إن أهمية الموارد البشرية لا جدال فيها ولا يوجد خلاف حولها. لكن إدارة الموارد البشرية شغلت وما تزال معظم العاملين والمدراء والباحثين في حقول وميادين الإدارة. فالإدارة الحديثة ركزت على الموارد بشكل عام وعلى الموارد البشرية بشكل خاص واعتبرت أن نجاح الإدارة يأتي عن طريق نجاح مواردها البشرية. فالقول أن هناك إدارة ناجحة وإدارة فاشلة إنما يعني بالتحديد أن هناك مدراء ناجحون ومدراء غير ناجحين إلا أن نجاح المدراء والإدارة معاً رهن بصياغة وإعداد وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات البشرية والإدارية.

فالاهتمام الاستراتيجي ينطلق من عمليات الاستقطاب الناجحة وتعاطي المدراء باهتمام ومسؤولية مع الأفراد. فالاستراتيجية "المواردية" الاجتماعية المؤسساتية، العولمة والتنافس العالمي، تنوع الموارد البشرية وتغير طموحات وتوقعات الموارد البشرية العاملة. وإذا كانت الموارد البشرية تشكل بلا منازع الثروات الحقيقية لمؤسسات كونها تلعب أدواراً حيوية في صنع ونجاح المؤسسات فإن استراتيجيات إدارة الموارد البشرية بعد خلاتها ومخرجاتها تشكل بامتياز الخيارات العلمية والتطبيقية المتاحة أمام المؤسسات. من هنا جاء تأليف هذا الكتاب ليبحث أكاديميا وتطبيقياً وظائف إدارة الموارد البشرية من الناجحة تركز على جذب الموارد البشرية النوعية وتحفزها وتحتفظ بها وتستفيد من طاقاتها وثرواتها الإنتاجية والإبداعية.

كما أن الاهتمام الاستراتيجي بالموارد البشرية ينصب في غالب الأحيان على مسائل وقضايا تتعلق بتوظيف القرارات الصادرة عن الموارد البشرية في خدمة رؤى وطموحات الاستراتيجيات العامة التي تعتمدها وتتبناها المؤسسات لدى مواجهتها التغيرات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية التي ميزت الحقبة الحالية والتي أبرزها: إعادة هيكلة وهندسة الإدارة، المسؤولية فقد تبين للمؤلف بأن تطبيق إدارة الموارد البشرية كماً ونوعاً ما زال ضيقاً. لقد ركز على تضمين فصول كتابه مثلة تطبيقية هدفت إلى توضيح مفاهيم واستخدامات وظائف إدارة الموارد البشرية بما يتلاءم مع الاستراتيجيات التي يمتاز بها عالم الأفراد والمؤسسات على السواء. وبشكل عام ضمن المؤلف الكتاب أربعة أبواب حاول من خلالها بحث وشرح عملية إدارة الموارد البشرية وذلك بالاستناد إلى متغيرات ثلاثة تتمحور حولها أهداف المؤسسات والأفراد معاً وهي: الإنتاجية، رفاهية ورضا العاملين، وتقييم منظور استراتيجي.

ففي المجال الأكاديمي، لاحظ المؤلف بأن البحث في العلاقة التي تجمع بين وظائف إدارة الموارد البشرية والاستراتيجيات المؤسساتية لا وجود له في مرجع أكاديمي عربي واحد علماً بأن العلاقة القوية التي تقارب بين الوظائف البشرية والاستراتيجيات المؤسساتية تعزز من كفاية وفاعلية المؤسسات وتجعل منها بالتالي أكثر صلابة في مواجهة التحديات المتنوعة في مجال المنافسة المختلفة. لذا جاء تأليف هذا الكتاب لسد نقص حاصل في مكتبة الإدارة العربية. أما في المجال التطبيقي الأداء. وهدف الباحث إثبات وجود علاقات مترابطة بين وظائف إدارة الموارد البشرية ونتائج متغيرات الاستراتيجية المؤسساتية عملانياً وسلوكياً. وهذه العلاقة هي ضرورية كونها تعزز مكانة الثروة البشرية العاملة وتساهم في ازدهار ونمو الإنتاجية المؤسساتية الأمر الذي يساعد على خلق مناخات التنمية الشاملة.