ابتهج

يبدو ان معظمنا هذه الايام يفرط في الجدية وغالبا ما تقول لي ابنتي الصغيرة أبي لقد علت وجهك هذه النظرة الجادة مرة اخرى .. وحتى من يلتزم منا بأن يتخلى عن الجدية قد تكون جديتهم مفرطة فالناس تشعر بالاحباط والضيق بسبب كل شئ التأخر مدة خمس دقائق .. تأخر شخص ما عن موعده معك لمدة خمس دقائق .. التوقف لفترة في زحام المرور .. نظرة شخص الينا او حديثه معنا بشكل غير لائق .. دفع الفواتير .. طهي الطعام بشكل زائد .. ارتكاب خطأ غير مقصود وهلم جرا .. ان كل ذلك يؤدي بنا الى فقداننا لنظرتنا السليمة للامور.

ان اساس الشعور بالضيق يكمن في عدم رغبتنا في تقبل ان تختلف الحياة عما نتوقعه فنحن نرغب ان تمضي الحياة تبعا لأسلوب معين ولكن هذا الاسلوب المعين غير موجود اصلا .. ان الحياة ببساطة تمضي على سجيتها وربما كان افضل تعبير عن ذلك ما قاله ينجامين فرانكلين ان منطورنا المحدود وامالنا ومخاوفنا تصبح معايير قياسنا للحياة وعندما لا تتوافق الظروف مع افكارنا تتحول هذه الظروف الى صعوبات تواجهنا .. اننا نقضي حياتنا في انتظار ان تكون الاشياء والاشخاص والاحداث على الحالة التي نرغب لها ان تكون عليها وعندما لا تكون كذلك فإننا نقاتل ونعاني.

ان اول خطوة للخروج من حالة الجدية المفرطة هي الاعتراف بأنك تواجه مشكلة ويتحتم عليك ان ترغب في التغيير لأن تصبح اكثر مسايرة للامور يجب ان ترى ان ضيقك هو من صنع يديك بدرجة كبيرة وانه يتكون من الطريقة الني نظمت بها حياتك ومن الاسلوب الذي يكون عليه رد فعلك تجاه احداثها.

والخطوة التالية تتمثل في ان تفهم العلاقة بين توقعاتك وبين مستوى احباطك ففي كل مرة توقعت ان يمضي فيها شئ ما على نحو معين ثم لا يحدث ذلك تشعر بالضيق وتعاني ومن ناحية اخرى فعندما تتخلى عن توقعاتك وتتقبل الحياة على ما هي عليه فإنك تتحرر من قيودك .. ان التمسك بالتوقعات يمثل الجدية والضيق اما التخلي عنها فيمثل الابتهاج.

ومن التمارين الجيدة ان تحاول ان تقضي يوما واحدا دون وصفك لأي توقعات .. لا تتوقع ان يتعامل الناس بود لأنهم ان لم يكونوا على هذا النحو فلن تشعر عندها بالاندهاش او الانزعاج .. اما ان كانوا على هذا النحو فسنشعر بالبهجة لا تتوقع ان يخلو يومك من المتاعب وبدلا من ذلك عندما تظهر المتاعب قل لنفسك حسنا عقبة اخرى علي ان اتخطاها .. وعندما تنظر ليومك على هذا النحو ستلاحظ مدى جمال حياتك وبدلا من ان تقاتل الدنيا فسوف ترقص معها وعاجلا جدا ومع التمرين سوف تخفف من جدية حياتك بأكملها وعندما تفعل ذلك تصبح الحياة على درجة اكبر من المتعة.

.
.
.

مترجم للمؤلف : د. ريتشارد كارلسون