تعريفـــه :

التعليم المصغر هو موقف تدريبي يتم في وقت قصير ( حوالي 10 دقائق في المتوسط ) و يشترك فيه عدد قليل من المتدربين ( يتراوح عادة ما بين 5- 10 ) يقوم المدرب خلاله بتقديم مفهوم معين أو تدريب المشاركين على مهارة محددة . و يهدف التعليم المصغر إلى إعطاء المدرس فرصة للحصول على تغذية راجعة بشأن هذا الموقف التدريبي ، و في العادة يستخدم الشريط التلفزيوني لتسجيل هذا الموقف التدريبي ثم يعاد عرضه لتسهيل عملية التغذية الراجعة . و لكن هذا التسجيل لا يعتبر شرطاً أساسياً لإتمام التعليم المصغر .
و عموماً فإن اصطلاح التعليم المصغر ( Microteaching ) يطلق على مختلف أشكال التدريب المكثّف الذي يتناول مهارات معينة ضمن زمن محدد باشتراك عدد من الدارسين . و قد استخدم التعليم المصغر في مجالات عديدة منها تدريب المعلمين قبل الخدمة ، و التدريب أثناء الخدمة و الإرشاد النفسي المصغرMicro Counselling و تدريب المشرفين و تدريب المحامين على المرافعة و تدريب مدرسي الكليات .
عناصـــر التدريب المصغـــر :
1.معلومة واحدة أو مفهوم أو مهارة أو اتجاه معين يراد تعليمه .
2.مدرس يراد تدريبه .
3.عدد قليل من المتدربين ( 5- 10 في العادة ) .
4.زمن محدد للتدريب ( 10 دقائق في المتوسط ) .
5.تغذية راجعة بشأن عملية التدريب .
6.إعادة التدريب في ضوء التغذية الراجعة .

مبررات استخدام التدريب المصغر :
1.تسهيل عملية التدريب.في كثير من الأحيان يتعذر الحصول على عدد كبير من المتدربين لفترة زمنية عادية و لذا يخفض عدد المتدربين و يكتفي بفترة زمنية و جيزة الأمر الذي يجعل مهمة التدريب أكثر يسراً و سهولة .
2.قد يتعذر الحصول على متدربين حقيقيين فيلجأ المدرب إلى الاستعانة بزملاء المتدرب ليقوموا مقام المتدربين الحقيقيين و هو نوع من التعليم التمثيلي Simulated Teaching .
3.يخفف التعليم المصغر من حدة الموقف التعليمي الذي يثير الرهبة لدى المتدربين الجدد . فالمعلم المتدرب يجد حرجاً في عدد كبير من الطلبة ، ربما لا يجد نفس الحرج في مواجهة عدد قليل من الطلبة لفترة زمنية قصيرة .
4.التدرج في عملية التدريب.إذ يستطيع المتدرب من خلال التعليم المصغر أن يبدأ بتدريس مهارة واحدة أو مفهوم واحد فقط يسهل عليه إعداده لأن الدخول في درس عادي يشتمل على خطوات عديدة و يحتاج إلى مهارة أكبر في تخطيطه و تنفيذه .
5.إتاحة الفرصة للتغذية الراجعة التي تعتبر من أهم عناصر التدريب و قد تأتي التغذية الراجعة من المتدرب نفسه لدى رؤيته لأدائه من خلال استعراض الشريط التلفزيوني المسجل . و قد تأتي التغذية الراجعة من المدرب أو الأقران المشتركين في عملية التدريب.
6.إتاحة الفرصة للمتدرب لكي يدخل التعديلات الجديدة على سلوكه التعليمي وذلك من خلال إعادة الأداء بعد التغذية الراجعة .
7.يتيح التعليم المصغر الفرصة للمتدربين كي يركزوا اهتمامهم على كل مهارة تعليمية بشكل مكثف و مستقل فقد يركزوا اهتمامهم حينا على مهارة طرح الأسئلة و في حين آخر على التعزيز أو السلوك غير اللفظي أو التهيئة الحافزة أو الغلق أو جذب الانتباه و غير ذلك.

خطوات التدريب المصغر :
1.تحديد المهارات التدريبية التي يراد تدريب المعلمين عليها مثل مهارة طرح الأسئلة الصفية أو مهارة إثارة الدافعية أو مهارة تعزيز استجابات الطلبة أو مهارة استخدام الوسائل العلمية أو التعلم التعاوني ... الخ .
2.التخطيط للتعلم المصغر الذي سيتناول المهارات المحددة و يشتمل هذا التخطيط على النقاط التالية :
§صياغة الأهداف السلوكية التي يراد تحقيقها خلال الدرس المصغر و قد تحتوي هذه الأهداف على معلومات أو مفاهيم أو مهارات أو اتجاهات أو قيم معينة و يراعى أن تكون الأهداف السلوكية واضحة و محددة يمكن ملاحظتها و قياسها قدر الإمكان.
§ذكر المهام و الأنشطة التي يقوم بها التلاميذ مثل قراءة نص أدبي أو تاريخي أو ديني أو سماع قصة أو رسم خارطة أو إجراء تجربة في المختبر ... الخ .
§ذكر أسلوب التدريس الذي يراد استخدامه مثل إجراء نقاش أو حوار أو محاضرة أو اتباع طريقة الاكتشاف أو الاستدلال أو غير ذلك .
§ذكر كيفية التقويم التي ستتبع مثل الإجابة عن أسئلة كتابية أو الاستماع إلى أداء شفوي .. الخ
3.تنفيذ التعليم المصغر بهدف تطبيق المهارات التدريبية و في نفس الوقت تسجيل هذا الأداء على شريط تلفزيوني .
4.التغذية الراجعة و هي المعلومات التي يتلقاها المعلم المتدرب بشأن أدائه ، من خلال استعراض الشريط التلفزيوني المسجل و دراسته جيداً . و من المعتاد أن يقوم المشرف على التدريب بتقديم التغذية الراجعة للمتدرب و في أحيان كثيرة يشترك في التغذية الراجعة المعلمون المتدربون الآخرون الذي يعملون كفريق متدرب مصغر . و في أحيان معينة يقوم المعلم المتدرب باستخدام صحيفة التقويم الذاتي لمعرفة المزيد عن أدائه و ذلك من خلال مشاهدة الشريط التلفزيوني و الإجابة عن الأسئلة المعدّة في صحيفة التقويم الذاتي .
5.صقل المهارات عن طريق إعادة التخطيط للمهارات التدريبية و إعادة تنفيذها في درس مصغر آخر ثم إعادة مشاهدة الأداء على الشريط التلفزيوني ..
بعد انتهاء التدريب على هذه المهارة يكون المعلم قادراً على أن :
§يخفض مشاركته في النقاش الصفي
§يزيد من مشاركة المتدربين كماً و نوعاً و ذلك عن طريق :
أ – استخدام مهارة إعادة تغيير اتجاه السؤال
ب – طرح أسئلة تستدعي مجموعة من الحقائق المتصلة .
ج - طرح أسئلة تتطلب مهارات عقلية عليا .

و هكذا فإن التدريب على مهارة تحسين مشاركة التلاميذ كماً و كيفاً عن طريق طرح الأسئلة يمكن تجزئتها إلى ثلاث مكونات و مهارات جزئية هي :

مهارة إعادة تغيير اتجاه السؤال Redirection :
حينما يغير المعلم اتجاه السؤال فإن ذلك يعني أن السؤال نفسه يوجه نحو تلاميذ آخرين . و لكن السؤال لا يعاد طرحه و لا تعاد صياغته بكلمات أخرى بالرغم من أن أكثر من تلميذ واحد يستجيبون للسؤال . و طبقاً لذلك فإن نمط السؤال الذي يتبعه و هو : إجابة – سؤال – إجابة ، يتحول إلى نمط آخر هو : سؤال – إجابة – تعقيب – إجابة – تعقيب إجابة ...الخ . و بطبيعة الحال فإن استخدام هذا الأسلوب يعمل على خفض كمية الكلام الصادرة عن المعلم .

مثال :
للشرطي مسئوليات عديدة . هل تستطيع ذكرها ؟

أحمد : حماية الوطن .

المعلم : ثم ماذا ؟

سالم : يحفظ الأمن .

المعلم : ثم ؟

سعيد : يعتني بمشاكل السير .
و هكذا فإن الاستخدام الأمثل لهذا النوع من الأسئلة يقتضي أن نتجنب الميل إلى تكرار السؤال أو إعادة طرحه بكلمات أخرى لكل تلميذ . و ما لم نتجنّب ذلك فإننا لن نفلح في تخفيض كمية الكلام الصادرة عن المعلم . و يمكننا أحياناً أن نلفت انتباه التلاميذ إلى أن السؤال الذي يوجهه الآن يحتمل عدة احتمالات . و بعد أن يعطي أحد التلاميذ واحداً من الاحتمالات في إجابته عن السؤال يستطيع المعلم أن يتلقى إجابة تلميذ آخر بمجرد ذكر اسمه أو بمجرد إيماءة من رأسه . و قد يسأل المعلم بعد تغيير اتجاه السؤال قائلاً : سعيد ، هل تستطيع إضافة المزيد ؟ و بعد ذلك يستطيع المعلم أن يتوقف عن استخدام هذه العبارة باستخدام إيماءة رأس أو النظر إلى تلميذ آخر للحصول على إجابة أخرى .
و هكذا فإن النتيجة الأولى التي نحصل عليها من جراء استخدام أسلوب تغيير اتجاه السؤال هي أن نخفض كمية حديث المعلم و نضاعف كمية حديث التلاميذ . أم النتيجة الثانية فهي أن وجود أكثر من استجابة واحدة للسؤال الواحد تفتح المجال أمام التلاميذ كي يستجيبوا لبعضهم بعضاً . و من الأسئلة المشجعة التي قد يستخدمها المعلم بهذا الخصوص قوله : ما رأيك يا حسن في إجابة سعيد ؟ . و المعلوم أن التلاميذ في معظم الأحوال لا يعلقون أو يستجيبون إلى زملائهم و السبب في ذلك واضح و هو أنهم اعتادوا على الإجابة على كلام المعلم فقط و لم يعتادوا على التعليق على كلام زملائهم .
مهارة استخدام الأسئلة التي تتطلب إجاباتها مجموعة من الحقائق المتعلقة بعضها ببعض :
نلاحظ دائماً أن التلاميذ ميالون إلى إعطاء إجابات قصيرة جداً مثل ( نعم أو لا ) أو استخدام شبه جملة قصيرة لإجابة عن الأسئلة . و يعود السبب في ذلك إلى أن التلاميذ اعتادوا على الأسئلة التي يطرحها المعلم و التي تتطلب إجابات قصيرة ، و ظلت هذه العادة مستحكمة لديهم . و هكذا فبدلاً من أن نسأل سؤالاً مثل : أليس من واجبات الشرطي حماية الوطن ؟ نستطيع القول : ما هي واجبات الشرطي ؟ و عندئذٍ لا يستطيع التلميذ استخدام نعم أو لا في إجابته .
و نلاحظ أحياناً أن المعلم يحاول أن يحصل على إجابة طويلة من التلميذ فيسأله سؤالا مثلا لماذا يفضل البعض العيش في المدينة ؟ و لكن التلميذ يحاول مع ذلك إعطاء إجابة قصيرة و مقتضية و لهذا السبب فإن سؤالا مثل : ما هي ميزات و مساوئ العيش في المدينة ؟ يستدعي إجابة طويلة و يسمح للتلميذ بالاسترسال في إجابته .
ولابد من القول هنا أن التلاميذ لا يشعرون بالارتياح حينما يقاطعهم المعلم أو يظهر ضيقه إزاء إجاباتهم المسهبة لذا يتوجب عليه تقبل مشاعرهم و تشجيعهم على التعبير عن أفكارهم بالثناء ، حتى يعزز تلك الإجابات الطويلة .

مهارة استخدام الأسئلة ذات العمليات العقلية العليا :
بالإضافة إلى تشجيع التلاميذ على إعطاء إجابات طويلة ينبغي على المعلم أن يعمل على تحسين نوع الأسئلة . إذ أن نوع الأسئلة التي يوجهها المعلم تكشف للتلميذ عن نوع عمليات التفكير التي يتطلبها السؤال . و كان ستيفنز ( Stevens , 1912 ) قد وجد أن 66% من الأسئلة التي يستخدمها المعلمون تكون مأخوذة مباشرة من الكتاب المدرسي ، و من الغريب أن دراسة أجراها فلويد ( Floyd , 1960 ) بعد ذلك بخمسين عاماً أكدت أيضاً على أن حوالي 75% من أسئلة المعلمين تتطلب سرد المعلومات و الحقائق فقط . و من الطبيعي أن مثل تلك الأسئلة تشجع على حفظ المعلومات صماً و لا تدعو إلى تطوير العمليات العقلية العليا .
و لما كانت بعض الأسئلة تحفز أنواعاً مختلفة من التفكير فإنه يتوجب على المعلم أن يكون على وعي بأهداف الأسئلة . إذ أن السؤال الجيد هو السؤال الذي يحقق هدفه المرسوم له .
=فإذا كان الهدف معرفة ما إذا كان التلميذ يستطيع تذكر المعلومات فإن بإمكانه أن يوجه أسئلة مثل :
§ما هي عاصمة السودان ؟
§اذكر نوعين من كريات الدم ؟
أما إذا كان الهدف من الأسئلة حفز التلميذ على تنظيم المعلومات فإن بإمكانه أن يوجه أسئلة للوصف أو المقارنة مثل :
§اشرح بكلماتك الخاصة كيف يعيش سكان البادية ؟
§كيف كانت الحياة في القرن الثامن عشر تختلف عن الحياة اليوم ؟
أما إذا كان الهدف مساعدة التلاميذ على تحليل المعلومات لمعرفة الأسباب و المسببات فيمكن توجيه أسئلة مثل :
§لماذا يختلف الأبناء مع آبائهم في الرأي ؟
§لماذا تواجه الدول العربية مصاعب في الوحدة ؟
و إذا كان الهدف مساعدة التلاميذ على تشكيل العلاقات و على عمليات التركيب فيمكن توجيه أسئلة مثل :
§ماذا يمكن أن يحدث إذا نضبت موارد الفحم و الزيت ؟
§ما هي الشروط التي يمكن فيها لدول العالم أن تتوحّد ؟
و من أجل مساعدة التلاميذ على الاختيار بين البدائل عن طريق الحكم على الأفضل يمكن توجيه أسئلة مثل :
§أية قصة من قصص نجيب محفوظ تمثل المجتمع المصري بشكل جيد ؟
§هل تؤيد الانفتاح الاقتصادي . أذكر الأسباب ؟

تقويـــم المهــــارة :
تصمّم بطاقة تقويم المهارة التي يراد التدريب عليها بحيث تحتوي على المكونات الرئيسية أو المهارات الجزئية التي تتألف منها المهارة :

مثال :
تقويم مهارة تحسين مشاركة التلاميذ كماً و كيفاً :

ضع علامة (ü)أسفل العمود الذي يعبّر عن أقرب رقم يشير إلى مستوى تمكن المعلم من الأداء ذي الصلة بهذه المهارة . لاحظ أن الرقم (5) يعني أداء مميزاً بينما يعني الرقم (1) أداء ضعيفاً

الأداء المتوقع
مدى التمكن من الأداء
يستخدم مهارة إعادة تغيير اتجاه السؤال .
يستخدم مهارة طرح الأسئلة التي تتطلب ذكر مجموعة من الحقائق أو البدائل 0
يطرح أسئلة تتطلب مهارة عقلية عليا 0
و يمكن تقديم التغذية الراجعة للمعلم عن طريق تقديم الوصف الموضوعي أو الكميّ لما يجري من أداء دون تقويمه و في هذه الحالة يمكن رصد جميع الأسئلة التي يوجهها المعلم مع تبيان أنواعها .
مثـــال :
ضع علامة ( ü ) أمام نوع الأسئلة التي يستخدمها المعلم .

الأسئــــلة
العــدد
1.أسئلة تتطلب إجابة نعم / لا
2.أسئلة تستدعي ذكر معلومات
3.أسئلة تغير اتجاه السؤال الأصلي
4.أسئلة تتطلب إجابتها ذكر مجموعة من البدائل
5.أسئلة تتطلب شرح مفاهيم
6.أسئلة تتطلب التطبيق
7.أسئلة تتطلب مهارة التحليل
8.أسئلة تتطلب مهارة الحكم أو التذوق
و في أعقاب هذه التغذية الراجعة يستطيع المعلم أن يعرف نوع الأسئلة التي ذكرها و يستدرك الأمر كما يراه مناسباً . و يركز مبدأ إعطاء التغذية الراجعة بطريقة الوصف الموضوعي أو الكمي على أن المعلم بحاجة إلى من يقدم له مرآة حقيقية و موضوعية لتعليمه و يترك له الحكم على ذلك لا أن يقدم له تقويماً لأدائه .