهتم بتفاصيل لباسك وتفادى فوضى الألوان واهتراء الملابس وعدم دقة ضبطها على جسدك بحيث لا تكون واسعة أو تكون ضيقة ، فلباسك يتحدث عنك وعن قيمك وأخلاقياتك ، فالمظهر يدل على المخبر .
- احضر للعمل مبكراً عن الموعد الرسمي بدقائق .. فهذا يعطي انطباعاً عنك بأنك حريصاً ومتحمساً للعمل ، وأنك تأتي للعمل ليس فقط للمال ، ولكنك تستمتع بقيامك به . القدوم للعمل متأخراً حتى ولو لدقائق يسيرة يعطي انطباعاً سلبياً للغاية ، ويصعب جداً محو هذا الانطباع مستقبلاً .
- اطرح أسئلة تخص عملك ، واهتم بالتفاصيل .. سيمدك هذا بمزيداً من المعلومات عن وظيفتك ويزيد من فهمك لطبيعة المهام التي تقوم بها ، وسيعطي انطباعاً عنك بأنك شخص حريص ومهتم بعملك .
- اطلب المساعدة .. لا تخجل من طلب المساعدة فهذه نقطة قوة وليست ضعفاً .. إنه من الأفضل أن تطلب المساعدة من أن تجهد نفسك وتقع في أخطاء يمكنك تفاديها بمجرد الاستعانة بمن هم أخبر منك .
- اطلب تغذية راجعة من زملاءك ومدراءك والمقربين إليك للوقوف على آراءهم عن مستوى أداءك ، فهذا يظهر حرصك على تأدية عملك بمعايير احترافية من خلال سعيك للتطوير والتحسين لسد فجوات أداءك . وهذا يعني أيضاً بأنك تسعى لإصلاح أي أخطاء موجودة ومنع تكرارها مستقبلاً .
نتمنى أن يحظى هذا المفهوم بأهمية كبرى في حياتنا ، ووضعه في اعتبارنا ليس فقط مع بداية حياة مهنية جديدة ، ولكن مع بداية بناء أي علاقات جديدة .. وعلى مستوى العلاقات الشخصية والصداقات ، بل إننا سنجد أثره بمجرد قراءة كلمات أو مقالة أو كتاب وخير شاهد ما تحفل به المنتديات والمحافل الأدبية ، فنجد كيف يكون الانطباع الأولي عن كاتب أو مشاركة أدبية أو مقالة تكون فيصل في طريقة وسرعة الاستجابة والتلقي من قبل الآخرين .
نعم يمكننا الاستفادة بشكل أكبر كلما توسعنا في إسقاط هذا المفهوم على حياتنا . وباستخدام هذه بعض النصائح المفيدة من الممكن أن نضمن لك ترك انطباعاً أولياً رائعاً ، والذي سيكون سبيلاً إلى مزيد من النجاح في العمل والترقي إن شاء الله .