تفاؤل الرسول صلى الله عليه وسلم

إنّ من الصفات النبيلة والخصال الحميدة التي حبا الله بها نبيه الكريم ورسوله العظيم صفة التفاؤل، إذ كان صلى الله عليه وسلم متفائلاً في كل أموره وأحواله، في حلِّه وترحاله، في حربه وسلمه، في جوعه وعطشه، وفي صحاح الأخبار دليل صدق على هذا، إذ كان صلى الله عليه وسلم في أصعب الظروف والأحوال يبشر أصحابه بالفتح والنصر على الأعداء، ويوم مهاجره إلى المدينة فراراً بدينه وبحثاً عن موطئ قدم لدعوته نجده يبشر عدواً يطارده يريد قتله بكنز سيناله وسوار مَلِكٍ سيلبسه، وأعظم من ذلك دين حق سيعتنقه، وينعم به ويسعد في رحابه.

نعم إنه التفاؤل، ذلك السلوك الذي يصنع به الرجال مجدهم، ويرفعون به رؤوسهم، فهو نور وقت شدة الظلمات، ومخرج وقت اشتداد الأزمات، ومتنفس وقت ضيق الكربات، وفيه تُحل المشكلات، وتُفك المعضلات، وهذا ما حصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تفاءل وتعلق برب الأرض والسماوات؛ فجعل الله له من كل المكائد والشرور والكُرب فرجاً ومخرجاً.

فالرسول صلى الله عليه وسلم من صفاته التفاؤل، وكان يحب الفأل ويكره التشاؤم، ففي الحديث الصحيح عن
أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح: الكلمة الحسنة ) متفق عليه.والطيرة هي التشاؤم.

وإذا تتبعنا مواقفه صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، فسوف نجدها مليئة بالتفاؤل والرجاء وحسن الظن بالله، بعيدة عن التشاؤم الذي لا يأتي بخير أبدا.

فمن تلك المواقف ما حصل له ولصاحبه أبي بكر رضي الله عنه وهما في طريق الهجرة، وقد طاردهما سراقة، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم مخاطباً صاحبه وهو في حال ملؤها التفاؤل والثقة بالله : ( لا تحزن إن الله معنا، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتطمت فرسه - أي غاصت قوائمها في الأرض - إلى بطنها ) متفق عليه.

ومنها تفاؤله صلى الله عليه وسلم وهو في الغار مع صاحبه، والكفار على باب الغار وقد أعمى الله أبصارهم فعن أنس عن أبي بكر رضي الله عنه قال : ( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، فرفعت رأسي، فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا، قال: اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما ) متفق عليه.

ومنها تفاؤله بالنصر في غزوة بدر، وإخباره صلى الله عليه وسلم بمصرع رؤوس الكفر وصناديد قريش.

ومنها تفاؤله صلى الله عليه وسلم عند حفر الخندق حول المدينة، وذكره لمدائن كسرى وقيصر والحبشة، والتبشير بفتحها وسيادة المسلمين عليها.

ومنها تفاؤله صلى الله عليه وسلم بشفاء المريض وزوال وجعه بمسحه عليه بيده اليمنى وقوله: لا بأس طهور إن شاء الله.

كل ذلك وغيره كثير، مما يدل على تحلِّيه صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة الكريمة.

وبعد: - أخي القارئ الكريم - فما أحوج الناس اليوم إلى اتباع سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا } (الأحزاب:21) . إن واقع أمة الإسلام اليوم ، وما هي فيه من محن ورزايا ، ليستدعي إحياء صفة التفاؤل ، تلك الصفة التي تعيد الهمة لأصحابها ، وتضيء الطريق لأهلها،



بعض من كلمات الأمل والتفاؤل في القرآن والسنة؟

من القرآن الكريم

وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لاتعلمون

إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون

قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون

إن بطش ربك لشديد

وأنيبوا إلي ربكم، وأسلموا له، من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون

يهدي للتي هي أقوم

وينجي الله الذين إتقوا بمفازتهم، لا يمسهم السوء، ولا هم يحزنون

وإذا سألك عبادي عني فإني قريب، أجيب دعوة الداع إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون

إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم

يا بني إذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه، ولا تيأسوا من روح الله، إنه لا ييأس من روح الله إلاالقوم الكافرون

وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها

ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون، لهم البشري في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم

ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل علي الله فهو حسبه

يا أيها الناس أنتم الفقراء إلي الله، والله هو الغني الحميد

وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ

قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً، إنه هو الغفور الرحيم

أفرأيتم الماء الذي تشربون، أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون، لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون

من السنة الشريفة:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الْأَسَد.


وقد ورد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية:
قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله

وجاء رجل - كما ورد في مسند الإمام أحمد - إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم: شيخ كبير يد¹عم علي عصا له فقال: يا رسول الله، إن لي غدرات وفجرات فهل يغفر لي؟ فقال صلي الله عليه وسلم: ألست تشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: بلي وأشهد أنك رسول الله . قال صلي الله عليه وسلم: قد غفر لك غدراتك وفجراتك

وروى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا , فسأل عن أعلم أهل الأرض , فدُلَّ على راهب , فأتاه فقال : إنه قتل تسعة وتسعين نفسا , فهل له من توبة , فقال : لا , فقتله فكمل به مائة , ثم سأل عن أعلم أهل الأرض , فدُلَّ على رجل عالم , فقال : إنه قتل مائة نفس , فهل له من توبة, فقال : نعم , ومن يحول بينه وبين التوبة , انطلق إلى أرض كذا وكذا , فإن بها أناسا يعبدون الله , فاعبد الله معهم , ولا ترجع إلى أرضك , فإنها أرض سوء , فانطلق حتى إذا نصَفَ الطريق أتاه الموت , فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب , فقالت ملائكة الرحمة : جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله , وقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيرا قط , فأتاهم ملَكٌ في صورة آدمي , فجعلوه بينهم , فقال : قيسوا ما بين الأرضين , فإلى أيتهما كان أدنى فهو له , فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد , فقبضته ملائكة الرحمة . قال قتادة : فقال الحسن : ذُكِرَ لنا أنه لما أتاه الموت نأى بصدره

ويقول رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله تبارك وتعالي أنه قال: يا عبادي: إني حرمت الظلم علي نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا يا عبادي: كلكم ضال إلا من هديته، فإستهدوني أهدكم . يا عبادي: كلكم جائع إلا من أطعمته، فإستطعموني أطعمكم . يا عبادي: كلكم عار إلا من كسوته، فإستكسوني أكسكم . يا عبادي: إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فإستغفروني أغفر لكم . يا عبادي: إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني . يا عبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا علي أتقي قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً . يا عبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا علي أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك في ملكي شيئاً . يا عبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المحيط إذا دخل البحر . يا عبادي: إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فيحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه

وقال الله تعالى في الحديث القدسي: يا ابن آدم: إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرةأي: بقريب ملئها غفراناً وعفواً. وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله ص قبل موته بثلاثة أيام يقول: لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما يصيب المسلم من نصبٍ، ولا وصبٍ، ولا همٍّ ولا حزنٍ ولا أذًى ولا غمٍّ، حتى الشوكة يشاكها؛ إلا كفر الله بها من خطاياه

منقول ....