لا يسلم المستقبل المهني لأي موظف من موقف يجد نفسه فيه مطرودا من وظيفته، وإذا كان محظوظا فسيكون هذا الطرد بسبب مقبول، لكن في بعض الأحيان يكون الموظف ضحية مزاج نفسي سيئ من صاحب العمل، فما العمل في مثل هذا الموقف؟ دعونا نأخذ العظة من الأمريكييْن "رونالد ويرز" و"والي هيليارد".


كان الثنائي "رون ويرز" و"والي هيليارد" يعملان لدى شركة "لينكولن الأهلية" للتأمين، حتى طردتهما الشركة معا ذات يوم (لم نعرف السبب)، فما كان من الثنائي المطرود إلا أن أسسا شركة تأمين صحي للموظفين في قبو منزل "رون" في عام 1970، وبدآ يجتذبان زملاءهما السابقين؛ بسبب ظروف العمل المنافسة، وطريقة المعاملة الإنسانية لموظفيهما، حتى نمت الشركة ونجحت بقوة، لدرجة أن الثنائي باع الشركة في عام 1982 مقابل 10 مليون دولار، مع بقائهما في مقاعد الإدارة، نهاية لا بأس بها لشركة بدأت في قبو منزل..


بعد خمس سنوات من بيع شركتهما مقابل 10 مليون دولار، عرض مشترٍ 215 مليون دولار لشراء الشركة ذاتها، وهو ما حدث بالفعل، وعزا الثنائي هذا الفارق الرهيب في السعر إلى قلة خبرتهما في بيع الشركات الواعدة.


ومن كان المشتري يا ترى؟!
جاءت إجابة هذا السؤال سريعة، إذ تلقّى الثنائي دعوة للسفر بالطائرة إلى المركز الرئيسي للمشتري، وبعد رحلة طويلة وجد الثنائي أن المشتري هو شركتهما القديمة التي طردتهما من قبل، وأما سبب اللقاء فكان طردهما سويا مرة أخرى، وإخبارهما أن عليهما العودة لوطنهما على نفقتهما الخاصة؛ لأن تذكرة الطائرة التي جاءا بها كانت "ذهاباً فقط"!.


هل توعّد الثنائي بالانتقام؟ هل فكّرا في حذف جميع الملفّات الحساسة قبل رحيلهما؟ هل اتصلا بالعملاء وأخبراهم بأن الشركة محترفة نصب وسرقة؟ هل دمّرا مستندات ذات قدر عظيم من الأهمية؟ هل تفوّها بفاحش القول وبذيء الكلمات؟


لا.. بل وجد الثنائي أن هذا الطرد الثاني كان من أفضل ما حدث لهما، إذ قررا العودة من جديد لتأسيس شركة جديدة، فهذا أفضل كثيرا من التقاعد.. وكان سنّ "رون" وقتها 48 سنة، وكان رفيقه "والي" يبلغ 46 سنة.


عاد الثنائي من جديد في عام 1988 وأسسا شركة جديدة مرة أخرى، وأسمياها American Medical Security، وعرف زملاؤهم القدامى بطريقة طردهما المهينة، فلحق الكثير بهما، وحدث الشيء ذاته مع العملاء الذين فضّلوا العمل مع الثنائي في شركتهما الجديدة، حتى إنه خلال شهور من طردهما كان 170 من أصل 200 موظف قد انتقلوا من الشركة القديمة إلى العمل بالشركة الناشئة، لكن هذه المرة، وقف الثنائي على خطّ المواجهة، يستمعان للعملاء وطلباتهم، وينفّذانها، ويستمعان لطلبات الموظفين، ويعطيانهم الصلاحيات الكبيرة والمشاركات الأكبر في الربح.


ويعترف الثنائي بأفضال كل منهما على الآخر، فأحدهما كان العقل الحالم المفكر، والآخر كان الواقعي المدبّر الذي يكبح جماح الآخر، ويعترفان كذلك بأنهما لم يكونا لينجحا لولا فريق عمل متفانٍ ومتفاهم، ولذا عملا على توفير كل سبل الراحة لهؤلاء الموظفين؛ من دار حضانة لأبناء العاملين، ومنتجع صحي داخل مقر الشركة، ومركز تدريب داخلي، وعقد دورات في فنون الاستماع إلى العملاء، وفنون تنظيم إدارة الوقت، وغير ذلك من المزايا.


في عام 1994 بلغ عدد العاملين 2000 موظف، وحصلت الشركة على المرتبة الـ21 في ترتيب الشركة الأمريكية الأسرع نمواً، في عام 1995 كان العدد 2700 موظف، يحققون عوائد قدرها 990 مليون دولار. لكن هذا التوسع الكبير جاء بمشكلاته معه، إذا بدأت مصاريف الشركة تزيد على العوائد، وبدأت أسعار الرعاية الصحية في أمريكا تتصاعد بسرعة كبيرة، حتى باع الثنائي حصتهما في شركتهما الثانية مقابل 170 مليون دولاراً في ديسمبر 1995، والاستمرار في العمل في الشركة على أساس المشروعات، وليس بدوام كامل.


في عام 1996 انتقل "رون" ليصبح نائب رئيس مجلس الإدارة لشركة Secura للتأمين، حيث ما زال يعمل هناك، وأما "والي" فأخذ يستثمر في شراء شركات الطيران الخاصة، حتى إنه يُشاع أن من قاموا بتفجيرات 11 سبتمبر قد تلقوا تدريبهم على الطيران في إحدى شركاته.


ممكن تستفيد إيه:

قد تنظر إلى إنهاء خدماتك على أنه نهاية الدنيا، لكن ربما أثبتت الأيام عكس ذلك.
عندما تخسر وظيفة ما، لماذا تبحث عن وظيفة أخرى؟ لماذا لا تبدأ شركتك أنت؟
عندما تعمل فقط من أجل الراتب، ستمرّ الساعات بطيئة.
عندما تعمل لتتعلم كل شيء من أجل تأسيس شركتك الخاصة؛ لن تكفي الأيام.
البدء من الصفر له حسنات ومزايا، وإيجابيات أنت غافل عنها تماما.
اقترِبْ من العملاء قدر الإمكان، واستمع إلى كل ما يقولونه.
توفير بيئة عمل مريحة تجلب المهرة من الموظفين وتحافظ عليهم هو أمر من ضروريات النجاح.

عن مدونة رءوف شبايك (بتصرّف)