كنت أكره اللغة الإنجليزية وأعتبر تعلمها من المستحيلات وأنها تقتصر على شريحة معينة من الناس (كما يعتقد الكثير من شبابنا للأسف) ، وكنت أستعين في كل شؤوني التي تتعلق باللغة بالأشخاص الخبراء المشهورين في العائلة والذين يحفظون بعض الكلمات الجيدة.
القـــرار
في مرحلة الدراسة الثانوية قررت بحزم أن أتعلم اللغة الإنجليزية وذلك لوصولي إلى مرحلة اقتنعت فيها أنني لن أستطيع أن أمضي في بناء مستقبلي بدون تعلم هذه اللغة وخصوصاً أن اللغة الإنجليزية كانت في بدايتها في غزو جميع المجالات الحياتية والعملية من حولي.
البداية – الكتاب الأصفر
بدأت في العطلة الصيفية بقراءة كتاب قديم قد تحولت صفحاته إلى اللون الأصفر لأنني لم أقرأ منه سطراً وقد أهداء لي أخي الأكبر فيما مضى (كتاب بي بي سي باللغة العربية بالإضافة إلى شريطين استماع) ، بدأت بالقراءة وكان الكتاب مخصصاً للمبتدأين ، ومضيت أقرأ درساً تلو الآخر في القواعد ، وأدمنت حفظ الكلمات المرافقة لكل درس بواسطة الكتابة المتكررة لها في مسودة خاصة (كنت أيضاً أحتفظ بدفتر خاص بالكلمات لكتابتهم مرة واحد للرجوع إليهم عند الحاجة) بالإضافة إلى الإستماع إلى الأشرطة الخاصة بالكتاب وإعادة ترديد الكلمات بصوت عالي (اعتقد أفراد عائلتي بأنني أصبت بالجنون أو بمرض الإنطواء لكثرة إغلاقي لباب غرفتي وحيدا ًوالقراءة بصوت عالي!)!
صعوبات
عانيت بداية من النسيان ، كنت برغم تحمسي أجد صعوبة في حفظ الكلمات واسترجاعها عند حاجتي لها ، ولا أخفيكم أنني أحسست بالإحباط لفترة ومن ثم عاودت المحاولات مرة أخرى وبدأت أرى تحسناً كبيراً ، وعندما رأيت النتائج صرت أتحمس أكثر وصرت أحفظ كميات من الكلمات الإنجليزية ، وصرت أترجم كل كلمة جديدة قد تمر علي من خلال إعلان في الشارع أو مكتوبة على قميص أو ماشابه ، وطبعاً كما ذكرت كنت أكتب كل هذه الكلمات في دفتري الخاص بالكلمات.
انطباع الناس
بكل صدق لم ألقى التشجيع الكافي من الناس من حولي للأسف ، فكان بعض من الأقرباء يرون بأن تكريس نفسي للحفظ والقراءة هو مضيعة للوقت وأن السبيل الوحيد للتعلم هو الإلتحاق بأحد المعاهد للتعلم بشكل علمي ، وكان البعض الآخر من الأصدقاء -هداهم الله- يسخرون من جهودي التي كنت أبذلها ، وماصدمني أن خبراءي العباقرة اللذين كنت أستعين فيهم في فك طلاسم اللغة الإنجليزية قد توقفوا عن مساعدتي وصاروا يخفون عني أي معلومة! بحجة أنني لن أفهم ، وقد تجاهلت كل ذلك واصررت على التعلم لأنني كنت بالفعل أريد ذلك بالرغم من قلة مصادر وأدوات التعلم (لم يكن الإنترنت منتشراً ولم تكن توجد برامج واسطوانات تعليمية في المكتبات حينذاك ، ولم أمتلك القدرة على السفر للخارج للتعلم).
بداية الشعور بالنجاح
فتحت المدرسة أبوابها وكنت لازلت شغفاً باللغة رغم قلة الوقت المتاح للدراسة وكنت أستغل أيام العطل لمتابعة مابدأته ، وبدأت أتصفح كتاب اللغة الإنجليزية الخاص بالمدرسة وقد ابتهجت بقدرتي على قراءة كلمات كثيرة بسهولة وأن بإمكاني فهم أجزاءها (رغم رداءة مناهجنا في ذلك الوقت) ، ولا أخفيكم بأنني بدأت أظهر قدراتي اللغوية للمعلمين حتى يعيروني انتباهم وبالفعل رحب المعلمون بقدرتي على الفهم السريع اللغة الإنجليزية وأداءي في اللفظ بشكل صحيح ، وصرت من المتميزين على مستوى المدرسة ، وصرت أقوم بشرح الدروس لزملائي (رغم من صعوبة ذلك إلا أن هذا الشرح قد ساعدني على ترسيخ المعلومات في ذهني – والقاعدة تقول التعليم خير وسيلة للتعلم) ، ومن هنا بدأت بتحصيل أعلى الدرجات في اللغة الإنجليزية على وجه الخصوص ، وعندها بدأ الأصدقاء والأقرباء باحترام مجهودي الذي بذلته في الدراسة الذاتية اللغة الإنجليزية ، ومن هنا بدأت نظرة الناس من حولي تتغير.
يومياتي
بعد أن رسخت ثقتي في قدراتي واكتساب ثقة الناس من حولي ، صرت أتبع جدولاً منتظماً بين مذاكرتي لمنهج اللغة الإنجليزية الخاص بالمدرسة وكتابي العزيز الذي بدأت به مشواري (الكتاب الأصفر) ، أحفظ كلمات جديدة وأدونها في دفتري وأقرأ كثيراً ، وقد استفدت استفادة تامة في ذلك ، القراءة بصوت عالي قد أعطتني ثقة أكثر عند التحدث وأسلوباً أفضل.
وبعد انتهاءي بحمد الله من المرحلة الثانوية ، التحقت بمعهد الإدارة العامة وهو من الجهات المعروفة بالتدريس المحترف للغة الإنجليزية حيث يدار كل شي هناك باللغة الإنجليزية وكانت فرصتي أفضل وخصوصاً أن المدرسين كانوا في الأغلب من المتحدثين الأصليين باللغة ، الأمريكان والإنجليز وغيرهم ..
وهكذا أعزائي أعتبر نفسي شخصياً قد أنجزت شيئاً قد أعاد علي بالنفع إلى يومي هذا ، وأحمد الله سبحانه وتعالى على استمراري في ذلك الوقت وإصراري على التعلم ، اللغة الإنجليزية قد فتحت لي أبواباً كثيرة على المستوى المهني والشخصي.
والآن، هل لديك تجربة مشابهه تود مشاركتنا بها؟

المصدر: مدونة الموارد البشرية