تشمل أساليب المحتوى التي تهدف أساسا إلى نقل المعرفة، عددا من الأساليب التدريبية من بينها: أسلوب المحاضرات، والوسائل السمعية والبصرية، والتعليمات المبرمجة، والتعليمات المعتمدة على الحاسب الآلي، وفيما يلي شرح لهذه الأساليب.

· المحاضرات:

إن أسلوب المحاضرة أسلوب معروف لكل من درس في مقاعد الدراسة. والمحاضرة عبارة عن اتصال شفهي من جانب شخص متخصص في موضوع معين، ينشد من خلاله نقل مجموعة من الأفكار والمعلومات المعدة سلفا إلى مجموعة من الأفراد بصورة منظمة ومترابطة، وأحيانا يتضمن هذا الأسلوب استخدام وسائل إيضاحية كالسبورة، والخرائط والرسوم البيانية، وما إلى ذلك من الوسائل الإيضاحية التي تساعد في نقل الأفكار والمفاهيم التي يحاول المحاضر توصيلها للمتدربين. ولكن يعاب على أسلوب المحاضرات أنه يمثل أسلوبا للاتصال أحادي الاتجاه، الأمر الذي قد يتمخض عنه أن يسود العملية التعليمية نوع من السلبية، نتيجة لانعدام التفاعل بين المحاضر والمتدربين. كذلك يؤخذ على أسلوب المحاضرات عدم إمكانية تصميمها بشكل يناسب الفروق الفردية في القدرات والاهتمامات والشخصية للمتدربين. فضلا عن افتقارها للمرونة، لأنها لا توفر تغذية راجعة وتعزيزا منتظما للمتدربين، ناهيك عن أن فاعليتها تقتصر في الغالب على نقل المعلومات والأفكار، وفاعليتها في تعليم المهارات أو تغيير السلوك محدودة.

إلا أنه رغم هذه المآخذ التي توجه إلى أسلوب المحاضرة، فإنه ما يزال يستخدم بشكل كبير وعلى نطاق واسع في التدريب الإداري ،لأنه أسلوب مألوف لدى الكثيرين، ويمكن استخدامه بفاعلية عندما يكون الموضوع مناسبا والمحاضر ماهرا. والحقيقة فإن كون المحاضرة مشوقة أو غير مشوقة ،يعتمد على عاملين:

المادة المقدمة، وطريقة التقديم. ويمكن تقديم المحاضرات من خلال أي شخص ملم بالمعلومات ذات الصلة بموضوع التدريب، كما يعتمد مستوى الاستماع والمتابعة على قدرة المحاضر في توصيل المعلومات. علاوة على ذلك، فإن هذه الأسلوب اقتصادي، حيث يمكن من خلال المحاضرة توصيل قدر كبير من المعلومات والمواد التعليمية لعدد كبير من الأفراد بطريقة سريعة. ويمكن التغلب على كثير من مشكلات المحاضرات التقليدية باستخدام أسلوب المناقشة وطرح الأسئلة خلال المحاضرة، أو في نهايتها لإتاحة الفرصة للمتدربين للمشاركة. ولكن فإنه لا يحبذ استخدام المحاضرة أسلوبا وحيدا للتدريب، إلا في حالات نادرة إذ يجب أن تستخدم وسيلة مكملة لوسائل التدريب الأخرى، كأن تستخدم لتكون أداة تمهيدية تساعد على توفير المعرفة الإدراكية قبل التدريب على المهارات السلوكية أو الفنية.

· الأساليب السمعية البصرية:

في العادة لا تكون الوسائل السمعية –البصرية أسلوبا للتدريب قائما بذاته، بل إنها كثيرا ما تستخدم لتكون وسائل مكملة أو مساعدة لأساليب أخرى. وتشمل الوسائل السمعية البصرية: الأفلام، وأشرطة الفيديو، والشرائح الفيلمية، وأشرطة الكاسيت، والاسطوانات، والتلفزيون، والدوائر التلفزيونية المغلقة، وغيرها من الوسائل المشابهة. وقد بدأ استخدام هذه الوسائل التدريبية على نطاق واسع أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما كانت هناك حاجة إلى توفير قدر من التدريب الموحد لأعداد كبيرة من العسكريين والمدنيين، وكان هناك عجز كبير في عدد المدربين المؤهلين، وفي الوقت الحاضر، فإن هذه الوسائل يمكن أن تكون جزءا من أي أسلوب للتدريب. ومن أهم مزايا هذه الوسائل أنها تعني بنوعية المادة التدريبية، وذلك باستخدام طائفة من الخبراء المحترفين لإعدادها ،فعلى سبيل المثال ،حين إعداد الأفلام التدريبية، يتم إجراء أبحاث مكثفة، ويتم استخدام الوسائل الفنية لزيادة الفاعلية التدريبية للمادة المقدمة، كذلك فإن هذه الوسائل تتميز بإمكان استخدامها لتغطية عدد كبير من الموضوعات، وإمكانية تقديمها لعدد كبير من المتدربين، وتوحيد محتويات مادة التدريب، بالإضافة إلى التنوع الذي يضفيه استخدامها على إطار التدريب.

وتعد هذه الوسائل مفيدة في تقديم الأحداث التي لا سبيل إلى إعادة خلقها في الفصل التقليدي ولا يمكن للمدرب توضيحها.

وتكون مناسبة بشكل خاص في تقديم الأحداث الدينامكية المتتابعة، وتتيح التحكم في تقديم المادة التدريبية، بتسليط الضوء على الجوانب المهمة من السلوك علاوة على ذلك فإن هذه الوسائل مفيدة على وجه الخصوص في الحالات التي يكون فيها افتقار إلى المدربين الأكفاء أو عندما تكون تكاليف سفر المتدربين إلى أماكن التدريب باهظة، الأمر الذي يجعلها مغرية للمنظمات. وقد كانت هذه الوسائل تستخدم في الماضي على أنها وسيلة للاتصال باتجاه واحد فقط غير أن التطورات الجديدة في هذا المجال مكنت من تحويلها إلى نظام تفاعلي للاتصالات، ومن ضمن هذه التطورات، ما يسمى التدريب عن بع حيث يكون هناك مدرب في مكان مركزي يدرب مجموعات من الموظفين في أماكن بعيدة عبر الدوائر التلفزيونية.

إلا أن الأساليب السمعية البصرية لا تخلو من العيوب وكثير من الانتقادات التي توجه لأسلوب المحاضرة يمكن توجيهها أيضا لبعض الوسائل السمعية البصرية. فهذه الوسائل تتعامل مع المتدربين ليكونوا متلقين سلبيين إلا أنها أكثر كلفة من المحاضرات. كذلك ليس من السهل تكييف الوسائل السمعية البصرية في الحالات التي يكون فيها فروق كبيرة بين مستويات القدرات أو الاهتمامات للمشاركين في التدريب فضلا عن ذلك، فكثيرا ما تتطلب هذه الوسائل السمعية البصرية ترتيبات معقدة، خاصة في الحالات التي تستخدم فيها أساليب التدريب عن بعد.


· التعليمات المبرمجة:
و
هي إحدى وسائل التعليم الذاتي، التي يتم من خلالها تعلم مهارات مرتبطة بالعمل بصورة منتظمة وبالرغم من أن التعليم الذاتي قد يكون من أقدم الوسائل التدريبية إلا أن التطورات التكنولوجية للتعليمات المبرمجة والتعليمات المعتمدة على الحاسب الآلي وسعت من استخدام هذا الأسلوب إلى حد بعيد. وتقسم التعليمات المبرمجة محتويات المادة التدريبية إلى أجزاء أو مراحل منظمة للغاية، ومتعاقبة بصورة منطقية، تتطلب استجابات متتابعة من قبل المتدرب.

فبعد تقديم جزء من المعلومات يقوم المتدرب بالإجابة عن السؤال إما بالكتابة أو بضغط زر معين. فإذا كان الجواب صحيحا يعلم المتدرب بذلك، وتقدم إليه الخطوة التالية. أما إذا كانت الإجابة غير صحيحة فيتم تقديم معلومات إضافية للمتدرب ويطلب منه المحاولة مرة أخرى.وبصفة عامة هناك أسلوبان رئيسان يستخدمان في التعليمات المبرمجة :
البرامج الخطية والبرامج المتفرعة . ففي أسلوب البرامج الخطية يتبع كل المتدربين في البرنامج الخطوات المتعاقبة نفسها التي عادة ما تكون محدودة وبسيطة أما البرامج المتفرعة فتصمم لتتفق مع الفروق الفردية في مستويات القدرة, وهنا فإن الإجابات الصحيحة للمتدرب تقوده مباشرة إلى الخطوة التالية في البرنامج، في حين أن الإجابات الخاطئة تقوده إلى فرع مصمم لتصحيح الخطأ. ويمكن للمتدربين القفز عن عدد من الخطوات إذا كانوا ملمين بالموضوع أو الرجوع إلى الخلف إذا لم يتعلموا الموضوع بصورة جيدة.

وإذا أجاب المتدربون إجابة خاطئة عن مجموعة من الأسئلة عند أية نقطة، فإنهم يوجهون إلى مجموعة جديدة من الأسئلة التي تتعامل مع الموضوع نفسه. وإذا كان المتدربون يتقدمون بصورة جيدة فإنهم قد يوجهون لتخطي بعض الأجزاء والانتقال للموضوعات الأصعب. ويمكن أن تختلف التفريعات في التعقيد من عدد محدود من الإطارات إلى برامج فرعية مفصلة. وبصفة عامة فإن أسلوب التعليمات المبرمجة يحقق عددا من المزايا إذ تنفي هذه الطريقة الحاجة إلى وجود مدرب، لا سيما إذا كانت في شكل كتاب، حيث يمكن للأفراد أن يحددوا وقت التدريب ومكانه، دون أن تكون هناك حاجة إلى تجميعهم في وقت ومكان واحد.

ويكون من السهل إعداد المواد المبرمجة على شكل حقائب تدريبية، وإرسالها إلى مراكز تدريب مختلفة، ومن ثم يستطيع الأفراد التدرب في الوقت المناسب لهم. كذلك تتيح التعليمات المبرمجة الفرصة للمتدربين للمشاركة المستمرة والنشطة حيث يتعين عليهم الإجابة عن كل فقرة قبل التقدم إلى الفقرة التي تليها، الأمر الذي من شأنه أن يساعدهم على استيعاب المادة التدريبية. ولما كانت التعليمات المبرمجة تراعي الفروق الفردية يعد جانبا مهما لهذه التعليمات فالخطوات التي يخطوها الفرد وفقا لنجاحه تتيح له التقدم بسرعة تلائم مستوى قدراته بل وتتيح له أخذ امتحانات أولية، وقفز عن بعض الموضوعات التي لديه معرفة سابقة بها علاوة على ما سلف، فإنه يمكن إضفاء قدر من المتعة والتحدي في خطوات التعليمات المبرمجة وذلك بتفريعها، الأمر الذي يوفر نوعا من التعزيز الإيجابي للمتدرب. بالإضافة إلى إمكانية تحديث البرنامج وتعديله حسب الرغبة، بناء على البيانات والخبرة المكتسبة من خلال الاستخدام. إلا أنه من جهة أخرى فإن التعليمات المبرمجة مكلفة التطوير والتنفيذ ويتطلب كتابة برامجها تنظيما فائقا ودراسة مكثفة للمحتويات وتحديد الخطوات المناسبة للمحتويات كذلك حتى مع زيادة التنوع في التعليمات المبرمجة، فهي في الغالب تركز على نقل المعلومات والحقائق، فليس بإمكان هذه البرامج أن تحفز التفاعل بين الموظفين والمدربين بالشكل الذي يمكن تحقيقه في التدريب القائم على تمثيل الأدوار على سبيل المثال. نتيجة لذلك فإنها لا تلائم إلا عددا محدودا من الأهداف التدريبية حين تكون المحتويات واضحة الأهداف محددة، فهي ليست مناسبة لتعليم بعض المهارات العمل المعقدة أو حين يكون من المطلوب تسهيل التفاعل الاجتماعي بين المتدربين. وباستعراض الأدبيات التي قارنت إنجازات المتدربين في التعليمات المبرمجة مع الطرق التقليدية ( مثل المحاضرة ) فثمة دليل على أن المتدربين يتعلمون أكثر، باستخدام أساليب التعليمات المبرمجة . كذلك فإن ثمة دليل كاف على أن وقت التدريب يقل بصورة فاعلة لمجموعات التعليمات المبرمجة.
إلا أنه من ناحية أخرى فإن التعليمات المبرمجة قد لا تكون بحد ذاتها وسيلة مقبولة للتعليم من قبل المتدربين.
وتعد التعليمات المعتمدة على الحاسب الآلي امتدادا طبيعيا لأسلوب التعليمات المبرمجة. ولقد أدي التطور الكبير في الحاسبات الآلية الشخصية والقدرة التخزينية لها إلى استحداث ثورة في هذا المجال، فأصبح بالإمكان توفير تفاعل حقيقي بين الحاسب الآلي وكل متدرب بصورة فردية. ومن ضمن الابتكارات التي تزايد استخدامها في هذا المجال ما يسمى أنظمة أقراص الفيديو التفاعلية. وتشمل هذه الأنظمة عادة، أجهزة للحاسب الآلي، والفيديو، وشاشات للعرض.
وتقدم هذه الأدوات المعلومات بأشكال متنوعة بما في ذلك الصور المتحركة، وتوقيف الصور، وإعادة عرضها، والنصوص المكتوبة، والصور البيانية، والمؤثرات الصوتية.

وفي هذا الأسلوب يتفاعل المتدرب مع النظام بما يتفق مع حاجاته. كما يشمل هذا النظام على برامج تحتوي على العديد من الخيارات ابتداء من تتبع التاريخ الشخصي للمتدرب وتوظيف العديد من نظم التفرعات إلى استخدام شاشات العرض عن طريق اللمس والأقلام الضوئية. وتحقق التعليمات المبرمجة المعتمدة على الحاسب الآلي عددا من المزايا. إذ يمكن تصميم الموضوعات التدريبية لتناسب الفروق الفردية، ولتوافق الخصائص التفصيلية للمتدرب واحتياجاته في كل وقت مثل الخصائص الشخصية للمتدرب، الأداء السابق، أحدث استجابة، وأي متغيرات أخرى يمكن برمجتها وتخزينها في الحاسب الآلي.

فضلا عن ذلك يمكن استخدام التعزيز إلى أقصى حد ممكن، إذ ليس هناك حدود لصبر البرنامج، وليس لديه أية فكرة سابقة عن المتدرب، الأمر الذي يزيد من موضوعية تقويم المتدرب. كما يمكن للمتدرب تقديم إجابته دون الشعور بالحرج، ودون التخوف من التوبيخ أو التأنيب حين ارتكاب الأخطاء علاوة على ذلك، توفر التعليمات بمساعدة الحاسب الآلي للمدرب دورا جديدا حيث يتاح له المزيد من الوقت لتقديم المساعدة عند طلبها، وتوفير الانتباه الشخصي للفرد. إلا أن للتعليمات المبرمجة المعتمدة على الحاسب الآلي عددا من العيوب، فالدراسات التي يمكن تعميمها عن فائدة التعليمات التي تتم بمساعدة الحاسب الآلي محدودة للغاية.


كما أن تكلفة أنظمة التعليمات بمساعدة الكمبيوتر تظل عقبة رئيسة في الاستفادة منها، فبالرغم من انخفاض أسعار أجهزة الحاسب الآلي، إلا أنه ما تزال ثمة تكاليف تتعلق بتطوير برامج التدريب، والاتصالات المستخدمة فيها، وصيانتها. إلى جانب ذلك ثمة تساؤلات عن أثر البيئة التي يتم فيها التعليم عن طريق الآلة في الرضا والدوافع والتطوير وقد أظهرت الدراسات أن الموظفين لا يتقبلون هذا الأسلوب كوسيلة رسمية للتدريب في كل الحالات.


· التدريب عن طريق الانترنت:
من التطورات الحديثة في هذا المجال تزايد التوسع في استخدام الإنترنت في التدريب. حيث سهلت الإمكانات التي تتمتع بها الإنترنت من تقديم البرامج التدريبية بسهولة ويسر. وتتميز الإنترنت في هذا المجال بسهولة توسيع نطاق التدريب. إذ يمكن وضع محتويات البرنامج التدريبي على جهاز حاسب آلي خادم، يستطيع المتدربون الوصول إليه باستخدام مودم في أي وقت. ويتيح ذلك إمكانية الوصول إلى البرامج التدريبية من قبل عدد غير محدود من المتدربين حول العالم، دون الحاجة إلى مصاريف إضافية لنسخ وتغليف وإرسال المواد التدريبية. بالإضافة إلى سهولة تحديث المادة التدريبية باستمرار. ويمكن للمتدربين الاتصال بالمدربين من خلال البريد الالكتروني، أو من خلال برامج المحادثات التي يمكن استخدامها لتكوين مؤتمر بين المدرب وعدد من المتدربين، أو بين المتدربين أنفسهم كما يمكن للمدربين استخدام البريد الالكتروني لتوزيع تمارين أو حالات معينة وكذلك لاختبار المتدربين وتقويم أدائهم إلكترونيا.