إن من يتعرض لهذا النوع من المقابلات يوما ما، لن ينساه أبدا. وقد أصبح هذا الأسلوب من المقابلات، الذي يعتمد على الضغط على المتقدم لوظيفة ما، شائعاً في هذه الآونة. ويهدف هذا الأسلوب إلى سبر أغوار المتقدم للوظيفة والكشف عن طبيعة شخصيته الحقيقية.
ويعد هذا الأسلوب هو أسوأ سيناريو يواجهه المتقدم لشغل وظيفة ما. وقد تعرضت لهذا الأسلوب من المقابلات الشخصية قبل ان أسمع عنه. فمنذ عدة سنوات خلت، كنت قد تقدمت لوظيفة محرر في شركة نشر كبيرة، وقد اجتزت أول عقبة كانت أمامي وهي المقابلة الشخصية الهاتفية التي أجريت معي.
وبعد ذلك، دعيت لمقابلة مدير شؤون العاملين، وقابلني المدير بترحاب، ثم أخذني إلى مكتبه الفخم وتجاذبنا أطراف الحديث حتى جلست في مقعدي، وإذ بي أشعر وكأن ضابط شرطة يجري معي تحقيق بشأن تهمة ما في بلد معروف عنها بأنها تنتهك حقوق الإنسان. ورغم أنني كنت أتحدث بثقة كبيرة أثناء المقابلة الشخصية الهاتفية، فإنني صدمت عندما أخذ يسألني عن مستنداتي، وراح يسألني بسخرية عن بعض الأسباب التي جعلتني أتخصص في مجال الفن التحريري، بدلاً من أتخصص في شيء عملي. كما سألني عن السبب الذي جعلني أفكر حتى في أن أعمل كمحرر للمجلة، رغم أنني أمارس بالفعل هذه المهنة منذ سنوات. وطفق يصب عليّ وابلاً من الأسئلة، وفجأة دون أن أشعر كان كل سؤال من هذه الأسئلة يتحول إلى موضوع لا يمت للسؤال بصلة، فكان يسألني عن خبرات عملي، ثم يسألني عما فعلته كي أحافظ على رشاقتي. كما سألني عن أحب الأفلام المفضلة إليّ. وأخيرا أنهى أسئلته التي جعلتني أشعر بالارتباك والخوف والعدوانية، فكان رد فعلي إزاء هذه الأسئلة غير لائق. وكنت أجيب على هذه الأسئلة في كلمة واحدة. كما حاولت أن أتجنب النظر في عينيه أثناء السؤال. وأخيرا، فليست هناك حاجة لكي أقول إنني لم أحصل على هذه الوظيفة.
ثمة عدد من الدروس المهمة التي يجب وضعها في الاعتبار عند إجراء هذا النوع من المقابلات الشخصية:
- لابد أن تكون هادئاً مهما كان المدى المتوقع لنجاح هذه المقابلة، وعندما يفرغ السائل من سؤاله حاول أن تجد لنفسك بضع ثوانٍ لتعد فيها إجابتك.
- حاول أن تتعرف على نوعية الموقف الذي يضعك فيه المتسائل. وفي الغالب سيحاول من يجري معك المقابلة أن يضعك في موقف تشعر فيه بالضغط الملقى على عاتقك حتى يعرف ما هى ردود أفعالك في مثل هذه المواقف، ففي الغالب لا تكون هناك أي انطباعات شخصية بينكم.
- لا تدع من يجري معك المقابلة الشخصية يشعرك بالضيق نحوه، فمن السهل عليك أن تعتقد أن هذا الشخص لم يعد يروق لك، أو أن فرصتك قد ضاعت، فإن هذا الأسلوب لإجراء المقابلات الشخصية معد خصيصاً لمعرفة ما إذا كنت ستصاب بالإحباط أو أنك ستتصرف بسلوك عدواني، أو أنك ستشعر بالضيق عندما تصبح الأمور أكثر صعوبة.
- راقب نغمة صوتك، فمن السهولة بمكان أن تستشعر السخرية في مثل هذا النوع من المقابلات الشخصية التي تعتمد على الضغط على من تجرى معه المقابلة- على افتراض أنك لا تدرك مدى الهدف الذي يرمي إليه هذا النوع من المقابلات- لأنك ستفترض أن من يجريه معك كالصاروخ الباليستي، إذ يصيبك بوابل من الأسئلة.