النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: بين التغابي والتغافل ....

#1
الصورة الرمزية علي محمد حسن
علي محمد حسن غير متواجد حالياً مشرف باب علم الإدارة
نبذه عن الكاتب
 
البلد
المملكة العربية السعودية
مجال العمل
موارد بشرية
المشاركات
1,182

بين التغابي والتغافل ....

بين التغابي والتغافل ....

د / محمود النحاس

كثيراً ما أقول لطلابي إنه يستحيل أن يصل الغبي إلى مستوى مسؤولية معينة..


وما تظنونه غباء إنما هو التغابي، مستشهداً بقول الشاعر:

ليس الغبي بسيّد في قومه *** إنما سيّد قومه المتغابي

لأنبّههم بأني وزملائي نتغاضى عن كثير من أعمال الطلاب، ليس غباء منا، وإنما تغابياً.
ولو أن كل شخص حاسب الناس على كل أعمالهم لصارت الحياة جحيماً لا يُطاق.

لذا لا بد من التغابي والتغافل في علاقاتنا مع الناس، فالبشر ليسوا ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون
بل الصحيح أن كل ابن آدم خطّاء.

علاقاتنا مع الناس في هذه الحياة ليست على نسق واحد، إذ لا مفر من أن تحصل زلات من طرفنا أو من طرفهم
فيتخذها الشيطان مدخلاً ليوسوس في الصدور فيوغرها ضدهم ولو كانوا من أقرب المقربين.
وفي الحديث (إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون، ولكن بالتحريش بينهم).

فمن أراد صداقة الناس فلا بد له من أن يتغافل عما يفعلون، أي يتصنع الغفلة ويجعل نفسه كأنه لم ينتبه إلى ما فعلوا
ثم يعفو ويصفح ويسامح كي تستمر علاقته بهم، وإلا فليعِشْ وحيداً كما قال بشار بن برد:
إذا كنت في كل الأمور معاتباً *** صديقَك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
فعشْ واحداً أو صِل أخاك فإنه *** مقارف ذنبٍ مرةً ومجانبه
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى *** ظمئتَ، وأي الناس تصفو مشاربُه

فمن شأن الإنسان أن يُخطئ ويزل ويتفوه بكلمات في ساعة غضب
فحري بنا أن نتغاضى عن الأخطاء والزلات، وأن نعفو ونصفح.
وفي القرآن الكريم (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا. أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ . وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

والتغافل من فعل الكرام، كما نُقل عن الحسن البصري. ويعده الإمام ابن حنبل تسعة أعشار حسن الخلق.
وروي عن الشافعي قوله: الكيِّس العاقل، هو الفطن المتغافل.
ومن طرائف قصص التغافل قصة الزاهد الورع حاتم بن عنوان، فقد جاءته امرأة تسأله عن مسألة
فاتفق أن خرج منها صوت فخجلت
فقال لها: ارفعي صوتك، فأوهمها أنه لم يسمع السؤال ولا الصوت فسُرّت المرأة بذلك.
ومن يومها لُقّب بحاتم الأصم.

وروي عن صلاح الدين الأيوبي أنه كان كثير التغافل عن ذنوب أصحابه
يسمع من أحدهم ما يكره، ولا يعلمه بذلك، ولا يتغير عليه.
وكان جالسًا مرة وعنده جماعة، فرمى بعض المماليك بعضًا بنعلٍ فأخطأته، ووصلت إلى صلاح الدين
ووقعت بالقرب منه، فالتفت إلى الجهة الأخرى يكلم جليسه، ليتغافل عنها.
ولعله لهذا استطاع أن يكون قائداً فذّاً، ألَّف القلوب حوله لمحاربة الأعداء والنصر عليهم.

وإذا كان التغافل مطلوباً بين الناس فإنه مطلوب بشكل أكبر بين الزوجين.
فإذا دقق أحدهما في تصرفات الآخر، كبيرها وصغيرها، ينفر منه.
ولكن من وطّن نفسه على تقبُّل الطرف الآخر، والتغاضي عما لا يعجبه فيه من صفات أو طبائع يعشْ عيشة هنية.
ومن طرائف ما سمعته من أحد القضاة أنه إذا جاءه رجل يشتكي زوجته ويريد طلاقها فيعطيه ورقة وقلماً
ويطلب منه أن يكتب محاسنها، ثم يطلب منه أن يكتب مساوئها.
وفي الغالب فإن قائمة المحاسن تطول وقائمة المساوئ تقصر.
فيقول له: ألا تتغاضى عن هذه المساوئ في مقابل هذه المحاسن.
ويفعل الشيء نفسه مع الزوجة الغاضبة التي تأتيه وتود خلع زوجها.
فـياله من طبيب للقلوب والأنفس قبل أن يكون قاضياً عادلاً.

أما في تربية الأولاد فالتغافل يجب أن يكون سيد الموقف
حتى لا يكتسب الأولاد عادات العناد والكذب.
وهناك فرق بين التغافل والغفلة.
فالتغافل هو التغاضي عن بعض ما يصدر من الأولاد من عبث أو طيش رغم علم المربي بها.
أما الغفلة فهي الانشغال عنهم وعدم توجيههم وعدم معرفة ما يقومون به من أخطاء وأفعال مشينة مخلة بالأدب

#2
نبذه عن الكاتب
 
البلد
مصر
مجال العمل
تجارة ومحاسبة
المشاركات
63

رد: بين التغابي والتغافل ....

بارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء .

إقرأ أيضا...
دورات تدريبية نرشحها لك

دورة اعداد دراسة الجدوى للمشروعات الفندقية

أحصل على هذا البرنامج التدريبي الفريد الذي يساعدك ويؤهلك تماما لإعداد دراسات الجدوى الخاصة بالمشروعات الفندقية، بعد دراسة مستفيضة بالنشاطات الفندقية والجوانب المختلفة للمشروع الفندقي


برنامج مراقبة تكاليف الأغذية والمشروبات

برنامج تدريبي يتناول موضوعات مراقبة تكاليف الغذاء في المطاعم والمقاهي والخطوات العملية المتبعة في احتساب التكاليف اليومية والرقابة على الإنتاج واحتساب التكاليف حسب الصنف أو المشروب والتقرير الشهري لمحاسب التكاليف وتسعير المواد المنصرفة من المخازن وإجراءات التخزين والصرف والرقابة على المخازن وتقارير الإيرادات والمصروفات في المطاعم والمقاهي


دورة دراسات الجدوى الاقتصادية لإنشاء المستشفيات والمراكز الصحية

اذا كنت بصدد انشاء مستشفى او مركز صحي او مؤسسة طبية خاصة او عامة فأنت بحاجة الى تعلم كيفية اعداد دراسة جدوى اقتصادية لمشروع انشاء مستشفى او مركز طبي، لذلك فقد تم تصميم هذا البرنامج التدريبي الاول عربيا، ليؤهلك بشكل علمي وعملي ويساعدك على تعلم كيفية اعداد دراسة جدوى متكاملة لمشروع إنشاء مستشفى او مركز طبي خاص او عام


برنامج تحليل وتقييم المخاطر السيبرانية

برنامج يتناول مفهوم الامن السيبراني وأمن البيانات وعملية جمع وتنظيم معلومات المخاطر الالكترونية ووضع معايير تقييم المخاطر الالكترونية وتطوير استراتيجيات الاستجابة للمخاطر ويستعرض أدوات وتطبيقات لتقييم وإدارة المخاطر على البنية التحتية لمعلومات المؤسسة و تحديد وتنفيذ الضوابط الأمنية التي تلبي متطلبات Fisma, OMB وإدارة المؤسسة ويستعرض الحلول السحابية للأمن والحماية.


دورة اعداد مدير الانتاج في المنشآت الصناعية

برنامج تدريبي متخصص يهدف لمساعدة مديري الانتاج في المنشآت الصناعية للتعرف على الفرق بين ادارة العمليات والانتاج والصيانة، والتركيز على شرح مودل SIPOC، وكيفية معرفة حجم الطلب على الانتاج وما هي ادوات التخطيط الزمني للانتاج، وذلك يتعلم المشاركين تخطيط الاحتياجات الخاصة بالخامات والمكونات والتعرف على ادوات الانتاج الرشيق واهم مؤشرات قياس الاداء والكفاءة.


أحدث الملفات والنماذج