4 خصال تجعل المرأة تترأس خيرة الرجال!
المديرات الناجحات في الوطن العربي كثر، وليس هذا بمحض المصادفة. فالنجاح لا تصنعه المصادفة، ولكنه يتمخض عن رغبة وعزيمة وإصرار في أن يشار إلى المرء بالبنان. هؤلاء النسوة البارزات تخطين ببراعة القيود الاجتماعية، والتي منها ألا يحبذ أن تسود المرأة الناجحة في العمل أو أن تترأس خيرة الرجال، وهذه الفئة من النساء اللائي تخطين تلك العراقيل وتسيدن في أعمالهن يتصفن بأربع خصال رئيسية، تجعلهن أندادا لزملائهن الرجال ولا يمكن أن يستهان بهن.
1 - الرزانة
من المديرات من يملكن من العلم ما يفوق زملائهن الرجال في العمل، ولكن ينقصهن خصلة غاية في الأهمية، خاصة في وطننا العربي، وهي 'الرزانة'. ونقصد بالرزانة أن تلتزم المرأة العاملة بمكارم الأخلاق وأن تقيم سياجا وحصنا أخلاقيا منيعا يحول بينها وبين ضعاف النفوس من الموظفين الذين يحاولون النيل من سمعتها أو التقليل من شأن مجهودها 'لحاجة في نفس يعقوب'. والملاحظ أن في مجتمعاتنا العربية تحاط المرأة الرزينة بهالة من الاحترام والتقدير لا يمكن أن يخترقها أحد، بل تجد هذه المرأة من الموظفين من يناصرها ويدافع عنها حتى في غيابها، لأنهم يرون فيها مثالا حقيقيا للمرأة الفاضلة التي لا يرضى موظف ذو مروءة أن تمتهن أو تحقر أو يحط كائن من كان من كرامتها. إذ ان هناك من الموظفين الرجال من تستيقظ ضمائرهم، فورما تتناهى إلى أسماعهم كلمات جارحة أو خادشة لسمعة تلك المديرة الرزينة.
تعجبني المقولة الإنجليزية الشهيرة: Always keep a distance وهي تدعو إلى أن يحافظ المرء على حد أدنى من المساحة أو الهالة التي تمنع الآخرين من التعدي عليه، وهي بالمعنى العامي ألا يرفع الميانة أو الكلفة بحيث يتجرأ الآخرون على إيذاء شخصنا بطريقة أو بأخرى.
2 - التنمية الذاتية
بعض المديرات يعتبرن مرجعا لجميع الموظفين في العمل لأنهن يحرصن على التنمية الذاتية المتواصلة فهي شغلهن الشاغل لرفع رصيدهن المعرفي. إذ لا يهدأ لهن بال إلا باجتياز أكبر عدد ممكن من الدورات التدريبية المتخصصة، ليس للتسلية ولتمضية الوقت، وإنما لرغبة صادقة في النهوض بمستوى أدائهن وإنتاجيتهن في العمل. وهذا النوع من المديرات تجد عنده كل يوم معلومة جديدة، وتتزايد الأسئلة التي توجه إليها، ويستعين بها القاصي والداني في العمل، وتفتقد إن غابت عن العمل في إجازة، ليس لسبب سوى أنها حريصة على تطوير ذاتها من خلال القراءة الدائمة ولا تقبل أن تفوتها شاردة ولا واردة في العمل إلا سارعت إلى فهمها لكي ترتقي بمستواها وبمستوى إدارتها. ولحسن الحظ فإن هذا النوع من المديرات، قلما تنتابهن نوبات مباغتة من الغضب المقيت في العمل، الذي يفسد على أكفأ مدير سمعته، وذلك لسبب بسيط وهو أن الإنسان إذا ما كان فاهما ومدركا لتفاصيل إجراءات العمل فإنه يكون أقل عرضة لعوارض الغضب وتداعياته. والشائع أن من يشتهر بالعصبية "الدائمة" في العمل هو من يشعر بضعفه وبقلة حيلته وضحالة معلوماته، فيلجأ (أحيانا لا إراديا) إلى الغضب أو يهاجم الآخرين وينحي باللائمة على أي شيء ليبرر تقصيره أو ضعفه!
3 - التركيز
من أهم الخصال التي تنافس فيها المديرة زملائها، وخاصة الرجال منهم، هو تركيزها على العمل في مجال وظيفي محدد ولأطول مدة ممكنة. بمعنى أن تقضي المديرة معظم سنوات عمرها في مجال وظيفي واحد شريطة أن 'تحبه' وأن يحقق لها ذاتها حتى لا تشعر بالملل والحاجة إلى التغيير.
ونشير هنا إلى خصلة التركيز لأنها عملة نادرة في السيرة الذاتية النسائية، إذ قلما تجد سيرة ذاتية لمديرة أمضت معظم حياتها الوظيفية في مجال رئيسي كمجال البنوك أو الاستثمار أو العقار أو الصحة أو الصناعة أو الهندسة، وربما مرد ذلك يرجع إلى أن عددا غير قليل من النساء العربيات يجدن ضالتهن في مكان مريح يتساهل في تطبيق أمور إدارية انضباطية عديدة، كالحضور والانصراف، مثلا، ظنا منهن بأن ذلك يساعدهن في التوفيق بين عملهن وواجبات المنزل، غير أن العكس هو الصحيح. إذ أن عدم تركيزها يضطرها إلى أن تكون عرضة للخضوع تحت إمرة مديرين مزاجيين أو غير عادلين أو أنها تصدم ببيئة وظيفية غير صحية تضم ثلة من الموظفين الحقودين أو الحسودين أو النمامين الذي لا يتمنون لأحد خيرا قط.
كما أنها في الوظيفة الجديدة قد تبدأ، أحيانا، من الصفر محاولة إثبات تفوقها وأنها مؤهلة، فتهدر وقتا ثمينا كان من الأجدى أن تستغله في مواصلة الرقي في السلم الوظيفي والتعليمي بعملها السابق الذي قطعت شوطا كبيرا فيه.
ولأن هناك فئة من المديرين الرجال في المجتمع العربي ما زالت تنظر إلى المرأة نظرة دونية أو قاصرة وتفكر ألف مرة قبل أن تقدم على قرار تعيينها، فإنه من الأهمية بمكان أن تبني المرأة سمعة جيدة في مجال عملها من خلال التركيز، حتى تميز نفسها ويذيع صيتها فيتذكرها أي مسؤول حينما يقرر البحث عن شخص متخصص في مجال معين. ومن مزايا تركيز المرأة أنها تيسر على الآخرين مهمة مساعدتها في الحصول على وظيفة لائقة، حيث ان تركيزها وبروزها في مجالها، يجعل حظوظها بالفوز بمقعد الوظيفية أكبر من نظرائها الرجال وحتى النساء الذين لا يستقرون على وظيفة واحدة لبضع سنوات، فالناظر إلى سيرتها الذاتية يحتار في معرفة تخصصها ونقاط القوة لديها.
وكذلك فإن عدم تركيز المرأة على مجال عمل معين يجعل رب العمل أو المسؤول يتردد في تعيينها لأنه يخشى أن تصطحب المديرة معها عادة "التنقل" من وظيفتها إلى آخر، فتمكث بضعة أشهر أو سنوات ثم تنتقل وهكذا دواليك. وللعلم فإن مؤسسات عديدة تسأل في طلبات التوظيف، الأسئلة التالية: ما آخر ثلاث وظائف عملت بها؟ وما سبب تركك لآخر وظيفة؟ وإذا لم تجب المرأة بالحقيقة فبإمكان المسؤولين التحقق من ذلك بالاتصال الهاتفي، قبل أن يورطوا أنفسهم بموظفة تفتقد لخصلة الصبر الوظيفي لأنها تهوى التنقل من وظيفة إلى أخرى.
4- الثقة
تبقى خصلة واحدة مهمة وهي الثقة بالنفس. إذا أن افتقار المديرة إلى هذه الخصلة يحرمها من تبوؤ مناصب عديدة مهمة لأنها ليس لديها الثقة الكافية بالنفس لتقبل هذا المنصب، والنتيجة أن يسارع إليه من هو أقل كفاءة فيقع الفأس بالرأس ويدفع الموظفون ثمن تردد هذه المديرة ومبالغتها في تقييم ذاتها. ولحسن الطالع فأن خصلة الثقة بالنفس المحمودة مرتبطة ارتباطا وثيقا بمدى تطوير المرأة لقدراتها (الخصلة الثانية). فنجد أن ارتفاع مستوى الثقة بالنفس ينبع من التنمية الذاتية المستمرة التي تعكف عليها المديرة، والذي يؤدي إلى عمق في فهم طبيعة عملها والتعامل مع المشكلات والعراقيل.
ولا نجد مبررا لمديرة تعلق سبب افتقارها للثقة بالنفس على شماعة الغير. كأن ترد سبب ذلك إلى تصرفات أهلها أو أصدقائها معها في السابق من خلال تثبيط عزيمتها أو محاولات التقليل من شأنها. فالمرأة الطموحة هي من تنتشل نفسها من هذا الواقع البائس وتنضم إلى قافلة القيادات النسائية العربية الناجحات.
صراع المرأة والرجل
معركة النساء مع الرجال، قديمة منذ الأزل، ولكن وطيسها قد حمى في الأعوام الثلاثين الماضية بعد انخراط المرأة في العمل الإداري في المنظمات، فصارت لها سلطات لا تقل عن سلطات المدير الرجل، بحكم القوانين واللوائح الداخلية، وبسبب إصرار طليعة من النساء الرائدات على التميز والتفوق.
أجر شهري
هذه الخصال الأربع معني فيها النساء الطموحات في مجتمعنا العربي، الراغبات إلى تحقيق النجاح الإداري، وربما لا يهتم بهذا المقال الموظفات اللائي ليس لديهن هدف من عملهن سوى الحصول على أجر شهري فقط لاغير!