تلقينا خلال الفترة السابقة عدة أسئلة دارت حول موضوعات إداريه شتى، وتجيب المجلة في هذا العدد على بعض منها.. تسأل القارئة الأستاذة نهال فؤاد عن التنظيم والتخطيط في العمل الإداري، فهي ترى أن الفرق بين الاثنين خاصة لغير المتعمقين في مجال الأعمال الإدارية يكاد يكون معدوما، وتود المجلة هنا أن توضح لها مفهوم كل منهما ودوره في العملية الإدارية..
بالفعل كثيرا ما يخلط الناس بين مفهومي التخطيط والتنظيم حتى كمصطلحات نمارس استخدامها في حياتنا اليومية فما يجب تخطيطه نتحدث عن ضرورة تنظيمه والعكس.. وفى مجالنا الإدارى وحتى لا يحدث مثل هذا اللبس فإن علينا نعرف بداية أن الإدارة هي النشاط الذي يهدف إلى تحقيق نتائج معينه بالاستعانة بكافه الموارد والإمكانات المتاحة، والعملية الإدارية هي التي تهدف للقيام بأعمال محدده وهى عمليه تتكون من عدة وظائف تعد مراحل إداريه مرتبه هي التخطيط، التنظيم، التوجيه، الرقابة.
وتعد مرحله التخطيط هي المرحلة الأولى في العملية الإدارية وهى عمليه تقوم على تقرير ما يجب عمله من اجل تحقيق الأهداف الموضوعة، وتهدف هذه المرحلة إلى تحديد الأهداف المستقبلية الخاصة بالمؤسسات وطرق تحقيق هذه الأهداف، ويرى ماريون هاينز أن التخطيط يتميز بصفتين هامتين الأولى هي انه يقود المؤسسة إلى حيث تبغي أن تكون، والثانية انه يحدد الموارد والإمكانات اللازمة من اجل تحقيق الأهداف.
وعلى أساس ما سبق فان التخطيط له عدة عناصر تتمثل في تحديد الهدف المراد تحقيقه، وضع السياسات التي ستحكم عمليه التنفيذ، تحديد الوقت اللازم لتنفيذ السياسات الموضوعة وأخيرا تحديد الوسائل و الأدوات التي سيتم الاستعانة بها لتحقيق كل ما سبق.
وحتى يتم التخطيط بشكل جيد فإن الأمر يتطلب اتصافه بعدة صفات، أو توافر عدة عوامل فيه وهى: الواقعية، التكامل، الشمول، التنسيق، الملائمة، القبول والمشاركة.
وللتخطيط عدة مراحل يجب أن يسير عليها بشكل متتالي وتشمل المرحلة الأولى دراسة كل ما يتعلق بالمنظمة من ظروف اقتصادية، اجتماعية، وسياسية، إضافة إلى أحوال المنظمة وظروفها الداخلية مثل رأس المال والعناصر البشري بها.
أما المرحلة الثانية فبعد تحديد الظروف سواء الداخلي أو الخارجية نبدأ في وضع الأهداف الملائمة لتلك الظروف، بعد ذلك وفى المرحلة الثالثة نحدد أهم الوسائل التي يمكن من خلالها تحقيق الأهداف.
وبعد وضع الوسائل التي سنحقق من خلالها الأهداف، نقوم بدراسة وتقييم كل وسيله وتحديد كيفيه قدرتها على تحقيق الهدف وما إذا كانت الوسيلة الأنسب فعليا أم لا؟ أى من ضمن مجموعه بدائل ما هو البديل الأنسب.
المرحلة التالية نقوم باختيار انسب وسيله بما يوفر للمؤسسة في الوقت والجهد والتكاليف ويتلاءم مع طبيعتها، ثم يتم اتخاذ كل الإجراءات والسياسات والأساليب النهائية التي ستسير عليه المنظمة لتحقيق أهدافها. وللتخطيط الإدارى أنواع متعددة تستعين بها المؤسسات وفقا لأهدافها وهناك عدة معايير يتم على أساسها تحديد أنواع التخطيط وهى: على حسب مدى التأثير ويضم التخطيط الاستراتيجي، التكتيكي، التشغيلي، وعلى حسب البعد الزمني ويضم التخطيط طويل المدى، متوسط المدى، قصير المدى..
أما فوائد التخطيط فيمكن تحديدها في انه يمكننا من التفكير السليم المنظم، النظر للمستقبل بصوره أوضح والاستعداد له بما بلائمه، وذلك سوف يساعد في تقليل التكلفة، الحد من الجهود العشوائية الغير هادفة، وأخيرا توفير الجهد وتعظيم الانجاز.
أما التنظيم فيمثل المرحلة الثانية في العملية الإدارية وترتبط مسئوليه القيام بالتنظيم بكافه المستويات الإداريه بعكس مرحله التخطيط التي غالبا ما تكون في يد المستويات الإداريه العليا، تقوم بها كل المستويات الإدارية، والتنظيم هو عملية حصر للواجبات والنشاطات المراد القيام بها وتقسيمها إلى اختصاصات الأفراد، وتحديد وتوزيع السلطة والمسؤولية وإنشاء العلاقات بين الأفراد، بهدف تمكين الجميع من العمل بانتظام وبشكل أفضل.
وعلى ما سبق فالتنظيم يتطلب بشكل اساسى توفير التنسيق بين الإدارات و الأقسام المرتبطة بتحقيق أهداف المنظمة، ويتم التنظيم من خلال عدة خطوات تشمل أولا تحديد أهداف المؤسسة، ثم أهم الأنشطة اللازمة لتحقيق الأهداف والسياسات الموضوعة، بعد ذلك تجميع الانشطه في وظائف والوظائف المتقاربة في وحدات..، ثم تعيين رئيس تفوض له هذه السلطات، ثم يتم رسم هيكل تنظيمي يوضح الوظائف والسلطات والمسئوليات، وأخيرا توصيف الوظائف وتحديد إجراءات القيام بها.
وللتنظيم الناجح عدة عناصر إذا ما توافرت مرت المنظمة من تلك المرحلة بسلام وهى أن يكون للخطط الموضوعة هدف واضح ومحدد وقابل للتطبيق، كذلك أن تحتوى تلك الخطط على تعريف واضح لكل الأجهزة الإدارية المسئولة عن عمليه التنفيذ بكل تفاصيلها، أيضا دقة في البيانات الخطة وحساباتها ، إذ إن محصلة هذه كلها يعتمد عليها في تحديد الأهداف ورسم طرق التنفيذ على ضوء الإمكانيات المتوفرة والمتاحة.
كما آن الخطة يجب أن تتصف بالمرونة حتى تتمكن من تقبل اى تغيرات آو صعوبات وتتكيف معها، إضافة إلى أهميه بناء الخطط التنظيمية من أسفل لأعلى حيث توضع أولا الخطط الفرعية ثم ترتفع للمستويات التنفيذية، كذلك الرقابة على الخطة طوال فتره أدائها وتنفيذها..
وتظهر أهميه التنظيم في كونه يقوم بتحريك الجهود بالشكل الذي يساعد على تسخير كافه الموارد والإمكانات من اجل تحقيق الأهداف، فالهدف الأقوى للتنظيم يرتبط بالعمل الجماعي حيث يساعد في تحديد كيفيه تقسيم الأعمال وتوزيع الأعباء والسلطات والمسئوليات بشكل عادل يساعد على تحقيق الأهداف بأسلوب منظم، مما سيساعد على إيجاد التعاون والتكامل والترابط بين كل مستويات العمل بالمنظمة.



المصدر: مجلة التنمية البشرية