بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أما بعد ،،


فأحد العملاء الذين تعاملت معهم في تجارة الحاسب الآلي طلب مني أن أجمع له جهازا بإمكانيات عالية .


واتفق معي على أنه سيشتري الجهاز لو تأكد له بالفعل أن السعر جيد ، حتى أنني أكدت عليه أنني رغم أني سأقوم بشراء الجهاز إلا أنه مخير تماما إلى حين أن يسأل عن مستوى الأسعار .


وأنا على ثقتي من السعر الذي أعرضه قمت بالفعل بتجميع الجهاز على إمكانيات عالية مما كلفني بالفعل مبلغا عاليا نسبيا .


إلا أن هذا العميل المرتقب اتصل بي وقال :


( لقد تأكدت من أن سعرك عال جدا ، وأن المستوى العام لسعر السوق أقل من ذلك . )


هنا تأكدت أني في مأزق ليس لأن سعري مرتفع بل لأن هذا الأخ مهما حاولت إقناعه أن سعري أقل من سعر السوق فلن يصدق ، وكذلك لم يقنع بأن هذه الكلمة المبدئية التي ذكرها له هذا التاجر في أجهزة الحاسب الآلي هي مجرد كلمة مبدئية فقط لتشجيعه على الشراء ، إلا أنه عند التعامل و التكلفة الحقيقية فإن المدفوع الفعلي سيكون أعلى مما ذكره له البائع لدى أول لقاء .
قطعا لم يكن ليقنع بي و لا بكلامي ؛ حيث إني كذلك تاجر في الحاسب الآلي ، و الأصل و المفترض عنده أنني أغش و أخادع إلا أن أثبت له العكس .


قلت له :


(( لن أناقشك في السعر ، لأني على يقين بأن سعري أدنى من سعر السوق ، ولكن إن كان هذا التاجر الذي سألته أمينا وبالفعل كان صادقا معك ، فهي فرصة جيدة ، فقل له يجمع لك الحاسوب ، لكن احترس و فكر قبل كل خطوة عملية تقدم عليها ، و كن على استشارة معي بالهاتف ، و بالنسبة للخدمة الاستشارية التي كنت سأقدمها لك من خلال تعاملك معي ، فلن أقطعها بعدم شرائك مني ، بل إن معك هاتفي المنزلي وجوالي يمكنك الاستشارة في أي شيء و خاصة السوفت وير في أي وقت ))


و انقطع تعاملي معه لمدة أسبوع أو يزيد ، و تم بيع الجهاز لصديق راغب في تحديث جهازه ، وقدمت له خدمة وهي أننا سعرنا حاسوبه القديم و أخذته منه كمقدم مخصوم من ( سعر التكلفة ) ثم بعت حاسوبه القديم لأخيه الذي كان بدوره يحتاج لتحديث جهازه القديم جدا .


و بعد انقطاع مدة ، اتصل بي نفس هذا العميل ، وطلب التفاوض على شراء الجهاز ، و استقررنا إلى أن اشترى جهازا آخر بالفعل ، ورضي بالسعر الذي أعرضه عليه و كان متحمسا جدا .


و هنا السؤال // ما سر ارتياحه لهذا التعامل رغم أنه قد رفضه من قبل لأجل السعر ؟


الجواب // لقد شعر أن هناك مرجعية لها مصداقية في الرجوع إليها ، فرغم أنه في ظنه قد يدفع سعرا أعلى ، إلا أنه رأى ذلك مغتفرا في جانب أنه سيكون مطمئن البال ، غير متخوف من حركة خداع غير متوقعة ، لا سيما وهو ليست لديه أدنى دراية بأبجديات الحاسب الآلي ، فمن السهل جدا خداعه من خلال شخص تاجر لا تربطه به إلا علاقة البيع و الشراء . بخلاف محمد رشيد الذي تعرف عليه من خلال وسائط موثوق بها ، علاوة على المصداقية التي استشفها من خلال تناقشنا البيعي .


أرأيت كيف أن العامل النفسي و مصداقية التعامل تعد عامل أقوى من كل العوامل الأخرى في العملية البيعية حتى لو كان عامل السعر نفسه