كثيرا ما نسأل أنفسنا: (هل أعيش هكذا بالطريقة التي أريد العيش بها) أو (هل عملي الآن هو ما كنتُ أحلم به وأسعى لتحقيقه؟). عادة ما يكون سبب هذا السؤال هو عدم رضا المتسائل عن وضعه، وهو تساؤل صحي ومفيد لأنه يعتبر بمثابة الدافع الحقيقي للتغيير والتطوير.
وبدون هذه التساؤلات، لمـَا حقـّق كبار رجال الأعمال نجاحاتهم الكبيرة ولمـَا وجدوا الدافع لبذل المزيد من الجهد واستجماع القوة والحب لعملهم، وبدون طرحك لهذه الأسئلة على نفسك، فأنت راضٍ بما أنت عليه الآن ولا يوجد عندك طموح أو دافع لتطوير نفسك وإمكانياتك ومهاراتك لتحقيق النجاح تلو النجاح.
لقد حان الوقت لإعادة تقييم اختياراتك وتوضيح استراتيجياتك عندما تـُصاب بالملل أو تشعر بأنك تسير في الاتجاه الخاطئ، وذلك عندما تشعر بالإحباط وتنخرط في روتين العمل اليومي لدرجة تنسى فيها نفسك. البعض يفيقون عندما يتعرّضون لتحدٍّ أخلاقيّ. وعندما تكتشف أنه قد حان وقت التغيير، توجد استراتيجيات تساعدك على معرفة أين أنت وإلى أين توجـّهك الظروف وإلى أين تحبّ أن تـتجه، والأهم من ذلك أنها تمكـّنك من كسر الروتين الذي تعيش فيه وتحقـّق لك أحلامك:
1) ارجع إلى الماضي:
اختبر مدى واقعيتك بصفة مستمرة مع من تحبّ ومع من تثـق بهم. قم برسم (مسار حياتك) في ساعة أو ساعتين. ابدأ من الطفولة في رسم قصة حياتك وحدّد الأحداث التي تسببت لك في أفضل لحظات حياتك وأسوئها. لاحظ الأوقات التي كنت بها فخورا للغاية ومتحمسا بشدّة وأقوى هذه اللحظات وأوضحها. لاحظ أيضا الأوقات التي أحسست فيها بالضياع والوحدة، ثمّ حدّد لحظات التحوّل والتغيّر الجذرية في حياتك، وأخيرا انظر إلى سيناريو حياتك ككل. ما هي الأهداف التي أسعدتـْك عندما حقـّقـتها وما هي الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها الآن؟ ما هي الأشياء التي أثـّرت سلبا عليك وتسعى إلى تجنـّبها الآن؟ اسأل نفسك: ما الذي لم يتغـير في حياتي أو في عملي؟ كيف أشعر الآن وضعي الحالي؟ هل أنا سعيد أم لا؟ هل تغيـّرتْ أحلامي؟
2) تعرّف على مبدئك في الحياة:
فكّر في كل ما يهمّك في حياتك كالأسرة وعلاقاتك وعملك وشعورك بالرضا والسعادة وصحتك. بعد تعرّفكَ بدقة على كل ما تحبّ، تأمل هذه الأشياء بشيء من التأني، وتعرّف على مبادئك وقيَمك الأساسية في التعاطي مع هذه المناطق المختلفة التي تحبّها في حياتك. اكتب قائمة بخمسة أو ستـّة مبادئ تقود حياتك وفكّر سواء كنت تطبّق القيم على حياتك أم تتحدّث عنها فقط. المهم الآن أنك تعرفت على فلسفتك ومبدئك في الحياة وعلى كل ما يشكّل لك أهمية. الآن أصبح مبدؤك واضحا أمام عينيك. فماذا تنتظر؟ انطلق..!
3) كن واسع الأفق:
اكتب صفحة أو صفحتين حول ما تحبّ أن تفعل في حياتك. التمرين أصعب مما يبدو لك لأنه طبيعة بشرية أن تفكّر كثيرا في شروط ومتطلبات ما تريد تحقيقه في المستقبل. لكن بقليل من الموضوعية واتساع الأفق يمكننا استبدال المتطلبات الملحة بتلك المهمة، فقد أكدت أحدث الأبحاث والإحصاءات أن هذه التمارين مع القادة أسفرت عن نتائج مدهشة وذلك من خلال تفتق الأذهان عن أفكار واحتمالات جديدة ورائعة، حيث اتضح أن أكثر من 80% من قائمة المتطلبات التي كُـتبت على ورق لا علاقة لها بالعمل، ومن ثمّ هناك خلل كبير في تحقيق الذات في المجال الذي يحبه الإنسان. عندما قرأ الناس ما كتبوه على الورق، تفتـقت أذهانهم عن أنماط واتجاهات ساعدتهم كثيرا في بلورة أحلامهم وطموحاتهم.
4) قراءة المستقبل:
فكّر أين ستكون جالسا وأنت تقرأ هذه الورقة بعد 15 عاما من الآن إذا كنتَ قد حقّـقت أحلامك. من هم الأشخاص الذين سيكونون معك؟ كيف ستبدو بيئتك وكيف ستشعر بها؟ ماذا سيكون نظام حياتك وعملك آنذاك؟ لا تقلق بشأن احتمال الحياة بهذا النظام الذي تحبّ، بل دع هذا الحلم يكبر وينمو وعندها اعلم أنك بالفعل قد بدأتَ في تحقيقه. ولا تنسَ أنه يجب عليك ألا تـتخلى عن أهم صديقين في سعيك للتطوير من نففسك، ألا وهما: التصميم والإرادة.