يشهد المجتمع المعاصر موجةٌ غير مسبوقة من التطور والتغيير تمتد بظلالها لتشمل كافة الأبعاد السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والتكنولوجية، ولم يعد هناك ما يمكن وصفه بأنه ثابت؛ فكل ما حولنا أصبح يدور في فلك التطور والتغيير.وأمام هذه الموجه الكبيرة من التغيير والتطوير كان لابد للأساليب الإدارية أن تُغير فلسفتها الإدارية الحاكمة لتكون مناسبة مع الواقع الإداري الجديد الذي أفرزته هذه التغيرات والتطورات السريعة، الأمر الذي يتفق عليه المحللون وخبراء الإدارة العامة فيما يواجه البيئة المحيطة بأن نتائج هذه التغيرات سوف يؤدى حتماً في شكل مجموعة من الفرص والتهديدات ؛ والتي بدورها يمكن أن تشكل ما يمكن أن نطلق عليه عنق الزجاجة الذي تجعل المنظمات في مفترق الطرق... فإما إلي تقدم وازدهار، وإما إلي تدهور وانحدار، فإذا لم تسعى المنظمات إلى استغلال الفرص ومواجهة التهديدات أصيبت بالاختناق، وإذا نجحت في استغلالما يتاح لها من فرص بلا شك أنها اهتدت إلى المسار الصحيح وخرجت من العنق الضيق إلى مجال أوسع وأرحب.وقد أدى هذا التغير والتطوير إلى تحولات أساسية في إطار المفاهيم الخاصة بإدارة المنظمات الحكومية، فقد تحول الحديث من الإدارة إلى الريادة Entrepreneurship، ومن السيطرة المهنية والإدارية إلى سيادة العميل، ومن ضبط أو مراقبة التكاليف إلى إدارة الأداء، ومن زيادة كمية المخرجات إلى تحسين جودة الخدمات، ومن تقييم مدى سلامة الإجراءات إلى المساءلة عن النتائج ومستويات الأداء([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]). ونظراً للنجاح الملحوظ الذي سجله تطبيق نظام إدارة الجودة الشاملة في القطاع الخاص في ظل التنافس الاقتصادي والإداري بين المنظمات الحكومية ومنظمات إدارة الأعمال، فقد دفع ذلك إلى تبنى نفس معايير هذا النظام، ويعالج نظام إدارة الجودة الشاملة في المنظمات الحكومية المشكلات المزمنة التي تعانى منها الأجهزة البيروقراطية ، والتكلفة المتعاظمة لتقديم الخدمات للجمهور وما يصاحبها من إهدار للمال العام ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ])، فالمنظمات الحكومية على وجه الخصوص تواجه تحديات حرجهأخرى مؤثرة يقع على قمة هذه التحديات الصورة الذهنية السلبية لدى المواطن العميل الرئيسي للمنظمة الحكومية بشأن مستوى جودة الخدمة التي تقدمها هذه المنظمة، وتتكون تلك الصورة الذهنية من خلال تراكمات تاريخية مستمرة ومتصلة بأداء المنظمات الحكومية وسلوكيات موظفيها.ومخرجاتها. ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ])إلا أنه بتوسع الخدمات التي تقدمها الدولة للفرد مثل ( التعليم – الصحة – الأمن وغيرها)، كان من الضروري أن تلجأ الدولة إلى البحث عن دور جديد تستطيع أن تكون أكثر فاعلية في دعم التنمية المستديمة في مختلف المناحي ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]) ؛ بهدف تحقيق تطلعاتهم وحقوقهم الاجتماعية والثقافية والصحية، وتهدف الحكومات من اهتمامها بالمنظمات العامة الخدمية إلى تحقيق ما يسمى في النهاية بالرضاء العــام public consent أي رضاء الجماهير([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]). ولقد أصبحت التنمية البشرية اليوم محور اهتمام دول العالم المختلفة، سواءً كانت الدول على درجة كبيرة من التقدم أم نامية، وينبع هذا الاهتمام من أنها أساس التنمية بصفه عامة لذا أصبح من المسلمات أن التعليم عليه العبء الأكبر في إحداث التنمية باعتباره يشكل القاسم المشترك في عملية التخطيط لإعداد القوى البشرية. وتحتل الخدمات التعليمية مكانة خاصة بين سائر الخدمات التي تتعلق بحياة الإنسان ؛ فالخدمات التعليمية حق دستوري لكل مواطن، كما أن ارتفاع المستوى التعليمي للفرد يساعد على تحقيق أهداف التنمية، فالتعليم يحظى بعناية فائقة ومتزايدة من قبل الإدارات الحكومية والدولية على حدٍ سواء نتيجة لازدياد الوعي بدورة وأثره في مستقبل الشعوب والأفراد([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]) ؛ ومع ترسخ الوعي بأهميته تدريجياً بين غالبية المجتمعات خاصة بعد أن تركزت عليه عملية التنمية البشرية، ويعتبر التعليم دعامة الأمن لأنه يسهم في بناء المواطن المستنير القادر على الإسهام بفاعلية في العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولذلك فإن هناك إجماعاً عربياً رسمياً وشعبياً يؤكد أن التعليم أحد أبرز المدخلات لمستقبل أفضل، فلا يمكن تحقيق ديمقراطية بلا تعليم ولا يتصور أيضا تحقيق تقدم اقتصادي، وزيادة معدلات الإنتاج بدون تعليم ذات جودة عالية([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]). ثانيا: مشكلة البحث: جاءت الوحدة اليمنية المباركة بإستراتيجية جديدة لليمن الموحد في تحقيق تنمية سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية، واعتبرت النهضة التعليمية لليمن هي الأساس الذي حرصت الحكومة على بناءة لما له من علاقة ومدلول إستراتيجي فعال في نمو الأمم وتقدمها.وقد حرصت حكومة الوحدة علي إقامة نهج إداري وتنظيمي جديد بوزارة التربية والتعليم وبمشاركة جهود شركاء التنمية بداخل اليمن وخارجها، وذلك لتحديث وتطوير الأداء وتقديم خدمات متميزة من خلال استخدام الأساليب المعاصرة في الإدارة.ومما لاشك فيه أن نجاح تطبيق إدارة الجودة الشاملة في المنظمات الحكومية يتوقف على عاتق القيادات الإدارية ومدى قدرتها في بناء وتعميق ثقافة الجودة الشاملة في مؤسساتها، ولذلك يرى الدكتور /ديمنج خبير الجودة أن الإدارة العليا هي وحدها التي تستطيع أن تبدأ العملية التي بموجبها تتمكن جميع المنظمة بما فيها الإدارة والعاملين التحرك نحو العمل الذي يؤدى إلى تحقيق ثقافة إدارة الجودة الشاملة.ولقد أصبحت هناك ضرورة لإدخال نظـام ( TQM ) في المنظمات الحكومية، الأمر الذي يساعد على تحقيق درجة عالية من الضبط على التوظيف والإنفاق الحكومي؛ وتحديد دور واضح للمسئوليات الحكومية وإعطاء الأولوية لمطالب واحتياجات المواطن المحلي، وإحلال نظام الكفاءة في اختيار القيادات الإدارية فيها.وتنطلق مشكلة البحث من قضية النقص في المستوى القيادي من القوى البشرية ذات المهارات الممتازة والكفاية العالية بوزارة التربية التعليم، والتي تعتبر من أهم المشكلات التي تعيق تسيير العمل الإداري والتعليمي لتحقيق خدمة متميزة للمستفيدين ،وتدل الدراسة الاستطلاعية pilot Study)) التي قام بها الباحث على القيادات الإدارية؛ والتي كانت هذه الدراسة متزامنة مع برنامج عمل للإدارة العليا بوزارة التربية والتعليم ، وذلك برعاية إحدى المنظمات الدولية للتعليم في اليمن ؛ بهدف تحديث وتطوير الأداء بوزارة التربية والتعليم في اليمن، فقد كشفت هذه الدراسة عن العديد من المآزق والمشكلات الإدارية التي تعوق حركة التربية والتعليم. ومن أبرز أوجه القصور التي تعاني منها وزارة التربية التعليم:·عدم توفر معايير واضحة فيمن يتم اختيارهم لشغل المناصب القيادية بوزارة التربية والتعليم، فضلاً عن نقص العديد من المقومات في عملية الاختيار لهذه القيادات الإدارية والتربوية، الأمر الذي يقلل من كفاءتها وفاعليتها.·مازالت الأنماط الإدارية التقليدية سائدة في حقل الإدارة التعليمية، من حيث مركزية اتخاذ القرارات الإدارية والخلط بين مفاهيم الولاء الشخصي والولاء المؤسسي.·تمسك بعض القيادات الإدارية بالسلطة ، وعدم تفعيل الأساليب الحديثة المعاصرة مثل المشاركة – اللامركزية – الشفافية بين جميع العاملين.·الاعتماد على أنماط ومعايير تقليدية عفا عليها الزمن في التنظيم، وبناء الهياكل التنظيمية على أساس المجموعات الوظيفية المتباعدة بدلاً من الاعتماد على فكرة العمليات المترابطة.·عدم الوعي بمواطن القوة والضعف داخل وزارة التربية والتعليم ، وبالتالي عدم التعرف على الفرص والتحديات لتعظيم الاستفادة من الفرص في مواجهة التحديات.·القصور في تدريب القيادات الإدارية مما أدى ذلك إلى قصور في مستواهم الوظيفي. كل هذه السلبيات توثر بشكل ملحوظ على مستوى أداء المنظمة بصورة تجعلها لا ترقى إلى مستوى المنافسة. ومن هنا يثار التساؤل ما هو دور القيادات الإدارية بوزارة التربية والتعليم ؟ وما هي الأداة المناسبة للنهوض بها وجعلها منظمة متميزة ذات جودة عالية في تقديم خدماتها للجماهير؟ كما يتفرع منه التساؤلات التالية:1-كيف يمكن أن تسهم الإدارة العليا بوزارة التربية والتعليم في تطوير وتحسين الأداء بالوزارة ؟2-إلى أي مدى تؤثر المشاكل والمعوقات الإدارية على متطلبات تطبيق إدارة الجودة الشاملة بالوزارة ؟ وما هي الاعتبارات التي يجب اتخاذها لمواجهة هذه المعوقات ؟