لتاريخنا الإسلامي العظيم دور كبير في إرساء دعائم ومفاهيم التدريب ، وذلك عن طريق صور شتى ومظاهر متنوعة تمثلت ابتداءً في شخص النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم ، ففي تلك الحقبة الزمنية شهد العالم نور الإسلام المتوج بهدي القرآن الكريم والسنة المطهرة ، وباستقراء سريع لتلك المرحلة يتضح لنا مجموعة من المعالم التي يمكن إسقاطها على مفهوم التدريب وما يتعلق به من مباحث من أبرزها ما يلي:-
· حرص الأباء والأمهات على تربية أبنائهم وتنشأتهم على معالم الرجولة لهذا كانوا يرسلونهم إلى مظان ذلك من مواطن البادية والتي يتعلم منها الطفل الصغير ويتدرب على كثير من المهارات ، وما حال رسولنا صلى الله عليه وسلم عن أذهاننا ببعيد فقد استرضع في بني سعد وأرضعته حليمة السعدية رضي الله عنها حتى أنه أقام عندهم ست سنين تزيره جده في كل عام ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ])
( وفي هذا دلالة واضحة على أنه لم يكن قصد الإقامة الإرضاع فحسب وإلا لأكتفي بسنتين فقط )
· نشأ كثير من الشباب في تلك الفترة على مظاهر يتضح منها مدى ما تربوا عليه من مظاهر القدرة على التعامل مع الحياة ، ولهذا اشتهر في تلك الفترة فنون الرماية والسباحة وركوب الخيل والمصارعة وسبق الأرجل ، ولهذا أيضاً تجد هذا الأمر جلياً في كلام السلف رضوان الله عليهم فهذا عمر رضي الله عنه يقول ( علموا أولادكم الرمي ) ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]) ، وكتب رضي الله عنه إلى الشام ( أن علموا أولادكم السباحة والرمي والفروسية ) ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]) وهذا لا يتأتي إلا عن تدريب وتمرين .
· حث النبي صلى الله عليه وسلم على الإتقان في العمل ، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ( إن الله يحب إذ عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ) وللحديث قصة تشير إلى المعنى المراد من إيراد مثل هذا الحديث فقد قال أبو كليب رضي الله عنه أنه شهد مع أبيه جنازة شهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام أعقل وأفهم فانتهى بالجنازة إلى القبر ولم يمكن لها فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سدوا في لحد هذا حتى ظن الناس أنه سنة فألتفت إليهم فقال : " أما إن هذا لا ينفع الميت ولا يضره ولكن – ثم ذكر الحديث " ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]) ففي هذه القصة اللطيفة يتبين للقارئ الكريم أن النبي صلى الله عليه وسلم حرص على إتقان تسوية اللحد وكأنه عليه السلام يشير إلى أن هذا المتقن لن يتم اتقانه إلا عن طريق ممارسة ومران وتدريب لكي يتحقق له الإتقان المطلوب .
· مفهوم التدريب لم يكن غائباً في تلك الفترة كما هو المتوقع بل جاء في صحيح مسلم ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]) وصف ناقة الرجل من بني عقيل بأنها ناقة مدربة .
قال الإمام الجزري رحمة الله ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]) " ناقة مدربة أي مخرجة مؤدبة قد ألفت الركوب والسير أي عودت المشي في الدروب فصارت تألفها وتعرفها فلا تفر " .
وفي هذا التعويد وتلك الألفة دليل على ما كانت عليه من التمرين و التدريب .
[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ] البداية والنهاية ج 2 ص 277 .
[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ] تلخيص الحبير ج 4 ص165 وقال الإمام ابن حجر إسناده لا بأس به .
[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ] فيض القدير ج 4 ص 327 .
[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ] سلسلة الأحاديث الصحيحة ج 3 ص 106 .
[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ] صحيح مسلم ح 1641 .
[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ] النهاية في غريب الحديث ج 2 ص 111