يشكل التراجع الاقتصادي والتجاري في طرابلس هاجسا كبيرا لدى المسؤولين المعنيين سواء في غرفة التجارة أو في جمعيات التجار، خصوصا في ظل انعكاس هذا التراجع إقفالا لبعض المؤسسات والمحلات في مختلف أسواق المدينة، وضعفا في المداخيل المالية لسائر التجار الذين يواجهون خسائر كبيرة لم ينفع استتباب الأمن في الحد منها.


قد تكون المعضلة الأساسية في طرابلس هي انقطاع أكثرية زوارها من أبناء الأقضية الشمالية والمناطق اللبنانية عنها، خلال السنوات التي شهدت توترات أمنية، وما زاد الطين بلة، هو أن هذه الأقضية تتجه للاستغناء عن طرابلس بعدما أوجدت أسواقا خاصة بها ساهمت في اكتفائها ذاتيا واستغنائها عن الأسواق الأخرى، في وقت لم تنجح فيه مؤسسات المدينة حتى الآن في تقديم ما من شأنه أن يشكل عوامل جذب للزوار لإعادتهم الى اعتماد عاصمة الشمال سوقا أساسيا كما كانت في السابق.


ومما يساهم في تراجع الحركة التجارية في طرابلس هو تمدد الفقر بين العائلات الذي بلغ نسبة مخيفة تجاوزت الـ 60 في المئة، وكذلك البطالة التي تكاد تلامس الـ 40 في المئة من الطاقة المنتجة في المدينة، والمنافسة التي تفرضها العمالة السورية على اللبنانيين ما يضطرهم للقبول برواتب مخفضة، إضافة الى الارتفاع المضطرد في قيمة الإيجارات، الأمر الذي دفع سابقا «جمعية تجار طرابلس» إلى مناشدة المالكين الى تخفيض قيمتها لتأمين ديمومة التعامل بين المالك والمستأجر.


هذا الواقع جعل كثيرا من المؤسسات غير قادرة على تحمل الأعباء المالية المفروضة عليها، ودفعها إلى الإقفال، وتشير معلومات غير رسمية الى أن 20 في المئة من المحلات التجارية قد أقفلت أبوابها في أسواق طرابلس الجديدة، ويشكل ذلك ناقوس خطر لا بد من الوقوف عنده، ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.


اجتماع من أجل طرابلس
وشكل الاجتماع الاقتصادي ـ التجاري الذي عقد في غرفة طرابلس برئاسة توفيق دبوسي ومشاركة رئيس جمعية تجار طرابلس فواز الحلوة وأمين سر الجمعية غسان الحسامي، رئيس جمعية تجار شارع عزمي ومتفرعاته طلال بارودي، رئيس جمعية طرابلس السياحية محمد مجذوب، رئيس نقابة الألبسة والأقمشة والنوفوتيه محمود حجازي، إضافة الى المدير الاقليمي لبنك بيبلوس فادي الهاشم، مدير فرع طرابلس جميل علم الدين، محاولة للبحث في كيفية النهوض بالمدينة اقتصاديا وتجاريا من خلال سلسلة من الأنشطة التسويقية والترويجية والسياحية، تظهر الصورة الحضارية لطرابلس وتساهم في ترسيخ دعائم مكانتها المتفردة كوجهة تسوّق رائدة على المستوى الوطني، ومن أجل تضافر الجهود المشتركة لتفعيل وتطوير الحركة التجارية فيها لما لمؤسساتها التجارية من جاذبية وقدرة على استقطاب أعداد متزايدة من الزوّار والسيّاح من مناطق الجوار وكل المناطق اللبنانية.
وقد طرح المجتمعون إقامة مهرجان التسوق في طرابلس على أن يتم تحديد موعده لاحقا، إضافة الى سلسلة من النشاطات المتنوعة تواكب شهر رمضان المبارك، وذلك بهدف تشكيل عامل جذب لكل الزوار من أجل العودة الى المدينة لا سيما بعد استتباب الأمن والاستقرار منذ انطلاق الخطة الأمنية في نيسان 2014.
افتتح دبوسي الاجتماع بالتركيز على «أهمية الشراكة بين مختلف الفاعليات والهيئات والجمعيات والنقابات واتحاد البلديات للعمل في جو من التناغم والانسجام من أجل إظهار طرابلس على الصورة التي يجب أن تظهر عليها باعتبارها مدينة تكمن فيها مختلف مواطن القوة، مؤكدا أن ما تحتاجه هو التعاون وبالتالي وضع الأطر التنظيمية الكفيلة بتعزيز حركة الأعمال الجماعية، لأن المدينة تحتاج الى كل الطاقات وكل الإمكانيات، مشيرا الى أن غرفة طرابلس لا يمكن إلا أن تكون المحرك والمشجع لأي نشاط يساعد على الخروج من الركود والنمطية السائدة بالرغم من إدراكها المسبق لصعوبات الظروف العامة المحيطة بنا».
وأكد الهاشم في مداخلته على «أهمية التعاون بين كل الناشطين من فاعليات وهيئات ومؤسسات وبلديات وأن بنك بيبلوس سيكون له دور فاعل ومتمم ومشجع.
وتحدث طلال بارودي فأشار الى أهمية «التضامن والتعاون لإعطاء قوة دفع للنشاط التجاري في المدينة لأن الواقع الاقتصادي هو أقرب الى المؤشر الذي يثير الكثير من القلق، وهذه الحال تستدعي الاهتمام والرعاية لإنجاح هذه الفعالية».
أما غسان حسامي فقد أثار «موضوعاً أمنيا»ً يخدش صورة طرابلس الآمنة والمستقرة، إذ لا يجوز تضخيم أي ظاهرة أمنية سلبية تتعرض لها المدينة بشكل مفاجئ، داعيا الى الإسراع بالتحرك وإجراء الاتصالات اللازمة من أجل إيصال تمني الهيئات على كل الأجهزة الأمنية وممثلي إدارات ومؤسسات الدولة العامة وعلى رأسها محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا، بغية وضع حد لتمادي الحملات الإعلامية التي تسلط الأضواء بطريقة سلبية وتلحق الأذى المعنوي بمكانة المدينة وسمعتها أمناً واستقراراً.