تخل عن فكرة ان الحصول على الاكثر افضل

اننا نعيش في اكثر الحضارات التي شهدها العالم غنا وتشير التقديرات انه على الرغم من ان ستة بالمائة فقط من سكان العالم يعيشون في امريكا فإننا نستهلك نصف موارد العالم الطبيعية ويبدو لي انه ان كان مبدأ الاكثر افضل بالفعل فإننا بذلك نعيش في اسعد واكثر الحضارات رضاء على مر العصور الا ان ذلك غير صحيح ولا حتى قريب منه وفي الواقع فإننا نعيش في اكثر الحضارات سخطا على مدار التاريخ.

ليس الحصول على الكثير من الاشياء امرا غير مستحب او خطأ او مضرا في حد ذاته بل إن الرغبة في الحصول على المزيد والمزيد لا يمكن اشباعها وكلما أبقيت على شعورك بأن المزيد افضل فلن تشعر بالرضا مطلقا فبمجرد ان نحصل على شئ ما او نحقق شئ ما فإننا مباشرة ننتقل الى الامر الذي يليه ويؤدي ذلك الى القضاء على تقديرنا للحياة وللعديد من النعم التي حبانا بها الله على سبيل المثال اعرف رجلا قام بشراء منزل جميل في منطقة جميلة وقد كان هذا الرجل سعيدا حتى انتقل الي البيت الجديد حيث اختفت عندئذ فرحة شراء البيت الجديد حيث بدأ الرجل على الفور يتمنى لو اشترى بيتا اكبر واجمل فلم يسمح له اعتقاده بأن الاكثر افضل من الاستمتاع ببيته الجديد ولو حتى ليوم واحد ولسوء الحظ لم يكن وحده في ذلك فبدرجات متفاوتة نشبه جميعا هذا الرجل ولقد وصل الحد الى نقطة التي سئل فيها الدالاى لاما بعد ان فاز بجائزة نوبل للسلام في عام 1989 من قبل احد الصحفيين ماذا بعد ذلك؟ يبدو انه مهما فعلنا شراء منزل او سيارة جديدة او تناول وجبة او العثور على شئ او شراء بعض الملابس او حتى الفوز بوسام رفيع فإن ذلك كله لا يكفي مطلقا.

والحيلة في تخطي هذا الميل تكمن في ان تقنع نفسك ان الاكثر ليس افضل وان المشكلة لا تكمن في ما لا تملك ولكن في توقعاتك للحصول على المزيد ان تود ان تكون راضيا لا يعني انه لا يمكنك ولا ينبغي ابدا ان ترغب في الحصول على اكثر مما تملك حاليا بل في الاعتقاد بأن سعادتك ليست متوقفة على الحصول عليه ويمكنك ان تشعر بالسعادة بما تملك بأن يصبح تركيزك موجها تجاه اللحظة الحاضرة وليس بالإفراط في التركيز على ما ترغب في الحصول عليه فمع انشغال عقلك بأفكار ما قد يجعل حياتك افضل ذكر نفسك برفق انك حتى لو حصلت على ما تظن انك تريد فلن يزيد رضاك قدر انملة لأن نفس الحالة النفسية التي ترغب في الحصول على المزيد في الوقت الحاضر سوف ترغب في الحصول على المزيد في المستقبل.

ضع تقديرا جديدا للاشياء التي حباك الله بها بالفعل انظر لحياتك من منظور جديد كما لو كنت تنظر اليها للمرة الاولى ومع وضعك لهذا الادراك الجديد ستجد انه عندما تمتلك شيئا او تحقق انجازا جديدا في حياتك فإن مستوى تقديرك سوف يزداد.

ومن المقاييس الممتازة للسعادة حساب الفرق بين ما تملك فعلا وما ترغب في امتلاكه فقد تقضي معظم حياتك وانت ترغب في الحصول على المزيد ساعيا دائما وراء السعادة او بمقدورك ان تقرر عن وعي انك ترغب في الحصول على اشياء اقل ان الاستيراتيجية الاخيرة اسهل واكثر اشباعا الى ابعد الحدود.

يبدو اننا مهما فعلنا او اشترينا سيارة او تناولنا وجبة او وجدنا شريكا لنا او اشترينا بعض الملابس او حتى ان كسبنا منصبا شرفيا يبدو اننا لا نكتفي ابدا .. والحقيقة كي نتغلب على هذه العادة هي ان تقنع نفسك ان الكثير من اي شئ ليس افضل وان المشكلة ليست فيما لا نملكه ولكنها في الشوق للمزيد انك عندما تتعلم الرضا والقناعة فهذا لا يعني انك لا تستطيع او انك لا تريد او انك لا يجب عليك ان ترغب في المزيد ولكن هذا يعني فقط ان سعادتك ليست متوقفة على هذا المزيد ويمكنك ان تصبح سعيدا بما تملك بأن تعيش لحظتك وبتركيز اهتمامك اكثر على ما تملك وعندما تطرأ عليك الافكار التي قد تجعل حياتك افضل هنا ذكر نفسك انك حتى لو حصلت على ما تعتقد انك بحاجة اليه فإنك لن تشبع ابدا لأن نفس القاعدة ستنطبق عليك وهي من يريد اكثر الان سوف يريد اكثر بعد ذلك.

اعد تقدير النعم الحالية التي تنعم بها انظر الى حياتك مجددا كما لو كنت تفعل للمرة الاولى وعندما ينمو لديك هذا الوعي فإنك ستجد انه بينما تدخل هذه الممتلكات الجديدة او النجاحات الى حياتك فإن مستوى تقديرك سوف يرتفع .. وهناك مقياس جيد للسعادة وهو الفرق بين ما تملك وما تريد فيمكنك ان تقضي عمرك وانت ترغب في الاستزادة ولا تتوقف عن السعي الى السعادة ويمكنك ان تقرر ببساطة وبكل وعي انك تريد الاقل .. الاختيار الاخير بلا شك اسهل واكثر احتمالا في السعادة.

.
.
.

مترجم للمؤلف : د. ريتشارد كارلسون