النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: تجربة المعهد العربي للتخطيط في ترسيخ مبدأ التنمية المستدامة

#1
نبذه عن الكاتب
 
البلد
الصومال
مجال العمل
أعمال ادارية
المشاركات
4,822

تجربة المعهد العربي للتخطيط في ترسيخ مبدأ التنمية المستدامة

تُواجه دول العالم الغنية والفقيرة على حد السواء تحديات تسريع وتائر التنمية الاقتصادية التي تُحقق الرفاهية لمواطنيها، مع أمل الحفاظ على التوازنات الاقتصادية والمالية والبيئية. إن اختلال هذه "التوازنات الكبرى" قد يُؤدي إلى ضعف قُدرة هذه البلدان في استدامة التنمية وتراجع وتائر تحقيقها وظهور المشاكل المستعصية مثل البطالة والفقر والتضخم وتدهور نوعية الحياة. لقد استطاعت البشرية منذ الثورة الصناعية أن تحقق تقدماً هائلاً في مستويات الرفاهية خاصة بفضل بذل جهود معتبرة في البحوث والتطوير والاختراعات، وبالتالي بناء رأس مال بشري مما أدى إلى رفع وتائر الإنتاجية والنمو الاقتصادي المتسارع. أدى هذا النمو المتسارع إلى توفير المتطلبات المادية للبشرية بالرغم من ارتفاع سكان المعمورة بشكل مذهل. بالمقابل أدى التركيز على النمو الاقتصادي وتقليل التكاليف ورفع الإنتاجية إلى الضرر بالبيئة والدفع بالمنظومة الأيكولوجية إلى حدودها القصوى. كما أدى تسارع النمو إلى تدهور البيئة وارتفاع نسب التلوث واستنزاف الموارد الطبيعية غير المتجددة. لكن للأسف لم يكن هذا النمو متساوياً على الصعيد العالمي حيث نمت ما يعرف بالدول المتقدمة في النصف الشمالي من كرة الأرض، بينما تعرف دول الجنوب مُستويات مُتدنية من التنمية. وزاد التدهور البيئي من مشاكل الدول الفقيرة ذات الموارد المحدودة حيث أصبحت تُواجه شح الموارد المائية وانتشار الأوبئة وفشل المحاصيل مما زاد من صعوبة القضاء على الفقر والبطالة والتهميش.
وبالرغم من تعدد المبادرات الدولية والاتفاقيات والبروتوكولات فإن البشرية لم تحقق تقدماً يذكر في تقليل الضرر البيئي الناجم عن التركيز على النمو لأن ذلك يتطلب إعادة النظر في فلسفة التنمية وتغيير وتائر الاستهلاك وكذلك تحمل تكاليف تنظيف البيئة. ركزت الحلول المعتمدة في تصحيح الضرر البيئي على عامل التكنولوجيا في السعي لتحقيق الاقتصاد الأخضر وتدوير الموارد وتقليل الانبعاثات الغازية الدفيئة. تدل كل الدراسات أن حل معضلة الاستدامة التنموية من وجهة النظر البيئية والموارد الطبيعية يتطلب أكثر من الاعتماد على الحلول الفنية ليشمل إعادة النظر في النموذج التنموي وجعله محابياً وصديقاً للبيئة.


إن تحقيق الاستدامة التنموية من وجهة نظر بيئية تعتبر في غاية الأهمية وذلك لأنه من المتوقع أن ترتفع أعداد البشرية إلى أكثر من 9 بليون في آفاق 2050 مع تركز أغلب هذه الزيادة في المناطق الفقيرة من العالم والتي تعرف ضغطاً كبيراً على الموارد الطبيعية الشحيحة بالإضافة إلى ضعف قدرتها في إحداث التنمية وفي مُواجهة التحديات التنموية الأخرى المتفاقمة. إن البعد البيئي للتنمية ليس هو فقط التحدي الأساسي لتحقيق الاستدامة التنموية. فبالرغم من أهمية من البعد البيئي فإن استدامة التنمية من وجهة نظر اقتصادية بمعنى توفير استمرارية الرفاهية الاقتصادية وتحقيق العدالة ما بين أعضاء المجتمع وما بين الأجيال يتطلب أيضاً العمل على تفعيل سياسات تنموية قادرة على تحقيق النمو الاقتصادي بشكل مضطرد. ومع الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الكلية بالإضافة إلى جعل هذا النمو شاملاً وعادلاً يحقق التوزيع العادل لثماره على أفراد المجتمع خاصة في جعله مُحابياً وشاملاً للفقراء والشباب والمرأة.
إن الدول العربية التي حققت في العقود الماضية نتائج تنموية مرموقة تواجه اليوم تحديات تنموية كبيرة قادرة على تثبيط استدامة التنمية إن لم يتم تغيير المنهج التنموي والانتقال إلى مسار تنموي قادر على مُواجهة الاشكاليات التنموية التي تواجهها. فالدول العربية المصدرة للنفط وخاصة الدول الخليجية حققت وتائر تنموية يشهد لها حيث أصبحت تعرف بدول الرفاه ذات الدخل المرتفع. كما أنها معدلات البطالة فيها مُنخفضة بالإضافة إلى تربعها على المراتب الأولى عربياً في العديد من المؤشرات الدولية مثل التنافسية وبيئة الأعمال ورأس المال البشري. إن هذا المستوى التنموي المرموق الذي حققته الدول الخليجية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بهبتها الطبيعية من النفط والغاز والتي سمحت عوائده بتمويل برامج تنموية طموحة.


إن النفط كونه مادة طبيعية غير مُتجددة ويُساهم بشكل واسع في الإنحباس الحراري وكذلك ارتفاع تكاليف استخدامه في الدول غير النفطية قد يدفع إلى توسع استخدام بدائل الطاقة المتجددة بشكل قد يهدد الاستدامة التنموية للدول المصدرة له. إن استدامة التنمية في هذه الدول يمر حتماً عبر تغيير مسارها بحيث تحقق التنويع الاقتصادي الذي يضمن تقليل هذه المخاطرة والتبعية للموارد غير المتجددة، وبالتالي استمرار النمو الاقتصادي مما يسمح باستيفاء الحاجات المتزايدة للسكان. كما أن الاستدامة التنموية تتطلب مراعاة حقوق الأجيال القادمة من هذه الموارد وبالتالي استغلال الموارد الناضبة بشكل عقلاني مع تقليل الهدر إن أمكن. كما أن ارتفاع تكاليف دولة الرفاه وتفاقم الإنفاق الحكومي الممول أساساً بالعوائد النفطية إن استمر بهذا المنوال قد يصل إلى مُستويات غير مُستدامة وبالتالي تعثر العملية التنموية.
بالمقابل تُواجه الدول العربية غير النفطية خاصة ذات الكثافة السكانية المرتفعة تحديات تنموية حادة خاصة في مجال النمو والبطالة والفقر وسُوء توزيع الدخل. إن طريق الدول العربية غير النفطية نحو تفعيل النمو وتحقيق الاستدامة التنموية يتطلب إعادة النظر في الترتيبات المؤسسية القائمة على التنمية وجعلها قادرة على الاضطلاع بدورها التنموي وقادرة على تفعيل سياسات تنموية تحقق الفعالية والتشغيل التام لموارد البلد. إن سُوء المؤسسات وتدنى مُستويات الحاكمية وما يتبعه من سُوء بيئة الأعمال ونفور الاستثمار وتهميش رأس المال المنتج ورأس المال البشري وسيطرت رأس المال الريعي وضعف التخطيط التنموي كلها عوامل تحتاج إلى مُعالجة سريعة وذلك لضمان تنمية مُستدامة وشاملة تنهض باقتصادات الدول العربية وجعلها تنمو وتتطور في مسارها الصحيح.
الصور المرفقة

إقرأ أيضا...
المعهد العربي للتخطيط: الإمارات نموذج للاقتصاد التنافسي

أكد المعهد العربي للتخطيط أن الإمارات نجحت في إيجاد مناخ استثماري، ونموذج اقتصادي تنافسي جاذب للاستثمارات من شتى أنحاء العالم. ونظمت وزارة الاقتصاد بالتعاون مع المعهد العربي للتخطيط بدولة الكويت،... (مشاركات: 0)


المؤتمر العربي الأول : الإدارة البيئية والمجتمعية (أدوار مستقبلية في التنمية المستدامة) اسطنبول – تركيا 28 أبريل 2013

الدار العربية للتنمية الإدارية (المؤتمر العربي الأول) الإدارة البيئية والمجتمعية (أدوار مستقبلية في التنمية المستدامة) بإعتماد : المعهد الأوروبى لمدراء الأعمال EIBM Europe Institute of... (مشاركات: 0)


المؤتمر العربي الأول : الإدارة البيئية والمجتمعية (أدوار مستقبلية في التنمية المستدامة) اسطنبول – تركيا 28 أبريل 2013

الدار العربية للتنمية الإدارية (المؤتمر العربي الأول) الإدارة البيئية والمجتمعية (أدوار مستقبلية في التنمية المستدامة) بإعتماد : المعهد الأوروبى لمدراء الأعمال EIBM Europe Institute of... (مشاركات: 0)


المؤتمر العربي الأول : الإدارة البيئية والمجتمعية (أدوار مستقبلية في التنمية المستدامة) اسطنبول – تركيا 28 أبريل 2013

الدار العربية للتنمية الإدارية (المؤتمر العربي الأول) الإدارة البيئية والمجتمعية (أدوار مستقبلية في التنمية المستدامة) بإعتماد : المعهد الأوروبى لمدراء الأعمال EIBM Europe Institute of... (مشاركات: 0)


المعهد العربي للتخطيط

https://www.hrdiscussion.com/imgcache/107.imgcache المعهد العربي للتخطيط مؤسسة عربية إقليمية لا تهدف إلى الربح، مهمته الرئيسية دعم المسيرة التنموية في الدول العربية من خلال التدريب والبحوث... (مشاركات: 3)


دورات تدريبية نرشحها لك

ورشة تدريبية مكثفة حول كيفية الاستثمار في البورصة

ورشة تدريبية مكثفة تهدف الى تدريب المشارك فيها ومن خلال جلسة واحدة فقط أن يتعلم اصول ومبادئ الاستثمار في البورصة، والتعرف على اهم الخطوات الواجب مراعاتها قبل الاقدام على هذه المخاطرة، وكيف تقوم بتنويع مجال استثمارك حتى تتفادى اي خسائر قد تحدث.


Mini MBA في المحاسبة والادارة المالية

برنامج تدريبي متقدم يهدف إلى تأهيل المحاسب تأهيلا علميا شاملا، حيث يغطي البرنامج موضوعات المبادئ والفروض المحاسبية والدورة المحاسبية وتصميم نظام محاسبي متكامل بداية من شجرة الحسابات وحتي اعداد الحسابات الختامية وإعداد القوائم المالية للشركات التجارية والصناعية وتحليل وتفسير القوائم المالية وضريبة القيمة المضافة وضريبة الأرباح التجارية والصناعية ثم الدورة المستندية في الشركات الصناعية والتجارية بالتطبيق علي برنامج الاكسل وورشة العمل التطبيقية في المحاسبة وبرنامج المحاسبة المتخصصة والمحاسبة في شركات المقاولات والمحاسبة في المستشفيات والمراكز الطبية والمحاسبة في الجمعيات الأهلية وبرنامج المحاسبة الإلكترونية حيث شرح استخدام برنامجي الاكسل والبيتش تري في المحاسبة.


كورس المحاسبة الإلكترونية باستخدام برنامجي الاكسل والبيتش تري

هذا البرنامج يؤهل المتدربين المشاركين على استخدام برنامج الاكسل في المحاسبة وكذلك برنامج بيتش تري في المحاسبة من خلال تدريب على شاشات البرامج وتطبيق حالات عملية على البرنامجين


دبلومة موارد بشرية - HRM

هذا الدبلوم التدريبي المتقدم يهدف الى تزويدك بالمعرفة والمهارات اللازمة لإدارة الموارد البشرية في الشركة / المنظمة التي تعمل بها، بما في ذلك؛ طرق التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية، وآلية عمل التحليل الوظيفي، وعملية التوظيف، وطرق الاختيار والتعيين، والتدريب والتطوير، والتوجيه الوظيفي، وطرق تقييم أداء الموظفين، وغيرها من مهام مدير الموارد البشرية. كما تغطي هذه الشهادة العديد من الموضوعات الأخرى ذات الصلة بإدارة الموارد البشرية، مثل: علاقات العمل، ومبادئ السلامة والصحة المهنية، وإدارة الأداء، وإدارة المخاطر.


كورس الامتثال التجاري في الأنشطة اللوجستية وسلاسل الامداد

صمم هذا البرنامج لتأهيل المتدربين المشاركين على فهم دور الامتثال التجاري في تسهيل العمليات اللوجستية وزيادة كفاءة سلاسل الامداد ويتم من خلاله التعرف على المفاهيم الأساسية للامتثال التجاري واللوجستيات وسلاسل الامداد ثم ينتقل الى شرح عناصر الامتثال التجاري والقواعد الجمركية والكود الجمركي المنسق والتقييم الجمركي والعقود التجارية وعلاقتها بالتقييم الجمركي وعلاقة الامتثال التجاري وتكاليف عمليات التصدير والاستيراد وأثر الامتثال على تنافسية سلاسل الامداد وتسهيل العمليات اللوجستية


أحدث الملفات والنماذج