الموضوع: مِهن لا تغادر أصحابها.. ولا يغادرنها
مِهن لا تغادر أصحابها.. ولا يغادرنها
تطبع بعض المهن أهلها، وتسري في عروقهم، وتتغلغل في دورة حياتهم. كثيرون يضيقون منها ذرعاً، وينشدون انفكاكاً من سيرتها حتى ولو لوقت بسيط، لكن المحيط والمجتمع يأبيان إلّا أن يستفيدا في لحظة من مشورة طبيب، أو معلومة صحافي، أو خبرة متجذرة لخيّاطة أو نجّار أو سوى ذلك.
ثَمَّة مِهَن يَعجَز الإنسان عن تركها بعيدة عنه. وإن استطاع ذلك، فهي تترك فيه ندوباً جسدية أو حتى اجتماعية. فالخيّاطة تعاني انحناء كتفيها، وآلاماً في عمودها الفقري، في حين يعاني الصحافي المسؤول عن جريدة يومية بسبب بُعده عن أطفاله وعائلته، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الطبيب، أو المنخرطين في مهن أخرى تتطلّب التزاما كاملاً، وبدوام مفتوح يعرفون متى يبدأ، لكنهم لا يعرفون متى ينتهي. في هذا التحقيق، تنوعت اختياراتنا لأصحاب المهن المتعبة، من الصحافة، إلى علم النفس العلاجي والخياطة. فماذا قال أصحاب المهن؟ التفاصيل في السطور الآتية.
- رفيقة العمر:
يقول أحد الصحفيين: "مشكلة الصحافة أنّها ترافق العامل فيها على مدار اليوم". ويضيف: "للمهندس والطبيب والمحامي دوام محدد، تنعدم بانتهائه علاقته بمهنته. أمّا الصحافة، فتستحوذ على صاحبها على مدار الساعة، وفي أي مكان يحلّ، يبقى مرتبطاً بها". ويقول: "تبدأ الصحافة من الهواية وتنتقل إلى الاحتراف، وتالياً تتحوّل إلى متعة، ومن ثم تصبح مصيبة، ومرضاً حقيقياً. فالصحافي ليس قادراً على النوم من دون معرفة التطوّرات الحاصلة في العالم حتى لحظة غفوته. والويل للصحافي من ذاته إن علم بخبر ولم ينشره في صحيفته اليومية في اليوم التالي. فهو عندها سيشعر بالتقصير حتى وإن كان عمره 200 سنة في المهنة". وكذلك يضيف: إنَّ المهنة تظل رفيقته طيلة الـ24 ساعة، فهو حتى في المنام قد يحلم بـ"مانشيت"، ويضيف: "أحياناً أكتب مقالي اليومي أثناء النوم وأستيقظ لأدوّنه على الورق".
- ليست رفيقتي:
بدورها، تقول المتخصِّصة النفسية جُوزيت عزيزي، التي تعمل في مهنتها منذ 16 عاماً: "لست في بحث دائم عن مشكلة يعيشها هذا الإنسان أو ذاك. فتحديد المشكلة يلزمه فحص عيادي، يليه اقتراح العلاج المناسب". تضيف: "مهنتي ليست رفيقي الدائم في مراحل حياتي كافة، سواء أكان في علاقتي بابني، أم في علاقتي بالمحيط من أقارب وأصدقاء. لست في وارد البحث عن الدوافع لهذا السلوك أو ذاك".
تُتابع: "لست محلِّلة دائمة للتصرُّفات ولا أعمل لتكون مهنتي حاضرة ناضرة في حياتي الإنسانية العادية، التي تشبه حياة كل الناس". تقول: "بالطبع، عندما يُصادفني ضمن محيطي ما يلفت الانتباه، أتوقف عنده وتصبح المهنة جزءاً من السلوك اليومي. عندها، أوظِّف العلاجات والنصائح التي أعتمدها كي أساعد في حل المشكلة الموجودة، ضمن ظرف أكون من ضمنه". تضيف: "مثلاً، عندما أعرف في محيطي أنّ هناك طفلاً "حايص وضايج"، ويرفض كل ما يقال له، ويقدم إجابات تدل على أنّه يرغب في فرض نفسه، هنا، وكمتخصصة نفسية، أعرف تماماً المراحل التي يمر بها المراهق، والتصرّفات التي يقوم بها بشكل طبيعي.
وأجد ضرورة لتكون مهنتي رفيقتي، بحيث أتعامل علمياً مع ظروف المرحلة التي يمر بها ذاك المراهق. وأبقَى على صلة معه ومع والديه اللذين أضعهما في صورة واضحة تماماً لكيفيّة استيعابه". تتابع: "مع ذلك، أقول إنّ الورقة والقلَم ليسَا رفيقيّ في مراحل حياتي كافة، وليست لي رغبة في تطبيق كل قواعد علم النفس التي تعلمتها في حياتي اليومية، سواء أكان في علاقتي مع الناس أم في علاقتي مع ابني. فمع ابني أحياناً يكون رَدُّ فعلي عفوياً، وقد ألجأ إلى رفع الصوت، أو الصراخ على تصرف مُعيَّن، وقد ألجأ في أحيان أخرى إلى العقاب".
- صعوبة الفصل:
وهل تكون المتخصِّصة في علم النفس أكثر استيعاباً من الزوجة العادية للمشكلات الصغيرة، التي تعترض الحياة الزوجية بشكل عام؟ تجيب عزيزي: "علاقتي بزوجي هي أنا بكل تكويناتي، وليست المهنة هي التي تطبعني. نحن نعيش أداءنا اليومي بشكل طبيعي وتلقائي وعفوي بما في ذلك مشاعرنا وانفعالاتنا. وفي معايناتنا السريريّة، قد تقول زوجة إنّ زوجها لا يُدرك زَعَلها ولا يوجِّه إليها كلمة جميلة. ولو حدث معي أمرٌ مماثل في حياتي الزوجية، لأدركت كيفية التعامل معه وتفسيره. فالزوج قد يكون تَعباً أو منزعجاً، وهو ليس على قدرة دائمة على وضع زوجته في المكان الذي تريده".
تضيف: "قد أكون أكثر تفهّماً للأمور التي تصادفنا أو تعترضنا من أي شخص آخر لا علاقة به بمهنة كما مهنتي. من خلال خبرتي الشخصية، أقول إني أعيش الأمور بعفويتها. وخبرتي في المهنة والحياة تساعدني على معالجة الكثير من المواقف. إنّما بصورة قاطعة أقول لك، إنّ تخصُّصي لم يدفعني في يوم من الأيّام إلى وضع عائلتي ضمن اختبار نفسي".
- لا تتركني:
تعمل ماجدة ماضي في مهنة الخياطة النسائية منذ 25 عاماً، أسهمَت المهنة خلالها في تطبيعها، بل يسمَّى النّفَس الطويل في العلاقة مع السيدات. وهي تقول في هذا السياق: "في الحياة اليومية العادية، ليس لي تحمُّل إي إنسان لا يروق لي، لكني في مهنتي مضطرة إلى تَحمُّل طبائع الزبائن المتنوعة". تضيف ماجدة، واصفة مُرافقة مهنتها لها في كل يومياتها: "عندما أكون في السوق، تَبقَى المهنة معي. وإذا شاهدت قماشاً أعجَز عن مقاومة شرائه. وحتى عندما أشتري قطعة جاهزة أحاول إدخال لمساتي إليها، فلا تَبقَى على حالها. المهنة لا تتركني حتى في زياراتي الرسمية. السؤال عن المهنة مطروح دائماً ولا يمكن نسيان الإبرة والخيط. كما أني شخصياً ألتفت إلى "الموديلات" المعروضة في السوق، لإلتقاط خيط الموضة".
تَجدُر الإشارة إلى أن اهتمامات ماجدة ماضي ليست محصورة ضمن مهنتها فحسب، فهي تنجذب إلى معارض الرسم، والخط الكوفي، الذي تدقق فيه مّليَّاً حين تراه في المعارض. كل ما فيه فن وذوق متميِّز يجذبها، لا سيَّما الإنجازات التي تبتكرها أنامل النساء من شغل بالإبرة.
يقع مَشغَل ماجدة في منزلها، ولهذا، هي تعيش مع القماش وماكينة الخياطة والدبابيس على مدار الساعة، كما تستقبل الزبائن طيلة الوقت. وعندما تكون في صَدَد مُغادرة المنزل للترويح عن نفسها، تعتذر حتى إنْ كانت الزبونة على الباب، "ولكني أحترم الموعد".
يقول المثل: "بيت النجّار من دون باب"، و"الإسكافي حافي". فماذا عن الخياطة؟ تقول ماجدة: "أطنِّش على كل ما هو خاص. أشتري بنطلوناً بدلاً من تغيير سحّاب لواحد قديم. باختصار، أنا أفضِّل مصلحة زبائني على مصلحتي".
وماذا عن ندوب المهنة؟ تجيب ماجدة: "كما الأشغال المكتبية التي يقوم بها الآخرون، أعاني آلاماً في ظهري، أعالجها بالمشي بين فترة وأخرى. وأقسَى ندوب المهنة تكون عندما تنكسر إبرة الماكينة وتنغرز في إصبعي. لكني أستخرج أجزاء الإبرة بيدي. فأنا بطبعي جريئة".
*تحقيق: زهرة مرعي
عن موقع البلاغ
ستتعلم في كورس تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الكشف عن أنماط واتجاهات غير مرئية بالشكل التقليدي. بالإضافة إلى معرفة الاستخدامات الرئيسية للذكاء الاصطناعي في مجال تحليل البيانات والتدرب عليها، مثل تحليل البيانات التجارية، تحليل البيانات في مجال الرعاية الصحية، ومجال التمويل والاستثمار، وتحليل الصور والفيديو، وتحليل النصوص، وغيرها العديد من الاستخدامات.
أول برنامج تدريبي عربي يستهدف تدريبك على استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين العملية الإنتاجية مثل التخطيط والجدولة الذكية، ومراقبة وتحليل العمليات، والصيانة التنبؤية، والتحسين المستمر والتكيف، والروبوتات والأتمتة الذكية.
أول برنامج تدريبي مخصص يؤهلك للعمل كمدرب شخصي PT متخصص في مجال تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة بتناول بالشرح التشريح الوصفي للطرف العلوي والسفلي وما هي ادوار المدرب الشخصي لذوي الاحتياجات الخاصة وماهية التمرينات البدنية واللياقة البدنية لهذه الفئة وتصنيفات الاعاقة والرياضات المعدلة وتصنيف الرياضة للمعاقين حسب نوع الاعاقة وطبيعتها وتأهيل الفرد المعاق
تغطي هذه الدورة التدريبية المهارات الأساسية لتمكينك من جمع وعرض وتحليل البيانات. وتأهيلك لإحداث تأثير شخصي كبير داخل شركتك، ستجعلك هذه الدورة التدريبية قادراً على فهم البيانات المقدمة أو استخدام البيانات لاتخاذ قرارات تجارية واستثمارية جادة و ذات معنى.
هذا الدبلوم التدريبي المتقدم يهدف الى تزويدك بالمعرفة والمهارات اللازمة لإدارة الموارد البشرية في الشركة / المنظمة التي تعمل بها، بما في ذلك؛ طرق التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية، وآلية عمل التحليل الوظيفي، وعملية التوظيف، وطرق الاختيار والتعيين، والتدريب والتطوير، والتوجيه الوظيفي، وطرق تقييم أداء الموظفين، وغيرها من مهام مدير الموارد البشرية. كما تغطي هذه الشهادة العديد من الموضوعات الأخرى ذات الصلة بإدارة الموارد البشرية، مثل: علاقات العمل، ومبادئ السلامة والصحة المهنية، وإدارة الأداء، وإدارة المخاطر.