معوقات الابداع والتي تتكون من ستة مواضيع اساسية اسردها لكم كما يلي :


1-ينبغِي البحثُ فِي معوقاتِ الإبداعِ :


لذلكُ يلاحظُ أنَّ الكثيرَ منَ الأفرادِ المبدعينَ والمبتكرينَ لاَ يجدُونَ أحيانًا مجالاتٍ جيّدة تلبّي طموحاتِهِمْ وتنسجمُ مَعَ أفكارِهِمْ، كَمَا قدْ لاَ يجدُونَ صدورًا رحبةً تستوعبهمُ وتستثمرُ طاقاتهمْ فيعيشُونَ فِي عزلةٍ روحيةٍ، وَهُمْ بيْنَ زملائِهِمْ وإخوانِهِمْ، وَهَذِهِ مأساةٌ حقيقيةٌ تعودُ عَلَيهمْ وَعَلَى المؤسساتِ الَّتِي ينتمُونَ إليهَا بالأضرارِ الوخمةِ.
لذلكَ قد يشكّلونَ أوائل الضحايَا الَّتِي تفقدهُمُ المؤسسة؛ ليحظَى بهمُ الآخرونَ الأقدار عَلَى استيعابِهِمْ وَاستثمارِ مواهبهمْ وإبداعاتِهِمْ.

وَمنْ هُنَا ينبغِي أنْ نبحثّ فِي معوقاتِ الإبداعِ الَّتِي تسبّبُ فقدان العناصرِ المبدعةِ وخلو المؤسساتِ منهمْ بِما يسببُ لَهَا تباطؤًا فِي النموِ ثم التراجعِ إلَى الوراءِ؛ لكيْ نسعِى لمكافحتِهَا دومًا إلَى الصعودِ.


2- رغبه الإدارة فِي التغييرِ الإبداعِي:


نذكرُ منْ معوقاتِ الإبداعِ مقاومةُ الجهاتِ الإداريةِ المسئولةِ وعدم رغبتهَا فِي التغييرِ الإبداعِي:

ربما لعدمِ إيمانِهَا بذلكَ لِمَا يسببهُ التغييرُ منْ خروجٍ عنِ المألوفِ المعتادِ عَلَيْهِ، وَربما لاعتقادِهَا بأنَّ كلَّ تغييرٍ جديدٍ يشكّلُ خطرًا عَلَيْهَا أوْ عَلَى المؤسسةِ، وَهَذَا مَا يصطلحُ عَلَيْهِ بـ(جمودِ الإدارةِ)، وَمنَ الواضحِ أنَّ المؤسساتِ تنعمُ وتكبرُ وتتطورُ بأجواءِ الودِّ وَالتفاهمِ وَالتعاونِ وَالتكاملِ بيْنَ عناصرِهَا، فإِذَا وقعَ بينَهُمُ التنافرُ وصارَ البعضُ معيقًا لمسيرةِ البعضِ الآخرِ، فإنَّ هَذَا يهددُ الجميعَ بالخطرِ وَأوّلُ الأفرادِ الذينَ سيُصابُونَ بالمأساةِ هُمُ المفكرُونَ وَالمبدعُونَ؛ لأنَّهُمْ سوفَ لاَ يجدُونَ لأنفسِهِمْ مكانًا فِي الأجواءِ المتوترةِ.

والحلُّ هُوَ تعامل المسئولينَ مَعَ الأفرادِ الطموحينَ وأصحابِ التطلعاتِ بالمزيدِ منَ المرونةِ وَالتفهمِ وَالإقناعِ، فهمْ بِهَذَا يضمنونَهُمْ كعناصر مبدعة مخلصة فِي العملِ كَمَا يضمنُونَ الهدوءَ والتماسكَ داخلَ المؤسسةِ.


3- الروتينِ الإداريِّ:


التطبيقُ الحرفِيُّ للقوانين والحديديةُ فِي الروتينِ الإداريِّ وَهَذَا الأسلوبُ منْ أكثرِ الأساليبِ إزعاجًا للأفرادِ وتسبيبًا للتذمّرِ وَالنقمةِ وإبعادِ المخلصينَ وَالعاملينَ.

وَمِنَ الواضحِ أنَّ القوانينَ والتعليماتِ الإجرائيةَ الأفضل وليستْ غايات بذاتِهَا، فإذَا شكلتْ عاتقًا أمامَ الأفضلِ فليسَ منَ الحكمةِ التوقف عندَهَا، ولو تتبعنَا سلوك الأفرادِ الحديديينَ فِي تعاملاتِهِمُ الإداريةِ نجدُ أنَّهُمْ فِي الغالبِ انشغلُوا بالمظاهرِ وَالشكلياتِ، وتركُوا المضامينَ والأهدافَ بعيدًا، بلْ كثيرًا ما يقعُونَ فِي أزماتِ الفوضَى وَاللانظام بحجةِ إيجادِ النظامِ الحديديِّ الصارمِ، وَهَذَا نقضٌ للغرضِ والحكمة من لإيجادِ النظامِ..
وبعضُ المؤسساتِ تعتبرُ أنَّ معيارَ التقييمِ وَالتمايزِ بيْنَ الأفرادِ هو مدَى انضباطِهِمْ وَالتزامِهِمْ بالأنظمةِ الإداريةِ الموضوعةِ كالالتزامِ بأوقاتِ حضورِ الدّوامِ وَالمغادرةِ ونحوَ ذلكَ.



4- مؤهلاتٌ قيادية:



لا شكَّ أنَّ القيادةَ الإداريةَ تعتبرُ أحد أهمّ العواملِ فِي تطويرِ المؤسساتِ؛ لأنَّهَا صاحبةُ الدورِ الرئيسيِّ فِي تحفيزِ العاملينَ وتوجيهِهِمْ ودفعِهِمْ إلَى الأمامِ، ومنَ المعلومِ أنَّ الأفرادَ تحفزهُمْ قناعاتهمْ وأفكارهمْ أكثر مِمَّا يحفزُهُمُ المالُ أوِ العواملُ الأخرَى، وينبغِي أنْ يتمتعَ القائدُ والمديرُ بمؤهلاتٍ عديدةٍ حتَّى يحظَى بثقةِ أفرادِهِ وَالعاملينَ مَعَهُ، وَإِذَا انعدمتِ الثقةُ فإنَّ ذلكَ يشكُّل عاملاً أساسيًّا فِي عدمِ تماسكِ الأفرادِ بلْ وَإِحبَاطِهِمْ وعدمِ انشدادِهِمْ إلَى العملِ وَتطبيقِ خططِهِ.



5- القيمُ الاجتماعيَّةُ :



قلنَا إنَّ الابتكارَ نوعٌ منَ الخروجِ عَلَى المألوفِ؛ لِذَا فَإِنَّهُ قدْ يتعارضُ مَعَ التقاليدِ وَالأعرافِ مِمَّا يسببُ للمبتكرينَ المتاعب والأزماتِ.

ومعظمُ المبدعينَ والعلماءِ والمفكرينَ لاقوا أشدّ الصعوباتِ فِي مجتمعاتِهِمُ العامّةِ وَالخاصّةِ؛ لأنَّهُمْ خالفُوا المألوف - أحيانًا-.
ولاَ زالَ الكثيرُ منَ النّاسِ يتصورُ أنَّ الحكمةَ وَالحنكةَ وَالمهارةَ وَالإبداعَ تتنزلُ عَلَى الإنسانِ حينَمَا يتقدمُ بِهِ السنُّ وَيبلغُ منَ العمرِ عِتيًا، أمَّا مرحلةُ الشّبابِ فَهِيَ مرحلةُ الصّبَا والطيشِ وَعدمِ النّضجِ، وَلعلَّ هَذِهِ منْ أبرزِ السماتِ الظّاهرةِ فِي المؤسساتِ العقيمةِ الَّتِي تتغلبُ فِيهَا العاداتُ وَالتقاليدُ، وَمَعَ أنَّ هَذِهِ قد تصحّ عندَ البعضِ إلاَّ أنَّهَا ليستْ قاعدةً كليةً يمكنُ الاعتمادُ عَلَيْهَا دَائِمًا.



6- الظروفُ المعيشيُّةُ :



عندَمَا لاَ يلقَى الابتكارُ وَالإبداعُ الاهتمامَ الكافِي فإِنَّهُ يموتُ خصوصًا مَعَ تردّي الأوضاعِ المعيشيةِ للأفرادِ؛ لأنَّ الابتكارَ لا ينمُو إلاَّ فِي الانشغالِ بالجذورِ، وَالانشغالُ بالجذورِ لاَ يكتملُ إلاَّ فِي راحةِ البالِ منَ الهوامشِ.
وَالفردُ المبدعُ إِذَا لم يصرفِ اهتمامَهُ وعنايتَهُ فِيمَا يهمُّ الجميع قد يصرفُهَا فِي العنايةِ بنفسِهِ خصوصًا وأن ضروراتِ المعيشة تلحُّ عَلَى الإنسانِ وَتضغطُ عَلَيْهِ بالاستجابةِ ولاَ يمكنُ لَهُ أنْ يتخلَّى عَنْهَا أو يهملهَا وقوام حياته اليوميةِ يعتمدُ عَلَيْهَا؛ لِذَا قدْ يستثمرُ الفردُ المبدعُ قدرته الإبداعيةِ فِي محاولةِ سدِّ النقصٍ الماديِّ أوِ الاقتصاديِّ الخاصِّ، وَهَذَا يفقدُ المؤسسةَ الكثيرَ كَمَا يربّي الفردُ نفسَهُ عَلَى المصلحيةِ وَالذاتيةِ، وَمِنْ هُنَا ينبغِي السعي الحثيثُ لإشباعِ الأفرادِ فِي المهمِّ؛ لكيْ يبدعُوا فِي الجذورِ ويتفانوا فِي الوصولِ إليها التي هي الأهمُّ حتى نبنِي مؤسساتٍ مبدعة وناجحة فِي مختلفِ المجالاتِ.