معايير «بازل 3» مهمة للبنوك الإسلامية في قضايا إدارة السيولة والحوكمة


أكد الباحث والخبير الجزائري الدكتور سليمان ناصر أن معايير "بازل 3" جاءت لمعالجة تداعيات الأزمة المالية العالمية، وأن هذه المعايير لا تهم المصرفية الإسلامية، لكن يمكن الاستفادة منها لتعزيز قوتها ومكانتها المالية. وقال إن البنوك الإسلامية تعاني كثيرا في موضوع إدارة السيولة المالية والحوكمة، وهي من القضايا المهمة في صناعة المصرفية الإسلامية .. فإلى تفاصيل الحوار:


كيف تنظر إلى معيار "بازل 3"، وما أثره في المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية؟

معايير "بازل 3" جاءت كرد فعل للأزمة المالية العالمية تقريباً، خاصة بعد إفلاس العديد من البنوك وثبات قصور أو فشل معايير "بازل 2" في حمايتها أو عدم التقيد بها أصلاً، وبالنسبة للمصارف الإسلامية فهي لم تتأثر كثيراً بتداعيات تلك الأزمة على غرار البنوك الغربية الكبرى، لذلك لم تحرص على إصدار مثل هذه المعايير ولكنها ملزمة بالتقيد بها كي تكون لها مصداقية على المستوى العالمي.


هل هناك حاجة لمثل هذه المعايير، وما مدى إمكانية الاستفادة منها؟

نعم هناك حاجة لمثل هذه المعايير خاصة بالنسبة للبنوك التقليدية ـــ كما ذكرنا، لكن بالنسبة للبنوك الإسلامية يمكن أن تستفيد منها في تعزيز قوتها المالية، وفي إدارة بعض الجوانب المهمة في العمل المصرفي مثل إدارة السيولة والحوكمة الرشيدة.


هناك حديث عن ضعف في إدارة السيولة لدى البنوك الإسلامية وهذه المعايير جاءت لمضاعفة توظيفها؟

صحيح هناك ضعف في إدارة السيولة لدى البنوك الإسلامية التي تعاني أصلاً من فائض هذه السيولة في معظم الأحيان، وقد يعود ذلك إلى سوء إدارة لهذه السيولة، وقد يعود أيضاً إلى قلة مجالات التوظيف المتاحة أمام هذه البنوك واستثمارها بالشكل الذي يمكن معه استرجاعها في زمن قصير كالأسواق المالية وهي غير متوافرة بالشكل الكافي أو بالضوابط الشرعية. ومعايير "بازل 3" حتى وإن جاءت بها طرق للتوظيف الأمثل لهذه السيولة بما لا يضر بمعدلات السيولة المطلوبة للبنوك فهي تكون ملائمة للعمل المصرفي التقليدي أكثر منه بالنسبة للبنوك الإسلامية، لذلك يبقى المجال مفتوحاً للاجتهاد في كيفية توظيف هذه السيولة بما يتلاءم وطبيعة عمل هذه البنوك.


لماذا تتخوف البنوك الإسلامية من إدارة السيولة - والأصول السائلة عالية الجودة التي توصي بها لجنة بازل يمكن أن تغطّيها البنوك الإسلامية بالصكوك والأدوات المالية الإسلامية؟

البنوك الإسلامية لا تتخوف من إدارة السيولة، وإنما من معايير إدارتها التي توصي بها لجنة بازل، التي قد تتلاءم مع العمل المصرفي التقليدي أكثر كما ذكرنا. والبنوك الإسلامية صحيح أنها تملك الأصول السائلة التي يمكن أن تغطي بها هذه النسبة كالصكوك الإسلامية، ولكن بشرط أن تلقى الاعتراف من لجنة بازل لطبيعة هذه الأصول المختلفة.


كيف تستفيد البنوك الإسلامية من معايير "بازل"، وكيف تلتزم بمعايير مجلس الخدمات المالية الإسلامية وهيئة المراجعة والمحاسبة؟

بالنسبة لكيفية استفادة البنوك الإسلامية من معايير "بازل 3" وكيفية الالتزام بمعايير مجلس الخدمات المالية الإسلامية؛ فإن السؤال يتضمن الجواب، بمعنى أن أحسن وسيلة كي تطبق البنوك الإسلامية معايير "بازل 3" هي أن تتقيد بمعايير مجلس الخدمات المالية الإسلامية، هذا الأخير يحاول في كل مرة تطويع تلك المعايير الدولية مع طبيعة العمل المصرفي الإسلامي، وكما فعل سابقاً مع معايير "بازل 2" فالأكيد سوف يفعل ذلك مع معايير "بازل 3"، لكن تبقى جهوده غير ذات فائدة كبيرة لأن المعايير التي يصدرها ـــ بعد صرف كثير من الأموال والجهد والوقت ـــ ليست ملزمة التطبيق بالنسبة للبنوك الإسلامية، وهنا يأتي دور البنوك المركزية والسلطات الإشرافية في كل دولة في إجبار البنوك الإسلامية على تبني هذه المعايير بقوانين وتنظيمات داخلية، كما هو الشأن في بعض الدول الإسلامية ـــ وهي قليلة للأسف ـــ مثل البحرين والسودان والأردن وغيرها. أما هيئة المحاسبة والمراجعة فهي ليست معنية كثيراً بمعايير "بازل" الجديدة لأنها تصدر معايير محاسبية وشرعية، وليس معايير الحذر مثل كفاية رأس المال وغيرها، التي يُعنى بها مجلس الخدمات المالية الإسلامية في ماليزيا