المراحل التي يجب أخذها في الاعتبار عند إقرار الهيكلالتنظيمي

يجيب عليها المستشار والخبير الإداري عبدالله بن عبداللطيفالعقيل
ما هي المراحل التي يجب أخذها في الاعتبار عند إقرار الهيكلالتنظيمي لشركة يبلغ عدد موظفيها 354موظفا؟
علي العبري - الرياض
*لقد تمت تغطية الجواب على هذا السؤال في كتاب "الإدارة القيادية الشاملة" بشكلواف، وهذا نصه من الكتاب:
((الهيكل التنظيمي هو العصب الحيوي والعمود الفقري للمنظَّمة الذي منه تتفرعوتظهر أقسامها ومعالمها، وعلى ضوئه تتوزع المهام والمسؤوليات والأدوار بين الأقسام،ومن خلاله تتحدَّد الصلاحيات، وبصلابته وصحته تصح وتنشط المنظَّمة، كالعمود الفقريللإنسان.
يقول عالم الإدارة بيتر دركر: الهيكل الجيِّد للإدارة ليس هو الدواء لكلِّالأعراض، لكن هيكل التنظيم الصحيح هو الأساس اللازم الذي يصبح بدونه أفضل أداء فيجميع نواحي الإدارة عقيماً غير مجدٍ. وإنَّ العملية الإنتاجية تتأثر كثيراً بالهيكلالتنظيمي وبالتوازن بين مختلف الأنشطة داخل نطاق العمل.
ويقول في موضع آخر: أصبح من الواضح أن سرَّ انتعاش شركة فورد ثانية يكمن في بناءوتنظيم الإدارة، بالضبط مثلما كان خنق وتدمير الإدارة هو سرُّ فشل الشركة.
ويعتبر الهيكل التنظيمي جزءاً أساسياً من النظام الشامل، وبما أنَّه يوضِّح بدقةمهام ومسؤوليات كل قسم وعلاقاته مع الأقسام الأخرى، وبما أنَّه يضمن حقوق العاملينفي إيصال ما يرغبون إيصاله من مقترحات وطلبات أو ملاحظات أو شكاوى أو غيرها، منخلال القنوات الصحيحة، فإنَّ بناءه بناءً سليماً سوف يساهم بفاعلية في حسنالاستفادة من الموارد المختلفة، وفي تعزيز الاتصال الفاعل والعمل بروح الفريق، وفيمنع التَّدخُّل والتَّداخُل والصراعات، كما أنَّ غياب الهيكل التنظيمي السليم يساهمفي تعاظم التكاليف، وفي إحداث الفوضى والصراعات.
وسوف يتم إلقاء الضوء على هذا الموضوع من خلال استعراض شروط وضوابط بناء الهيكلالتنظيمي السليم. فلكي يكونَ الهيكل التنظيمي سليماً وعملياً ومحقِّقاً للأهدافسالفة الذكر، ولكي يساهم بفاعلية في نجاح المنظَّمة واستقرارها وتطوُّرها، فإنَّهيجب عند عمله وبنائه مراعاة الأمور الثلاثة عشر التالية:
1- أن يشمل جميع أجزاء المنظَّمة وأن تتمَّ دراسته بتأنٍ وعلم ومشورة معالقياديين المتخصصين الخبراء في الإدارة والتنظيم، ومع أصحاب العلاقة في المنظَّمة،ثم مراجعته كل فترة من الزمن (كل ثلاث سنوات مثلاً).
2- إنَّ النظر في الهيكل التنظيمي يجب أن يكون مجرَّداً من النظر في المديرينوالأفراد الذين يشغلون مختلف المواقع فيه حالياً أو الذين يتوقع أن يشغلوها، لأنَّذلك مهم للغاية من أجل الوصول إلى تقييم صحيح وأمين لوضع الهيكل التنظيمي الحالي،ومهم جداً لسلامة الهيكل التنظيمي الجديد.
3- التوسُّط والبساطة والتوازن في الهيكل من الناحية الرأسية والأفقية، ومنناحية عدد الإدارات والأقسام والمديرين والموظفين، بمعنى أن لا تكون الإداراتوفروعها من الكثرة بحيث يصبح الهيكل التنظيمي أفقياً مشرذماً، ولا من القلة بحيثيصبح رأسيّاً مركزيّاً؛ وليكن الميزان في ذلك حجم وتنوع الأعمال والمهام والأنشطةفي المنظَّمة كَكُلّ وفي كلِّ قسم وإدارة فيها، وكذلك ما تحتاجه الأنشطة والأعمالوالمهام المختلفة فعلياً من ترابط وتنظيم وتحكّم وسرعة ومرونة ورقابة وتنسيق وتكاملفيما بينها. وبشكل عام يُنصح أن يتراوح عدد المديرين أو المشرفين (عدد الإدارات أوالأقسام) الذين يشرف عليهم مدير أعلى منهم بين خمسة إلى سبعة مديرين (سبع إدارات أوأقسام) أو موظفين كحد أقصى. كما يُنصح أن تكون المستويات التنظيمية الإشرافية أقلما يمكن، بحيث تَقصُر المسافة بين موظف الخدمة الأول أو الموظفين في خطوط الإنتاجوبين المدير الأول للمنظَّمة، ويُنصح أن تتراوح المسافة التنظيمية بينهما بين ثلاثةإلى خمسة مستويات كحدّ أقصى، بحسب حجم المنظَّمة وتفرعها. ويُسعى دائماً وفي كلالأحوال إلى الموازنة والتوفيق بين كل هذه الأمور والمتطلبات والوصايا.
ولقد وجد توماس بيترس وروبرت جونيور في بحثهما الثري أنَّ من الخصائص التي برزتلتميّز الشركات المتفوقة والمجدِّدة هو: الشكل البسيط، وقلَّة من الإداريين.
4- مراعاة التوزيع الجغرافي للمنظَّمة وفروعها بحيث تتمُّ الملاءمة بين وضعهاالبعيد جغرافياً، وما تحتاجه من مرونة وتفويض وتكامل في نفس الموقع، وبين ارتباطهابالمنظَّمة الأم، وما يتعلق بأمور الرقابة والضبط والاتصال الفاعل وتوحيد الجهودوالتنسيق في الأفكار والتسويق والتخطيط وغيره. وعلى وجه العموم إذا كان الفرع يشتملعلى جميع أنشطة المنظَّمة، فإنَّه يوضع له هيكل ومدير يرتبط مباشرة بالمدير الأولللمنظَّمة من الناحية الإدارية والإشرافية، مع الارتباط الفني للإدارات التي تؤدِّينفس العمل في الفرع بتلك التي في المنظمة الأم بشكل وثيق من ناحية التنسيقوالاتصالات وتبادل الأفكار وتوحيد الجهود وتوحيد الأنظمة والقوانين والسياسات، أماإذا كان الفرع يشتمل على نشاط واحد معيَّن أو أنشطة معيَّنة فإنَّ الأفضل أن تتبعلمدير الإدارة الأكبر في المنظَّمة الأم ولا تتبع لمدير المنظَّمة الأول مباشرةسواءً من الناحية الإدارية أو الإشرافية أو الفنية.
5- تحديد حجم وتفاصيل المهام والأعمال في كل قسم وإدارة ثم تحديد عدد العاملينوالموظفين المطلوبين لها، وملاحظة أنَّه يمكن في بعض الأحوال دمج عدة مهام أومجموعة أعمال في قسم واحد أو تحت مدير واحد أو في وظيفة واحدة؛ حيث لا تتطلب المهاموالأعمال قسماً مستقلاً أو مديراً أو مشرفاً مستقلاً أو موظفاً كاملاً، فيؤخذ هذابالحسبان. مع مراعاة موقع العمل أو موقع القيام بالمهام، حيث إنَّ بعض المهاموالأعمال لا تتطلب سوى نصف مدير أو موظف، ولكن لاختلاف الموقع وضرورة وجود أكثر منموقع فإنَّه يُصار إلى وضع أكثر من مدير أو أكثر من مشرف أو أكثر من وموظف، وهذا هوالمقصود بالموقع وتأثيره على تحديد العدد أحياناً. وعلى وجه العموم يكون عددالعاملين حسب الحاجة الفعلية وبما يحقق الكفاءة والسرعة في الأداء.
6- يمكن حساب عدد الموظفين اللازمين لكلِّ وحدة أو موقع أو قسم أو نشاط معين منخلال التحديد الدقيق لجميع المهام والأعمال والعمليات والخطوات المطلوب أداؤها أوإنجازها (سواء بالشكل اليومي أو الأسبوعي)، وتحديد الوقت التقريبي لكلِّ مهمَّةوعمل وعملية وخطوة، ثم ضرب عدد المهام والأعمال والعمليات والخطوات بالوقت المطلوبلكلِّ منها، ومن ثم قسمة إجمالي الزمن الناتج أو المطلوب على ساعات العمل المتوفرة (ناقص ساعة يومياً أو خمس ساعات أسبوعياً) وسيكون الناتج النهائي هو عدد الموظفينالمطلوبين. والهدف من طرح ساعة يومياً أو خمس ساعات أسبوعياً هو مراعاة بشريةوحاجات الموظف وأنَّه لا يمكن أن يكون عمله متصلاً دون انقطاع طوال ساعات العمل، بللابدَّ من تخلله لراحة وصلاة وحاجات أخرى، وهو ما يسمى بالوقت المفقود.
وسيتبين عند تطبيق المعادلة السابقة أنَّ حجم عدد من الأعمال والمهام لا تتطلبموظفاً متفرغاً لها، بل يمكن دمجها مع مهام وأعمال وظيفة أخرى، أو تغطيتها بالعملالإضافي بالتناوب بين الموظفين، أو تغطيتها بموظف يعمل بنظام العمل الجزئي (لعدةساعات يومية أو أسبوعية)، وهذه خيارات متاحة، ومن المهم الأخذ بها حسب الحاجة ونوعوطبيعة المهام المطلوب أداؤها.
هذا، مع مراعاة مسألة الموقع الذي أشير إليه آنفاً، وكذلك طبيعة بعض الأنشطة،حيث يدخل بها عوامل أخرى، مثلاً التدريس يضاف له عدد الطلاب الأعلى في كل فصل.
علماً بأنَّ هذه الطريقة العلمية في الحساب ليست كلَّ شيء، وإنَّما تؤخذ كطريقةووسيلة موضوعية مساعدة في اتخاذ القرارات بهذا الخصوص.
7- مراعاة مهام ونشاط كل إدارة، وأهميتها، ونطاق عملها، ومستوى وحجم التنسيقالمطلوب لها مع الأقسام والإدارات الأخرى، فهل يشمل هذا النشاط أو هذه المهام جميعالمنظَّمة أو بعض أجزائها؟ وهل هذه الإدارة رقابية على إدارة أخرى؟ وهل هي إدارةتنفيذية، أو تشغيلية، أو استشارية؟ وهل مستوى التنسيق مع إدارات وأقسام وأعمال أخرىكبيرٌ جدّاً ويومي؟ وما سيعنيه كل ذلك من تبعية الإدارة أو القسم أو الفرع سواءًللمدير الأول، أو لمدير فرع أو إدارة أخرى، بحسب معرفة ودراسة هذه الأمور المهمَّة.ويُوصى عموماً بأنء تَتبع الإدارات التي يشمل نطاق عملها جميع أجزاء المنظَّمةمباشرة للمدير الأول.
8- عدم دمج الإدارات والأنشطة والأقسام والوحدات التي يمكن أنء تشكِّل رقابةنوعية أو إداريَّة أو مالية أو فنيَّة على الأخرى في إدارة واحدة أو قسم واحد أووحدةٍ واحدة، بل فصلها لتحقيق الرقابة المطلوبة التي يمكن أن تُعكس في المسؤولياتوالصلاحيات،والتي يتم صياغتها وتضمينها أيضاً في السياسات والإجراءات والنماذجوالبرامج.
9- تقسيم الأقسام والإدارات إلى مراكز تكلفة، ومراكز تكلفة فرعية؛ بحيث يساهمهذا التقسيم في استخراج ومعرفة الوضع والموقف المالي والتكلفة والدخل والأرباحوالأداء العام لكلِّ مركز تكلفة في أيِّ وقت، سواءً في نهاية كل شهر أو نهاية كلربع سنة أو نصف سنة وفي نهاية السنة. وهذا من الأهميَّة بمكان في اتخاذ القراراتالمختلفة والمتابعة المستمرة والمبكِّرة للعمل والعاملين ومختلف الأنشطة والأعمالوالإدارات، واكتشاف الصعوبات والمشاكل وتداركها قبل أن تستفحل أو تتحوّل إلى معضلة.
10- في نفس الوقت الذي ينبغي أن تعكس فيه مسميات الوظائف طبيعة مهامهاومسؤولياتها ومتطلباتها ونشاط القسم الذي تتبعه، إلاَّ أنَّه ينبغي أن تكون جذابةوراقية اجتماعيّاً ورسميّاً، وأن ترفع من معنويات شاغليها، وتبعث في نفوسهمالاعتزاز والفخر بها، وأن تعكس حجم المهام والمسؤوليات، وحجم التطلُّعاتوالتوقُّعات من شاغليها، سواءً ذلك وظائف المديرين والمشرفين، أو وظائف بقيةالعاملين، ونفس الشيء يقال في مسميات الإدارات والأقسام والوحدات.
11- أن تكون حدود المسؤوليات ومستوى الصلاحيات ونطاق الاتصالات اللازمة للمديرينوالمشرفين محدَّدة بدقَّة ومدروسة بعناية، وأن تتضمن قدراً كافياً من المرونةوالتفويض خاصة في الاتصالات والتحركات والتنسيق مع الأطراف الأخرى ذات العلاقة، وأنتكون تلك المسؤوليات والصلاحيات هادفةً إلى تسريع الإنجاز وتحسين الأداء وتعزيزالثقة في العاملين وبين العاملين، مع أدوات رقابية وإشرافية مصاغة في السياساتوالإجراءات والنماذج والوصف الوظيفي، لضمان الاستفادة المثلى والصحيحة من هذهالصلاحيات والمرونة.
12- ضرورة الموازنة والمزج الصعب بين المرونة والسرعة والجودة والدقة والرقابةالمطلوبة (درجة التحكم) المطلوبة في إنجاز مختلف المهام والأنشطة والأعمال لكلِّقسم وإدارة وللمنظَّمة ككل، وبذل كل الجهد في تحقيق ذلك.
13- يُنصح دائماً بإلغاء وظيفة مساعد أو نائب المدير أو وكيل، المجردة من الوصفالمحدَّد، حيث يصبح شاغل هذه الوظيفة مرهوناً بالمدير الأصلي، وما يهبه من مهاموأعمال تزيد وتنقص حجماً وصلاحية بحسب المدير. إضافة إلى أن مثل هذه الوظيفة تشكلعبئاً إداريّاً وماليّاً، وتحدث الكثير من التداخلات في المهام والمسؤوليات العمليةمع المدير ومديري الأقسام والإدارات الأخرى التابعة له. ومع أنَّه يمكن القول بأنَّهذه السلبيات يمكن تقليصها إلى حدَّ كبير بتحديدٍ دقيق لمهام شاغل هذه الوظيفةومسؤولياته وصلاحياته؛ إلاَّ أنَّه من الناحية العملية الحقيقية لا يمكن تلافي هذهالسلبيات، والحل الأمثل هو عدم وجود مثل هذه المسميات الوظيفية المفتوحة والفضفاضة.وإذا كان الهدف هو القيام بمهام المدير في حالة غيابه أو إجازته، فإنَّ الأفضل منذلك والأولى هو أن تتم الإنابة عن المدير بالتناوب بين مديري الإدارات والأقسامالرئيسيَّة في هذه المنظَّمة (أو الإدارة) لتدريبهم على هذا الموقع ومنحهم الثقةوجزءاً من التقدير أيضاً.
ولا ضير في هذه المسميات إذا خُصصت وحُدِّدت، فبدلاً من أن يسمى مديرو الإداراتبأسماء الإدارات مثل: مدير الموارد البشرية، مدير الشؤون الطبية، مدير الشؤونالمالية، مدير التشغيل، مدير الخدمات المساندة، مدير الشؤون الفنية، فإنَّهميُسمَّون: نائب أو مساعد المدير العام أو وكيل الوزير للموارد البشرية، للشؤونالطبية، للشؤون المالية، للتشغيل، للخدمات المساندة، للشؤون الفنية،.. وهكذا. أويُسَمَّون: مدير عام الموارد البشرية، مدير عام الشؤون الطبية، مدير عام الشؤونالمالية... إلخ، في حالة أن كان مسمى المدير الأول: الوزير أو الرئيس التنفيذيمثلاً. فإنَّه على هذين النمطين لا بأس بهما، بل ربما يكونان الأنسب والأكثر فخراًإذا كانت المنظَّمة كبيرة جدّاً، كالوزارات والشركات والمؤسسات الكبرى)).
منقول من الموقع ادناه
[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]