النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: أخـلاق الإدارة.. وإدارة الأخـلاق

#1
نبذه عن الكاتب
 
البلد
مصر
مجال العمل
أعمال ادارية
المشاركات
5

أخـلاق الإدارة.. وإدارة الأخـلاق

أخـلاق الإدارة.. وإدارة الأخـلاق*


الدكتور / رمضان حسين الشيخ
خبير التطوير التنظيمي والتنمية الإدارية
باحث وكاتب في العلوم الإنسانية وفلسفة الإدارة


إن الأخلاق تُعتبر من أهم القيم المعنوية في الحياة، ومن أهم المقومات الحضارية، بل ومن أهم الأسس الإنسانية للنجاح الإجتماعي لأن النفوس جُبلت على حب من أحسن إليها وبُغض من أساء إليها، وأوضحت جميع الديانات السماوية أن الله سبحانه وتعالى أمر كل الناس بالإمتثال لأوامر أنبيائهم، فقال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ .....)، فخطاب الله سبحانه وتعالى لعباده من خلال أنبيائه هو الفيصل في الحكم على الجيد والسيئ، الحسن والقبيح، المباح والمحرم. لقد جاء كل دين من عند الله ليكون نظام حياة نافذ في الواقع، وليتبعه الناس في نشاطهم الحيوي، لا ليبقى مجرد شعور عاطفي متمركز في الضمير، ولا حتى مجرد شعائر تعبدية أسيرة لدور العبادة، هكذا هي التوراة، يقول الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ......)، وهكذا هو الإنجيل، يقول الله تعالى: (وَقَفَّيْنَا عَلَى ءاثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَءاتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) ، وقد إعتبر القرآن الكريم أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم من أهم عوامل نجاحه، قال الله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين) فالأخلاق من أهم عوامل النجاح الإجتماعي فما من مصلح أو قائد أو زعيم أو عظيم أو أي إنسان إلا كانت الأخلاق من صفاته الرئيسية، فلا يستطيع أحد أن يؤثر على الآخرين إلا إذا كان ذا أخلاق رفيعة.

فالأخلاق هي شكل من أشكال [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]الإنساني كما تُعتبر مجموعة من القيم والمبادئ تحرك الأشخاص والشعوب [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ][مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ][مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ] بحيث ترتقي إلى درجة أن تصبح مرجعية ثقافية لتلك الشعوب لتكون سنداً قانونياً تستقي منه الدول الأنظمة والقوانين، وهي [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]والأحوال الباطنة التي تُدرك [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ] والغريزة، وبالعكس يمكن اعتبار [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ] من أعمال القلوب وصفاتها وأعمال القلوب تختص بعمل القلب بينما الخُلق يكون قلبياً ويكون في الظاهر. أما أخلاقيات الإدارة فهي مجموعة من القواعد والأسس التي يجب على المهني التمسك بها والعمل بمقتضاها، ليكون ناجحاً في تعامله مع الناس، ناجحاً في مهنته ما دام قادراً على إكتساب ثقة عملائه والمتعاملين معه من رؤساء ومرؤوسين.

ولكن للأسف يَظن الكثير منا أن العمل والإدارة لا علاقة لها بالأخلاق، إذن فأين تكون الأخلاق؟ إن لم يكن العمل مرتبط بالأخلاق فأين نلتزم بالأخلاق؟ هل الأخلاق هي شيء نَلتزم به في المساجد ودور العباده فقط؟ كيف تكون أميناً إن لم تكن أمينا في عملك؟ هل يقال عنك أنك صادق إن كنت صادقاً مع أهلك وأصدقائك وكذاباً في عملك؟ ألا يقال لمن يغش في البيع أنه غشَّاش؟ ألا يقال لمن يُطفف في الكيل والميزان بأنه من المُطففين؟
وهناك من يعتقد أنه من السَذَاجة أن نتحدث عن الأخلاقيات في مجال العمل والتجارة ويستشهد على ذلك بمقولة: هذا عمل وتجاره وكل شئ مباح فيها أهذا منطق للتفكير. وكأنه يريد أن يقول أن التجارة والعمل هما في مفهوم الأجانب لا علاقة لهما بالأخلاق وبالعواطف كذلك، وفي الحقيقة فإن هذا خلاف الواقع ففي الجامعات الأجنبية تهتم بتدريس مادة تتعلق بأخلاقيات العمل والإدارة لدارسي الإدارة بل وفي التخصصات الأخرى مثل الهندسة والطب، فالأخلاق في الإدارة هي أمر مطلوب في العالم المتقدم بل وأي مخالفة لذلك تقابل بإستهجان كبير من الشخص العادي.. ويوجد في اللغة الإنجليزية مصطلح يسمى بـ GoodMannersRightConductوالذي يعني التصرف الصحيح بالسلوك الصحيح، أي لا يكفي أن تقوم بالعمل بالطريقة الصحيحة، بل يجب أن يكون سلوكك في تأدية هذا العمل صحيح أيضاً. أحيانا ننظر إلى الأمور في إطار ضيِّق فنقول: يا أخي هذا أمر بسيط ولا توجد مشكلة من التلاعب فيه، في الواقع فإن أي مخالفة أخلاقية صغيرة تؤدي إلى مشاكل كبيرة، على سبيل المثال إن التلاعب في رقمٍ واحد في تقرير يومي يؤدي إلى تغير متوسط هذا الرقم على مستوى اليوم وعلى مستوى الشهر ويؤدي إلى أن تكون التقارير الشهرية والسنوية غير معبرة عن الحقيقة بل وتؤدي إلى فشل عمليات التحليل والتطوير لأن الأرقام لا علاقة لها بالواقع.

ويجب أن نعلم جميعاً بأن الإدارة لا تفترض أن الموظفين ليس لديهم أي مشاعر أو أنهم ليسوا بشراً، بل الإدارة تتعامل مع طبائع البشر وإحتياجاتهم، فكيف تستطيع تحفيز العاملين إن لم تتعامل معهم كبشر لهم إحتياجات ومشاعر؟ هل تتصور أن عدم إحترام العاملين هو شيء مقبول لأنه يأتي في إطار العمل؟ هل تتصور أنه من الصواب أن تطلب من أحد العاملين ألا يذهب لحضور جنازة أقرب أقاربه أو أن تمنعه من أن يأخذ أجازة ليعتني بابنه أو زوجته المريضة؟ إن كنت تستشهد بالأجانب فهم لا يفعلون ذلك، ألم تسمع أن رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير قام بأجازة طويلة عندما رُزق بمولود؟
إن العملٌ عمل.. نعم، ولكن ما معنى ذلك؟معنى ذلك أن تعطي كل ذي حق حقه فلا تجعل مشاعرك تجاه شخص ما تتحكم في قراراتك في العمل، لا تتحامل على شخص ما لأنه لا يخالف لوائح عمله لكي يُرضيك،لاتتنازل عن حقوق شركتك / مؤسستك لكي تُجامل الآخرين، العمل يهدف للربح ولإكتساب المال ولكن من خلال إطار أخلاقي، فليس معنى العمل أن تخدع أو تخون الأمانة أو ترتشي أو تسرق أو تكذب أو تظلم أو تتلفظ بالبذيء من الأقوال أو ترتكب الشنيع من الأفعال. إن أخلاقيات العمل أصبحت حاجة ملحة في مواجهة الفساد الإداري، تعبر عن المسؤولية متعددة المستويات بدءاً من المسئولية الذاتية علي مستوي الفرد والمسؤولية الأخلاقية في الولاء للمُثل العليا والمسؤولية المهنية والمسؤولية العامة ووصولا إلي المسؤولية الوطنية والقومية والمسؤولية الدولية.

إن الإدارة بالأخلاق فلسفة إدارية يتفق عليها ومعها الجميع لأنها تمثل أهم الركائز ومتطلبات العمل والتعامل الإنساني كالإستقامة والتسامح والوفاء والصدق والإخلاص والإنتماء والنجاح والعدالة والرضى وغيرها من الأخلاق والقيم النبيلة والسامية التي قامت عليها الأخلاق الإنسانية، وإن الإحتكام إلى هذه القيم يؤدي إلى الأداء والإنجاز والتميز.. وعليه يجب على الجميع العمل بروح الفريق الواحد والبحث عن هذه القيم وهي موجودة في داخلنا وما علينا إلا إيقاظها وتفجيرها والعمل بها لأن الفرد الإجتماعي والثقافي والأخلاقي القيمي يستطيع أن يساهم في حل مشكلاته ومشكلات مجتمعه وأن يساهم في حركة الإصلاح الإداري وإعداد وتهيئة أسس سلوكية ترصد أفعال الناس في حياتهم الخاصة وفي أماكن العمل بهدف الوصول والنجاح والإتصال والإرتباط والمشاركة والإندماج وإعطاء الحياة قيمة وأهمية، لذلك فإن الإدارة بالأخلاق والمثل مرساة للنجاح ونحن اليوم في أمس الحاجة لها أكثر من أي وقت مضى، لأننا نعيش مرحلة تحديثية وتطويرية جديدة ونحن بأمس الحاجة إلى القيم وإلى الرؤية التطويرية وأن من يستلمون المواقع الأمامية في المجتمع يجب عليهم أن يشكلوا عامل القدوة في ممارستهم الإدارية، فالقيم موضع إحترام من قبل الجميع وهي التي يلتقي حولها الناس كجماعات وهي تدفعهم للعمل معاً بغية الوصول إلى أهداف مشتركة، والقيم بمثابة القوة الجاذبة، وهي المنظومة التي تملك تأثيراً على الجماعات.

نحن أمة لا تنقصنا ولله الحمد قيم ولا مبادئ أخلاق.. نحن نفاخر بما لدينا من قيم وأخلاق رائعة وعريقة والأروع كونها محل إتفاق وإجماع وأن هذه الأخلاق والقيم هي مضمون مشروعنا التحديثي والتطويري الذي يجب أن يكون بالمستقبل القريب.. وما علينا إلا تحويلها إلى سلوك يومي في حياتنا الخاصة والعامة وفي مؤسساتنا وبيوتنا ومدارسنا وجامعاتنا، وتقوية وعي كل الناس بأهميتها، وكذلك تعليمها للأجيال بالقدوة حتى تسود وتصبح هي السمة الغالبة على طبائعنا وهي إن إحتاجت فهي تحتاج إلى مزيد من الإقتداء والعمل المنظم وإلى القليل من البيروقراطية والمحسوبية والفساد والتسويف والمماطلة.

والله ولي التوفيق

د. رمضان حسين الشيخ
[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]
التعديل الأخير تم بواسطة فارس التنمية ; 20/8/2015 الساعة 11:55

إقرأ أيضا...
التزام الإدارة العليا وإدارة الجودة الشاملة

ركزت المنظمة العالمية للمعايير (ISO: International Organization For Standardization) على أهمية دور الإدارة العليا في نظام إدارة الجودة، فبإمكانها أن توجد مناخاً جيداً للعمل من خلال القيادة الجيدة،... (مشاركات: 0)


أبجديـة الأخـلاق

أبجديـة الأخـلاق ( أ ) أسِّس بنيانك على التسامح ( ب ) بادر بالعطاء, بادر بالخير, بادر بالفضيلة ( ت ) (مشاركات: 4)


دورات تدريبية نرشحها لك

دبلوم ادارة الجودة الشاملة - TQM

برنامج تدريبي يشرح ادارة الجودة الشاملة وتطبيقها في الشركات ويشرح بنود ومعايير ISO 9001:2015 ونماذج التميز المؤسسي (EFQM, Baldrige) وكيفية تحويل الرؤية إلى أهداف قابلة للتنفيذ وقيادة التغيير وتمكين فرق العمل وتعزيز الاداء واستراتيجيات التميز التشغيلي من التحسين المستمر إلى Six Sigma وLean وتطبيقات التحول الرقمي في الجودة وإدارة البيانات ومؤشرات الأداء (KPIs, Dashboards) واستخدام الذكاء الاصطناعي والتحليلات التنبؤية في الجودة وأدوات قياس رضا العملاء وادارة تجربة العميل Customer Experience و إدارة الشكاوى والتحسين المستمر.


دورة اسعافات اولية لغير العاملين في المجال الطبي

دورة الاسعافات الاولية من الدورات الهامة التي يجب عليك الالتحاق بها أيًا كان عمرك وأيًا كان عملك، فمعرفتك بمبادئ الإسعافات الأولية الأساسية ليس هاما فقط على المستوى الشخصي، بل قد تكون السبب في انقاذ حياة شخص آخر، وستدفعك للتصرف بشكل سليم وبثبات انفعالي في المواقف والحوادث والإصابات المفاجئة، والتي تحدث بين الحين والآخر وتحتاج منك الى حكمة في التصرف ما قد يكون سببا في انقاذك او انقاذ الآخرين.


دورة تأهيل المرشدين السياحيين

دورة تأهيل المرشدين السياحيين هي برنامج تدريبي مكثف يؤهلك للعمل كمرشد سياحي مستقل تتعرف من خلاله على طبيعة عمل المرشد السياحي مهارات التواصل مع المجموعات وادارتهم وكيف تقدم جولة سياحية احترافية تتضمن المعلومات الثقافية عن الوجهة السياحية وأهم معالمها وطبيعتها المحلية واماكن التسوق والترفيه والمطاعم المحلية وغيرها.


دورة مهارات التحرير والكتابة العلمية

اول كورس تدريبي عربي في مجال الكتابة والتحرير العلمي، حيث تم تصميم هذا البرنامج التدريبي الرائد بهدف تأهيل المشاركين على اكتساب مهارات الكتابة والتحرير في المجالات العلمية كالكتابة في المجلات العلمية ومواقع الانترنت العلمية وغيرها باسلوب احترافي وعلمي ومنهجي.


دورة التميز الإداري لمشرفي التشغيل والإنتاج

تؤهل هذه الدورة التدريبية للمشاركين للتعرف على المهارات الضرورية لمشرفي ومديري إدارات التشغيل والإنتاج. وتشمل قياس الانتاجية وتحسين الاداء وعدم حدوث أي تعارض خلال الأنشطة اليومية، والتفاعل بشكل أفضل مع الإدارات الأخرى المعنية، مثل الصيانة والمخازن وغيرها


أحدث الملفات والنماذج