هي امرأة ليست ككثير من النساء هي امرأة تساوي عند أصحاب المعاني والقيم مدينة كاملة. دميمة الخلقة.. أجل لكن من قال إن جمال الوجه وحده يكفي.. ألا تذكر الجاحظ الذي وصفته بعض كتب الأدب بأنه حسنة من حسنات الدنيا وأنه من القلائل الذين امتلكوا ناصية اللغة وكان بحكم عصره موسوعي الثقافة. إني أقول عنك يا أوبرا أنك من حسنات أمريكا وأنك تضيفين إلى الإعلام قيما ومعايير وينفرية إذا صح التعبير نحتاج أن نتعلمها نحن هنا في الشرق الذي كثيرا ما قلنا إنه منبع الحكمة والروح والأخلاق. ألا ليت لنا بإعلاميين في مثل فكرك يا أوبرا وألمعيتك. إنها وينفري التي لا تكتمل شهرة أي نجم من نجوم هوليود إلا بعد أن تستضيفه وتباركه بتقديمه للناس. هي الإنسان النبيل الذي يتعدى خيره غيره من بني جلدته ومن غيرهم في شتى البلاد وخاصة أفريقيا. قصتها أكثر من رائعة كتبها الخالق جل جلاله بحكمته ليرينا كيف أن المنحة كامنة في المحنة وكيف أن للمعاناة أوجها بيضاء كثيرة تدفع صاحبها إلى التميز والعبقرية. والدها كان حلاقا وأمها كانت خادمة وجدتها التي ربتها كانت خادمة وغسالة وكانت تعيش معها في واحد من أفقر أحياء ولاية المسيسبي لكن جدتها يا قارئي هي من علمتها القراءة...تخيل وهي التي أطلقت عليها اسم دودة الكتب، وكانوا يعيشون في فقر مدقع فكان تفوق أوبرا عظيما. تعرضت أوبرا لاغتصاب بينما كانت طفلة في الرابعة عشر من عمرها عانت مرارة الإدمان وزاد الاغتصاب الألم بين جوانحها بطفلها الذي حملت فيه وتعاظم الألم لما مات هذا الطفل.... تهرب و تجوب الشوارع هائمة على وجهها إلى أن أعادها أبوها إلى البيت وكان الاغتصاب جرحا ما يزال عميقا معها حتى الآن بشهادتها هي. لم تتعلم أوبرا بل تركت دراستها لفقرها لكن الله وضع أمامها الفرصة الذهبية لما حصلت على منحة دراسية كانت سلما صعدته للعمل في الإعلام في برنامجها "الناس يتحدثون" وغيره وغيره من النجاحات حتى وصلت ثروتها إلى أكثر من مليار دولار. لم تتزوج لكنها أثبتت أن الإعلامي ليس مذيعا أجوفا يحفظ كلمات يرددها كالببغاء بل أنتجت لنا أربعة كتب في غاية الروعة وحفرت بتاريخها المشرف معايير جديدة للبرامج الحوارية التي ناقشت فيها كل شيء تقريبا. وأما عن أعمالها الخيرية فحدث ولا حرج يكفيني أن يقشعر جسدي عندما أسمع أنها تكفل خمسين ألف طفل أفريقي قد يموتون جوعا فضلا عن أنهم يموتون كل يوم بفعل الجهل. ودعني يا قارئي أركز على أهم ما في مقالي الذي أوجهه لكل إعلاميي مصر. تعودت وينفري تقديم فقرة نادي الكتاب في برنامجها الشهير وقدمت خلال ست سنوات أكثر من ستة وأربعين كتابا وهي التي صارت بالطبع الأعلى رواجا بعد أن قدمتها وينفري. تهتم وينفري بتقديم رموز المجتمع المدني الذي ينهض بالولايات المتحدة جنبا إلى جنب مع المؤسسات الرسمية والحكومات الفيدرالية وتعرض مشكلات كثيرة من أنواع شتى لمغمورين ومهمشين من فئات المجتمع.
وقد منحها اتحاد الكتاب الأميركي ميدالية ذهبية في عام 1999 وجائزة الشرف من اتحاد الناشرين الأميركيين عام 2003 تقديرا لدورها في دعم ورواج صناعة الكتاب في الولايات المتحدة من خلال هذا البرنامج. ركزت أوبرا بصورة خاصة على الجرائم التي ترتكب في حق الأطفال وكانت صاحبة المبادرة لسن قانون لحماية الأطفال عام 1991، والتي وقع عليها الرئيس كلينتون باسم مذكرة أوبرا. بل و عرضت مبلغ 100 ألف دولار من مالها الخاص على كل مشاهد يستطيع أن يدلي بمعلومات تمكن رجال الشرطة من القبض على المتورطين في استغلال الأطفال جنسيا والمنشورة أسماؤهم في موقعها الإلكتروني. وقد توفرت لدى أوبرا بالفعل نية لتصحيح صورة الإسلام في الغرب خاصة عندما استضافت الملكة رانيا العبد الله بوصفها امرأة مسلمة لكن حدث أن عرضت تقريرا عن مذيعة التلفزيون السعودي رانيا الباز التي تعرضت للضرب المبرح الذي كاد يودي بحياتها على يد زوجها العام الماضي وإن كنت لا أرى أنها أساءت للإسلام بذلك ببساطة لأن هذا عمل الزوج لا الإسلام ثم إن هذا هو الواقع الذي حدث بالفعل. على كل حال لعلك يا قارئي تدرك الآن أن هذه الشخصية الكبيرة لها أبعاد هائلة فيها تحمل وعزيمة وطموح وقوة ومعرفة وحب للحياة ورهافة حس وكرم ووطنية وإخلاص لوطنها ولعملها لكني قبل أن أختم الحديث الذي أود أن أكمله بكتابة مقال آخر عنها أركز فيه على ما قدمته في كتبها الأربعة كنموذج للإعلامي المفكر صاحب الرؤية وهو أندر الآن من بيض الأنوق. أقول إني أود قبل أن أختم المقال أن أستشهد بكلمات بمقالة وجدتها على الإنترنت ليست مذيلة باسم كاتبها على كل حال أعجبني فيها أنها عقدت مقارنة بين وينفري ومالكوم إكس وأوردت في نقاط التشابه ما يلي: كلاهما عصامي عانى الفقر والتهميش لأنهما أسودان وبالتالي انقطع عن دراسته وأدمن المخدرات بل وألحق مالكوم بمصحة للأمراض النفسية وسجن عندما بلغ السابعة عشرة من عمره لكن أرجوك يا قارئي ركز فيما يأتي وهو ما نحتاجه ويحتاجه كل جريح وسأورده كما هو بالإنجليزية ليأخذ قدرا أكبر من انتباهك وليعطي أملا لكل يائس وهو:
This was the start of his "new start". He started reading the dictionary! His speed increased incredibly. By reading the dictionary his vocabulary became much better so he started reading books. After serving 8-10 years in jail he got out and started to speak against racism. He was a very strong speaker, which many people, including some whites, listened to. He would always be talking about how the whites didn"t treat them right and to fight against them. On February 21, 1965 Malcolm was speaking at a OAAU rally in Harlem and he was shot and killed.
"كانت تلك بداية البداية له فشرع في قراءة القاموس وزادت سرعته بصورة خيالية وأصبح من ثم أكثر شغفا بالقراءة. وبعد أن قضى من 8 إلى 10 أعوام بالسجن فإنه خرج عازما على بداية جديدة لمناهضة التمييز العنصري وكان متحدثا قويا يسمعه حتى الكثير من البيض. وقد كان يركز في حديثه على سوء معاملة البيض له وللسود وبينما كان يتحدث في حشد كبير بمنظمة الوحدة الأفريقية الأمريكية في هارليم في 21 فبراير من عام 1965 فإنه قد تعرض لإطلاق الرصاص الذي أرداه قتيلا."
ركز المقال على أريحية وينفري وكرمها وحبها لأعمال الخير وتقول المقالة "إن كلاهما فتح أعين الناس على مشكلات كثيرة وداواها لكن مالكوم تحول من مذنب إلى قديس وكلاهما قد غير العالم لكن يحسب لوينفري أكثر أنها تهتم بالأطفال" زهرة الدنيا وشباب المستقبل وعنوان الغد.
آه....ياااه نسيت يا قارئي أن أوفي بعنوان المقال لأتحدث عن الإعلام المصري صاحب الريادة طبعا لكن في الحقيقة أريد وقتا كافيا حتى أخترع له حسنات....إن مشكلتنا في رأيي أن لدينا الكثير من الإعلاميين الموهوبيين غير أنهم بلا منهج وتلك هي المشكلة ليس في الإعلام فقط ولكن أيضا في الجامعة والشارع والوزارات والبيوت...غياب الرؤية والمشروعات العملاقة التي يكرس لها الإعلامي عمره وماله وحياته. وأخيرا يا قارئي لا تحسب أني أغفل قدر بعض من رموز إعلامنا الكبار من مثل العملاق فاروق شوشة والمبدع مأمون أبو شوشة وطاهر أبو زيد وفهمي عمر وعمر بطيشة وآمال فهمي ونادية صالح وعمرو أديب وغيرهم الكثير والكثير لا أبدا لكني على يقين من أنهم أنفسهم لن يخالفوني الرأي في أنه لا يوجد في مصر مثل أوبرا أو مالكوم إكس برغم أننا أحوج.