اللغة هي وسيلة التفاهم بين الناس .. ولعلنا نلاحظ أن هناك فروقًا شاسعة في كيفية التحدث إلى الناس .. فمنهم من يسرد الكلام سردًا فلا تلتقط منه إلا المعلومات القليلة .. ومنهم من يمتلك المعلومة ولكنه يفتقر إلى قوة التعبير لتوصيل المعلومة .. ومنهم من يطيل الموضوع مع العلم أنه يمكنه أن يختصره مع الاحتفاظ بالمعلومة ..


ولقد كان كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - كما عبرت السيدة عائشة – رضي الله عنها - .. " لا يسرد كسردكم هذا ، كان يتكلم كلامًا فصلاً لو عده العاد لأحصاه " ..


ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنما بعثت فاتحًا وخاتمًا وأعطيت جوامع الكلم وفواتحه " .


رُوِيَ أن الصحابة قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - " ما رأينا الذي هو أفصح منك ، فقال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - : " وما يمنعني ، وإنما نزل القرآن بلسان عربي مبين ، وإني من قريش ، ونشأت في بني سعد " .


ومن صفات كلامه - صلى الله عليه وسلم - أنه يفهمه الجاهل والمتعلم فحديثه " يخاطب الفطرة السليمة والعقل العام بأسلوب فطرى غير ذي عوج ، ولا يتوقف فهمه على فهم نادر وعلم فائق وألمعية بالغة ودراسة واسعة للعلوم ، وإحاطة بالمصطلحات العلمية ومعرفة المنطق والفلسفة ، والرياضيات والفلك وسائر علوم الطبيعة .. يفهمه العوام كما يتذوقه الخواص ، وينتفع به من لم يؤتوا حظًا واسعًا من العلم كما ينتفع به العلماء ، كل على قدر فهمه وطاقته ، ويطابق حال الأمم التي تعيش على فطرتها .. فكلامه كالماء الزلال السلسال الذي يستسيغه كل واحد .. ويحتاج إليه كل واحد " .


وحسن التقديم ومهارة العرض .. ملكة تعين صاحبها على حسن التعبير عن مقصودة بسهولة ويسر ..

كما أنها تعد من أهم المقومات الأساسية التي ينبغي توافرها في المدير الناجح ليكون أهلاً للقيادة .. فعن طريقها يتم إقناع مرؤوسيه ..

على أنه عند شعور القائد بنقص لديه في ملكة من الملكات أو قدرة من القدرات أن يستكمله عن طريق الاستعانة بالأعوان والمستشارين الأكفاء الممتازين في هذه القدرة .. على أن يكونوا من المخلصين ..


وها هو موسى - عليه السلام - يطلب من الله سبحانه أن يشد أزره ويعضده بأخيه هارون الذي هو أفصح لسانًا منه .. وهذا دليل على جواز الاستعانة بالمخلصين ممن يتوافر فيهم أحد هذه المقومات .


" وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ " ( القصص 34 ) .




معالم إدارية وتربوية في طريقة النبي - صلى الله عليه وسلم - في التقديم والعرض :


* الإيجاز في التحدث ينمي العقل على التركيز الفعلي لصلب الموضوع دون وجود كلمات صارخة تصرفه عن هدف الحديث .

* الحديث المتأني يعطي المستمع الفرصة الكافية لكي يستوعب الحديث وبذلك ينجح المتحدث في توصيل معلومته للمستمع واستيعابه لها ..

* التأني في الحديث يفيد المتحدث نفسه ، ذلك أنه يجد الوقت الكافي لتسلسل أفكاره وترتيبها ترتيبًا صحيحًا مبنيًا على أسس علمية ومن ثم فلا تتداخل الأفكار أو تتشتت ..



إذا كانت وظيفتك الكلام ووظيفة الآخرين الاستماع .. فينبغي أن تنتهي من وظيفتك في الكلام قبل أن تنتهي وظيفة الآخرين في الاستماع !

لا تتحدث قبل أن تفكر .. وإلا فإنك مثل الصنبور الذي يفتح وصهريج الماء فارغ " كلارتس راندل .