لا تكن استاذيّاً
قارن بين ثلاثة آباء .. رأى كل واحد ولده جالساً عند التلفاز في أيام الامتحانات ..
فقال الأول لولده : يا محمد .. ذاكر دروسك ..
وقال الثاني : ماجد .. إذا ما ذاكرت دروسك والله لأضربك .. وأحرمك من المصروف .. و ..
أما الثالث فقال : صالح .. لو تذاكر دروسك .. أحسن لك من التلفاز .. صح ؟!
أيهم أحسن أسلوباً ..؟
لا شك أنه الثالث .. لأنه قدم أمره على شكل اقتراح ..
عندما يخطئ إنسان .. عالج خطأه بأسلوب يجعله يشعر أن الفكرة فكرته هو .. ولدك يغيب عن الصلاة في المسجد ..
قل له – مثلاً – : سعد .. ما تريد تدخل الجنة .. بلى .. إذن حافظ على صلاتك ..
في يوم من الأيام .. وفي خيمة أعرابي في الصحراء ..
جعلت امرأة تتأوه تلد .. وزوجها عند رأسها ينتظر خروج المولود ..
اشتد المخاض بالمرأة حتى انتهت شدتها وولدت ..
لكنها ولدت غلاماً أسود !!
نظر الرجل إلى نفسه .. ونظر إلى امرأته فإذا هما أبيضان .. فعجِبَ كيف صار الغلام أسود !!
أوقع الشيطان في نفسه الوساوس ..
لعل هذا الولد من غيرك !!
لعلها زنى بها رجل أسود فحملت منه !!
لعل ..
اضطرب الرجل وذهب إلى المدينة النبوية .. حتى دخل على رسول الله عليه السلام وعنده أصحابه ..
فقال : يا رسول الله .. إن امرأتي ولدت على فراشي
غلاماً أسود !! وإنا أهل بيت لم يكن فينا أسود قط !!
نظر النبي عليه السلام إليه .. وكان قادراً على أن يسمعه موعظة حول حسن الظن بالآخرين .. وعدم اتهام امرأته ..
لكنه أراد أن يمارس معه في الحل أسلوباً آخر ..
أراد أن يجعل الرجل يحل مشكلته بنفسه .. فبدأ يضرب له مثلاً يقرب له الجواب ..
فما المثل المناسب له ..؟ هل يضرب له مثلاً بالأشجار ؟ أم بالنخل ؟ أم بالفُرْس والروم ؟
نظر إليه عليه السلام فإذا الرجل عليه آثار البادية .. وإذا هو مضطرب تتزاحم الأفكار في رأسه حول امرأته ..
فقال له عليه السلام : هل لك من إبل ؟
قال : نعم ..
قال : فما ألوانها ؟
قال : حمر ..
قال : فهل فيها أسود ؟
قال : لا ..
قال : فيها أورق ؟
قال : نعم ..
قال : فأنى كان ذلك ؟!
يعني : ما دام أنها كلها حمر ذكوراً وإناثاً .. وليس فيها أي لون آخر .. فكيف ولدت الناقة الحمراء ولداً أورق .. يختلف عن لونها ولون الأب ( الفحل ) ..
فكر الرجل قليلاً .. ثم قال : عسى أن يكون نزعه عرق .. يعني قد يكون من أجداده من هو أورق .. فلا زال الشبه باقياً في السلالة .. فظهر في هذا
الولد ..
فقال عليه السلام : فلعل ابنك هذا نزعه عرق (رواه مسلم ، وابن ماجة واللفظ له)..
سمع الرجل هذا الجواب .. فكر قليلاً فإذا هو جوابه هو .. والفكرة فكرته .. فاقتنع وأيقن .. ومضى إلى امرأته ..
*****************************
كيف نستفيد أكثر من هذه المهارة ؟
لو كان ولدك لا يعتني بحفظ القرآن .. وتريده أن يزداد حرصاً ..
ابدأ بالأشياء التي أنتما متفقان عليها .. ألا تريد أن يحبك الله .. ألا تريد أن ترتقي في درجات الجنة ..
سيجيبك حتماً : بلى ..
عندها قدم النصيحة على شكل اقتراح .. : إذن فلو أنك شاركت في حلقة تحفيظ القرآن ..
وكذلك أنتِ : لو رأيتِ امرأة لا تعتني بحجابها ..
ابدئي معها بالأشياء التي أنتما متفقتان عليها ..
أنا أعلم أنك مسلمة .. وحريصة على الخير ..
ستقول : صحيح .. الحمد لله ..
وامرأة عفيفة .. وتحبين الله ..
ستقول : إي والله .. الحمد لله ..
عندها قدمي النصيحة على شكل اقتراح : فلو أنك اعتنيت بحجابك أكثر .. وحرصت على الستر ..
هكذا يمكننا أن نحصل على ما نريد من الناس من غير أن يشعروا .